بقلم الكاتبة المغربية منى وفيق لستُ فنانة تطلع كل حين على الشاشات و تحتاج لتصدير المجاملات ، لكنني بكل صدق أقول أنني أحبتونس مثلما أحب المغرب ، تمطر في تونس لنرفع مظلاتنا في المغرب ، و عندما يعطس التوانسة فأنا هنا أحمد الله. ثمّ ختم جواز سفري في السنة الماضية بختم تونسي و سأفتتح الجواز الجديد بختم تونسي أيضا .. زرت تونس مرتين و كنت محظوظة إذ تنقلت بين تونس العاصمة و القيروان و صفاقس و سوسة و ما جاورها من قرى صغيرة ، هناك بين أزقة المدينة العربي كنت أطالع أزقة المدن القديمة للمغرب ، وبين تلك الوجوه الجميلة المرحّبة كنت أرى أهلي و عشيرتي .. أرواح التونسيين الحارّة كانت تحرّك في قاع روحي « الهريسة البلديّةبالثوم و زيت الزيتون » التي أخبّأها لآكل بها من يستحقون من ندرة البشر .. أحمل في روحي و ذاكرتي عشرات الذكريات من لقاءين اثنين بهذا البلد الحرّ ، الذي تمتدّ خضرته في أرواح مواطنيه ، أحمل الكثير من التقدير و الإعجاب هل أقول للجارة أم الخالة أم الجميلة « تونس » .. تونسالحضارة و الثقافة و الحريّة و الجمال « يااااه حتى خبزهم كعك » هكذا كنت أخرج إلى نفسي و أنا أتناول خبزا صفاقسيا مثلا .. يال هذا السحر الذي شعرت به في تونس ، إن التوانسة قادرون على إضفاء نكهات مختلفة لكل ما لم نعرف فيه إلا نكهة واحدة .. شباب جميلون و مبتسمون ألتقيهم في طريقهم و أحظى بالتواصل معهم و أجدني أكلم نفسي مرة ثانية « ما أحلاه .. شحال متربّي » التهذيب و الأناقة و النبل و الكرم .. تلك اللهجة الآسرة المغنّاة كانت تجرّ لساني جرّا لأصير في تونس تونسيّة و أكثر .. كانت أمّي رحمها الله منذ طفولتي و حتى دخولي في الثلاثينات ، ترتدي بردا و صيفا « مريول فضيلة »كلباس داخلي .. كم كانت تثق في جودة المريول التونسي الذي بألوان مختلفة رافق جلدها لسنوات و سنوات .. لقد كان الخيط التونسي عندنا في البيت .. فكيف أستغرب من أنني اليوم أرتق نفسي بتونس بربرة ذات عيون كبيرة و كثيرة هي عيون التونسيين الذي أحب . تم تكريمي و الاحتفاء بي في أكثر من مكان لكن الاحتفاء بمنجزي الإبداعي في تونس كان له وقع خاص جدا في قلبي و مسيرتي .. سأعود إلى تونس دائما .. هناك في هذا البلد الفاتن أموري دائما « مريقلة » و رئتاي تتفتحان كالورد و تنفتحان كذراع محبّة عن آخرها .. أشعر بالسعادة و الفخر لأنني سأستقيل من عملي من أجل التمكن من السفر لتونس ، و ها هي تونس مساعد عاملٌ للحريّة” شكرا تونس .