جاء الاعلان عن التحوير الوزاري الذي اعلن عنه مساء امس رئيس الحكومة يوسف الشاهد والذي تم بدون استشارة رئيس الجمهورية واخذ رايه كما سارع الى تاكيد ذلك مستشاروه وخاصة الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية والمستشار المكلف بالشؤؤون السياسية ليعمق الازمة السياسية القائمة منذ مدة في تونس بدل ان يكون هذا التحوير الذي انتظره التونسيون بداية المخلرج منها والوصول الى الحل الذي ينهيها. ولكن على خلاف ما انتظره الجميع جاء التحوير الوزاري ليعمق هذه الازمة ولبحدد طرفيها الرئيسيين ويضع صراعهما وجه لوجه وهما رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.وبقطع النظر عن الجانب الاخلاقي في المسالة وهو هنا واضح للعيان فان رئيس الحكومة وهو يعلن عن التحوير استعمل لاول مرة صفة // قررت //اي انه اتخذ القرار بنفسه دون الرجوع الى اخذ راي رئيس الجمهورية وهذا استنادا الى الفصل 92 من الدستور الذي يخول له وحده ادخال التحوير الذي يراه مناسبتا على الحكومة جزئيا كان او كليا دون الرجوع الى رئيس الجمهورية في ما عدا ما يتصل بمنصبي وزيري الدفاع والخارجية.وبعد الاعلان عن التحوير الوزاري فانه لا يمكن لاحد ان لا يكون مقتنعا بحقيقتين اساسيتين – اولاهما ان رئيس الجمهورية الان الباجي قائد السبسي هو في عزلة سياسية وانه لم يعد بامكانه التاثير لا سلبا ولا ايجابا في الحياة السياسية نتيجة تراكم عديد الماخذ والاخطاء وخاصة انهيار حزب نداء تونس الذي لم يعد يشكل اي قوة سياسية او حزبية وانفض عنه الفاعلون والانصار واصبح الان في وضع يصهب ترميمه -والحقيقة الثانية ان يوسف الشاهد يخوض معركته الحالية مسنودا باكبر حزب سياسي على الساحة اليوم وهو حزب حركة النهضة التي اعلنت مساندتها له تحت غطاء الحقاظ على الاستقرار وديمومته وفي غياب البديل الاصلح ليوسف الشاهد حاليا .كما انه يجد نفسه مدعوما من احزاب اخرىمثل احزاب المبادرة والمشروع والمسار ونواب مستقلين اختاروا ان يكونوا كتلةمساندة لرئيس الحكومة قد تتحول الى حزب سياسي مع اقتراب الانتخابات المبرمجة لسنة 2019 وهنا تبرز حقيقة اخرى لا يمكن اغفالها وهي ان حركة النهضة ليست برئية في مساندتها ليوسف الشاهد وانما هي استبدلت وفاقها مع الباجي قائد السبسي الذي لم يكن وفاقا موثقا وانما كان مجرد وفاق مصالح بين الباجي قائد السيسي وراشد الغنوشي .استبدلت دعمها لالباجي قائد السبسي بدعمها ليوسف الشاهد على اساس خيارين اساسيين ايضا وهما ان الباجي قائد السبسي بالنسبة لها يمثل الماضي وورقة لم تعد صالحة اما يوسف الشاهد فهو يمثل المستقبل والورقة الرابحة وبعد هذا يمكن ان نقول ان الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية هو اليوم في شبه عزلة سياسية وانه ليس باستطاعته الاعتراض او رفض التحوير الحكومي الذي اعلن عنه رئيس الحكومة مهما قرا الملاحظون والمتابعون في العملية من تحد قد يكون مقصودا من رئيس الحكومة او غير مقصود. وان الصراع اليوم في هذه المرحلة الجديدة يضع كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وجها لوجه وينذر في الحقيقة بعواقب وخيمة لا يمكن لاحد ان يتكهن في المستقبل المنظور بخطورتها وانعكاساتها على حياة التونسيين الذين لا يهمهم كثيرا لمصلحة من سيحسم الصراع بقدر ما يهمهم امور عيشهم اليومي وغلاء المعيشة وارتفاع الاسعار ةغياب الادوية من الصيدليات ان الازمة السياسية تعمقت اكثر في تونس. بعد الاعلان عن التحوير الوزاري وفي الوقت الذي كان فيه التونسيون ينتظرون بداية حل الازمة جاء الاعلان عن التحوير ايزيد في استفحالها.وتسارع السياسيون الذين لم بجدوا لانفسهم مواقع في التركيبة الجديدة لمزيد ذر الملح على الجرح بين وصف التحوير بانه انقلاب ناعم تحول الى انقلاب عنيف وبين من يرى فيه انهاءا لمفهوم حكومة الوحدة الوطنيه وبين من يرى فيه عودة الى هيمنةالنهضة وفي المقابل عزل رئيس الحمهورية سياسيا وهنا تستحضرني جملة لزميل الدراسة الصافي سعيد عندما قال عن الباجي قائد السبسي// انه اسد هرم تحيط به مجموعة من الذئاب المفترسة