كلمة محمود حرشاني في اربعينية الراحل عبد القادر الهاني** اليوم تمر اربعون يوما على رحيل الكاتب الصديق عبد القادر الهاني صاحب ومؤسس مجلة الاتحاف الفيحاء..ليس اصعب على المرء من ان يقف في لحظة كهذه..يفقد فيها المرء مهما اةتي من بلاغة وفصاحة القدرة على الكلام..وكيف نصدق اننا اليوم نجتمع بمناسبة اربعينية رجل وهب حياته وعمره للثقافة والتربية فكان الباني والمؤسس والمؤطر والحاضن..ولكن لان الموت حق وقدرنا جميعا مهما امتدت بنا الايام لا نملك الا ان نصدق ونبتهل الى الله العلي القدير ان يتقبل الراحل العزيز بواسع رحمته..قليون هم الرجال الذين تمتلا مهجهم ومشاعرهمبروح ذلك المثل الرائع // عش لغيرك // ومن هؤلاء الرجال الصديق الراحل عبد القادر الهاني فقد عاش حياته لغيره بكل ما يعنيه المثل وقدم اقصى ما يمكن ان يقدمه لانه كان يؤمن ان حياة المرء والانسان عموما ليست مجرد ايام واشهر واعوام نحياها بقدر ما هي رحلة للاضافةواي معنى للحياة اذا خلت من الاضافة والنبل والسمو..وفي هذه الدنيا يهيا القدر لبعض الاشخاص دون سواهم تحمل اعباء مسؤولية قد لا ينهض بها غيرهم.والراحل الصديق عبد القادر الهاني هو احد هؤلاء الرجال عندما ادرك ان القدر يهياة لحمل رسالة ثقافية لها من الجلال والسمو والنبل ما يجعله يقدم عليها غير ابه بالصعوبات ولا بالمتاعب..ولم تكن مجلة الاتحاف الا هذا الحلم الذي حلم به طويلا الراحل عبد القادر الهاني لستوي مشروعا ثقافيا طموحا..اقترنت حياة عبد القادر الهاني بمجلة الاتحاف كما اقترنت حياة محمد البشروش بمجلة المباحث ومحمد مزالي بمجلة الفكر واحمد حسن الزيات في مصر بمجلة الرسالة…ولدت الاتحاف كبيرة وراءها طموح صاحبها ومؤسسها فاستطاعت ان تجد مكانها بسهولة في المشهد الثقافي والاعلامي وان تسد فراعا كبيرا كانت تشكو منه الساحة الثقافية التونسية بعد احتجاب مجلة الفكر..وفعلا نهضت الاتحاف بهذا الدور الريادي مجلة ودار نشر ولم تكتف بالمجلة الام بل اضافت اليها قطاف الاتحاف الموجهة للاطفال..ومن الصدف الجميلة ان يكون ميلاد الاتحاف في مجلة سليانه عروس الشمال الغربي متزامنا سنة وشهرا مع ميلاد مجلة مرآة الوسط في مدينة سيدي بوزيد عروس الوسط الغربي. ارتبطت مجلتا الاتحاف ومرآة الوسط بصداقة متينة كما ربطت نفس الوشائج بيني كمدير مؤسس لمجلة مرآة الوسط وبين الراحل العزيز عبد القادر الهاني..كان بالنسبة لي الاستاذ والصديق وكانت اتصالاتنا مستمرة وفي مكتبتي كامل اعداد مجلة الاتحافمجلدة كاعز ما تزدان به مكتبتي.. وكل عدد من اعدادها يحمل وراءه مغامرة كان يخوضها بكل اقتدار الصديق عبد القادر الهاني والفريق الذي يعمل معه والمحررين في المجلة. وتوجنا هذه الصداقة بين المجلتين بابرام اتفاقية توامة بينهما هي الاولى من نوعها في تونس.. وبالاضافة الى تاسيس مجلة الاتحاف التي استمدت عنوانها من الكتاب الشهير لاحمد ابن ابي الضياف // اتحاف اهل الزمان //فعبد القادر الهاني هو مؤسس ملتقى احمد ابن ابي الضياف بسليانه وهو الذي اصدر ابحاثه في دوراته المتعاقبة في كتب ضمن منشورات الاتحاف وهو فضل اخر من افضاله على الثقافة الى جانب افضال اخرى كثيرة منها خاصة اصدار مجلة الاطفال قطاف الاتحاف واكتشاف عشرات المواهب والادباء الشبان في كل ولايات الجمهورية والنشر لهم في مجلة الاتحاف شعراء وقصاصين وباحثين. ولايمكن مهما عددنا من خصال الرجل ان نخنزل حياته في كلمات .التقينا مرارا وكان تقديره لي لا يضاهيه الا تقديري له ومن الصدف الجميلة ان وزارة الثقافة كرمتنا في يوم واحد وكرمت مجلتي الاتحاف ومرآة الوسط في يوم مشهود وتسلمنا شهادتي التكريم ممهورة بامضاء الوزيرة سنيا مبارك في مبادرة لصديقنا المشترك محمد الهادي الجويني عندما كان مندوبا جهويا للثقافة بتونس العاصمة وهو حاضر بيننا اليوم فله خالص الشكر.اليوم تجمعنا اربعينية الصديق العزيز عبد القادر الهاني وفي القلب حسرة وفي العين دمعة على فقدانه.وعزاؤنا انه ترك فينا وبيننا مجلته الفيحاء الاتحاف واعماله الادبية الاخرىفلا ينقطع ذكرهطالما ان ذكر المرء بعد الوفاة ينقطع الا من ثلاثولد صالح يدعو له وعلم نافع بثه في صدور الرجال وصدقة جارية ويقيني ان الصديق الراحل عبد القادر الهاني جمع بين الخصال الثلاث. فرحمة الله عليه في الاول والاخر والموت حف على الجميع وانك مييت وانهم لمييتون. صدق الله العظيم ——————- ** اعدت هذه الكلمة لتلقى في اربعينية الراحل عبد القادر الهاني اليوم السبت 22 ديسمبر ولكن تعذر علي التحول الى سليانه لاسباب صحية فاردت ان انشرها هنا