أبو مازن أعجبني منذ مدة تعليق على الفايس بوك ينبه المولعين بالفكر التكفيري و الارهابي بأنّهم حتما اهل سفاهة وجهل و بلادة تفكير اذ أن الحور العين المنتظرة والجنان و الخلد الموعودين ما كان ليفرّط فيهم من أمرهم بالقتل والتنكيل والتفجير بل انّ العقل يجعله من المسارعين لنيل تلك المرتبة لو كانت يقينا فيفوز بها دون غيره. ذلك حال المضحوك عليهم يأخذون عن حين غرة امّا لجهل او لانقطاع عن تعليم أو لاكتئاب مزمن ألمّ بهم أو لانغماس في عالم الرذيلة والمخدرات، فيعبث الزائغون عن الدين بعقولهم وتشترى هممهم ثم تفتح لهم أبواب الأحلام وكأنّ ساعة الحساب قد قامت وأنّ الصراط قد نصب فتهيأ لهم نيل الجنة بما اقترفوا من ذنوب و دنس و سفك دماء وتمثيل بالجثث. ذلك حال دوعشتنا المحلية التي هي أبعد ما يكون على ما يحدث في عديد عواصم العالم. حفنة من المرتزقة تتدرب محليا او في الجوار ثم تطأ أقدامها الجبل والهضبة لتقتل مواطنا بسيطا أو لتنكل بجندي او حرس. وبين المد والجزر قد تحصل أخطاء فينحدر الارهاب الى المدن ويؤخذ القوم في غفلة فتكون الحصيلة كارثية كما وقع في باردو و سوسة ولكنها تبقى حركات بدائية سهل القضاء عليها لما ينقصها من تدبير. يرجع هذا الأمر بالأساس الى تعافي القوات المسلحة و تراص صفوفها بعد تقهقر و انكماش أصابها أيام الثورة و لرفض قاطع للمجتمع التونسي فكرة ايواء الارهاب أو التستر عليه. ولعل أهل السلطانية المتاخمين لإرهاب جبل المغيلة و غيرهم من الاهالي لم يتوانوا في التبليغ عن تحركات الارهابيين ولم يستكينوا لعروضهم المغرية. ويبقى علم الكذب والنفاق والافتراء على رسالة الاسلام الطاهرة هو الجامع الوحيد بين دوعشتنا المحلية والتنظيم الاجرامي الذي يسارع دوما في تبني أي تفجير أو قتل وتنكيل في العالم ليظهر بمظهر القوي الشديد فيزرع الخوف والهلع في أرجاء المعمورة. أما الدوعشة الاقليمية فهي تحرك بعديد الأيادي الظاهرة والخفية وتضرب مئات العصافير بحجر واحد. هي تستغل الدين الاسلامي وتجعل منه منطلقا لفكرها الفاشي الغريب، بل و تحاول عبثا اظهار الشريعة السمحاء بمظهر القصاص واقامة الحدود فقط، فلا ترقى لتطوير المجتمع وتأمين عيشه وتوفير قوته وبناء أركان حضارته. فهم هادمون للحضارات لتأجيج الغضب والنقمة رغم أن عديد الأثار و الشواهد كانت على مرمى جيوش الاسلام الفاتحة ولكنها تركتها وشأنها لقناعة التدافع و كونية الحضارة الانسانية. هؤلاء امتداد للخوارج من الناحية العقائدية فهم يقتلون المسلمين واهل الكتاب وغيرهم من الأقوام دون ندم ولا أسف فلا تردعهم آيات من الكتاب ولا حديث متواتر و لا قول حسن عن صحابي أو تابع. اما من الناحية المالية فهنا يكمن الخطر اذ تحظى داعش الاقليمية بآبار نفط و شركات استغلال لثروات العرب في العراق و سوريا وليبيا فتنتج هذا الذهب الأسود وتبيعه للعالم بأبخس الأثمان ثم تشتري أعتى الأسلحة والتجهيزات فتصبح قوة اقليمية مفسدة لئيمة تسيء الجوار و لا تحفظ دم المسلم. لعل التدريب أيضا والاستخبارات أمرانهامّان عند داعش الاقليمية فهي تمتلك مواقع تدريب وتجنيد في عديد البقاع وهي لا تخفى على الأقمار الصناعية و وسائل التجسس لا سيما في منطقة الشرق الأوسط التي تلاحظ فيه الابرة في كومة التبن. داعش تصور مرتزقتها القادمين من اصقاع العالم في صفوف منظمة وسيارات فارهة رباعية الدفع و دبابات و ربما طائرات فتقدم للعالم صورة تحاول دسها في الواقع ولكنها آفلة لامحالة. سيأفل نجم داعش لعديد الأسباب المنطقية، اذ أن المطلع على صنيع هذا التنظيم يفقه جيدا أنّه زائل لامحالة فهو غارق الى حدّ العنق في أجهزة الاستخبارات العالمية و هو مرتبط كذلك بحقبة من الزمن قد يصنع فيها شرق أوسط جديد يقسم الخارطة تقسيما مغايرا لماهي عليه اليوم ويحفظ أمن الكيان الصهيوني و يثبته. لعل غياب العمليات في أرض الكيان الغاصب أكبر دليل على ارتباطه به رغم أن خطوط التماس أيسر، بل ان داعش اللعينة تضرب سيناء و غزة بالتفجيرات ولا يروق لها الانتقال عبر الأنفاق الى داخل الخط الأخضر. أضف الى ذلك أن ظهورها جاء فجأة وفي فترة وجيزة،ثم تحولها الى تنظيم اقليمي جاء بمباركة الداعمين لها من أسواق النفط وشركات انتاجه. لعل احداث الحادي عشر من سبتمبر كانت الملهم لخلق داء عضال في قلب العالم العربي والاسلامي بعد أن نجحت فكرة تفتيت العراق والاستحواذ على خيرات آباره النفطية و التفويت في حضارته القديمة. ولعل احداث أنقرة و باريس الأخيرتين تكونان منطلقا نحو تقليم أظافر هذا العدو المصطنع على أرضنا ومن ثم اخماده تحت تراتيب جديدة ما كانت لتقبل عند ساستنا العرب والمسلمين لو لم يحدث هذا اللغط. كذلك أُخذ العرب أُخذ العبيط السفيه الغنيّ فبيع له القرد كما يقول المثل ثم ضحك على شاريه. لقد دمرنا حضارة الأجداد فتركنا طريقتهم و احتقرنا الانسان الذي كرمته الشرائع و قتلنا النفس الزكية التي حرم الله قتلها ثم حاولنا اللحاق بالحضارات فعلمنا أننا أبعد ما يكون عن ذلك لاشتغالنا بتقييم الماضي و محاولة ربطه بالحاضر. Publié le: 2015-11-21 12:11:04