الحماية المدنية: 17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    فتح تحقيق في وفاة مسترابة للطبيب المتوفّى بسجن بنزرت..محامي يوضح    صفاقس هل تمّ فعلا إيقاف المدعوة كلارا من قبل الحرس الوطني.    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    %9 حصّة السياحة البديلة.. اختراق ناعم للسوق    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    دورة مدريد: أنس جابر تقصي اللاتفية أوستابنكو .. وتتأهل إلى ربع النهائي    تونس : برنامج مباريات الإتحاد المنستيري في نهائيات الدوري الإفريقي لكرة السلّة    نشرة متابعة: أمطار رعدية وغزيرة يوم الثلاثاء    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    سوسة: براكاج لسائق تاكسي يتسبب في قطع أصابعه    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    عاجل/ ستشمل هذه المناطق: تقلبات جوية منتظرة..وهذا موعدها..    كأس الكاف: حمزة المثلوثي يقود الزمالك المصري للدور النهائي    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    انتشار ''الإسهال'' في تونس: مديرة اليقظة الصحّية تُوضح    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    الكشف عن توقيت نهائي رابطة الأبطال الإفريقية بين الترجي و الأهلي و برنامج النقل التلفزي    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    العثور على شخص مشنوقا بمنزل والدته: وهذه التفاصيل..    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    سان جيرمان يحرز لقب البطولة للمرة 12 بعد هزيمة موناكو في ليون    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    دولة الاحتلال تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    سينعقد بالرياض: وزيرة الأسرة تشارك في أشغال الدورة 24 لمجلس أمناء مركز'كوثر'    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    50 % نسبة مساهمة زيت الزيتون بالصادرات الغذائية وهذه مرتبة تونس عالميا    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا والإرهاب: الزرع في باريس والحصاد في دمشق
نشر في باب نات يوم 22 - 11 - 2015


وسام الأطرش (*)
مقدمة
حين ننطلق من الرواية الرسمية لهجمات باريس التي جدّت مساء الجمعة 13 نوفمبر 2015، والتي تنسب هذه العملية الأعنف في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية إلى تنظيم داعش، فإن الأجدر بالعقلاء أن ينأوا بأنفسهم عن القراءة السطحية للأحداث والتي تكتفي بنسب سلسلة من الهجمات المنظّمة والمركّزة في قلب العاصمة الفرنسية بما في ذلك من اختراق نوعي للمنظومة الأمنية والاستخباراتية إلى ثمانية "ذئاب منفردة" أرسلها تنظيم الدولة كهديّة من البغدادي المسردب إلى هولاند المتعجرف، ثم تمرّ هذه القراءة على عجل ودون تفكير إلى الإنخراط السريع في جملة المقترحات الدّولية للتوقي من الإرهاب الداعشي بما في ذلك من شرعنة لرزمة جديدة من إجراءات الإعتداء الصليبي (المباشر أو بالوكالة) على المسلمين وعلى هويتهم ودينهم ومساجدهم في كل بقعة من بقاع العالم وخاصة منهم أهل سوريا سواء كانوا لاجئين في الخارج أم رازحين تحت نير الأسد وزبانيته في الداخل، أم عابرين للحدود، وكله تحت شعار: الأمن أولى من الحرّية.
بل الأجدر بهم وهم يستمعون إلى هذه الروايات الرسمية، أن يبحثوا عن المُصنّع الحقيقي لمنتوج "داعش" من قوى الاستعمار الدولي والذي صار أشبه بشركة أمنية متعددة الجنسيات، تتجول عبر الدّول والقارات وتصدّر الإرهاب حيث حلّت، أو عمّن يرعى هذا التنظيم المسلّح ويوفر له البيئة الحاضنة والدعم المادّي واللوجستي والإشهاري من الأنظمة العميلة التي تدور في فلك الاستعمار، حتى لا يمرّ الحدث كعادته دون طرح السؤال حول المستفيد هذه المرّة من تصدير هذا المنتوج الفاسد إلى فرنسا للمرّة الثانية على التوالي خلال العام الحالي بعد عملية "شارلي أيبدو" إمعانا في تشويه صورة الإسلام في أذهان الشعوب الغربية. وهل هي مجرد حادثة أليمة قطعت أجواء متابعة مباراة المنتخب الفرنسي لكرة القدم مع نظيره الألماني من قبل الرئيس فرنسوا هولاند، أم أنها جزء من لعبة أممية اختار لاعبوها الأساسيين في هذه المرحلة إنذاره (أي هولاند) بشكل مباشر وإخضاعه إلى خيارات النظام الدولي الجديدة كي لا تبقى فرنسا في وضعية التسلل عند لعبها مع نظام الأسد تحديدا خاصة بعد أن اتفق معسكر الشرق بزعامة روسيا مع نظيره الغربي بقيادة أمريكا على التمديد في عمر هذا النظام المجرم؟
داعش، هذا "الشبل" من ذاك الأسد (بشار)
يتساءل كثير من الساسة والمفكرين والمتابعين لشؤون الشرق الأوسط زيادة على المصدر الأساسي للمذهب الوحشي الذي يتبناه تنظيم داعش، عن سبب ازدهار هذا الفصيل المسلح في سوريا تحديدا بعد ثورة شعبها ضد نظام الأسد، مع أن ولادته كانت في العراق منذ ما يقارب العشر سنوات حين كان يحمل اسم "الدولة الإسلامية في العراق"، والجواب على ذلك يبدأ من معرفة مدى وحشية ودموية النظام الأسدي، بل الجواب المباشر هو أن تنظيم داعش صُنع على عين بشار برعاية أمريكية اضطر من خلالها السفير الأمريكي "روبرت فورد" بعد الثورة إلى الانتقال من العراق إلى سوريا ليواصل مهمته هناك (**)، ولذلك فإن المسؤول التنفيذي المباشر عن صعود هذا التنظيم وبقائه قويا ومن ثم تمدده هو بشار الأسد.
ليس فقط من خلال إغراق البلاد في أتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، ولا من خلال الفتنة الطائفية التي كادت تأكل الأخضر واليابس عبر سطوة إيران وذراعها في لبنان "حزب الله" واستيلائهما على جزء كبير من المشهد السوري، ولا من خلال الإستنجاد بالحليف الروسي الذي لم يستح من إعلانها حربا مقدسة ضد المسلمين في بلاد الشام، إنّما من خلال تصويب هذه الأسهم كلها تجاه "عدو" واحد، هو الشعب السوري الرافض لبشار ونظامه، والطامع في استعادة سلطانه المغتصب، موفرا بذلك كل الشروط التي سمحت لتنظيم داعش بالإزدهار، تاركا له المجال لبناء جسمه وتقوية عوده في الوقت الذي كان يستهدف فيه كل معارض، حتى غدا هذا التنظيم الوجه الآخر للنظام الأسدي في جرمه وطغيانه بلا فرق واضح بينهما إذا ما استثنينا شعار الخلافة الذي يرفعه "داعش" زورا وبهتانا، أو باقي مؤشرات التضليل والمغالطة التي استوجبها رفع هذا الشعار، تُعينه في ذلك بعض قنوات العهر الإعلامي المنافحة عن الأسد.
نظام الأسد إذن، قد عبّد الطريق لحليفه داعش، قبل أن يتقاسم معه الأدوار قصد ترتيب البيت من الداخل، ومعاقبة كل المخالفين والمارقين عن النظام، ولذلك مُنح هذا التنظيم منذ البداية مطلق الحرّيّة في الشّمال السوري، حتى قيل إنّ الأمر وصل إلى حدّ تلقّي أفراده دعماً جوّيّاً من الأسد خلال مسيرتهم إلى حلب، كما تم استجلاب أشرس المقاتلين ضد الجنود الأمريكان في العراق إلى سوريا وعلى أعين مخابراتها للمشاركة في مهمة إنقاذ النظام من الإنهيار. كان ذلك سنة 2012 عندما كان الثّوّار- بقيادة الجيش السّوري الحرّ والعديد من الفصائل الإسلامية- على أبواب دمشق. ولكن كما روى "دكستر فيلكنز" في مجلّة نيويوركر، فقد استوجب ذلك توجّه الجنرال قاسم سليماني - قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني - إلى دمشق ليتولّى شخصيّاً القيادة، مغذّياً الصّراع بالمال الإيراني والأسلحة الإيرانية والمقاتلين القادمين من طهران مباشرة أو من عميلها اللّبناني حزب الله، وهو ما اعترفت به قيادة الحرس الثوري الإيراني في وقت لاحق بلا خجل أو مواربة، بل تم اختيار قاسم سليماني، شخصية العام في إيران لسنة 2015. في حين أعلن مستشاره اللواء حسين همداني في 10 مارس 2015 قبل أن تتم تصفيته الشهر الماضي، أن "القادة العسكريين الإيرانيين قد حرروا 85% من الأراضي السورية التي وقعت سابقاً بيد المعارضة، وبعبارة أخرى فقد نجحت إيران في احتلال هذه الأراضي لا في تحريرها...
غير أنّ تركز داعش شمال سوريا لم يكن سوى البداية. ذلك أنّ البغدادي الذي سجنته أمريكا في العراق وارتضته خليفة لكل القيادات السابقة ممن تمت تصفيتهم في هذا التنظيم، قد أوعز إلى جماعته أن ينطلقوا في السطو على حقول النّفط، من دون أن يكون لديهم أيّ سوق لتصريفه. حينها دخل على الخط مجرمُ حربٍ برتبة رئيس جمهورية سوريا، فلم يكتف بشراء النّفط منهم، إنّما ضمِن لهم أيضاً شراء المواد الغذائية، بل وحتّى إصلاح أبراج هواتفهم النّقّالة من أجل ديمومة البقاء والتمدد. وردّ أصدقاؤه في داعش الجميل، في الزّحف ليس صوب دمشق، وإنّما صوب بغداد والموصل في إخراج سينمائي رديء لمسرحية "الفتح الربّاني" الذي انسحب بموجبه الجيش العراقي أمام "داعش" بعد معركة وهمية لم تُطلق فيها رصاصة واحدة. هنا، حان وقت ذعر الغرب الّذي شرع مباشرة في بث الحلقة الأولى من مسلسل "التنافق الدولي ضد داعش"، عبر إطلاق ضرباته الجوّيّة ضدّ هذا التنظيم، وليس ضد الأسد الذي أعدّ كل أسباب التوحش والتمدد، بداية من كتاب "إدارة التوحش".
كان إعلان قيام الخلافة الداعشية تتويجا لمسار تحالف الثالوث (بشار-إيران-حزب الله) مع تركيا والعراق برعاية ووصاية أمريكية على سوريا اقتضاها سياق تهافت الجانب الأوروبي على منطقة الشرق الأوسط ولعبه على ورقتي قطر والسعودية في حين تجاذب الأردن كلى الطرفين وذلك بغاية انتزاع سوريا من الأمريكان وجني ثمار سقوط بشار، مقابل انحياز واضح من المعسكر الشرقي نحو أمريكا، رأيناه واضحا وجليا من خلال الفيتو الروسي-الصيني ثم من خلال التدخل العسكري الروسي مؤخرا ضد المسلحين المعتدلين الذين راهنت عليهم أوروبا، بزعم محاربة داعش.
وكان التحالف منذ بدايته أشبه بشركة مساهمة تستثمر في قطاع الإرهاب –كل بحسب قيمة أسهمه- عبر أصل تجاري مربح يحمل ماركة "داعش"، بغية اقتسام الغنائم السياسية والإقتصادية التي سينتجها في مرحلة متقدمة دعم بشار ونظامه تحت غطاء مكافحة الإرهاب والتمدد الداعشي وذلك بعد تشريك دول العالم في هذا الحلف الصليبي، وإلاّ فمن سيصدق أن تحالف الستين دولة قد عجز عن كبح جماح تنظيم يملك أسلحة إيرانية ويتجول مئات الكيلومترات على متن سيارات رباعية الدفع من إهداء الأنظمة العربية تحت مرأى ومسمع الدول ورؤسائها وأجهزة مخابراتها في عهد الأقمار الصناعية والثورة التكنولوجية والرقمية التي تكاد تعدّ أنفاسنا؟ بل أي عقل سيصدق أن التنظيم الذي يعاني على أرض الواقع وبعيدا عن الإعلام من تآكل جسده نتيجة الأخطاء المتكررة في استعمال الأسلحة والقذائف من جهة ونزوح الأجانب عنه من جهة أخرى، قد نجح في التغلب على حلف أطلسيّ ومدَدٍ روسيّ مُضافيْن إلى ستين جيش نظامي بالصورة الهوليودية التي أوهمونا بها في آخر ما تابعناه من حلقات مسلسل "التنافق الدولي ضد داعش" الذي تبثه شاشات إعلامنا الرسمي تكريسا لحالة النفاق السياسي الصارخ التي صارت المهيمنة على المسرح الدولي.
خلاصة القول إذن، أن داعش مهما بلغ جرمه وإرهابه، فإن أعماله تبقى نقطة في بحر إرهاب النظام الأسدي الذي سام الناس سوء العذاب وحكمهم طيلة الفترة السابقة بيد من حديد، ثم نجح بعد انتفاضة الناس ضده في أخذ خليّة داعشية بيده اليسرى ليقوم بتغذيتها بجميع العناصر الغذائية اللاّزمة ولو تتطلب الأمر استيرادها، لكي تنمو وتتورّم فتغدو ورما سرطانيا خبيثا وفتّاكا، ثم واصل سياسة البطش بشعبه باليد اليمنى، فقط ليقدم نفسه في النهاية على أنّه أهون الشرين تماما كما أشار إلى ذلك الخبير البريطاني "ديفيد بلير" في صحيفة التّليغراف العام الماضي، حين قال أن استراتيجيته هي أن يتصرّف كمن يشعل الحرائق عمداً، ثمّ يتدخل كرجل إطفاء. فهل سينسى العقلاء أن بشار هو من قصف شعبه بالبراميل المتفجرة وأنه هو من استخدم الأسلحة الكيماوية ضد الأبرياء العزل وأنه هو من ارتكب أبشع المجازر الجماعية في حق النساء والأطفال، وأنه هو من قتل الآلاف وشرد الملايين من أبناء شعبه، وأنه هو من نشر ثقافة الموت في كامل أرجاء سوريا فدمّر معالم التاريخ والحضارة وهدم بيوت الله فوق المصلين، وأنه هو من أبكى العالم بمشهد الرضيع الكردي الذي تلاطمته الأمواج فألقت به على شاطئ البحر، وأنه هو من مكن الغرب من قتل المسلمين في العراق وسوريا وغيرهما بحجة مكافحة الإرهاب وأنه هو من استعان على أبناء بلده بملل الكفر قاطبة؟ بل هل سيتغافل الواعون والمتابعون على حقيقة إسقاط قوات الأسد في دوما لنفس حصيلة هجومات باريس تقريبا وفي نفس مساء الجمعة عبر هجوم صاروخي مرعب؟
يقول الكاتب البريطاني المعروف والرئيس السابق للتعليقات في صحيفة تيلغراف "روبير كولفيل" ضمن مقال بعنوان "يد الأسد ملوثة بدماء باريس": كان نظام الأسد ومازال المصدر الرّئيس للموت والدّمار في سوريّة. وحتّى الآن، فإنّ الأسد لا يقتل فقط من شعبه أكثر ممّا تقتل داعش، بل أكثر مرّات ومرّات.
هل أخطأت فرنسا مرتين حتى تُعاقب بهجومين !؟
إنه مع استحالة عدم ربط أحداث هجومات باريس الأخيرة وكذلك تفجيرات لبنان التي اعتبرت بدورها الأكثر عنفا ودموية منذ انتهاء الحرب الأهلية في هذا البلد الفسيفسائي، بما يجري في الشرق الأوسط وخاصة فيما يتعلق بسياسة فرنسا في كل من سوريا ولبنان، فإنه حريّ بمن يهتم بالسياسة الخارجية الفرنسية أن يعيد قراءة الأحداث السابقة منذ اندلاع الثورة السورية على ضوء المواقف الفرنسية من النظام السوري خاصة بعد أن أصبحت سوريا مركز اهتمام السياسة الدولية بل صارت في الآونة الأخيرة قطب الرحى في الصراع الدولي على منطقة الشرق الأوسط وحتى شمال إفريقيا، بما يؤكد فعلا وجود سايكس-بيكو جديدة يسعى لصياغتها الأمريكان...
نعم، منذ أن انطلقت شرارة الثورة في سوريا، وفرنسا منحازة إلى خيار الإستثمار في سقوط نظام الأسد وتقاسم تركة حكمه مع بقية الدول الأوروبية المزاحمة للنفوذ الأمريكي في المنطقة وعلى رأسها بريطانيا، وذلك عبر دعم الحركات المعتدلة والجماعات المسلحة المناهضة للنظام السوري، والزج بلبنان نحو هذا الحل المرفوض إيرانيا، ولكنها راحت من بين دول القارة العجوز تغالي في هذا الخيار وتنزل بكل ثقلها في سبيل تحقيقه دون أن تترك لنفسها مجالا للتراجع أو الإستدراك، مراهنة على سقوط بشار وانتصار المعارضة الديمقراطية التي تزودت بخير ما يتزود به الراكبون على ثورات الشعوب، ودون أن تحسب حسابا لما ستصبح عليه لاحقا قوة الطابور الخامس في سوريا المسمى "داعش" بعد أن زودته أمريكا (الدولة الأولى في مجال صناعة وتصدير الإرهاب) وعددٌ ممن سار في ركبها بجميع مستحقات البقاء والتمدد.
قامت فرنسا منذ البداية بحماية عدد من دول الخليج بعد الإسراع في غلق سفارتها بدمشق، وتحالفت مع قطر والسعودية لدعم التوجه البريطاني في سوريا الذي يقضي بضرورة الإستثمار في "الإرهاب المعتدل"، فكان تدفق المقاتلين من فرنسا إلى سوريا عبر تركيا مضافا إلى قائمة المرتزقة الذين جندتهم المخابرات الفرنسية في عديد الدول العربية أهمها تونس وليبيا، حيث أعلن وزير الداخلية الفرنسي "برنار كازنوف" في 22 جانفي من العام الحالي أنه قتل 73 فرنسيا من أصل 1400 فرنسي توجهوا إلى سوريا والعراق، هذا دون الحديث عن محاولات اختراقها لجبهة النصرة وغيرها من التنظيمات الجهادية بغاية تحويل مسار المعركة في الداخل السوري لصالحها، أو عن استضافتها ودعمها للمعارضة الإيرانية وعلى رأسها منظمة مجاهدي خلق التي أعلنت زعيمتها "مريم رجوي" منذ 2012 ضمن المؤتمر السنوي الذي تحتضنه باريس انضمامها للقتال في سوريا ضد بشار. هذا وقد دعا وزير الخارجية الفرنسي "لوران فابيوس" من تركيا منذ 17 أوت 2012، إلى ضرورة استهداف المسؤولين السوريين في النظام والإسراع في إسقاطه، وهو ما اعتبر تحريضا من قبل الدول المساندة لبشار، ثم صرح في 14 ديسمبر من نفس العام بأن تنظيم جبهة النصرة يقوم بعمل جيد في سوريا، إلى أن أعلن في 13 جوان 2013 أن فرنسا ستشرف على تزويد المسلحين في سوريا بالسلاح والذخائر.
ورغم وجود تحذيرات من قبل خبراء أمنيين وعسكريين في فرنسا من خطر هذه السياسة الداعمة للإرهاب وخطر ارتداداتها على القارة الأوروبية، حيث نشرت بعض الصحف الفرنسية تقارير سربتها الأجهزة الفرنسية حول خطر التحالف مع الدول الخليجية الداعمة للإرهاب في العراق وسوريا، إلا أن عنجهية الساسة الفرنسيين وطمعهم في الفوز بغنيمة سقوط النظام السوري منعهم من الإستماع حتى إلى النصائح القادمة من الداخل الفرنسي.
استمر هولاند في هذا التمشي مغمضا عينيه عن بقية الحلول وموفرا الغطاء السياسي للتنظيمات المسلحة التي يرعاها وقتيا لمصلحته، إلى أن فوجئ مطلع العام الحالي بتبني "داعش" لعملية "شارلي أيبدو"، مما اضطره أن ينضم على إثرها مكرها إلى التحالف الدولي ضد داعش، ظنا أن ذلك سينقذه من ويلات سياسته العرجاء في سوريا.
في الخامس والعشرين من شهر فيفري الماضي، ورغم انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حاول وفد برلماني فرنسي الإستماع إلى بشار الأسد بعد تحوله إلى العاصمة دمشق ثم حاول بدوره مجاسة مفتي النظام أحمد حسون وعددا من مسؤولي النظام السوري، ورغم أن الوفد يضم عضوين من مجلس النواب هما "جيرارد بابت" رئيس جمعية الصداقة الفرنسية السورية وأحد المقربين من الرئيس "فرانسوا هولاند"، و"جاك ميارد" أحد الوجود البارزة في البرلمان الفرنسي وله تأثير ونفوذ كبيران فيه، وعضوين من مجلس الشيوخ هما "ايميري دو مونتيسكيو" نائب رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ، و"جان بيار فيال"، إلى جانب وفد جمعيات إغاثية فرنسية، رغم ذلك فإن فرنسا سرعان ما تبرأت من هذه الزيارة حين أكّد المتحدث باسم الحكومة الفرنسية "ستيفان لوفول" أن هذه الزيارة "مبادرة شخصية وليست رسمية"، ما يعكس أنها لا تزال متعنتة وأنها لم تدرك بعد أن النظام الدولي يراهن على بقاء الأسد إلى حين وأن المطالبة برحيله هو خطأ سياسي فادح، وإن أدركت متأخرة أن خطأها الأول كان التعويل على ورقة "الإرهاب المعتدل" في وجه الإرهاب المتطرف الذي ابتكرته أمريكا عبر عميلها المخلص بشار، وأن مسرحية المسيرة المليونية في باريس كان من أجل جرّها إلى مربع الحلّ الأمريكي.
ورغم ذلك، فقد راحت ترفض من داخل الحلف الدولي كل المقترحات التي تتضمن بقاء الأسد، لا لأنها ترفض نظامه الدموي أو إجرامه في حق شعبه، وإنما من منطلق براغماتي عنيد مصر على قلب الطاولة على رؤوس المناوئين للأسد. ثم جنّ جنونها حين علمت بأمر التنصت الأمريكي على مسؤوليها السابقين والحاليين وعلى رأسهم رئيس الدولة "فرانسوا هولاند" خاصة فيما يتعلق بمواقفها من سوريا، فجاء تصريح وزير الخارجية الفرنسي رافضا رفضا قاطعا لكل أشكال التجسس مهما كانت الجهة التي تقف وراءه، مع أن نفس الشيء وقع على ألمانيا ومورس على مسؤوليها من قبل الأمريكان، ولكنها خيرت معالجة الأمر بهدوء وفي الكواليس بعيدا عن التهييج الإعلامي، ما يعكس نجاح فرنسا الباهر في دحرجة كرة الثلج والسقوط في استفزاز الخصم الأمريكي المتربص.
في الثامن والعشرين من شهر أكتوبر الماضي، التقى بشار مرّة أخرى بوفد فرنسي لم يتوان عن إخباره بأن فرنسا تُعدّ في رأيه من بين الدول الداعمة للإرهاب في سوريا وعليها أن تراجع سياستها في هذا الصدد، ثم اختفى بعدها من وسائل الإعلام لمدة 17 يوما ليعيد الظهور بشكل مفاجئ وبصدفة عجيبة مع وفد فرنسي جديد يضم عددا من البرلمانيين والمثقفين والإعلاميين برئاسة عضو الجمعية الوطنية الفرنسية النائب تييري مارياني، وقد تحول هذا الوفد إلى العاصمة دمشق إثر هجمات باريس الأخيرة ليستطلع موقف الرئيس السوري من هذه العملية الإرهابية تحديدا، ليفاجئ هذا الأخير الجميع حين يقول باللغة الأنجليزية وبثقة العميل المخلص لأسياده، أن الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت العاصمة الفرنسية باريس لا يمكن فصلها عما وقع في العاصمة اللبنانية بيروت مؤخرا وعما يحدث في سوريا منذ خمس سنوات وفي مناطق أخرى، معتبرا أن الإرهاب هو ساحة واحدة في العالم وأن التنظيمات الإرهابية لا تعترف بحدود. ثم أضاف كلمات هي أشد وقعا على فرنسا من طلقات نيران أسلحة الذئاب المنفردة في باريس، حيث قال: "كنا قد حذرنا قبل ثلاث سنوات مما سيحدث في أوروبا: قلنا لا تعبثوا بهذا الفالق الزلزالي في سوريا، لأن تداعيات ذلك سوف تتردد في جميع أنحاء العالم، ولكن للأسف لم يهتم المسؤولون الأوروبيون بما كنا نقوله، بل زعموا أننا نهدد، كما أنهم لم يتعلموا مما حدث مطلع هذا العام في حادثة "شارلي أيبدو". إن إطلاق التصريحات القائلة بأنهم ضد الإرهاب لا تعني شيئا، عليهم أن يحاربوا الإرهاب وعليهم أن يتبعوا السياسات الصحيحة، المسألة ليست في أن يطلبوا المساعدة، عليهم فقط أن يكونوا جادين، وعندها سنكون مستعدين لمحاربة الإرهاب معهم، نحن مستعدون لمحاربة الإرهاب مع أي جهة جادة في ذلك ولكن الحكومة الفرنسية ليست جادة إلى حد الآن. ما أطلبه من هولاند هو أن يعمل لصالح شعبه، وإذا أراد أن يفعل ذلك عليه تغيير سياساته التي لم تجلب خيرا إلى الشعب الفرنسي طوال الخمس سنوات الماضية".
وعلى إثر هذه التصريحات الصادمة، عاد الجميع مباشرة إلى تصريحات لا تختلف عنها كثيرا من حيث التجرأ على قادة القارة العجوز، منسوبة إلى مفتي النظام أحمد حسون، حين كان يخطب منذ أربع سنوات في مجموعة أتت إلى سوريا لإبداء تعاطفها مع النظام، فهدد أوروبا ومن ضمنها فرنسا بإرسال أشخاص ينفذون تفجيرات على أراضيها. وهو ما جعل الإعلامي الشهير فيصل القاسم يعلق قائلا: "أحمد حسون مفتي بشار الأسد: هل كان يمزح يا ترى عندما هدد أوروبا قبل سنوات بالاستشهاديين؟ تذكروا أنه كان ينقل تهديدات المخابرات السورية".
فرنسا، يا دولة ضحكت من عجرفتها الدول...
إنه من الواضح أن موقف فرنسا من الملف السوري قد تعدّل واستوى على سوق أمريكا بعد هجمات باريس الأخيرة، بل تغيّر مائة وثمانين درجة بعد الضربة الموجعة التي تلقتها تزامنا مع مؤتمر فيّنا الحاسم، بشكل يدعو إلى الإستغراب من هكذا سياسات عرجاء جعلت رئيس دولة أوروبية فضيحة عالمية يتلقى النصائح والتوجيهات من أقذر عملاء أمريكا، حتى أنه لم يعد مهما إن كانت الإستخبارات الأمريكية قد نفذت العملية بمفردها أم استعانت في ذلك بسوريا وإيران، مادام الموقف الفرنسي المطلوب لا يخدم سوى مصلحة حلفاء الأسد بالأساس.
فقد كانت فرنسا تعارض الأمريكان في أن تقتصر الهجمات الجوية على ما تسميه الإرهاب وليس على النظام السوري، ولكنها بعد العملية الأخيرة صارت تركز على الإرهاب دون النظام، لأن "توحيد الجهود ضد الإرهاب أولى من رحيل الأسد" كما جاء على لسان وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف"، بل راح رئيس فرنسا يخطب ود بوتين بمواقفه الجديدة ويعينه في حربه ضد الإرهاب، ويقدم نفسه على أنه حليف استراتيجي لروسيا في حربها ضد داعش، حيث أعلن يوم الاثنين 16 نوفمبر 2015، نشر حاملة الطائرات شارل ديغول في شرق المتوسط للمشاركة في العمليات في سوريا والسعي إلى تكثيفها لقتال داعش وإنهاء وجوده في أسرع وقت ممكن، وكأن داعش لم يكن موجودا في سوريا قبل هجمات باريس. وهو ما يجعله يقع مجددا في تناقض عجيب، إذ الأصل إن كان جادا في محارب الإرهاب والقضاء عليه ثأرا لأرواح الضحايا كما يدّعي، أن يوجه غضبه المزعوم نحو من يرعى هذا الإرهاب ويحضنه ويغذيه، أما أن يتنازل عن صناعة الإرهاب لصالح النظام الأسدي والسكوت عن إرهابه وجرمه فقد أكّد للعالم أجمع أنّه لا يمكنه إلا أن يكون حليفا للإرهاب، وأن بضاعته في سوريا قد ردّت إليه في باريس، وأنه فعلا قد تزبّب قبل أن يتحصرم كما أشار إلى ذلك الكاتب صفوان أبو حلا على موقع روسيا اليوم، وإن نجحت مخابراته لاحقا في آداء رقصة الديك المذبوح من مالي. وإلا فهل تريد فرنسا بعد هذا كله أن تقنع العالم أنها حمامة سلام تناهض الإرهاب ولا تعمل على الإستثمار فيه؟ بل هل يمكن لفرنسا أن تمحو التاريخ وتنسي البشرية جرمها وإرهابها في حق ملايين المسلمين خلال القرن الماضي؟
ماذا تريد أمريكا أن تحصد في سوريا؟
صبيحة الثلاثاء 17 نوفمبر 2015، اعتبر وزير الخارجية الأميركي "جون كيري" في باريس أن سوريا قد تبدأ مرحلة "انتقال سياسي كبير" في غضون "أسابيع" بين النظام والمعارضة، وذلك إثر التسوية الدولية التي تم التوصل إليها في ختام مفاوضات فيينا. وقال كيري أمام بعض الصحافيين الذين رافقوه في زيارته إلى العاصمة الفرنسية بعد 4 أيام على الاعتداءات "نحن على مسافة أسابيع نظريا، من احتمال انتقال كبير في سوريا، وسنواصل الضغط في هذه العملية". وأضاف "نحن لا نتحدث عن أشهر وإنما أسابيع، كما نأمل".
وأوضح وزير الخارجية الأميركي أن "كل ما نحتاج إليه، هو بداية عملية سياسية، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار. إنها خطوة جبارة"، ملمحا بذلك إلى تسوية تنص على عقد اجتماع بين النظام السوري وأعضاء من المعارضة السورية قبل الأول من جانفي 2016.
كذلك تنص تسوية فيينا التي وقعها السبت 14 نوفمبر 2015 عشرون بلدا من البلدان الكبرى، بينها روسيا والولايات المتحدة وإيران والبلدان العربية والأوروبية، على وقف لإطلاق النار وإجراء انتخابات وصياغة دستور جديد.
ولم يفت "كيري" أن يعرب عن ارتياحه "لوجود إيران وروسيا على طاولة المفاوضات"، مشيرا إلى أن هذه الخطوة "فريدة من نوعها منذ 4 أعوام ونصف" حين اندلعت الحرب في سوريا وأسفرت عن 250 ألف قتيل على الأقل وتهجير الملايين.
يأتي ذلك بعد يوم من نشر وزارة الخارجية الأميركية بيانا قالت فيه إن "جون كيري" قد تحدث مع خالد خوجة، رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بشأن أهمية الخطوات التالية في سوريا عقب اجتماع مجموعة دعم سوريا في فيينا يوم السبت. وقال المتحدث باسم الوزارة "جون كيربي" إن كيري بحث مع خوجة في اتصال، الاثنين، خطوات، منها اجتماع واسع وشامل للمعارضة السورية، وبدء مفاوضات جادة بين المعارضة والنظام في سوريا، وخطوات من أجل وقف جاد لإطلاق النار.
إذن، هو تطبيع مع نظام الأسد، وتسوية دولية مكتملة الشروط بعد تنازل فرنسا، ليس فيها اختلاف سوى حول المدة التي سيواصل فيها بشار حكمه، والتي تقدر بستة أشهر في أحسن حالات الرفض والخروج عن الإجماع الدولي. وقد تزامن هذا الأمر مع تسوية أمريكية أصغر منها حجما في لبنان، يقودها حاليا "حزب الله" خاصة بعد الهجمات الأخيرة التي تعرض لها هذا البلد.
وعودة للملف السوري، فللعقلاء أن يتصوروا معنى أن يحكم بشار مع "خصومه" لبضعة أشهر فقط، بل معنى أن يرضى بعضهم بمشاركته الحكم ومنحه الثقة التي سحبها منه شعبه وعقلاء العالم أجمع.
أما عن الخواجة "خوجة" والذي اكتملت بوجود أمثاله فصول المؤامرة على الشعب السوري، فقد راح يستجدي أعداء شعبه وأمته ليشارك الطاغية بشار ملكه الزائل على أمل أن تمكنه أمريكا يوما من خلافة الأسد، ما يؤكد في أقصى حالات إحسان الظن به أنه جاهل بطبيعة البلد الذي سيحكمه...
إذن، هو حصاد مرّ ذاك الذي ينتظرك في بلاد الشام يا أمريكا، يا من زرعت الموت في كل بقعة من بقاع الأرض، وإن غدا لناظره لقريب، فلا يغرنك نجاح صفقاتك واستثماراتك في قطاع الإرهاب، ولا تفوّقك بالمكر والخداع على فرنسا المتعجرفة، فقد سقطت الأقنعة عنكم جميعا وبانت شروركم والأيّام دول والحروب سجال، والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.
* عضو المكتب السياسي لحزب التحرير تونس
** مقال ذات صلة: فن صناعة الموت في العراق والشام
Publié le: 2015-11-22 23:32:57


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.