أبو مازن صفاقس على وقع عيد الثقافة و أهلها لم يشتروا بعد ملابس العيد ولم يفكروا أصلا ما سيطبخون غدا، شرمولة ام ثريدا؟ صفاقس الحالمة كعادتها تفوت الفرصة تلو الأخرى منذ الثورة، لا منذ عهد التغرير، لا.. لا.. بل منذ حصولنا على الاستقلال بعد أن قدمت الشهداء و كافحت الاستعمار مع غيرها من الجهات ولكنها تظلم اليوم شر ظلم بتهميش مواعيد تمنحها فرصة الانطلاق ولكن هيهات. ضاعت صفاقس الأولمبية المتوسطية 2021 كما ضاع مشروع تبرورة الذي يحتضر دون ألم ولا أنين و كما ضاعت البنية التحتية لمّا أهملت المدينة والجهة ككل وتركت للأقدار فبقيت عقودا لا تنال من شوارعها مكانس التنظيف الا عند زيارة الوزير أو المسؤول و تقف المشاريع عند قطع الرباط الأحمر والأبيض وتصفيق الحضور ثم يرحم ربي... ابتهجنا للمشعل الذي قدم الينا من قسنطينة بلد عبد الحميد بن باديس الذي تعلم و تكون في جامع الزيتونة و هللنا لهذا الحدث الثقافي الذي قد ينقل المدينة التي تفتقر الى ابسط المركبات الثقافية: مكتبة رقمية، دور عرض، تنشيط جماهيري، مهرجانات متخصصة،... قسنطينة ابنتنا الفتية والمستمدة علومها وثقافتها من مهد الأدب والحضارة القيروان الأغلبية و تونس الحفصية. تمنينا يومها ان ننحو على طريق قسنطينة فتشرف صفاقس الثقافة وتشرف العرب لذلك اتجهت النية نحو تشكيل هيئة تقود المسيرة المنتظرة. كانت يومها الاوضاع السياسة متقلبة كأي طور انتقالي ولكن صفاقس ثبتت ساعة العسرة ولم تغالطها الشوائب والترهات فهي بطبعها مدينة حالمة بالمستقبل السعيد، عاملة بالساعد والفكر واليد. لا نعلم كيف اجتمعوا وكيف اختاروا وكيف اقتسموا الأدوار بعد أن هب اليمين واليسار لتقاد الهيئة باقتدار. كذلك أعلنوا و فيهم طمع لموائد الجلسات و ما برمج من الرحلات و لهات هات و كذلك علمنا أن فيهم نهم للسياسات هذا فرضه اليسار و هذا ينتمي الى المسار وذاك مال الي اليمين و ذلك قد يصلح ذات البين. لعل في الهيئة القديمة عقلاء مكرمين ولكن ما باليد حيلة اذا اشتد العراك ولوّح من خامرته الاستفادة منذ الوهلة الاولى بالاستقالة فيبقى كالرحالة من هيئة الى هيئة. بقي بعض المتشبثين بما اتفقوا عليه اول الطريق، بضع الأعمال قيد الدرس و ملاليم زهيدة للتمويل. لقد انصرفت الوزيرة القديمة و لا يعول على الجديدة أن تضيف درهما الى الميزانية المرصودة فلما البقاء وتحمل العواقب؟ هلموا الى الاستقالة الجماعية و سيلحق بالتأكيد من يتشبث بالهيئة القديمة فينجو من نجا من اللوم والتقريع فقد تلقي به الأيام في هيئات أخرى. كان لازما تدخل الوزارة و تثبيت جهاز اداري يحل محل الهيئة المقالة والمستقيلة، فاحتفظ ببعض الاسماء ودعيت أسماء أخرى قد تكون أبعد ما يكون عن الثقافة. الثقافة الغنية عن التعريف، لا تعرّف في صفاقس فالكل ينتمي اليها ولكن الهيئة الجديدة دارت حول الاذاعة فاتخذتها مقرا وموطنا. هذه اسماء عديدة من الاذاعة تحبس أنفاس عيد الثقافة في صفاقس و كأن المدينة لا تعرف ثقافة غير ما يرد عبر أمواج الأثير التي طلقت المجتمع منذ انبعاث الثورة لتنتصب صوتا لليسار المأدلج في هذه الربوع المحافظة. صفاقس تعج بالفنانين الموسيقيين والرسامين و النحاتين و أهل الأدب والشعر والقصة، أسماء عديدة غزت الشارع الثقافي الجهوي والوطني وحتى العالمي تستبعد اليوم من الهيئة و تصرف عن واقع الفعل الثقافي عنوة وكذلك تلاميذها الذين ظهرت لهم نتوءات بارزة في مجالات الثقافة و تخصصاتها. قد لا ينفع اللوم بعد انقضاء الأجل فهذه هيئة جديدة قد تحاول لملمة الملف و حفظ ماء وجه المدينة ولكن أين تقف السلطة الجهوية في هذا الميدان أتعاضد هذه الهيئة في التسريع بإعداد برنامج واقعي و متاح ثم تراقبها في الانجاز. أين تقف المندوبية الجهوية للثقافة؟ أتآزر هذه الهيئة ام تخالفها حتى تفشل كسابقتها لأسباب ظلت مجهولة لم تفصح عنها التصريحات. هل يمتد الفعل الثقافي الى الأحياء الشعبية و المعتمديات الداخلية لتشارك الجهة بأسرها في هذه المنشاط الثقافية أم ستبقى حكرا على الاذاعة وعلى جماعة نخبة "تحت السور" في الجهة؟ Publié le: 2016-05-06 19:30:58