خلال لقائه الحشاني/ سعيد يفجرها: "نحن مدعوون اليوم لاتخاذ قرارات مصيرية لا تحتمل التردّد"    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    طقس الخميس: سحب عابرة والحرارة تتراوح بين 18 و26 درجة    الإبقاء على الإعلامية خلود المبروك والممثل القانوني ل'إي أف أم'في حالة سراح    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    سعيد: لا أحد فوق القانون والذين يدّعون بأنهم ضحايا لغياب الحرية هم من أشدّ أعدائها    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشي
نشر في باب نات يوم 08 - 10 - 2016

كيفما اليوم 8 أكتوبر 1967 ألقت القوّات البوليفيّة والاستخبارات الأمريكيّة القبض على الثوري تشي غيفارا.
بقلم: مهدي الزغديدي
كيفما اليوم
لا يتوافق معه الليبراليون بسبب أفكاره الشيوعيّة، ولا يتفق مع المتدييون بسبب إلحاده، ولا تقبله الحكومات بسبب تحريضه للشعوب للثورة عليهم، وقد يختلف معه الثوريين لأنهم يرونه ثوري إلى حد التهوّر، لكنهم يتفقون كلّهم على أنه أحد أهم الشخصيّات العالميّة الأكثر تأثيرا في القرن العشرين، وأحد أشهر الثوريين في ذلك القرن على الإطلاق. هو الدكتور إرنستو إرنستيكو غيفارا دِلاسرنا والمشهور بارنستو تشي غيفارا. ولد في بيونس أيرس في الأرجنتين في 14 جوان 1924. كان مغرما بالرياضات والشطرنج والمطالعة. دخل غيفارا جامعة بوينس آيرس عام 1948 لدراسة الطب. وفي عام 1951، أخذ إجازة لمدة سنة للشروع في رحلة يعبر فيها أمريكا الجنوبية على دراجة نارية مع صديقه ألبيرتو غرانادو.
شعر غيفارا بالذهول لشدة فقر المناطق الريفية النائية، حيث يعمل الفلاحون في قطع صغيرة من الأراضي المملوكة من قبل الملاك الأثرياء. وصل غيفارا إلى استنتاج بأن أمريكا اللاتينية ليست مجموعة من الدول المنفصلة، ولكنها كيان واحد يتطلب إستراتيجية تحرير على نطاق القارة، والتخلّص من هيمنة الولايات المتحدة الأمريكيّة التي تنهب ثروات أمريكا الجنوبيّة مستغلّة انتشار الفقر. ورأى غيفارا أن العلاج الوحيد هو الثورة العالمية. استخدم غيفارا المذكرات التي اتخذها خلال هذه الرحلة لكتابة كتاب بعنوان يوميات دراجة نارية والذي أصبح أفضل كتاب مبيعا في أمريكا الجنوبيّة كما وصفته نيويورك تايم. أكمل دراسته وحصل على شهادة الطب في جوان 1953. انطلق غيفارا في رحلة جديدة ووصل إلى غواتيمالا ظل حكم الرئيس جاكوبو أربينز غوزمان الذي سانده في الإصلاحات الزاعيّة التي كان يقوم بها من أجل شعبه.
لكنّ الولايات المتحدة قامت بالإطاحة به، فتيقّن غيفارا أن محاربة الولايات المتحدة لا تتم إلا من خلال الكفاح المسلح الذي يدافع عنه الشعب المسلح والطريق الوحيد لتصحيح مثل هذه الظروف هي الماركسيّة وذلك بتعزيزها. فانتقل غيفارا الى مكسكو حيث كان الثورييون الكوبيين ينتظرون خروج زعيمهم فيدال كاسترو من السجن للقيام بثورتهم. تعرّف هناك على راؤول كاسترو شقيق فيدال (والرئيس الحالي لكوبا) الذي قرّبه إلى الزعامة الثوريّة بعد أن أثبت غيفارا تفوّقه العسكري في تدريبات حرب العصبات، وأصبح يعرف باسم تشي أي الرفيق. وبعد سيطرة فيدال كاسترو على الحكم اثر الاطاحة بالنظام الديكتاتوري المدعوم من الولايات المتحدة، تمت ترقية تشي وأصبح الرجل الثاني في القيادة بعد أن لعب دورا محوريا في نجاح حملة على مدار عامين من الحرب المسلحة التي أطاحت بنظام باتيستا. تحوّل غيفرا الى أهم رجال كوبا فقام بإصلاح نظام العدالة وأسس قوانين الإصلاح الزراعي عندما كان وزيرا للصناعة وعمل أيضا كرئيس ومدير للبنك الوطني ورئيس تنفيذى للقوات المسلحة الكوبية، كما جاب العالم كدبلوماسي باسم الاشتراكية الكوبية. كان تشي يؤمن بأن العمل التطوعي جزء لا يتجزأ من مواصلة تعزيز الشعور "بالوحدة الوطنية بين الفرد والجماعة"، لذى قام غيفارا بالقيادة وتقديم المثل، وهذا عن طريق العمل "إلى ما لا نهاية في وظيفته في الوزارة في مجال البناء وحتى قطع قصب السكر" في أيام عطلته، كان معروفا بالعمل 36 ساعة متواصله داعيا لاجتماعات بعد منتصف الليل وتناول الطعام بشكل عارض. لكنّ أغلب الإصلاحات الماركسيّة التي أراد تطبيقها انتهت بالفشل بعد أن ثبت فشل تطبيق أغلب النظريّات الإشتراكيّة. جاب تشي غيفار العالم من أجل دعم الدبلوماسيّة الاشتراكيّة الكوبيّة، ممّا جعل الولايات المتحدة تشعر بخطورته عليها. وفي ديسمبر 1964 تحدّى تشي غيفارا الولايات المتحدة، واتجه الى مدينة نيويورك على رأس الوفد الكوبي لإلقاء كلمة في الأمم المتحدة، وخلال كلمته الحماسية انتقد غيفارا عدم قدرة الأمم المتحدة لمواجهة السياسة "الوحشية ونظام الفصل العنصري" في جنوب أفريقيا وانتقد ساخطا اللإمبرياليّة العالميّة. ثمّ قام بجولة عالميّة استمرّت ثلاث أشهر زار فيها ايرلند والصين والاتحاد السوفيات والعديد من الدول الإفريقيّة كما زار مصر والجزائر أين كان آخر ظهور علني له. وفي مارس قل ظهور غيفارا في الحياة العامة ومن ثم اختفى تماما. كان مكان وجوده لغزا كبيرا في كوبا حيث كان ينظر إليه عادة باعتباره الرجل الثاني في السلطة بعد كاسترو نفسه. اختفائه نسب بأشكال مختلفة إلى فشل خطة التصنيع حين كان وزير الصناعة، وإلى الضغوط التي كانت تمارس على كاسترو من قبل المسؤولين السوفيتيين الرافضين لسياسة غيفارا. فقد اختلف تشي مع كاسترو بسبب اتكال الثورة الكوبية على الاتحاد السوفيتي، واستمر في ابتكار وسائل أخرى للحصول على التمويل وتوزيعه.كما كان يحتقر الوصوليين ومافيا الحزب الذين صعدوا على أكتاف الآخرين في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، وفي كوبا أيضا. وفي 3 أكتوبر كشف كاسترو عن رسالة غير مؤرخة منسوبة إلي غيفارا مرسلة من عدة أشهر: أشار فيها غيفارا من جديد إلى تضامنه الدائم مع الثورة الكوبية ولكنه أعلن عن نيته لمغادرة كوبا من أجل القتال من أجل القضايا الثورية في الخارج. إضافة إلى ذلك استقال غيفارا من جميع مناصبه في الحكومة والحزب وتخلى عن الجنسية الكوبية الفخرية.
وظلت تحركات جيفارا محاطة بالسرية للسنتين المقبلتين. قرر غيفارا المغامرة إلى أفريقيا في عام 1965 ليقدم علمه وخبرته بوصفه خبير في حرب العصابات إلى الصراع الجاري في الكونغو. كان هدف غيفارا هو تصدير الثورة عن طريق إيعاز القوى المحلية المعادية لموبوتو المقاتلين سيمبا عن الفكر الماركسي وإستراتيجيات نظرية فوكو عن حرب العصابات. خلص غيفارا إلى أن "العنصر البشري فشل. لا توجد إرادة للقتال، والقادة فاسدون، باختصار لم يكن هناك شيء يمكننى القيام به. بعد أسابيع قليلة، عند كتابة مقدمة لمذكراته عن مشروع الكونغو، بدأ كتابته: "هذا هو تاريخ الفشل."، وقرّر مغادرة إفريقيا. وفي ذلك الوقت كانت وكالة الإستخبارت الأمريكيّة تتعقّبه للتخلّص منه مخافة أن تنتشر أفكاره الثوريّة في العالم.
وصل غيفار سرّا إلى بوليفيا لتأجيج ثورة في بوليفيا لكن غيفارا كان غير قادر على اجتذاب أي من سكان المنطقة المحليين للانضمام إلى الميليشيا التابعة له خلال 11 شهرا التي حاول خلالها تجنيد المجندين. قرب نهاية المشروع اشتكى غيفارا في مذكراته أن "الفلاحين لا يقدمون لنا أي مساعدة ويتحولون إلى مخبرين." وفعلا فقد استطاعت القوّات البوليفيّة بالاستعانة بالمخابرات المركزيّة أن تتعرّف على مكان تشي، وفي مثل هذا اليوم 8 أكتوبر 1967 تمّ القاء القبض على تشي غيفارا من قبل الجيش البوليفي. وفي يوم 9 أكتوبر أمر الرئيس البوليفي رينيه باريينتوس بقتل غيفارا، فتمّ اطلاق النار عليه واخفاء الجثّة بعد أن تم بتر يده وارسالها الى الأرجنتين للتثبت من تطابق البصمات.
رغم وفاته، بقي فكر تشي غيفارا الثوري ساريا وتحوّل إلى رمز الشباب الثائر الطامح إلى التخلّص من سيطرة القوى العالميّة، وتحوّلت أيقونة تشي جيفارا إلى أكثر الصور المسلّعة والمتاجر بها، يمكنك أن تجدها على سلع كثيرة كالشارات، القمصان، الأعلام، السجاجيد، الملصقات، الأوشام وحتى على المايوهات، الصورة الأصلية تم التقاطها بواسطة ألبيرتو كوردا في حفل تأبيني، في ذلك الوقت طبعًا، كان الوحيد الذي أعجب بتلك اللقطة، لم يكن يعرف أنها ستحقق نجاحا ساحقا في السنين المقبلة. ولم تستطع الولايات المتحدة المتحدة نفسها منع الشباب الأمريكي من حمل صور تشي،بل إن رموز الماركات الإمبرياليّة التي حاربها تشي، أصبحت تستغلّ صورته للترويج لسلعها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.