خالد رحموني مهندس إحصاء و تحليل معلومات يقال أن الرسكلة تصلح بالفضلات و لا تصلح للأفكار. و نحن للأسف في تونس، نسعى صباحاً مساءً منذ 5 سنوات إلى رسكلة أفكار و مبادئ إقتصادية رثة لم تعد تصلح لحالنا الإقتصادي. بعد سماعنا عن الترفيع في الضرائب على الأجراء في الوظيفة العمومية و القطاع الخاص بنسب مهولة أمام الوضع الإقتصادي الراهن، سمعت هذا الصباح بأن الحكومة سوف تفرض ضريبة على التونسيين بالخارج كتقليد أعمى لما تفرضه الولاياتالمتحدة على ابنائها بالخارج، الأصل أن تقارن تونس نفسها بالنيجر أو إفريقيا الوسطى القريبة لنا في الوضعية الإقتصادية ، يعني حقا لم أعد أفهم ما هذا العجز عن التفاعل ما الواقع و مجابهة الحلول. بعد إفلاس الحوض المنجمي و إفلاس قطاع السياحة لم يعد إلا أن نقوم بإفلاس قطاع مهم يدر على الدولة بالعملة الصعبة و هو التونسيين بالخارج، هذا الإجراء الغير مدروس لن يشجع التونسيين بالخارج على دفع الضرائب بل سوف يزيد من نفرتهم و إبعاد أموالهم عن البلاد. الدولة تطلب من من المواطنين دفع ثمن الإقتصاد الموازي 51% من الإقتصاد الوطني، الدولة تجبر الناس عن دفع سوء تصرفها في الثروة الوطنية، الدولة لم تعد الحامي أو الموفر لقطاع الخدمات بل أصبحت الناهب السالب للشعب. فما الحل ؟ الحل في تغيير العقلية الحاكمة و المسؤولين عن الجانب الإقتصادي و ذلك بالقيام بما يلي : الإقتصاد الموازي : كل مواطن تونسي يقوم بتجارة في أي ميدان يجب أن يدفع الضرائب ، حتى و لو كان تاجر بنزين أو مهرب سلع أو بائع دخان مهرب، نعم بدون إستثناء ما لم يتاجر بالسلاح أو المخدرات ،مقاومة التهريب لا يكون إلا بمقاومة الحيتان الكبيرة، أما سمك السردين يجب أن يدفع الضرائب. التقليص من الضرائب على الأفراد إلى حدود 20% في الوقت الحالي و إلى حدود 10% بداية من 2020 : حالياً يدفع المواطن التونسي الأجير حوالي 30% من راتبه إلى الدولة و هاته النسبة تشكل عائقا أمام هاته الفئة لدمجها في الحياة الإقتصادية و جعلها مصدر إستثمار و إستهلاك ، لا مصدر إستهلاك فقط، و نسبة 20 % فقط هي مبنية على فرضية أن تستطيع الدولة دمج نصف السوق الموازية في الإقتصاد الوطني. الإستثمار الإجباري: بعد التنزيل في قيمة الضرائب إلى 20% بعدما كانت 30% نقترح أن تجبر الدولة كل شخص قادر على دفع الضرائب أن يقوم بإستثمار إجباري بمبلغ يعادل 5% من دخله السنوي الخام، هذا الإجراء سوف يدمج المواطن من الطبقة الوسطى إلى الإنخراط تدريجيا في الحياة الإقتصادية بمتابعته المشاريع التي يجب أن يستثمر فيها ، هاته التجربة إضافة عن جعلها مصدراً لتوفير السيولة في البلاد فهي تهدف إلى إعداد مستثمرين جدد في المستقبل البورصات الجهوية: نقترح أيضاً التشجيع على الإستثمار الجهوي و ذلك بإتباع منوال إقتصاد الطبقة الوسطى الذي طورناه و تكلمنا عن اهدافه في مقالات فارطة، و لنجاح هذا المنوال وجب التشجيع على الإدخار الجماعي بهدف الإستثمار في مشاريع على المدى المتوسط و البعيد ، و لذلك ننصح أن تقيم الدولة في كل جهة بورصة إقتصاد الطبقة الوسطى و التي تختلف جوهرياً عن البورصة التقليدية و ذلك بهدف تقريب المستثمرين من أصحاب الأفكار، جعل الطبقة الوسطى مصدراً أساسياً للإستثمار ، و لضمان مصداقية المشاريع يجب على الدولة أن تقوم بدور الحكم بين المستثمر و صاحب المشروع و ذلك بدخولها بنسبة 20% في كل مشروع يتم اقتراحه داخل سوق البورصة بورصة التونسيين بالخارج: عوض على فرض ضريبة عليهم لن تستنفع الدولة منها ، نقترح أن تقوم الدولة بطرح مشاريع كبرى في هاته البورصة بهدف تمويلها بأموال التونسيين بالخارج عوض عن الإقتراض و رهن ملعب رادس ، و لتشجيع التونسيين على الإستثمار نقترح أن يكون هناك تحفيز من خلال قيمة صرف الدينار يعني أن قيمة صرف اليورو الى الدينار حالياً تعادل 2.4 فنقترح مثلاً أن المستثمرين في البورصة لهم إمتياز تحويل العملة يصل إلى 3 نقاط عوض عن 2.4 نقاط ، و هذا الإجراء سوف يكون حافزاً لجلب المستثمر التونسي و لن يؤثر على القروض التونسية من البنوك العالمية أو على الواردات بالعملة الصعبة أو على نسبة الفائدة . قانون الشراكة بين القطاع العام و الخاص: على الدولة أن تفعل هذا القانون المهم بطرح مشاريع ذات صبغة ربحية عالية على رجال الأعمال، و خاصةً يمكن تفويت كل ما هو تصرف للقطاع الخاص ، و أن تحتكر فقط جانب الإنتاج أو النقل ، أما التسويق و التصرف فيجب أن يترك للقطاع الخاص ، هذا سوف يمكن الدولة من تجنب المواجهة مع النقابات مع ضمان نصيب قار من الربح ، و يمكن تفعيل هذا المقترح بتطبيقه على شركة الكهرباء و الغاز و شركات النقل و شركات فسفات قفصة . البحث عن سوق إستهلاكية ضخمة و دائمة: للأسف من بين العوائق التي يعاني منها الإقتصاد هي صغار السوق التونسية فنحن منذ سنوات لم نتجاوز 11 مليون ساكن و هذا العدد قليل جداً لتأسيس شركات منتجة قادرة على المنافسة عالميا و لذلك وجب التفكير بجدية بالبحث عن سوق أكبر، و هذا الحل لا يمكن أن يكون إلا من خلال إتحاد المغرب الكبير ، لا مفر لهاته البلدان إلا أن تتحد على الأقل إقتصادياً و ذلك تمهيداً إلا إقتحام سوق واعدة و هي السوق الإفريقية ، يمكن في البداية تركيز البنك المغاربي و الذي يجب أن تكون له فروع في كل بلدان الإتحاد بهدف تسهيل عمليات التداول و تسهيل عمليات تنقل المستثمرين، كما وجب السعي إلى الفتح الكامل للسوق التونسية أمام السلع المصنعة في بلدان الإتحاد، أعتقد أن هذا التمشي أولى من أن نتجه إلى فتح السوق أمام الإتحاد الأوروبي ، هاته بعض الخطوات العاجلة التي يمكن تحلحل الوضع ، و يمكن بإقتراح هاته الحلول على الشقيقة الجزائر كخطوة أولى . جعل المنافسة المعيار الوحيد للبقاء في السوق : اني لا أجد معناً لدفع الدولة لعجز بعض الشركات أو البنوك و التي تعاني من تدهور منذ سنين عديدة جراء الفساد و سوء التصرف ، هاته الأموال التي تدفع مكانها الصحيح خدمة المواطن و تشغيل الشباب و ليس حماية الفاسدين ، و لذلك فإني اقترح أن ترفع الدولة يدها عن هاته الشركات و أن تتركها لمصيرها ، و يجب أن يقتصر دعم الدولة فقط للشركات الواعدة المستثمرة في القطاعات الجديدة و التي نخشى عليها من العمالقة الأجانب . توجيه إستثمار الدولة: لم يعد ممكناً للدولة أن تستثمر في مشاريع يمكن للقطاع الخاص القيام بها بل يمكنه أن يكون مصدر تطوير و إنتاج، لذلك وجب على الدولة أن توجه مشاريعها إلى القطاعات الواعدة و الجديدة ذات تكنولوجيا عالية لتمكين القطاع الخاص فيما بعد بفهمها و استيعابها ، و هاته التجربة اعتمدت في ألمانيا الحديثة و ها نحن نرى اليوم نتائجها ، فلا أجد معناً لأن تكون الدولة مسؤلاً عن تجميع الحليب و تسمين الأبقار ، و انما الأصل أن تكون مسؤلاً عن إنشاع قطار الأنفاق أو المحطات النووية. ختاماً هاته بعض الأفكار التي أرى أنها من الممكن أن تكون مصدراً لتغيير الوضع الإقتصادي الحالي