إذا صادف وأن دخلت أحد البنوك أو البريد التونسي أو مقر بورصة تونس تعترضك أعمدة بها أرقام مختلفة تعرف على أنها أرقام متعلقة بالبورصة أي بورصة الاوراق المالية وبأسعار الاسهم المتداولة . هذه الأعمدة نراها يوميّا في معاملاتنا مع هذه المؤسسات خاصة البنوك أو مختلف فروع البريد ولكن درايتنا بها تظل محدودة وفهمنا لها يشوبه الغموض. ولئن تبدو البورصة للوهلة الاولى مجالا مخصصا لشريحة معيّنة من ذوي الخبرة أوأصحاب رؤوس الاموال الكبيرة الراغبين في الاستثمار في البورصة فإن الامر تغيّر اليوم إذ أصبحت البورصة في متناول الجميع مع توفّر فرص مغرية لإستثمار المدخرات كل حسب إمكانياته. مفهوم البورصة بورصة الاوراق المالية هي المكان الذي يتّم فيه تبادل أدوات مالية مختلفة ومن أهمها الاسهم والسندات وهي نفس المكان الذي يوفّر التمويل للمؤسسات ويمكن من توظيف الادخار للمستثمرين وتؤدي البورصة دورا أساسيا في تمويل الاقتصاد فمن خلال البورصة يجد المؤسسات الموارد المكمّلة لطرق التمويل التقليدية (التمويل الذاتي، القروض البنكية) واللازمة لنموها كما يجد المستثمرون الوسائل لتدعيم ادخارهم بتحوّلهم الى شركاء بتلك المؤسسات باقتناء الاسهم وتتولى بورصة الاوراق المالية بتونس تسيير سوق الاوراق المالية ويخضع سير أعمال البورصة الى إطار قانوني تسهر على مراقبة حسن تطبيقه هيئة السوق المالية . حاجيات مالية وبصورة مبسّطة فإن حاجة الشركات للدخول الى البورصة نابعة من رغبتها في توفير الحاجيات المالية اللازمة لتحقيق الاستثمارات وكذلك الافراد الذين يرغبون في توظيف ادخار موجود لديهم في البورصة وقد أنشأت الدولة سوقا أولية تلتقي فيها الشركات التي لها حاجيات مالية والافراد أو الشركات الراغبين في توظيف مدخراتهم وتتّم عمليات التمويل بطريقتين إمّا أن تدعّم الشركات رأس مالها من خلال دخول الاشخاص كمساهمين في الشركة وذلك بدخولهم في رأس المال وبالتالي سيتحصلون مقابل الاموال التي أعطوها على أسهم تثبت ملكيتهم لحصص في هذه الشركة ومن خلال هذه الحصص يصبح بإمكانهم الحصول على جزء من الارباح التي تحققها الشركة وفي حالة الخسارة فهم يتحملون هذه الخسارة معها. أمّا الطريقة الثانية لتمويل الشركات فهي طريقة القروض الرقاعية وهي اللجوء الى التداين عن طريق السوق عوضا عن البنوك وينتج عن هذه العملية إصدار ما يسمّى بالرقاع وهي الأموال التي أعطاها الشخص للشركة ليستفيد من مردوديتها من خلال نسبة فائدة. وترتط السوق الاولية بسوق اخرى وهي السوق الثانوية أي البورصة والتي يتّم فيها تبادل الاوراق المالية من أسهم ورقاع تمّ إصدارها في السوق الاولى حسب قاعدة العرض والطلب التي يتحدّد من خلالها سعر الاسهم ومن خلال عملية تبادل هذه الاسهم يمكن استرجاع الاستثمار الاصلي الذي قام به المستثمر في السوق الاولية مع إمكانية تحقيق أرباح أو خسارة. الإدراج بالبورصة الهدف الرئيسي لأي مؤسسة أي كان القطاع الذي تنشط فيه هو تنمية ثرواتها والإدراج في البورصة هو فرصة حقيقية لأصحاب الشركات لتحقيق هذا الهدف ويمكن للشركات الإدراج بالبورصة ولكن وفق شروط مضبوطة لا بدّ من توفرها في هذه الشركات حتى تدرج أسهمها في البورصة ويتم تسعيرها وطرحها للبيع والشراء وهذه الشروط هي أقدمية الشركة ورأس المال الذي لا يقل عن 3 مليارات أي أن البورصة مفتوحة خاصة للشركات الكبرى. ومن بين الشروط أيضا أن تكون الشركة رابحة وأن تستظهر بموازنتين على الاقل وخاصة الموازانات الاخيرة التي يجب أن تكون رابحة الى جانب شرط الشفافية ووجود هيكلة منظمة ولجان تدقيق صلب هذه الشركة. المؤسسات الصغرى والاشخاص الطبيعيون وتضّم السوق الثانوية فضلا عن السوق الموجهة للشركات الكبرى سوقا اخرى تسمى السوق البديلة وهي سوق خاصة بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة والشركات التي لها آفاق واعدة ورأس المال يعتمد فيها أقل من 3 مليارات ومن خلال هذه السوق يمكن للأشخاص الطبيعيين الدخول الى البورصة والحصول على أسهم من خلال مساهمة في رأس المال حسب امكانياتهم وكذلك بالنسبة للاشخاص الطبيعيين وبالتالي فإن البورصة مفتوحة للمواطن العادي دون أيّة قيود علما وأن الارباح التي يجنيها المستثمر من البورصة غير خاضعة للضريبة وأن أسعار الأسهم تتأثر بعديد العوامل منها ما هو متعلق بالشركة أي مردوديتها ووضعيتها المالية وأرباحها وكذلك بعوامل خارجية مثل الازمة المالية العالمية أو أزمة يشهدها قطاع معيّن. وفي إطار آخر يمكن للمستثمر سواء كان شخص طبيعي أو معنوي الانتفاع من حسابات الادخار في الاسهم وهي موجهة للأجراء وأصحاب المهن الحرّة على أن يتم تجميد الاموال لمدة 5 سنوات بعد اقتناء الاسهم وهي عملية تخوّل ادخار مبلغا معيّنا مع ربح أموال من عملية الادخار أي أن المستثمر يمكنه الانتفاع من فوائد هذه الاسهم دون سحبها لمدة 5 سنوات. جهاز رقابي والملاحظ أن المستثمر لا يمكنه المرور مباشرة الى عملية التبادل إذ يمّر عن طريق وسيط معترف به في السوق العالمية وهو جهاز رقابي تابع للدولة لمراقبة السوق ومنع التجاوزات ويمكن أن يكون الوسيط شركة تعهد إليها عمليات البيع والشراء لفائدة الحرفاء مقابل عمولة يحددها القانون إضافة الى مهام أخرى مثل إدراج شركات بالبورصة أو تقييم أصول الشركات في إطار الادراج أو التدخل في إعادة بيع الشركات بإقناع الحرفاء بالدخول في البورصة.