نصرالدين السويلمي بعد تدعيم البعد القومي بالبعد الديني وتحميته بالبعد المذهبي ، بات من المؤكد ان طموح الملالي تجاوز طموح كسرى ، واصبحت الدولة المزودة بثقل سياسي في طهران وثقل مذهبي ديني في قم غير قانعة بدولة المناذرة ، فقد تجاوز طموحها الى ضم دولة الغساسنة، بذلك تكون فارس قد كسرت شوكة العرب واخزتهم في كيانيهما القديمين "قبل الاسلام" ، ليس ذلك فحسب فهي على وشك الاستحواذ النهائي على لبنان كبديل تاريخي عن البيزنطيين ، كما توجهت نحو اليمن لإحياء عرقها الساساني ! هكذا تكون ايران قد عوضت جميع الامم التي هيمنت على الرقعة العربية ما قبل الاسلام ، فقد استرجعت سطوتها على العراق وحلت في سوريا محل الروم وفي لبنان محل البيزنطيين وفي اليمن محل عرقها الساساني . وكتكملة لمشروع استرجاع المجد الفارسي وتوسعته ، اقدمت ايران على تنفيذ ثاني التحاماتها المباشرة مع الامة العربية حين اجتاحت حلب تحت غطاء الطيران الروسي ، ورغم انها قامت بالعديد من العمليات الدامية الاخرى الا ان مجزرة حلب تعتبر بمثابة الالتحام الثاني من حيث الحجم بعد التحامها مع الامة على الجبهة العراقية اين اندحرت طوال حرب الخليج الاولى و فشلت على مدى السنوات الثماني في التمدد داخل العراق باستعمال المراقد ككاسحات والمذهب كجرافة لتثبيت العنصر واعادة مجد الامبراطورية الفارسية انطلاقا من بوابة بلاد الرافدين التي جعل منها سعد ابن ابي وقاص منطلقا له نحو المدائن .. نحو الايوان . فشل الجيش الفارسي في اجتياح العراق رغم حملاته التي سيرها تباعا وقوامها مئات الآلاف ، لكن ايران نجحت في اعادة استحضار التاريخ الفارسي الحافل بالمناورات والدهاء ، حين نشطت الانقلاب من الداخل العراقي وحركت دهاقنتها في تناغم وتقاطع وتلاقح مع القوى العالمية التي باشرت هجومها برا وبحرا وجوا ، لم تكن خطة ايران "اليوم"التي اعتمدت على المذهب لظرب وحدة عراق "اليوم" الا عملية استنساخ حرفية لخطة ايران الامس التي اعتمدت على الدهاقنة لظرب وحدة عراق "الامس" ، تلك حكاية قديمة جديدة ، وهي ايضا سلوكات ضاربة في عمق العقل الفارسي ، وحين نستذكر ما فعله رستم قبل مئات السنين سنقف على حقيقة المشهد اليوم : " شرَع رستم في إعداد خطَّة عسكرية لضرْب الوجود الإسلامي في العراق، تقوم على الاتصال بالدهاقين وأهل السواد، وتشجيعهم على التمرُّد والعِصيان، فاضطربتِ الأوضاع العامَّة في الحيرة، وغيرها من المناطق التي فتَحَها خالدٌ والمثنَّى؛ وذلك استجابةً لدعوة "رستم" من تاريخ الفتوحات الإسلامية - . نجحت اذا ايران في اخضاع العراق وحولته من دولة رائدة الى خاصرة عميقة تخزن فيها ذخيرتها المذهبية وتشحذها للوثبة القادمة ، ثم هاهي تجْهز على حلب ضمن مفارقة عجيبة قد يفشل ارباب التحليل في تفكيكها ، كيف لا وهي التي سيطرت على العراق تحت غطاء الطيران الامريكي و استقدمت بعض وكلائها على متن مصفحات المارينز ، ثم هاهي اليوم تجتاح حلب تحت غطاء الطيران الروسي ! تسلمت بالأمس مفاتيح العراق من واشنطن واليوم تتسلم مفاتيح سوريا من موسكو !! تفعل ذلك بينما حوزتها الكبرى تصرخ بالليل والنهار تذكر الامة الاسلامية ان جيوش الولي الفقيه ستسحق الشيطان الأكبر وتدك معاقل الالحاد . سيزيد الوضع تعقيدا ويصعب حل المعادلة حين تعاودنا صورة بعض الشباب الايراني وهم يرقصون على نغمة ال"هابان" في العاصمة طهران ليلة سقوط بغداد ، كان ذلك بالتزامن مع امريكيين يرقصون في شوارع واشنطن ابتهاجا بسقوط العاصمة الابية ، حين سقطت بغداد رقص الحلفاء في بلدانهم ، اما حين سقطت حلب وغمرت شوارعها الدماء اختار الحليف الروسي الرقص مع حليفه الايراني ، رقص الجنود فوفوتشكا ومخييف ودمتري وماسكيف جنبا الى جنب مع ارشک و اپرويز واتابک و اورنگ ، رقصوا ليس بعيدا عن جماجم سمية وليلى وباسم وأحمد . على وقع المذابح التي يرتكبها الدب الروسي والثعبان الفارسي في حلب ، اختار قطيع الذل وقوافل العبودية في تونس ممارسة ابشع انواع الفرح واكثره وقاحة ومجلبة للعار، يبتهجون بوقوع ماجدات حلب بين فكي ديمتري الذي وضع لتوه برميل الفوتكا في احشائه ، و ارشک الذي تمتع بسلمى الحلبية ذات 15 ربيعا بينما ذراعها مقطوعة واجهزتها الصغيرة تنزف بغزارة ، هذه الاوبئة المتونسة ، هؤلاء " بردگان و خدمتکاران فرانسه" ، ابتلانا بهم الله نتيجة تقصيرنا في تثبيت عرى الثورة ومن ثم كنسهم ، هذه الآفات ما زالت تتفنن في التخلص من جينات الآدمية وهي ماضية الى حد التخلص من الجينات الحيوانية ، وعندما يتخلص هؤلاء الاوباش من شبهة الدواب بعدما تخلصوا من شبهة البشرية ، حينها ستبقى لحومهم المحشوة بالحقد الكارهة للحياة التواقة للدم ، ستبقى اواني خصبة لجينات الشيطان الرجيم.