كل من تابع أخبار حرب الخليج الثالثة التي أندلعت قبل نحو ثلاثة اسابيع لاحظ الظهور اليومي لوزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف أمام وسائل الإعلام العربية والعالمية والإدلاء بأخر التطورات. وأصبح الصحاف بزيه العسكري وابتسامته شخصية تلفزيونية بارزة وهو يدلي بافادته الصحفية اليومية مندداً بالاميركيين "العلوج" ونافياً في أغلب الاوقات ما رآه ملايين الناس في أنحاء العالم على شاشات التلفزيون. ولكن قبول دخول القوات الاميركية لبغداد قبل نحو إسبوع اختفى محمد وكأن الارض قد بلعته. ولكن الكثير من الناس أعربوا عن إشتياقهم لمحمد سعيد الصحاف ولأسلوبه المرح في تحويل الهزائم الى انتصارات، فقام المدمنون منهم على التحاور في ( غرف الدردشات) بالانترنت وحولوه الى نجم عالمي، الى درجة أن معظمهم بات يقلق على مصيره ويتمنى بقاءه حيا، بل قام عدد منهم بتخصيص مواقع على شبكة المعلومات الدولية تدافع عن الصحاف وتطالب بألا يكون ضمن 55 مسؤولا عراقيا موضوعين على لائحة الاعتقال أو القتل الأميركية، عبر التذكير بمرحه وتصريحاته اليومية عن الحرب في العراق. ويعبر أحد المواقع عن "ائتلاف من الصقور المتعطشين للدماء والحمائم الفاشلين" ممن جمعت بينهم شخصية الصحاف وتصريحاته، ومنها ما يبرزه الموقع أكثر من سواه، كتصريح قال فيه " وقد أصبحت القوات الأميركية على بعد 5 كيلومترات من وسط العاصمة العراقية ... أقول لكم الآن انكم بعيدون كل البعد عن الحقيقة، فلا وجود للعلوج الأميركان في بغداد على الاطلاق" وفقا لما ذكره كيران مولفاني الذي أنشأ الموقع في 3 أيام . ويشهد الموقع اقبالا كبيرا من مستخدمي الانترنت بالآلاف كل يوم. واضاف كيران مولفاني وهو كاتب يقيم في الاسكا انه تلقى طوفانا من الرسائل تطلب اجراء مقابلة معه من شبكات مثل " سي.إن.إن" و"بي.بي.سي"، كما تلقى طلبات برعاية الموقع الذي بدأ دعابة بينه وبين أصدقائه. وأصبح الصحاف أيضا نجم مقارنات متنوعة، فعدد من الرسائل التي نشرها أحد المواقع على الانترنت اقترح مثلا اعتماد" طريقة الوزير العراقي السابق في بث المرح وسط المآسي كأسلوب يجب علينا اعتماده متى تعرضنا لمشاكل". وكتب آخر رسالة موجهة الى الصحاف نفسه، وقال فيها " أتمنى لك أيها الوزير أن تكون حيا الآن، وأن تتمكن من مطالعةما نكتبه اليك.. أخبرك بأننا سنقوم حملة عالمية لانقاذك من لائحة المطالبة باعتقالك أو قتلك، فقد كنت المسلي الوحيد لنا في هذه الحرب القذرة". وآخر من طوكيو بث عبر أحد المواقع على الانترنت رسما للصحاف وهو يتزوج من شابة عمرها 18 سنة ويهمس في أذنيها ويقول " كذبت عليك أمس وأريد أن أعترف الآن، فعمري ليس 32 سنة كما ذكرت لك في السابق، بل 34.. فهل تسامحينني"؟. ولد محمد سعيد الصحاف في بلدة الحلة بالقرب من مدينة كربلاء التي قضى فيها طفولته وشبابه قبل ان يلتحق بالجامعة لدراسة الصحافة. وعمل الصحاف بعد تخرجه مدرسا للغة الانجليزية وانضم لحزب البعث عام 1963 واستمر يعمل بالتدريس حتى وقوع انقلاب تموز/ يوليو1968. وشغل الصحاف عدة مناصب بعد ذلك أبرزها مدير الاذاعة العراقية فسفير للعراق في بورما فالسويد ثم مندوبا لبلاده في الأممالمتحدة. وفي عام 1992 ثم عين الصحاف وزيرا للخارجية في المرحلة التي تلت غزو الكويت وحرب الخليج الثانية والتي شهدت فرض عقوبات دولية على العراق. وتم نقل الصحاف من منصب وزير الخارجية لوزارة الاعلام في نيسان /ابريل عام 2001 بعد وقت قصير من انعقاد القمة العربية بالقاهرة. وقد تضاربت الآراء بشأن تفسير هذه الخطوة فقد سبق هذه النقلة تصريحات تداولتها الصحف بأن الصحاف لم ينجح في اظهار نفسه بالقمة كشخص يستطيع اتخاذ قرارات في موقع الحدث. ولكن مراقبين آخرين يقولون إن عدي النجل الأكبر لصدام حسين اجبره على ترك هذا المنصب بعد ان اتهم الوفد العراقي المشارك في القمة بأنه فشل في حشد مؤقف عربي مناهض لاستمرار العقوبات الدولية على العراق. وأخيرا والسؤال الذي لا بد منه : أين اختفى محمد وقيادي النظام العراقي ، وهل يجد العراقيون بديلا "للمنكر" الدولي" ؟