- يعتبر البعض أن التنقيحات المدخلة على القانون الأساسي المتعلق بالإنتخابات والإستفتاء، لا يساهم في صعود الكفاءات المستقلة، لاسيما فيما يتعلق بمسائل تمويل الحملة الإنتخابية ونظام الإقتراع . "وتعد مسألة التمويل من أبرز العوائق التي يواجهها المترشحون المستقلون"، حسب أنوار منصري عضو "رابطة الناخبات التونسيات" وجمعية "تالة المتضامنة"، التي ترى أن القائمات الحزبية خلافا للقائمات المستقلة لا تواجه مشاكل مالية، باعتبارها تتمتع بدعم وتمويل من موارد أحزابها، ملاحظة أن العديد من الكفاءات الشابة من تالة، والتي ترغب في الترشح للإنتخابات تواجه بالفعل معضلة التمويل. إشكال التمويل ويشاطر جوهر بن مبارك أستاذ القانون الدستوري ورئيس شبكة "دستورنا" هذا الرأي، حيث يعتبر أن النظام الانتخابي كما يحدده القانون المنقح، يقلص في حظوظ المستقلين وذلك لأسباب عدة، وأولها المسألة المالية. وأوضح في هذا الصدد، أن قائمات المستقلين مطالبة بتوفير تمويلها الذاتي، ولا يمكنها استرجاع هذه المصاريف، بعد التصريح بالنتائج، سوى في حال حصولها على 3 بالمائة من أصوات الناخبين، وهو ما اعتبره أمرا لا يمكن تحقيقه بسهولة، خاصة في الدوائر الانتخابية الكبرى التي تستوجب تسخير وسائل مالية ولوجستية هامة. وينص الفصل 78 جديد من النص المنقح للقانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، على أن "تصرف لكل مترشح أو قائمة مترشحة، تحصلت على ما لا يقل عن 3 %من الأصوات المصرح بها بالدائرة الانتخابية، منحة عمومية تقديرية بعنوان استرجاع مصاريف انتخابية، وذلك بعد الإعلان عن النتائج النهائية للإنتخابات". وخلال انتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011، تلقى المترشحون تمويلا عموميا قبل بداية الحملة الانتخابية، وتمت مطالبة من تحصلوا على أقل من 3 بالمائة من أصوات الناخبين بإرجاع الأموال للدولة بعد الإعلان عن النتائج النهائية. أما في الانتخابات التشريعية لسنة 2014 ، فقد تلقى المترشحون جزءا من المنحة العمومية قبل الانتخابات، والبقية بعد الاعلان عن النتائج. نظام اقتراع يخدم الأحزاب الكبرى وإلى جانب معضلة التمويل، ينظاف نظام الانتخاب الذي يفضي بدوره، حسب جوهر بن مبارك، إلى نفس سيناريو الانتخابات التشريعية لسنة 2014، وهو تسهيل صعود الأحزاب الكبرى بصفة كبيرة، على غرار حركة النهضة وحركة نداء تونس. واعتبر أن نظام الاقتراع، رغم إعتماده على قاعدة النسبية إلا أنه يخدم الأحزاب الأكثر هيكلة وقدرة على توفير الموارد المالية واللوجستية، وسيمكن بالتالي من صعود الأحزاب الكبرى بدرجة أولى، وسيتيح للأحزاب الصغيرة والمتوسطة الحصول على بعض المقاعد فقط، في حين أن المستقلين سيكونون، حسب تقديره، في المرتبة الثالثة وسيكونون الأقل حظا في الحصول على مقاعد. وأوضح أن تطبيق قاعدة الأخذ بأكبر البقايا وربطها بالحصول على نسبة 3 بالمائة على الأقل من الأصوات المصرح بها في الدائرة الانتخابية، سيزيد في تقليص فرص الكفاءات المستقلة للوصول إلى المجالس البلدية، مبينا أنه في بعض الدوائر الانتخابية الكبرى على غرار تونس، والتي تضم أكثر من 500 ألف ساكن، سيكون تكوين قائمات للمستقلين أمرا شبه مستحيل. وينص القانون الانتخابي، على أن القائمات الانتخابية التي لا تتحصل على الأقل على نسبة 3 بالمائة من أصوات الناخبين على مستوى الدائرة الانتخابية، لا تحتسب عند توزيع المقاعد. وبخصوص هذه المسألة، لاحظت أنوار منصري أنه في حال تطبيق قاعدة الأخذ بأكبر البقايا، فإنه يتم فقط إعتبار القائمات الإنتخابية التي تحصلت على أكثر من 3 بالمائة، مضيفة قولها "إن هذا الشرط تم إقراره في القانون الإنتخابي لسنة 2017 لتجنب تشتت الأصوات، إلا أنه لا يخدم مصلحة المستقلين". وينص القانون الانتخابي في الفصل 117 خامسا على أن "يجرى التصويت على القائمات في دورة واحدة، ويتم توزيع المقاعد في مستوى الدوائر على أساس التمثيل النسبي مع الأخذ بأكبر البقايا". وإذا ترشحت على مستوى الدائرة أكثر من قائمة، يتم في مرحلة أولى توزيع المقاعد على أساس الحاصل الانتخابي، الذي يتم تحديده بقسمة عدد الأصوات المصرح بها على عدد المقاعد المخصصة للدائرة. ويتم ضبط عدد أعضاء المجالس البلدية، اعتمادا على عدد سكان البلديات، وفقا لآخر الإحصائيات الرسمية للتعداد السكاني، أي 12 عضوا بالدوائر الصغيرة التي تعد أقل من 10 آلاف ساكن، لتصل إلى 62 عضوا بالدوائر الانتخابية الكبرى التي تعد أكثر من 500 ألف ساكن. وفي جانب آخر، إعتبرت أنوار منصري أن التحاق مستقلين بقائمات حزبية لا يؤثر على وضعيتهم كمستقلين، باعتبار أن هذه الكفاءات المستقلة قد تلقت ما يكفي من التكوين حتى تحافظ على حيادها ولا تنحاز لتوجهات ومصالح الأحزاب السياسية . وحسب منصري، فإن بإمكان المستقلين مساعدة الأحزاب السياسية على مزيد الاقتراب من المواطنين، مؤكدة أن الانتخابات البلدية هي بالأساس "انتخابات قرب" يضطلع فيها للمواطن بدور رئيسي. وذكرت في هذا الصدد، بقرار حركة النهضة بأن تضم قائماتها الانتخابية مناصفة مرشحين من منظوريها ومن المستقلين. يشار إلى أنه رغم الجدل القائم حول موعد عقد الانتخابات البلدية يوم 17 ديسمبر القادم، فإن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تؤكد استعداد البلاد لخوض هذه الاستحقاقات في المواعيد المحددة.