وزارة الفلاحة: رغم تسجيل عجز مائي.. وضعية السدود أفضل من العام الفارط    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    زلزال بقوة 4.5 درجة يضرب تركيا    كأس تونس: تشكيلة النادي الصفاقسي في مواجهة مستقبل المرسى    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. بحثا عن تعبيد الطريق إلى النهائي    توزر: حجز كمية كبيرة من المخدرات لدى بائع خمور خلسة    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    رئيس الدولة يشرف على افتتاح معرض تونس الدّولي للكتاب    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني عن عمر 81 عاما    الخارجية: نتابع عن كثب الوضع الصحي للفنان الهادي ولد باب الله    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 19 افريل 2024    عاجل/ مسؤول إسرائيلي يؤكد استهداف قاعدة بأصفهان..ومهاجمة 9 أهداف تابعة للحرس الثوري الايراني..    استثمارات متوقعة بملياري دينار.. المنطقة الحرة ببن قردان مشروع واعد للتنمية    الافراج عن كاتب عام نقابة تونس للطرقات السيارة    كأس تونس لكرة السلة: إتحاد الانصار والملعب النابلي إلى ربع النهائي    نقابة الثانوي: محاولة طعن الأستاذ تسبّبت له في ضغط الدم والسكّري    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    رفعَ ارباحه ب 43%: بنك الوفاق الدولي يحقق أعلى مردود في القطاع المصرفي    معرض تونس الدولي للكتاب يفتح أبوابه اليوم    ثبَتَ سعر الفائدة الرئيسي.. البنك المركزي الصيني يحافظ على توازن السوق النقدية    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    وزيرة التربية تتعهد بإنتداب الأساتذة النواب    برج السدرية: انزلاق حافلة تقل سياحا من جنسيات مختلفة    غوغل تسرح 28 موظفا احتجّوا على عقد مع الكيان الصهيوني    عاجل/ بعد منع عائلات الموقوفين من الوصول الى المرناقية: دليلة مصدق تفجرها..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..سحب كثيفة مع الأمطار..    طيران الإمارات تعلق إنجاز إجراءات السفر للرحلات عبر دبي..    عاجل : هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    سلطنة عمان: ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيء إلى 21 حالة    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    بورصة تونس: "توننداكس" يقفل حصة الخميس على استقرار    عاجل/ هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين: اللّيلة تنقضي مدّة الإيقاف التحفّظي    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    أنس جابر خارج دورة شتوتغارت للتنس    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    ارتفاع نوايا الاستثمار المصرح بها خلال الثلاثية الأولى من السنة الحالية ب6.9 %    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    انخفاض متوسط هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمائة خلال شهر فيفري 2024    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    عاجل : نفاد تذاكر مباراة الترجي وماميلودي صانداونز    هام/ تطوّرات حالة الطقس خلال الأيام القادمة..#خبر_عاجل    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خليج المنستير: في غياب الحلول العاجلة والمواقف الحازمة الخسائر البيئية والاقتصادية تتفاقم والوضع يزداد تعقيدا يوما بعد يوم
نشر في باب نات يوم 22 - 12 - 2017

- تحقيق استقصائي من إعداد منية تريمش - موج أسود اللون يلفظه البحر نحو شاطئ لمطة التي تبعد حوالي 15 كلم عن مدينة المنستير، إلى حد أنه يخيّل إليك، للوهلة الاولى، عند زيارة المكان أنه حدث تسرب نفطي من إحدى ناقلات النفط الذي ربّما كنت شاهدته أو سمعت عنه في نشرات الأخبار ولم تتوقع يوما أن ترى مثله في سواحل خضرائنا الجميلة. قوة الرائحة الكريهة التي ترافق كلّ حركة من حركات الأمواج الصغيرة سرعان ما تلسع أنفك وتشعرك بالغثيان. وتنتبه: أنّك قبالة بحر يلفظ مياها شبيهة بمياه البلوعات.
اختلطت على الشاطئ مياه البحر السوداء بفضلات البناء والأشجار والخردة والقمامة بأنواعها بما في ذلك فضلات محلات الجزارة، في مشهد ينذر بحدوث كارثة بيئية خطيرة حيث يتواصل منذ سنوات السكب العشوائي للمياه الصناعية والمياه غير المعالجة بخليج المنستير، الذي يمتد على طول حوالي 31 كلم ويتميز بكثرة الخلجان الصغيرة وهي محاضن طبيعية ومواقع ملائمة لبيض وتفقيس الأسماك.
ويتلقي هذا الخليج المعروف بحساسيته وهشاشته يوميا كميات من المواد العضوية والمياه الملوثة تقدر بحوالي 500 متر مكعب تحتوي على نسبة عالية من النيترات حسب تقرير للوكالة الوطنية لحماية المحيط والنترات من المواد التي تولد الإثراء الغذائي وازدهار النباتات خاصة الطحالب الخضراء التي بدورها تستهلك الاكسيجين وتحجب مرور الضوء مما يؤدي إلى اختلال التوازن الإيكولوجي والنظام الساحلي ويهدد جودة منتوجات البحر وقيمتها الغذائية ويهدد قطاعات تربية الأحياء المائية والسياحة.
أكتوبر 2013، ضبط مجلس وزاري خارطة طريق خصصت لاستصلاح خليج المنستير، تضمنت مشاريع تهم بالخصوص منظومة تطهير مياه الصرف الصحي والمياه الصناعية. ومن المنتظر أن تستكمل هذه المشاريع في غضون السبع السنوات القادمة وفي الأثناء، تتواصل الكارثة البيئية أمام أنظار الجميع وقد تسمع البعض يقول بوقاحة لا نظير لها أن البحر له قدرة ذاتية على تطهير نفسه بنفسه.
أعشاب البوزودونيا في خليج المنستير بين من يتحدث عن تقلصها ومن يؤكد اختفاءها
على شواطيء خليج المنستير، اختفت الأعشاب البحرية التي يلفظها البحر عادة، بإستثناء النزر القليل، لتترك المكان لسلاطة البحر التي عندما تجف تنبعث منها رائحة كريهة تؤرق السكان، وفق ما عايناه قبالة المنطقة الصناعية بالمنستير وخلف محطة التطهير "صيادة لمطة بوحجر" ومتحف لمطة بولاية المنستير.
وجاء في تقرير للمعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار بتاريخ 12 سبتمبر 2013، أنجزه إثر نفوق كميات هامّة من الأسماك في قصيبة المديوني، أنّ النظام الايكولوجي بخليج المنستير أصبح غير قادر على استيعاب الفضلات ومياه الصرف الصحي والمياه غير المعالجة خاصة بين مدينة خنيس وحدود جزيرة الديماس بالبقالطة حيث أصبحت المنطقة مهددة بكارثة بيئية خطيرة ولم تعد محضنة طبيعية لصغار الأسماك بسبب تصحر قاع البحر واختفاء مراعي طحلب "السيموديسيه" وعشبة "البوزودونيا"، التي تساهم بشكل كبير في المحافظة على التوازن البيئي في أعماق المتوسط.
كما أن دراسة لوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي سنة 2009 نبهت إلى وجود انجراف متواصل للتنوع البيولوجي وانقراض تدريجي لمراعي السيمودوسيه مع تراجع أكبر لها كلما اتجهنا نحو عرض البحر. كما أشارت إلى أنه يوجد في عمق حوالي 13 م تراكما لبقايا الأعشاب وخاصة أوراق البوزودونيا الميتة.
وعشبة البوزيدونيا محمية بعدّة اتفاقيات دولية، من بينها اتفاقية بارن الموقعة في 19 سبتمبر1979 والمتعلقة بحماية الحياة البرية والمحيط الطبيعي في أوروبا بالتعاون بين الدول والتي لها أربعة ملاحق وانضمت لها تونس إلى جانب مصادقتها على اتفاقية برشلونة المتعلقة بحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث.
وتلعب هذه العشبة دورا أساسيا في التوازن الإيكولوجي للنظام الساحلي وفي الحفاظ على الثروات السمكية حيث أنها تنتج كميات من الاكسيجين، تقدر يوميا بحوالي 14 لتر في المتر المكعب. وحسب وثيقة مشتركة لوزارة البيئة والتنمية المستدامة ووزارة البحث العلمي والتكنولوجيا وتنمية الكفاءات بعنوان "التنوع البحري" لسنة 2005 فإنّه بين 20 و25 في المائة من أنواع الكائنات البحرية تعيش في أعشاب البوزيدونيا.
------------------------------------------------------
الأمر عدد 1124 لسنة 1996 مؤرخ في 15 أفريل 1996 يتعلق بنشر الإتفاقية الخاصة بالحفاظ على الحياة البرية والوسط الطبيعي الأوروبي المبرمة ببارن في 19 سبتمبر 1979:
الفصل الأوّل-تنشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، كملحق لهذا لأم، الإتفاقية الخاصة بالحفاظ على الحياة البرية والوسط الطبيعي الأوروبي، المبرمة ببارن في 19 سبتمبر 1979.
الفصل2-الوزير الأول مكلف بتنفيذ هذا الأمر الذي ينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية
------------------------------------------------------
وأكد كمال نويرة، غواص منذ حوالي 40 سنة، مسألة تقلص الأعشاب البحرية جهة قصيبة المديوني وتلوث مياه البحر بجزيئات بيضاء بالقرب من الأقفاص العائمة لتربية الأحياء المائية التى لاحظ أنّ قاع البحر تحتها صلبا، مقدرا أنّ ذلك ناتج عن التلوث بمياه "الأوناس" وعلف الأسماك.
واستبعد مهدي عقير غواص وعضو في جمعية "أزرقنا الكبير" بالمنستير الاختفاء النهائي لعشبة "البوزودونيا" إلاّ أنّه عاين تقلصا في تنوع أصناف الأسماك القاعية بسبب التلوث إلى جانب التضرر الكبير والمتواصل لقاع البحر بسبب الشباك و"الدْرَاين" التي أصبحت من البلاستيك وبالتالي لا تتحلل.
وكانت عديد المنظمات المختصة في حماية البيئة، ومنها الاتحاد العالمي لصون الطبيعة، قد نبهت إلى خطر إتلاف مراعي البوزيديونيا. وجاء في دليل "البحر الأبيض المتوسط: محيط بحري وساحلي في تحوّل حسب السيناريوهات المحتملة لتغير المناخ" الذي أعده مكتب التعاون للمتوسط التابع لهذه المنظمة العالمية أنّ "نسق تجدد معشبات البوزيديونيا يعتبر بطيئا بما يعني أنّ الوقت الضروري لإعادة الحياة لهذه المنظومات في حال تدهورها أو انقراضها يعد طويلا للغاية". ويؤدي تقلص معشبات البوزيدونيا، حسب ذات الدليل، إلى تكاثر عديد الطحالب الكبرى الغازية وتقلص عدد الأصناف الحيوانية أو اندثارها نهائيا، مما يعتبر كارثة بيئية جسيمة.
مياه غير مطابقة للمواصفات التونسية وبكتريات بالجملة ومواد سامة
جاء في نتائج تحاليل مخبرية، أنجزتها الوكالة الوطنية لحماية المحيط، بتاريخ 14 فيفري 2017، لعينة من المياه الزرقاء التي تسكبها مؤسسات غسل الدجين في قنوات تصريف مياه الأمطار، بأنّ هذه المياه "غير مطابقة للمواصفات التونسية (م ت 002-106) حيث بلغت نسبة الطلب الكيميائي للأكسيجين في العينة 579 مغ في اللتر، مقابل 90 مغ حسب المواصفات التونسية والطلب البيولوجي للأكسيجين 70 مغ في اللتر الواحد، مقابل 30 مغ في اللتر، حسب المواصفات التونسية. وأوصت الوكالة تبعا لذلك "بالتوقف حالا عن تلويث المحيط وعدم العود إلى ذلك"، ولكن دون جدوى حيث تتواصل الإخلالات.
وخلال إعدادنا لهذا التحقيق، رفعنا بتاريخ 11 سبتمبر 2017، عيّنة عشوائية من مياه البحر التي كان لونها أصفرا وفق ما لاحظناه بالعين المجردة. وجاء في نتائج التحليل الفيزيائي والكيميائي، التي مدنا بها المخبر الجهوي للصحة العمومية بالمنستير بمستشفى الساحلين بولاية المنستير، أنّ نسبة "السولفات" تبلغ 2470 مغ في اللتر، مقابل 600 كغ في اللتر حسب المواصفات المعتمدة. وكذلك بالنسبة إلى مادة الكلورور (Chlorure) التى بلغت نسبة تركيزها في العينة 28900 مغ في اللتر، مقابل 600 مغ في اللتر، فقط، وفق المواصفات التونسية.
والكلورور، هو ذرة من الكلور، الذي يعدّ حسب دراسة لوزارة التنمية المستدامة والبيئة والمحميات الكندية، من المواد السامة التى يمكن اثر تفاعلها مع المواد العضوية الموجودة في المياه إنتاج مركبات، مثل "التريالوميتان"، وهي مادة مسرطنة بالنسبة إلى الإنسان إلى جانب الحوامض "الهالواسيتية"، وهي مواد سامة وخطرة بالنسبة إلى المحيط.
أمّا إذا امتزج الكلور بالمواد الأزوتية المتواجدة في المياه فهي تنتج "الكلوروامينات"، وهي مادة غير مسرطنة إلاّ أنّها سامة بالنسبة إلى الكائنات البحرية. وكان العديد من أهالي قصيبة المديوني، قد نظموا عدّة مسيرات سلمية، منها يوم 23 جويلية 2012، اشتكوا فيها من ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان. وأفادنا هشام بلحاج يوسف من الإدارة الجهوية للصحة بالمنستير عدم توفر دراسات علمية أو إحصائيات تقيم العلاقة بين تلوث البحر وحالات الإصابة بالسرطان.
والتحاليل الكيميائية التي أنجزها سنة 2011 المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لدى ذات المخبر بالساحلين كشفت وجود كميات من أملاح الفوسفور والأمونيوم ونسبة عالية من الجراثيم "القالونية" و"المكورات المعوية " مما يؤكد فرضية وجود تلوث بمياه الصرف الصحي لمياه خليج المنستير. وبينت التحاليل إلى جانب ذلك وجود نقص كبير في الأكسيجين وتراجع نسبة ملوحة مياه البحر إلى ما بين 35 و36 غرام في اللتر، بما جعلها شبيهة بمياه المحيطات، بعد أن كان معدل ملوحة المياه يقدر ب65 غرام في اللتر.
ويتسبب هذا الوضع في انبعاث غازات "الهاش 2 اس" (H2S) وظهور أعشاب جديدة كسلاطة البحر التى تؤدي إلى التخفيض من نسبة الأوكسجين الضرورية للأسماك. وبينت نتائج بحث علمي بعنوان "ملونات النسيج مصدر لتلوث المياه: غربلة السمية وطرق المعالجة" أنجزه الهادي بن منصور ومجموعة من الباحثين التونسيين، نشر في مجلة علوم لماء" عدد 243 لسنة 2011، أنّ الايونات المعدنية كالفوسفاط والنيترات التي تسكب بكميات هامة في المحيط الطبيعي يتم استهلاكها من قبل النباتات المائية الضارة ويسرع من انتشارها. كما أن العناصر الملونة تمنع مرور الضوء إلى قاع البحر ووصوله إلى النباتات المائية وينتج عن ذلك إتلافها. وكان المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار قد أكد في تقارير متتالية إثر حوادث متكررة لنفوق الأسماك بالمنطقة، تدني جودة المياه مع ظهور مياه حمراء على امتداد جزء هامّ من خليج المنستير.
من جهتها سجلت الوكالة الوطنية لحماية المحيط في تقرير لها بتاريخ 15 ماي 2017 تحويل وجهة "كميات من مياه الصرف الصحي الملوثة وغير المعالجة إلى قنوات مياه الأمطار عبر ثغرة مراقبة (وهي بالوعة تستخدم لمراقبة تدفق مياه الصرف) تابعة للشبكة العمومية للتطهير تنساب إلى خليج المنستير، عوضا عن توجيهها إلى محطة التطهير بالفرينة، وذلك على مستوى المنطقة الصناعية بالمنستير، وهو ما عاينته كذلك معدة التحقيق بتاريخ 18 سبتمبر 2017 .
وحصرت الوكالة ربطا عشوائيا تواصل من 15 أفريل 2015 إلى غاية 6 جوان 2017، لمجموع 15 مؤسسة صناعية بشبكة التطهير وقنوات صرف مياه الأمطار المؤدية إلى الخليج علاوة على استمرار الربط العشوائي لعدد من المطاعم ومصحة ونزل بقناة صرف مياه الأمطار على مستوى شاطئ القراعية بالمنستير حسب ما أفادنا محمّد الجزيري ممثل الوكالة الوطنية لحماية المحيط بالمنستير.
بسبب عدم احترام البيئة خسارة أسواق قديمة وجديدة وتراجع التصدير وتسريح عملة
يظن الجميع أنّ المؤسسات الصناعية ترفض الاستثمار لتركيز محطات معالجة أولية وتستعمل العمّال كورقة ضغط وهي حالات طبعا موجودة علاوة على عدم احترام المواصفات التونسية في معالجة المياه الصناعية قبل سكبها في قنوات التطهير أو في المحيط الطبيعي أو في المحيط البحري غير أنّنا اكتشفنا معاناة من نوع لم نتوقعه.
مؤسسة "براماتكس" المختصة في غسل الدجين والمنتصبة في المنطقة الصناعية المنارة بمعتمدية بنبلبة بولاية المنستير تسعى منذ 2005 تاريخ انتصابها هناك إلى أن يتم ربطها بشبكة التطهير بدون جدوى وفق ما أفاد وات ماهر براهم وكيل مجمع براماتكس الذي مدّنا بكلّ الوثائق التي تؤكد أقواله وتثبت حرصه منذ البداية على الارتباط بشكة التطهير واحترام القانون والمساهمة في النهوض بالحركة الاقتصادية بالجهة.
وخلال الفترة من 2005 وإلى غاية 2011 كانت مؤسسة براماتكس تضخ مياهها الصناعية نحو مؤسسة محاذية مرتبطة بشبكة الأوناس وبعد الثورة تعرض صاحب تلك المؤسسة وهو مستثمر أجني إلى عدّة مشاكل واضطر لغلق مصنعه حسب ما بيّن ل(وات) نور الدّين الزينة المدير الإداري لمجمع براماتكس مما اضطرهم إلى تركيز محطتهم الخاصة للمعالجة الأولية أي المعالجة الفيزيائية والكيميائية حسب مواصفات الأوناس (هناك مواصفات تونسية لسكب المياه الصناعية في المحيط البحريوفي وفي المحيط الطبيعي ونحو الاوناس NT 106-002) واضطروا لسكبها في وادي المالح وتصل تلك المياه إلى خليج المنستير. وبسبب ذلك وإثر عملية تدقيق دولية بتاريخ 24/12/2015 أسندت علامة "E" لهذه المؤسسة التونسية لعدم احترامها قواعد حماية البيئة.
------------------------------------------------------
قانون عدد 29 لسنة 1977 مؤرخ في 25 ماي 1977 يتعلق بالمصادقة على الإتفاقية المتعلقة بحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث وعلى بوتوكولين تابعين لها:
فصل وحيد-وقعت المصادقة على الاتفاقية والبروتوكولين الملحقة لهذا القانون والممضاة باسم البلاد التونسية ببرشلونة في 26 ماي 1976 المبينة فيما يلي:
1) الاتفاقية المتعلقة بحماية البحر الابيض المتوسط من التلوث
2) البرتوكول بشأن حماية البحر الابيض المتوسط من التلوث الناشئ عن عمليات إلقاء الفواضل من طرف السفن والطائرات.
3) البروتوكول بشأن التعاون على مكافحة تلوث البحر الأبيض المتوسط بالنفط والمواد الضارة الأخرى في الحالات الطارئة
4) ينشر هذا القانون بالرائد الرسمي للجمهورية التونسي وينفذ كقانون من قوانين الدولة.
------------------------------------------------------
وتسبب ذلك للمجمع حسب نور الدّين الزينة في خسارة قرابة 10 حرفاء أجانب رفضوا مواصلة التعامل معهم أي خسروا رقم معاملات يبلغ حوالي 17 مليون دينار سنويا علاوة على أنّهم خسروا 4 حرفاء جدد كان من المنتظر التعامل معهم وهم من أصحاب العلامات العالمية أي خسارة أخرى تقارب 30 مليون دينار سنويا. ونظرا لتراجع نسق العمل والتصدير اضطروا منذ ديسمبر 2016 لتسريح 280 عامل وعاملة ليصبح العدد حاليا 530 مقابل بين 900 و800 عامل وعاملة في السابق. و"الوضع بصدد التردي" حسب رأيه رغم أنّهم بصدد القيام بعمليات ضخ للأموال في المؤسسة، الخ.
وكانت هذه المؤسسة استثمرت قرابة 1 مليون و500 ألف دينار لشراء معدات إضافية قصد توسعة طاقة محطة المعالجة بها باعتبار أنّهم كانوا يتوقعون ارتفاع نسق العمل غير أنّ عدم ربطهم بالشبكة أعاق تطورهم وتنافسيتهم وتحقيق أهدافهم. وأعرب الزينة عن الامل في أن يجدوا المساندة اللازمة باعتبار أنّهم لم يجدوا أي حلّ فالاتحاد العام التونسي للشغل وتفقدية الشغل ووزارة الصناعة ووزارة الشؤون المحلية والبيئة والسلط المحلية والجهوية على علم بهذه الوضعية.
وتلقى مجمع برامتاكس بتاريخ 14 نوفمبر 2005 مراسلة من الديوان الوطني للتطهير لإعلامه بعدم قدرة الشبكة العمومية للتطهير ببنبلة على استيعاب كمية المياه المزمع سكبها والمقدرة يوميا بحوالي 600 م3 يوميا في مرحلة أولى. وهو ما أكده لنا عدنان حسين المدير الجهوي للتطهير بالمنستير. وتقدمت أربعة مؤسسات منتصبة بالمنطقة الصناعية المنارة بتاريخ 28/11/2011 بمطلب لوالي الجهة للمطالبة بعقد جلسة عمل للنظر في ربطها بشبكة التطهير "لخلق المناخ الملائم للإنتاج" حسب نص المطلب.
وتم تجديد طلب عقد الجلسة عبر إرسال برقية للوالي بتاريخ 24/6/2016 الذي رفض استقبالهم أو التحدث إليهم حسب براهم الذي قال إنّه لا يفهم كيف وقع ربط مؤسسات منتصبة قبلهم وأخرى انتصبت بعدهم مشيرا إلى أنّ مجمع براماتاكس دفع إلى "الاوناس" خلال حوالي 3 سنوات 500 ألف دينار في الوقت الذي لا يتمتع بخدماته ودفع في حدود 200 ألف دينار خطايا. وأكد براهم أنّ الصناعيين اقترحوا على الأوناس انجاز محطة معالجة في المنطقة ومساعدتها.
وينتظر ربط براماتاكس بالمنطقة الصناعية التي ستنجز بالقطب التكنولوجي بالمنستير في غضون سنتين حسب مراسلة من الديوان الوطني للتطهير بتاريخ 11 أفريل 2017 غير أنّ ماهر براهم عبّر عن تخوفه للسلط المحلية والجهوية من أنّ تفوق مدّة دخول تلك المحطة حيز الاستغلال السنتين مرجحا "سنكون خلال هذه المدّة قد توقفنا عن النشاط نهائيا مع ما لذلك من تبعات اجتماعية سلبية تجاه العملة ...حيث أنّ الحريف بنتيجة تدقيق سلبية سيوقف كلّ طلبياته معنا".
ويضاف إلى ذلك عدم ربط إحدى المؤسسات الصناعية لغسل الدجين بالمنطقة الصناعية المنستير بمحطة التطهير الفرينة رغم أنّها أنجزت حوضا ومدت قنوات إلى غاية محطة التطهير الفرينة بكلفة 121 ألف دينار لمعالجة المياه الصناعية التي قدرت ما بين 7 وأكثر من 10 آلاف متر مكعب شهريا، حسب مسؤولة بهذه المؤسسة التى أقرت بأنّ مؤسستها "بصدد سكب المياه الصناعية التي وقع معالجتها أوليا" حسب قولها في قنوات صرف مياه الأمطار المتجهة مباشرة إلى خليج المنستير وذلك في انتظار "موافقة الديوان الوطني للتطهير فتح قنوات من المصنع نحو محطة التطهير. وخلافا لذلك، بيّن المدير الجهوي للديوان الوطني للتطهير، عدنان حسين، لوات "أنّ تلك المؤسسة مطالبة باستكمال إجراءات الربط".
وبشأن تدخل منظمة الأعراف لحل هذه الوضعية العالقة منذ سنوات أكدت وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية اطلاعها على وضعية هؤلاء الصناعيين وقالت إنّها سترفع المسألة إلى رئيس الحكومة، معتبرة أنّه في "غياب البنية التحتية لا أحد يستطيع الاستثمار" حسب ما ذكرت في تصريح ل(وات) على هامش ترأسها المؤتمر الجهوي التاسع للاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بالمنستير يوم 14 ديسمبر 2017.
ويرى وزير الشؤون المحلية والبيئة، رياض المؤخر أن"الحل يكمن في انجاز محطة معالجة للمياه الصناعية وهي مبرمجة ولابّد كذلك للصناعيين من معالجة المياه الصناعية قبل سكبها في المحيط الطبيعي"، وبيّن أنّه "منذ استقلال البلاد التونسية وإلى غاية الآن لنا منطقة صناعية وحيدة مرتبطة بالأوناس أنجزت سنة 2001 وفي المخطط هناك 9 مناطق صناعية سيقع ربطها بالديوان الوطني للتطهير" وذلك في تصريح لوات يوم 9 ديسمبر 2017 على هامش أيام المؤسسة بسوسة.
التلوث يقضى على جمالية شواطئ خليج المنستير ويهدد قطاعات تربية الأحياء المائية والسياحة
ذكر المرصد الوطني للفلاحة في نشريته بعنوان ملحوظة تحليل رقم3 بتاريخ جوان 2015، أن الفترة الممتدة ما بين 2010 وسنة 2014، سجلت تراجعا في الاستثمارات في مجال تربية الأحياء المائية بسبب الخسائر التي تعرضت لها بعض الوحدات الناشطة في هذا القطاع نتيجة الأوضاع المناخية والبيئة، وفق المرصد.
وتبين المنظمة العربية للتنمية الزراعية في الاستراتيجية العربية لتربية الاحياء المائية 2017 بأنّ الوفرة المفرطة للعوالق النباتية تسبب تضررا في خياشم الأسماك وخفض في مستوى الأكسجين المذاب و"تسبب مياه الصرف الملوثة في انتشار الكائنات الحيوانية المسببة للأمراض على غرار الطفيليات التي قد تهدد المخزون السمكي في المزرعة. وتمثل كثافة الطفيليات في المياه مؤشرا لدرجة تلوث المياه" وبالتالي تهدد ديمومة نشاط قطاع تربية الأحياء المائية.
"الصقالة"، وهو اسم مشروع تربية الأسماك في الأحواض أنشأه أوّل مستثمر خاص في المجال بالمنستير، سجل في التسعينات نفوق كميات هامّة من السمك وأضرار هامّة. وأغلق المشروع بعد تلوث المكان الذي انتصب به بسبب الفضلات والمياه الصناعية غير المعالجة التي تلقى بوادي خنيس، حسب ما أفادت به (وات) البروفوسور أمينة بخروف المسؤولة عن مخبر تحليل ومعالجة الملوثات في البيئة والأغذية بكلية الصيدلة بجامعة المنستير، والتي عاينت الوضع آنذاك.
ونسبة الوفايات في ضيعات تربية الأسماك في خليج المنستير قاربت 15 في المائة وهي عادية إلى حدّ الآن حسب ما أفاد (وات) مجدي قْعَلْ طبيب بيطري مختص في تربية الأحياء المائية بتاريخ 30 نوفمبر 2017 والذي قدّر أنّ جودة مياه البحر تراجعت تقريبا منذ سنة 2015 وفي حال تواصل ذلك خلال سنة أو سنتين من الآن (2017) فإنّ نسبة الوفيات مؤهلة للارتفاع.
"لنا خطر قائم يتهدد قطاع تربية الأحياء المائية والسياحة وجمالية السواحل التونسية ولا يجب أن ننتظر حتى يضرب قطاع تربية الأحياء المائية ويقضي عليه لإطلاق صيحة فزع" بحسب ما أكد لوات عمر الصامت الكاتب العام للجامعة الوطنية لتربية الأحياء المائية، مطالبا بإيقاف السكب العشوائي للمياه الصناعية غير المعالجة في البحر الذي وصفه بالمخجل واتخاذ الإجراءات اللازمة في القريب العاجل بدون تأخير باعتبار أن المسألة تهدد الجميع. وأضاف الصامت أنّه "من المؤلم أن نرى جودة مياه البحر في تدهور"
وتبلغ قيمة الاستثمار لتركيز مشروع واحد لتربية الأسماك في الأقفاص بين 10 و25 مليون دينار وإذا افترضنا أن 3 أو 4 مشاريع تتضرر فعليا من تلوث مياه الخليج فأنّ الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الوطني باعتبار أنّ الاستثمار في القطاعين العام والخاص هو استثمار في الاقتصاد الوطني التونسي ستتراوح بين 40 مليون دينار و100 مليون دينار أو تفوقها.
ويعدّ الصيد البحري النشاط الأساسي لأهالي قصيبة المديوني فهذا حازم بن حسين يمتهن البحر منذ ثلاثين سنة قد رفع بنطلونه إلى مستوى الفخذين وهمّ بدخول المياه الملوثة للوصول إلى مركبه أين نشر فوقه الشباك التي سيلقيها في عرض البحر. يقول حازم إنّ لون البحر يكون أسودا تارة وأحيانا أخرى أحمر. ولا يعرف إن كان سبب ذلك لون صباغة أو مواد كيمائية ألقيت فيه مشيرا أنّه بحكم معرفته للبحر لاحظ ارتفاع حرارة المياه "مع كلّ تكاثر للأوساخ".
ووفق ما أفادنا منير حسين رئيس فرع المنستير للمنتدى التونسي الاقتصادي والاجتماعي، فإنّ العديد من البحارة الصغار تضرروا نتيجة الاعتداء الفظيع من أصحاب المصانع ومؤسسات الدولة على الوسط البيئي الهش في خليج المنستير مما أدى إلى تكاثر الصيد الجائر بعد أن اضطر البحارة إلى صيد الأسماك الصغيرة وصغار الأخطبوط وغيرها، بعد أن كان البحر، إلى حدّ التسعينات، متنفسا للجميع، ومكان صيد واصطياف، داعيا إلى إعادة التوازن البيئي والاقتصادي والاجتماعي لخليج المنستير وجعله منطقة لتنمية مستدامة.
قلة الموارد البشرية وانعدام التجهيزات وغياب قاضي البيئة يساهم في تفاقم الخروقات
ولسائل أن يسأل أين هي هياكل الدولة الرقابية وأين هو تطبيق القانون واتضح لنا خلال إعداد التحقيق وجود كفاءات عالية ومنضبطة تعمل على مراقبة الخروقات البيئية غير أنّ آليات الرقابة الوطنية تشكو نقصا في الموارد وعدم فهم لطبيعة المخالفة البيئة وتأثيراتها العميقة على التنمية المستدامة من قبل القضاة إذ كثيرا ما يقع التقليص من قيمة الخطية المالية التي يحددها في محضره الخبير المراقب لدى الوكالة الوطنية لحماية المحيط أو لدى وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي حسب من تحدثنا إليهم والذين اقترحوا إيجاد قاضي بيئية.
ويشير بكار ترميز مدير تقييم الدراسات البيئية بالوكالة الوطنية لحماية المحيط بتونس إلى النقص الحاد في إمكانات الرقابة والتقييم حيث لا يتوفر لدى الوكالة غواصون أو مراكب للقيام بمهامها في الوقاية والمتابعة والرقابة. وأكد أنّ محدودية الإمكانات ينجر عنها اللجوء إلى خدمات مكاتب غير معتمدة وطنيا أو دوليا لإعداد دراسات حول مؤثرات المحيط طبقا للأمر عدد 1991 لسنة 2005 المؤرخ في 11 جويلية 2005 المتعلق بدراسة المؤثرات على المحيط وبضبط أصناف الوحدات الخاضعة لدراسة المؤثرات على المحيط والأصناف الخاضعة لكرّاسات الشروط. فولاية المنستير التى تعدّ أكثر من 700 مؤسسة في قطاع النسيج، دون احتساب مؤسسات صناعة الآجر والمؤسسات الكيميائية وغيرها، لا يوجد لديها سوى خبير مراقب واحد.
وعدد محاضر المخالفات التي سجلتها الوكالة الوطنية لحماية المحيط بالمنستير خلال التسعة أشهر من سنة 2017 تسع متعلقة بسكب مياه صناعية ملوثة في قنوات مياه الأمطار المؤدية إلى البحر أو في القنوات العمومية مقابل محضر واحد سنة 2016 و4 محاضر سنة 2015 ومحضران سنة 2014 وعادة يقع الحكم في القضية في مدّة تتراوح بين عام وعام ونصف وقد تصل إلى سنتين حسب محمّد الجزيري.
وهناك على سبيل المثال محضر للوكالة الوطنية لحماية المحيط متعلق بإحدى مؤسسات الصباغة والتكملة بتاريخ 30/6/2008 وقع إحالته إلى القضاء بتاريخ 26/1/2009 وحاليا في مرحلة البحث التكميلي وفي قضية أخرى حرر المحضر بتاريخ 31/7/2007 وأحيل إلى القضاء بتاريخ 6/8/2009 وحكم يوم 24/6/2011 بخطية مالية قدرها 200 دينار في حين كان المبلغ ألف دينار.
ومجموع المخالفات حسب إحصائيات وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي بالمنستير على الملك العمومي البحري خلال الفترة من 2010 وإلى غاية 2016 بلغ 430 منها 328 مخالفة لم تقع إزالتها من بينها 11 مخالفة سنة 2010 و34 سنة 2011 و32 سنة 2012 و64 سنة 2013 و60 سنة 2014 و94 سنة 2015 و33 سنة 2016. ومجموع المخالفات التي لم يقع إزالتها والمتعلقة بالتحوز والردم العشوائي وتصريف مياه ملوثة هو 138.
وما يشجع على تكرار المخالفات على الملك العمومي البحري عدم تنفيذ قرارات الهدم أو الإزالة في ولاية المنستير باستثناء قيام المواطن، في بعض الأحيان، من تلقاء بالازالة والهدم، وفق ما أوضح ل(وات) حسين مبارك المدير الجهوي لوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي بالمنستير علاوة على البطء في فصل الملفات قضائيا الذي قد يصل إلى أربعة وخمسة سنوات مع معدل عام لا يقل عن عامين ونصف حسب قوله.
كما أنّ قيمة العقوبة عند ارتكاب مخالفة على مستوى الملك العمومي البحري حسب مذكرة داخلية لوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تتراوح من 100 دينار إلى 50 ألف دينار غير أن القانون عدد 73 لسنة 1995 المؤرخ في 24 جويلية 1995 المتعلق بالملك العمومي البحري والفصل 30 منه يتحدث بصفة عامة عن المخالفات وبالتالي القاضي ليس له نص قانوني مفصل حول طبيعة كل مخالفة وقيمة الخطية المالية فعند تحديد الوكالة في ملف المخالفة الذي ترفعه للقضاء قيمة الخطية مثلا ب20 ألف دينار نجد أنّ الحكم القضائي حددها مثلا ب200 دينار علاوة على أنّ الوكالة لم تكن تعتمد على محام في رفع القضايا المتعلقة بالمخالفات.
ويضاف إلى ذلك القضية الاجتماعية فرغم القضايا الحارقة على غرار البناء في الملك العمومي البحري وتخريب الكثبان الرملية وسكب مياه صناعية سامة خام إذ أن بعض المعامل لا تقوم حتى بالمعالجة الأولية فإنّه لا يقع إزالة المخالفة حسب حسين مبارك الذي اقترح ردع الأشخاص وليس غلق المؤسسة وإيجاد طريقة بشكل عاجل باعتبار أنّ المحافظة على مواطن الشغل مهمّة وكذلك المحافظة على سلامة الملك العمومي البحري مع ضرورة مزيد اطلاع القضاة على النصوص القانونية المتعلقة بالملك العمومي البحري.
والمجتمع المدني له دور كذلك في تواصل عملية السكب في الخليج حسب أحد المسؤولين باعتبار أنّ المجتمع المدني في مدينة خنيس من معتمدية المنستير بولاية المنستير اعترض على تمرير قنوات شبكة التطهير من محطة المعالجة صيادة لمطة بوحجر نحو محطة المعالجة الفرينة بالمنستير ومنها نحو محطة المعالجة بالساحلين على مستوى خنيس علاوة على تسجيل عملية حرق لقنوات على مستوى وادي المالح تقدر قيمتها بحوالي 105 ألف دينار وكانت ستستعمل في هذا المشروع مما عطل تنفيذه واضطر الديوان الوطني للتطهير للقيام بدراسة جديدة لتمرير القنوات من منطقة أخرى على مستوى الطريق الجديدة قرب ملعب الصولجان بالمنستير وإلى حدّ الآن هناك مسائل عقارية مازالت عالقة بشأن انتزاع بعض الأراضي.
واتضح لنا بعد استكمال هذا التحقيق أنّ مسؤولية تلويث الخليج غير مقتصرة على الديوان الوطني للتطهير الذي ليست لمحطاته بالجهة الطاقة الكافية لاستيعاب كميات المياه الصناعية ضمن الشبكة العمومية وأنّ هناك تقصير في فهم وتطبيق القانون لردع مرتكبي الخروقات البيئية وأنّ المجتمع المدني أحيانا يكون غير واع بدوره الحقيقي ويلعب دورا سلبيا يضر بمصلحته وبمصلحة الوطن وأن الوضع سيتواصل للأسف في غياب الدور الحازم للإدارة في تطبيق القانون وفرض احترامه وفي غياب المناطق الصناعية ذات البنية التحتية الملائمة والمتكاملة.
أنجز هذا التحقيق بدعم من مركز تطوير الإعلام وبتأطير منى مطيبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.