بقلم الاستاذ بولبابه سالم لقد اثبتت تونس نموذجا فريدا و جديدا بانه لا يمكن الفصل بين الدولة و الاسلام ، كما اكدت ان الاسلام لا يتعارض مع الديمقراطية ، اضافة الى ذلك حققت تونس ثورة ثقافية و ديمقراطية و نرجو ان تحقق ربيعا اقتصاديا و سياسيا ،، هذا ابرز ما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في خطابه تحت قبة البرلمان اضافة الى حزمة المساعدات التي تنوي فرنسا تقديمها لتونس لانعاش اقتصادها و تشجيعها على مواصلة فترة الانتقال الديمقراطي . لاول مرة يعلن مسؤول فرنسي كبير عن تاييده للتعايش بين الاسلام و الديمقراطية لان اوروبا عاشت فترات مظلمة بسبب سيطرة الكنيسة على الحياة العامة ، اضافة الى اختلاف النموذج العلماني بين فرنسا التي تشدد على الفصل التام بين الدين و الدولة وهي علمانية يصفها البعض بالمتطرفة بسبب جذورها اليعقوبية و يراها اخرون لائيكية حادة و صارمة ، و بين العلمانية المعتدلة كما في البلدان الانغلوفونية او المانيا ، و يبدو تاثر النخبة التونسية واضحا بالعلمانية الفرنسية لذلك يصرون على الصراعات الهووية و محاربة الاسلام السياسي الذي تمثل حركة النهضة راس حربته ، و رغم انجاز الدستور الذي ضمن الحريات الفردية بما فيها حرية الضمير فان اثارة المواضيع التي تشكل استفزازا لعقيدة الشعب مثل المساواة في الميراث و تشريع زواج المثليين و غيرها لاتخرج عن هذا السياق .، و طبعا تلقى هذه الدعوات تشجيعا من السفارة الفرنسية و المنظمات القريبة منها . هذا الصراع الايديولوجي لم ينته بين النخب و صارت وسائل الاعلام مسرحا له ، وفيه ابتعاد كبير عن مشاغل التونسيين الحقيقية و قضاياهم الاقتصادية و الاجتماعية . كلام ماكرون اليوم سيزعج الطابور الخامس في تونس و بعض النخب التابعة و المنبتة التي تريد اقصاء الاسلام من الحياة العامة و جعله شبيها بالمسيحية ، حتى الاحزاب القريبة من فرنسا و التي تبني خطابها السياسي و حملتها الانتخابية على شيطنة الاسلاميين ، كما يشكل ايضا رسالة قوية لبعض الدوائر الخارجية العربية التي تتامر على الثورة التونسية و تريد نشر الفتنة بين التونسيين عبر توظيف شخصيات و احزاب و منابر اعلامية لضرب التجربة التونسية الوليدة .. ان اشارة ماكرون ان تونس تشكل نموذجا فريدا في محيطها بفضل دستورها و احترام الفصل بين السلط و القدرة المواءمة بين الاسلام و الديمقراطية هو رسالة دعم قوية وهي ايضا رسائل واضحة للداخل و الخارج ،، الثورة التونسية مستمرة في انتظار تحقيق اهدافها ، انها كلمة الثورة التي رددها ماكرون اكثر من مرة و صار بعض المسؤولين التونسيين يتجنبون الحديث عنها رغم انها اطلقت ألسنتهم و اوصلتهم الى الكراسي التي يجلسون عليها . من ناحية اخرى تبدو كلمات ماكرون تزكية للتحالف بين حزب نداء تونس و حركة النهضة و مساندة للتوافق الذي تمت هندسته في لقاء الشيخين الشهير بالبريستول بباريس ، و تطبيق مضمونه اثر انتخابات 2014 ، كما تبدو ايضا خيبة امل للاصوات العلمانية و الاسلامية المتطرفة و للمراهنين على الصراع الهووي و الاحتراب الايديولوجي فلا ننسى مدى تأثير فرنسا على هؤلاء . التجربة الديمقراطية التونسية فريدة مثل ثورتها ، ليست مستنسخة و لا يمكن تصديرها بسبب خصوصياتها المحلية .