- (وات /تحرير منى الودرني)- إنطلقت يوم السبت الحملة الانتخابية للقائمات المترشحة للانتخابات البلدية 2018 ، للتعريف ببرامجها الإنتخابية، لتتواصل إلى غاية يوم 4 ماي القادم، في ظل نسق بطيء في تعليق البيانات الإنتخابية والمعلقات، للقائمات الحزبية منها والمستقلة والائتلافية، في الفضاءات المخصصة للغرض بجميع الدوائر البلدية التابعة لبلدية تونس (112 فضاء ) ودائرة سيدي حسين (19 فضاء)، وفق ما عاينته موفدة (وات). نبض الشارع.. المواطن والإنتخابات محمد، قاطن بمنطقة سيدي حسين ومتخرج من كلية العلوم الإنسانية والإجتماعية 9 أفريل، منذ 10 سنوات وعاطل عن العمل، ابدى عدم إكتراثه بالإنتخابات البلدية التي قال عنها "إنها غير ضرورية ومفرغة من محتواها في ظل وضع إجتماعي وسياسي متأزم". أما السيدة، فهي ربة بيت وتمتهن التجارة العرضية "لسد الرمق"، وفق تعبيرها، وقد إرتسمت على وجهها علامات الضيق، فهي لم تعد قادرة بمعية زوجها على خلاص فواتير الماء والإنارة والكراء، التي شهدت في السنوات الأخيرة إرتفاعا غير مسبوق في الأسعار. في شارع الحبيب بورقيبة وعدد من الشوارع المتفرعة عنه، أفواج من المواطنين إعترضتهم موفدة (وات)، وكانوا غير مبالين بانطلاق حملة الإنتخابات البلدية، فالمهم بالنسبة اليهم تحقيق حلم الأمن والاستقرار وتعديل الأسعار. الكرامة والتشغيل والعدالة الإجتماعية، هي مطمح أساسي للمواطن الذي عانى ويلات التجاذبات الحزبية والتهديدات الإرهابية وعدم الإستقرار وغلاء المعيشة والرغيف، فعن اية إنتخابات نتحدث في ظل "سياسات عقيمة لحكومات فاشلة وإستشراء الفساد في كل المجالات "، بهذه العبارات أجابت بسمة. أما خديجة، مدرسة باحد المعاهد الحرة، فقد تساءلت عن جدوى الإنتخابات البلدية في الوقت الذي تعجز فيه الدولة عن إرساء منوال تنموي، من شأنه أن يدفع عجلة الإستثمار في شتى المجالات، ويقلص من معضلة البطالة ويوفر مواطن شغل قارة تضمن الكرامة والعيش الكريم لكل المواطنين. لقد وجد التونسي نفسه اليوم بين فكي العجز وإنهيار مقدرته الشرائية وتغلغل " اللوبيات والمافيا"، في ظل ضعف شديد لدولة مستقيلة وإرتفاع جنوني للأسعار وإحتقان سياسي، هكذا تدخل كريم موظف عمومي، ليؤكد أن الانتخابات حلم يائس لدى المواطن الكادح. في المقابل، أجمع عديد المواطنين على أن الإستحقاق الإنتخابي اليوم هو بمثابة التكريس لثقافة الديمقراطية في تونس، وبالتالي بناء الدولة المدنية، فالاقبال على الإقتراع في الانتخابات البلدية من شأنه أن ينأى بالبلاد عن أتون الصراعات ويحقق مشروع التغيير المجتمعي التقدمي والحداثي، على حد تعبير أحدهم. وهناك آخرون وإن أجزموا بأن البرامج الإنتخابية التي عرضتها الأحزاب تبقى في خانة الوعود الواهية والدعاية السياسية الحزبية، إلا أنهم متشبثون بصورة تونس الجديدة،التي تؤكد إرادة شعب نجح في تقرير مصيره وحفظ كرامته وممارسة إستحقاقاته الإنتخابية. الإنتخابات البلدية: مقاربة سوسيولوجية وقانونية أقر أستاذ القانون الدستوري ورئيس شبكة "دستورنا" جوهر بن مبارك، في تصريح ل (وات)، بأهمية الإنتخابات البلدية من الناحية السياسية، نظرا لتكريسها لمفهوم الإنتقال الديمقراطي وترسيخها مبدأ الانتخابات كطريقة وحيدة لإختيار المسؤولين، بما يجعل من إنجاز محطات إنتخابية متتالية أمرا ضروريا. وتحدث في جانب آخر، عن الاشكال المتعلق بعدم اليقين الذي رافق المسار الإنتخابي البلدي، وذلك بالتأجيل المتكرر لهذا الموعد، بما من شأنه أن يزعزع ثقة المواطن في مدى الجدية لانجاز هذا الإستحقاق الانتخابي. وإنتقد بن مبارك في هذا الصدد، عدم توفر المناخ السياسي والقانوني على حد سواء لاستكمال المسار الانتخابي البلدي، في ظل غياب إصلاح جوهري لقانون الأحزاب وخاصة الجانب المتعلق بالتمويل، وعجز البرلمان عن المصادقة على مشروع القانون الاساسي المتعلق بإصدار مجلة الجماعات المحلية. ولاحظ أن "عرقلة" الجلسات العامة الخاصة بمناقشة هذه المجلة من قبل مجلس نواب الشعب، أدى إلى تأجيل المصادقة عليها في ظل وجود نقاط خلافية متعلقة بصلاحيات الجماعات المحلية وبمواردها المالية، قائلا "هناك نية بعدم المصادقة على المجلة إلا على ضوء نتائج الإنتخابات البلدية، بما يعد تلاعبا بقواعد اللعبة الديمقراطية". من ناحيته، أكد المختص في علم الاجتماع السياسي محمد الجويلي، أن المناخ السياسي المرتبك الذي تعيشه تونس، والخلافات البارزة بين الحكومة والإتحاد العام التونسي للشغل والتجاذبات الحزبية والبرلمانية، من شأنها تنفير المواطن من الإنخراط في العملية الإنتخابية. وأضاف أن الطبقة السياسية عجزت عن توفير مناخ سياسي إيجابي ، معتبرا أن المشاركة في الإنتخابات لن تكون كما هو منتظر خاصة بالنسبة إلى الشباب الذي فقد الثقة في الأداء السياسي للأحزاب. أما الخبير في الشؤون البلدية منير العربي، فقد أبرز أهمية الإنتخابات البلدية التي تنطوي على إنتظارات واسعة، وتطلع إلى تحسين الظروف المعيشية الضرورية للمواطن في كامل البلاد، وفق قانون إنتخابي جديد، مؤكدا أن هذه المحطة الإنتخابية ستمكن من مأسسة السلطة المحلية في إتجاه تحقيق تنمية محلية شاملة. في المقابل، إنتقد إنطلاق الحملة الإنتخابية اليوم، في ظل عدم صدور مجلة الجماعات المحلية، بإعتبارها القانون المنظم لعمل البلديات، معتبرا ذلك من قبيل عدم احترام مواطنة التونسي. كما لاحظ أن عدم تكوين المترشحين بالقائمات الحزبية والمستقلة، وغياب ثقافة العمل البلدي لدى الناخبين، ينبئ بولادة عسيرة لمشهد سياسي جديد بعد الإنتخابات، بالإضافة ألى مشاركة الناخبين التي ستكون هزيلة جدا، جراء منسوب الإحباط المرتفع لدى التونسيين، على حد تعبيره. الوسائط الاجتماعية... بين الموقف الساخر والرأي الناقد بين تهليل بانطلاق الحملة الإنتخابية البلدية لمنخرطي عديد الأحزاب، وإستنكار الكثير من المدونين من أساتذة وإعلاميين ومواطنين وغيرهم لما إعتبروه استهزاء وإمعانا في الإستخفاف بالمواطن التونسي، تباينت وتنافرت التدوينات المتواترة بوجهيها الجاد والساخر على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي. فقد انتقدت الكثير من التدوينات إجراء إنتخابات بلدية وسط مناخ سياسي رديء، لينعتها بعضهم ب "المهزلة الإنتخابية" وبالطريق المفتوح لمزيد تغلغل الفساد في شتى اشكاله. وهناك أيضا من أكد في تدوينته، عدم جدوى الحديث عن الديمقراطية والاستقلالية والتدبير الحر، والحال أن الصناديق الإجتماعية عاجزة عن صرف جرايات المتقاعدين، "فجرايات المتقاعدين أولى من الإنتخابات"، وفق تقديرهم. يذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، دعت في بلاغ لها القائمات المترشحة، اعتماد انشطة مسموح بها قانونا للتعريف ببرامجها الانتخابية، مذكرة كافة القائمات المترشحة بالواجبات المحمولة عليها لاحترام القوانين المنظمة للحملة الانتخابية، وخاصة أحكام القانون الأساسي عدد 16 المؤرخ في 26 ماي 2014 ، والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء، ومقتضيات قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلقة بضبط قواعد تنظيم الحملة وقواعد تمويلها. يشار أيضا إلى الحملة الإنتخابية تنتهي يوم 4 ماي ويوم الصمت هو يوم 5 ماي 2018. كما تم ضبط يوم 29 أفريل لاقتراع الأمنيين والعسكريين، ويوم 6 ماي لإقتراع المواطنين، أما التاريخ الأدنى للإعلان عن النتائج الأولية فسيكون يوم 7 ماي، والتاريخ الاقصى للاعلان عن النتائج الاولية يوم 9 ماي 2018.