نصرالدين السويلمي في ثوب تهديد وفي شكل مساومة وتحت شعار إما وإما، لمح رئيس الحكومة يوسف الشاهد مساء الثلاثاء الى امكانية بعث واجهة حزبية جديدة لم يقدم حولها التفاصيل الضافية، كان ذلك عبر رسائل مضمنة ومن خلال دعاية واضحة تؤكد ان الذين يرغبون في اقتصار دور الشاهد على تسيير الحكومة الى موفى 2019 ثم يخرج تقاعد، او ينصرف لاستثمار منصبه في مهمات وطنية او دولية او اقليمية، من يعتقد ذلك فهو خارج التغطية، ويفكر انطلاقا من ذيل الحياة السياسية في تونس وليس من راسها ولا صدرها، فالبلاد التي عاد فيها التسعيني للمنافسة على المناصب السياسية لن يزهد فيها الاربعيني، وان قدم المواثيق الغلاظ ووقّع آلاف التعهدات. *رسالة الشاهد في خلاصة الامر ،"قال" الشاهد لنداء تونس وحافظ بالذات، ان انسحابه من الحكومة يعني مباشرة التفرغ لتشكيل حزب جديد يعتمد في الاساس على قطع غيار ندائية، الى جانب اجتذاب الكثير من نفوذ الحزب وحواشيه المالية والاعلامية، وان خسارة منصب القصبة سيكلف النداء اكثر بكثير مما يكلف ابنه العاق، وعليه يستحسن الدخول في ترضيات تبقى على الشاهد في منصبه وتمنعه من بعث حزب قد يجهز بشكل نهائي على حظوظ النداء في المحطات الانتخابية القادمة، ويبدو ان الاسلم للسبسي الابن ان يظل الشاهد حبيس القصبة لان عملية تحريره من المنصب الثاني في البلاد، سيوفر له فرصة التفرغ ومن ثم مساحة التحرك باتجاه حزبه القديم، يهبر ويعقر، يستنزف ويبتز، وان كان محسن مرزوق ضرب في الحواشي فان الشاهد سيضرب في العمق. *هل ينجح مشروع الشاهد اذا ما تواصل العناد وفشل النداء في السيطرة على الامر وصولا الى تسوية او ترضية توافقية، فان الشاهد سينجح في الحاق الاذى بالنداء لكنه لن ينجح في بعث البديل المنشود، بما ان فك الارتباط مع السبسي الابن، لا يعني الاستحواذ على جموع الغاضبين، وبما اننا لسنا في حضرة قواعد ندائية هائمة حائرة تبحث لها عن زعيم تترقبه بلهفة، كما ان القيادات المؤسسة لا تبحث عن كاريزما ناشئة تركن اليها، فلا محسن مرزوق يمكنه التسليم لزعامة لا تملك غير بعض الوسامة، ولا العكرمي يرضى بالتسليم لشخصية مغمورة، ولن يفعل ذلك العابدي ولا قسيلة ولا رضا بلحاج ، ولن يعود الرميلي من عزلته ولا البكوش من غيبته ليضعوا احلامهم وطموحاتهم الشاهقة في جيب الفتى الاربعيني الحالم، لن يحدث ذلك ولن يجد الشاهد فراغات في الساحة الزعاماتية، لان مشكلة النداء المزمنة تكمن اصلا في تخمة زعامات، والعويص انها زعامات لا ترضى بمنصب مساعد رئيس ولا نائب أمين عام ولا حتى بزعيم دون حقيبة، الكل يبحث عن القيادة، عن الراس رأسا،عن الرقم واحد لا غير، الكل يرغب في لعب دور القاطرة ولا احد يرضى بدور العربة. هذه الاسباب وغيرها ستحيل حزب الشاهد الى رفوف الارقام الثقيلة المكدسة في الفضاء الحزبي. *الخيارات الخيار الأول هو بقاء الشاهد في منصبه الى آخر العهدة، وهذا يعني رئيس حكومة ضعيف برلمانيا، ليس له اي سند حزبي، بالكاد يتماسك بما تتصدق به النهضة من مؤازرة، ذلك الى جانب وضعية مفتوحة على كل الاحتمالات بين الحكومة والاتحاد، أما الخيار الثاني فهو رحيل الشاهد عن الدولة والاهتمام بكيانه الجديد، وذلك يعني انهيار تام لاسهم نداء تونس، ودخول متراهن جديد الى ساحة العائلة الندائية المتناحرة، حينها سيلتحق الشاهد بمرزوق وبقية القيادات الغاضبة الذين اتخذوا لهم لافات حزبية، وانخرطوا في نهش "السقيطة" ، سيحتدم الصراع بين الاخوة الاعداء على تركة التجمع، سيتنافسون على اقتسام جمجمة النداء، ولن يكون بوسع الشاهد ان يوسّع نطاق الاستقطاب الى ابعد من الحاضنة الدستوتجمعية، فالذين يبحثون عن الزعيم المخْلص المخَلّص، لن يهتموا بالشاهد لانهم جربوه في الحزب وفي الدولة وانتهى الامر، أما بقية الشرائح فمحجوزة ثوريا وايديولوجيا وعمالتيا، وماعداها موزعة بين الاحباط الذي لا يرجى منه شفاء، والاحباط الذي يتطلب رافعة ذات 10 احصنة حتى تنتشله من غياهب الياس.