- تم اليوم الثلاثاء بمقر المعهد الأعلى للقضاء، بمقرين من ولاية بن عروس، تقديم النسخة الجديدة من دليل التصدي لجريمة التعذيب في القانون التونسي، الذي تم تنقيح نسخته الأولى على ضوء دستور الجمهورية الثانية والاتفاقيات الدولية والتشريعات الجديدة، والمنجز بالتعاون بين وزارة العدل والمعهد الدانماركي لمناهضة التعذيب وضمن إطار برنامج الشراكة الدنماركية العربية. وبين وزير العدل غازي الجريبي، الذي أشرف على تقديم النسخة المحينة من الدليل والذي يتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، أن هذا العمل يأتي في إطار تجسيم المبادئ المضمنة في الدستور الجديد والمتعلقة منها بحقوق الإنسان والمواثيق الدولية الضامنة لهذه الحقوق، معتبرا أن الإعلان عن هذه المبادئ والتنصيص عليها مهم ولكنه يبقى غير كاف ويحتاج الى آليات عملية لتفعيله على أرض الواقع خاصة في أماكن الاحتجاز والإيقاف وداخل السجون والتصدي لكل أشكال المعاملة القاسية والمهينة للكرامة البشرية. وتابع الوزير أن هذا العمل يجب أن يترافق مع جهد أكبر على المستوى الوقائي من خلال تكوين الأعوان المعنيين وتمكين الضحايا من ممارسة حقهم أمام القضاء، مشددا على أهمية دور القضاة وممثلي النيابة العمومية في الحد من هذه التجاوزات، هذا الى جانب الدور الرقابي الذي يجب أن تقوم به الهياكل الرقابية والمنظمات المعنية بالتصدي لظاهرة التعذيب . من جهته قال رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فتحي الجراية إن صدور النسخة الجديدة للدليل مهمة للغاية بالنسبة للهيئة كجهة رقابية رسمية معنية بمراقبة السجون وأماكن الإيقاف والاحتجاز وفي كل الأماكن السالبة للحرية مشيرا الى ان الإضافة التي يمثلها صدور هذا الدليل مواكبة التشريعات و المعايير الجديدة في التعاطي مع جرائم التعذيب وسوء المعاملة واشكال المعاملة المهينة والقاسية في الأماكن السالبة للحرية . وفي سياق متصل أشار الجراية إلى أنه رغم وجود التشريعات والهياكل والإجراءات إلا أن العقلية الموجودة المقاومة للتغيير من قبل الجهات القائمة على أماكن الاحتجاز مازالت لم تواكب المعايير الدولية في التأسيس لأمن جمهوري يحترم كرامة الإنسان وحقوقه، معتبرا أن الهيئة مازالت تفتقد إلى الإمكانيات المادية والبشرية الضرورية وخاصة منها التمثيليات على المستوى الجهوي والعدد المحدود في تركيبة الهيئة الأصلية. في نفس الاتجاه قالت رئيسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب راضية النصراوي إن التعذيب في تونس مازال متواصلا بعد الثورة، بل إنه تجاوز في حدوده المستوى الذي كان عليه قبل الثورة، وفق تعبيرها، مشيرة إلى رصد حالات وفاة جراء التعذيب وأشكال المعاملة القاسية. وأكدت على الدور المحوري للقضاء في محاصرة هذه الظاهرة ومقاومة ظاهرة الإفلات من العقاب. يذكر أن الدليل الجديد، ال ذي أشرف على إعداده 6 قضاة، مقسم الى جزءين، يتعلق الأول بجريمة التعذيب في القانون التونسي على مستوى الدستور والالتزام الدولي والقوانين التونسية والتنقيحات المجراة عليها، في حين يتعلق الجزء الثاني بالقضاء وجريمة التعذيب ودور النيابة العمومية والتحقيق عند البحث في الجريمة ومحاكمة مرتكبي التعذيب في اطار العدالة العادية وفي اطار العدالة الانتقالية، وذلك فضلا عن جملة من التوصيات وعدد من الملاحق التفسيرية وجدول تفصيلي عام في قضايا التعذيب المنشورة بدائرة محكمة الاستئناف بتونس.