معاينة فنية لهضبة سيدي بوسعيد    في نابل والحمامات... مؤشرات إيجابية والسياحة تنتعش    تململ وغضب ودعوات للمقاطعة.. 70 دينارا لحم «العلوش» والمواطن «ضحيّة»!    حماس تكذّب المبعوث الأمريكي: لن نتنازل عن السلاح    الخبير العسكري توفيق ديدي ل«الشروق» ...أخطاء ترامب ستعجّل بانهيار أمريكا    مونديال الاصاغر للكرة الطائرة : ثلاثة لصفر جديدة أمام مصر والمرتبة 22 عالميا    الطريق الى اولمبياد لوس انجلس 28 : الجوادي يخوض اليوم نهائي 1500 متر سباحة    أخبار الملعب التونسي : السعفي يعود و الخميسي يحمل الآمال    درجات حرارة تفوق المعدلات    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    غازي العيادي ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي: ولادة جديدة بعد مسيرة حافلة    أستراليا تمنع يوتيوب للأطفال: وداعًا للخوارزميات الخطرة؟    إيقاف ياسين تشيوكو الحارس الشخصي لميسي ومنعه من دخول الملاعب    القصرين: اتباع برنامج شامل لمراقبة جودة مياه الشرب وتحذيرات وقائية بخصوص بعض العيون في الجهة    العواصف الرعدية والبَرَدْ جايين الليلة في المناطق هذي، حضّر روحك!    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    المهدية: اللإنثين القادم إنطلاق حملة تحيين مراكز الاقتراع لفائدة الناخبين المعنيين بالتصويت على سحب الوكالة    مع الشروق :الاعتراف... نصر أكتوبر الجديد    مباريات ودية: انتصارات لكل من النادي الصفاقسي، النجم الساحلي والاتحاد المنستيري    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    بورصة تونس تحتل المرتبة الرابعة ضمن قائمة اداء الاسواق العربية خلال الربع الثاني من 2025    ملعب حمادي العقربي يفتح أبوابه الوقت هذا.. شنوة لازم تعرف قبل ما تمشي!    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عاجل/ القبض على "بلوجر" معروفة..وهذه التفاصيل…    الأحداث السياسية في تونس في أسبوع (من 27 جويلية إلى 2 أوت 2025)    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    عاجل/ الحماية المدنية تُحذر من اضطراب البحر حتى وإن كان الطقس مشمساً..    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    نقابة الصحفيين : مقاطع الفيديو المتعلقة بجماهير المهرجانات والمتداولة ليست لصحفيين محترفين ويجب احترام أخلاقيات المهنة    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    عاجل/ وزارة الفلاحة توجه نداء هام لمُجمّعي الحبوب وتقدّم جُملة من التوصيات للفلاحين..    عاجل/ تزايد محاولات القرصنة..ووكالة السلامة السيبرنية تحذر..    بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية في عدد من الولايات..    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    وزير التعليم العالي يتدخل وينصف التلميذ محمد العبيدي في توجيهه الجامعي    اتحاد الشغل يؤكد على ضرورة استئناف التفاوض مع سلطات الإشراف حول الزيادة في القطاع الخاص    وفاة جيني سيلي: صوت الكانتري الأميركي يخفت عن عمر 85 عامًا    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    شنية حكاية ''زكرة بريك'' اللي خوّفت جدودنا؟    الفنان "الشامي" يحقق نجاحا جماهريا باهرا ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي.    جثمان متحلل بالشقة.. الشرطة تكشف لغز اختفاء عم الفنانة أنغام    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    النجم الساحلي: محمد الضاوي "كريستو" يعود إلى النجم الساحلي وصبري بن حسن يعزز حراسة المرمى    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    عاجل : القضاء الأميركي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين: تفاصيل    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    أعلام من بلادي: الشيخ بشير صفية (توزر): فقيه وأديب وشاعر درس في الجزائر وتونس    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    وزارة التجارة تعلن عن تحديد أسعار قصوى للبطاطا وهوامش ربح للأسماك بداية من 4 أوت    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليبيا: لماذا تأخر حسم معركة سرت؟ (تحليل)
نشر في باب نات يوم 12 - 06 - 2020


الأناضول -
- تحرير سرت سيفتح الطريق نحو قاعدة الحفرة الجوية المعقل الجديد لمرتزقة فاغنر
- سرت البوابة الغربية للهلال النفطي والسيطرة عليه تنسف مشروع تقسيم ليبيا
- القذافي حاول اتخاذ سرت عاصمة للبلاد لوقوعها في المنتصف بين بنغازي وطرابلس
- الطبيعة الصحراوية لسرت تجعل من سلاح الطيران العنصر الحاسم في المعركة
على عكس مدينتي ترهونة وبني وليد وبلدات النواحي الأربعة (غرب) لم تسقط مدينة سرت (غرب) بسرعة كما كان متوقعا، فيما نُقل عن الروس أنها "خط أحمر" لا يجب الاقتراب منه، مقابل إصرار الحكومة الليبية على اقتحامها مهما كان الثمن، وهو ما يعكس أهميتها الاستراتيجية لكافة الأطراف.
فسرت (450 كلم شرق طرابلس) تتوسط أكبر مدينتين في البلاد، إذ تقع في المنتصف بين عاصمة البلاد طرابلس وعاصمة إقليم برقة في الشرق بنغازي (ألف كلم شرق طرابلس).
وتاريخيا تتبع سرت إقليم طرابلس، وهي آخر مدينة كبيرة في الغرب الليبي لم يتم تحريرها بعد، وسيطرت عليها مليشيا حفتر لأول مرة في يناير/كانون الثاني الماضي فقط، بعد خيانة الكتيبة 604 المدخلية، للقوات الحكومية، وأغلب عناصرها من قبيلة الفرجان، التي ينتمي إليها حفتر.
** مفتاح تحرير قاعدة الجفرة الجوية
وتكمن أهمية سرت الاستراتيجية في أنها تقع شمال قاعدة الجفرة الجوية (650 كلم جنوب شرق طرابلس)، ولا تفصلها عنها سوى طريق مفتوحة لا تتجاوز 300 كلم، وهي مسافة ليست طويلة جدا بمعايير الصحراء.
ويُعتقد أن روسيا ترغب في اتخاذ الجفرة قاعدة دائمة لتواجدها في منطقة شمال إفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط.
وهذا ما يفسر انسحاب مرتزقة فاغنر الروسية إلى قاعدة الجفرة، وإرسال موسكو 14 طائرة من نوع ميغ 29 وسوخوي 24، إلى ذات القاعدة الجوية، بحسب الجيش الأمريكي، لتثبيت تواجدها وسط ليبيا، على غرار قاعدة حميم الجوية غربي سوريا.
وإذا تمكنت روسيا من ضمان عدم سقوط سرت في يد القوات الحكومية، فهذا يتيح لها مستقبلا قاعدة بحرية بسرت لتهديد حلف شمال الأطلسي (الناتو) من جنوب البحر المتوسط، ردا على تهديدات "الدرع الصاروخية" للناتو بالقرب من حدودها الغربية.
لذلك نقل أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية، عن مسؤولين روس عقب زيارته لموسكو، مؤخرا قولهم إن "سرت خط أحمر"، ما أشعل غضبا واسعا في المنطقة الغربية، وأمر فائز السراج، بعدها باستمرار عملية تحرير المدينة.
** الموانئ النفطية.. الكنز الذي يمنع التقسيم
وسيطرة القوات الحكومية على سرت يجعل الطريق أمامها مفتوحا للسيطرة على الموانئ النفطية، إذ لا يبعد أقرب ميناء نفطي (السدرة) عنها سوى 150 كلم.
فسرت كانت دوما القاعدة الخلفية لأي هجوم على الموانئ النفطية من الغرب، لذلك تستميت مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، في الدفاع عنها للسيطرة الهلال النفطي، الذي يمثل أكثر من 60 بالمئة من صادرات ليبيا النفطية.
حيث تسبب إغلاق الموانئ والحقول النفطية في خسارة البلاد نحو 6 مليار دولار منذ منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، وأصبحت الحكومة مضطرة للسحب من احتياطاتها بالعملة الصعبة لدفع المرتبات.
واستمرار غلق الحقول والموانئ النفطية لمدة أطول يهدد بانهيار الاقتصاد الليبي الهش أصلا، لذلك فتحرير سرت ومن ثم الموانئ النفطية أصبح ضرورة قبل أن يجثو اقتصاد البلاد على ركبتيه.
والهلال النفطي ليس له أهمية اقتصادية فقط، بل ضرورة سياسية أيضا، فبعض الأصوات المتطرفة داخل إقليم برقة تنادي بالانفصال عن إقليم طرابلس، والاستحواذ لوحدها على موارد الهلال النفطي الهائلة.
لكن سيطرة القوات الحكومية على الموانئ النفطية عبر بوابة سرت، سيحرم إقليم برقة من أهم مورد مالي بالعملة الصعبة، ويصبح مشروع الانفصال انتحاريا، وغير مغر لقبائل الشرق.
غير أن استمرار سيطرة مليشيا حفتر على سرت والموانئ النفطية لسنوات طويلة، إما بسبب توازن القوة، أو لمفاوضات مستمرة بلا نتائج، فهذا سيكرس التقسيم مثلما هو حاصل في اليمن أو في شبه الجزيرة الكورية.
** القذافي أراد سرت عاصمة لليبيا
في كثير من دول العالم، تتوسط العاصمة البلاد أو على الأقل أكبر مدينتين في البلد، لكن في ليبيا، تقع العاصمة طرابلس غربا بعيدة عن عاصمة الشرق بنغازي بألف كلم، وهذا التطرف المكاني، يفتح المجال للتمزق الجغرافي بين إقليمين بينهما بعض التمايز حتى في اللباس والأكل.
وهذا ما دفع الملك الليبي إدريس السنوسي، عند استقلال البلاد في 1951، لاتخاذ كل من بنغازي وطرابلس عاصمتين مشتركتين للمملكة الليبية المتحدة حتى 1963، منعا للتنازع بين الإقليمين، قبل أن يتخذ مدينة البيضاء (شرق بنغازي) عاصمة للبلاد (1963-1969).
لكن بعد وصول معمر القذافي (1969-2011) إلى الحكم في انقلاب عسكري، نقل العاصمة من الشرق إلى طرابلس الغرب.
وروى أن القذافي كان ينوي أن يتخذ سرت، مسقط رأسه، "عاصمة" للبلاد، ولذلك عمل على تهيئتها، حيث شيّد قاعات واغادوغو التي استضافت قمة إفريقية استثنائية في 2001، أُعلن خلالها تأسيس "الاتحاد الإفريقي"، بالإضافة إلى قمة عربية في 2010. وعبر مطار القرضابية الدولي (20 كلم جنوب سرت) استقبل زعماء عرب وأفارقة.
وفشل مشروع القذافي في تحويل مسقط رأسه إلى عاصمة تجمع بين شرق البلاد وغربها، لأنه أخذ بالبُعدين الجغرافي والسياسي، ونسيّ البُعدين الحضاري والثقل السكاني.
فعدد سكان سرت يقارب 80 ألف نسمة في حين تجاوز عدد سكان طرابلس وحدها 2.5 مليون نسمة، بينما بلغ سكان بنغازي في آخر إحصاء في 2006، أكثر من 670 ألف نسمة من إجمالي 6.5 مليون.
** لا نصر بلا مظلة صاروخية
أحد الأسباب الرئيسية لعدم تمكن القوات الحكومية اقتحام سرت من أول يوم رغم أن معنويات مليشيات حفتر كانت منهارة وتنسحب بشكل عشوائي نحو الشرق، تدخل طائرات بدون طيار داعمة لحفتر.
ففي 6 يونيو/حزيران الجاري، تمكنت القوات الحكومية من السيطرة على منطقة الوشكة غرب سرت، والتي شكلت مركز انطلاق هجمات حفتر نحو أبو قرين باتجاه مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس).
وزحفت القوات الحكومية من ثلاث محاور (الساحلي شمالا، والوشكة وسط، وطريق اللود من الجنوب)، وتمكنت خلال ساعات من السيطرة على مساحات واسعة على طول 110 كلم، ووصلت إلى غاية جزيرة الزعفران (مفترق طرق على المدخل الغربي لمدينة سرت).
لكن طلائع القوات الحكومية ابتعدت كثيرا عن مظلة الصواريخ المضادة للطيران، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى في صفوفهم وانسحابهم إلى منطقة الثلاثين (30 كلم غرب سرت) إثر تعرضهم لقصف جوي من طائرات بدون طيار داعمة لمليشيا حفتر.
وتمكنت القوات الحكومية من إسقاط طائرتين مسيرتين لتدفع بعدها مليشيا حفتر أو مرتزقة فاغنر الروسية بطائرة "ميغ29" لميدان المعركة، لأول مرة منذ إطلاق حفتر عملية الكرامة في 2014.
ومنطقة صحراوية مثل سرت، وإن عانقت رمالها مياه البحر، لا يحسم المعارك سوى من يتسيد سماء المعركة، فالأرض منبسطة لا يوجد بها جبال شاهقة أو وديان سحيقة يمكن الاحتماء بها من الطيران، وهو ما يفسر هدوء المعارك بها خلال الأيام الأخيرة، وقيام كل طرف بتحشيد قواته استعدادا لمعركة حاسمة.
فلا يمكن للقوات الحكومية السيطرة على سرت قبل تحييد طيران حفتر المسير والمأهول، وهذا لا يتم إلا عبر تنصيب مظلة للصواريخ المضادة للطيران تمتد إلى ما بعد سرت، تسمح للمشاة بالتقدم تحتها، تسبقهم قذائف المدفعية الثقيلة طويلة المدى لتسهيل مهمتهم.
ففي حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، خسرت مصر 250 دبابة في معركة المضائق بسيناء ضد الجيش الإسرائيلي بعد ابتعادها عن مظلة الصواريخ المضادة للطيران.
فالمرحلة المقبلة، ستشهد تنافسا حول من يهيمن على سماء سرت، والذي ينتصر فيها سيحسم المعركة على الأرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.