نصرالدين السويلمي مغازلة محمّد عبّو لعبير التجمّعيّة التي تعجب الكثير، ليست غريبة في عالم ما بعد الثورة، فقد سبق وفعلها خصوم الترويكا حين شكّلوا كوكتالا نقابيّا يساريّا حداثويّا بقاطرة تجمّعيّة يقودها السبسي وانتزعوا به السلطة، ليست غريبة لأنّ الغنّوشي نفسه وحتى يفكّك التحالف القادم إلى السلطة وفكّ الارتباط بينه وبين القاطرة التجمّعيّة تحالف مع السبسي وذهب في تحالفه معه بعيدا، ليست غريبة لأنّ الكتلة الديمقراطيّة تحالفت مع عبير لإسقاط رئيس المجلس وتحالفت معها قبل ذلك لإسقاط حكومة الجملي، وتحالفت بعد ذلك لتصنيف شرعيّة 25 يناير المصريّة كشرعيّة إرهابيّة! ليست غريبة لأنّ الغنّوشي تحالف مع الغرياني أمين عام التجمّع وجاء به إلى مكتبه... ليست غريبة لأنّ نتائج 23 أكتوبر 2011 دفعت القوى الخاسرة إلى تدشين تحالفات مع التجمّع سوف تمتد إلى 2021 وما بعدها، ليس ذلك هو المشكل، بل تلك هي البضاعة المعروضة في رفوف السوبر ماركت السياسي، وعلى محمّد عبّو أن لا يخجل بمغازلة عبير أو دعوتها إلى التحالف والالتحاق بهم أو الالتحاق بها، له ذلك مع عبير ومع كلّ من مرّ عبر مصفاة القانون ومنحته الدولة تأشيرة العمل. لكن علينا ببعض التفاصيل والشروحات الملزمة، إذْ لا بدّ أن تفضي تلك التحالفات إلى خدمة الانتقال الديمقراطي وتثبيت التجربة، بمعنى يجب أن تكون في صالح الخيار الديمقراطي والتداول السلمي على السلطة الذي هو شرط من شروط الثورة الملزمة، بمعنى لا بدّ أن يكون التجمّعي في خدمة فكرة الانتقال والثورة وليس العكس، يجب أن نتعظ من التجارب الماضية، فقد سبق وتحالفت العائلة الحداثاويّة مع السبسي، فاز هو بالرئاسيات الثلاث وانتهت هي إلى الانخرام، وحين استقدموا السبسي ليبتلع لهم الغنّوشي تماهى معه زعيم النهضة وسايره حتى أنهى عهدته وظلّ الانتقال في رواقه وعلى سكّته، ثمّ ولمّا تأكّد زعيم النّهضة أنّ مرزوق يشكّل أكبر خطر على التجربة خصّب له حافظ وأرسله إلى تركيا وغذاه إلى أن تضخّم فعطّل مفعول الكارثة التي كانت ستحلّ على البلاد بصعود الصديق المقرّب من المشير حفتر محسن مرزوق إلى قيادة حزب حاكم يحتكم على 87 من نوّاب البرلمان ورئاسيّات ثلاث! يجب أن نتسلّح بالحذر، فالتعامل مع التجمعيّين ليس بالمحرّم في عرف ما بعد 23/10/2011، فقط وإن كان لا بدّ يجب استعمال المادّة التجمّعيّة القابلة للانفجار بحكمة وحنكة، وإذا أردنا مثالا حيّا علينا بالأمين العامّ للتجمّع الذي اعتذر واعترف بالثورة ثمّ جاء ليعمل تحت الخصم الأوّل للثورة المضادة الإقليميّة والمحليّة "الغنّوشي" هذا الغرياني كان المسؤول الأعلى لعبير موسي التي تحالفت معها العائلة الحداثاويّة التقدميّة فتغوّلت قاعدة عبير وتأرنبت أو تعصفرت قاعدة من تحالف معها! شهدت حاضنة عبير تورما إلى درجة أنّ حزبها أصبح المنافس المباشر للنّهضة، وشهدت قواعد من تحالفوا معها تكلّسا إلى درجة أنّهم أصبحوا يرتجفون من مجرّد ذكر عتبة 3%!!! إذا وبعد أن استعملهم السبسي استعملتهم عبير، وهذا عرفها الأوّل الغرياني في مكتب الغنّوشي وها هم يحلبون أنفسهم ويصبّون في إناء موظّفة الغرياني، تلك التي كانت رقما هامشيّافي البناية التجمّعيّة الضخمة، اصبحت اليوم فوقهم، وذلك الذي كان فوق البناية التجمعية اصبح تحت الخصم الاول لبن علي! المشكلة لم تعد في التجمع، المشكلة أصبحت في الاستعمال الذكي والاستعمال الغبي للتجمع. أن تتحالف مع تجمّعي لتستعمله في خدمة التجربة والثورة تلك بدعة سيئة لكن لا بأس ما دامت راجت في السوق السياسيّة، أمّا أن تتحالف مع تجمّعي لتنتقم من خصم فشلت في مقارعته عبر الصندوق فتلك لا يفعلها إلّا الحمقى البلهاء الذين "ماكو مخْ"، ليس لأنّهم يرغبون في إزاحة خصم ضخم بأداة تجمّعيّة، لا! بل لأنّهم تحالفوا سابقا مع النداء فسقطوا وصعد ليشكّل ثنائيّة رهان مع النّهضة، ثمّ لبثوا في سقوطهم فصعد القروي ليشكّل ثنائيّة رهان مع النّهضة، ثمّ تحالفوا مع عبير فسقطوا وصعدت هي لتشكّل ثنائيّة رهان مع النّهضة!!! ثمّ ستسقط عبير لأنّها ظاهرة حزبيّة وليست مشروعا حزبيّا، وستأتي ظاهرة أخرى كظاهرة النداء وقلب وعبير لتشكّل ثنائيّة رهان مع النّهضة! وستنتهون أنتم كما انتهت الجبهة الشعبيّة وجبهة الإنقاذ والقطب الحداثي وقائمة طويلة من ضحايا الكراهية والصراعات والانتقام الجنوني! أين أمخاخكم؟! أين عقولكم؟؟ أين أدمغتكم؟! إنّها ليست من فضيحة أكبر من أن تساعدوا في وصول التجمّع إلى السلطة برئاسيّات ثلاث وتتأخّرون، ويصل القروي إلى الرهان على محور القبّة وقرطاج في مقابل النّهضة وقيس سعيّد، وتتأخّرون، وتصل عبير إلى مغالبة الحزب الأكبر في البلاد على الصدارة وتتأخّرون، بل وتتساقطون، بل وربّما تنقرضون... توقّفوا عن كلّ هذا الغباء واشرعوا الآن وفورا في ممارسة السياسة لبعث أحزاب تنافس النّهضة وتقطع مع كارثة الظواهر.. أيّتها الكوارث.!!