ايداع 9 من عناصرها السجن.. تفكيك شبكة معقدة وخطيرة مختصة في تنظيم عمليات "الحرقة"    الرابطة الثانية (ج 7 ايابا)    قبل نهائي رابطة الأبطال..«كولر» يُحذّر من الترجي والأهلي يحشد الجمهور    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    حالة الطقس لهذه الليلة..    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة المانيا : ليفركوزن يتعادل مع شتوتغارت ويحافظ على سجله خاليا من الهزائم    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرهان على قصر قرطاج.. الحظوظ والطموح..
نشر في الحوار نت يوم 05 - 07 - 2013

في انتظار ما ستفصح عنه الأيام والأشهر القادمة من مستجدات وحتى تبرز المزيد من الوجوه التي يمكن أن تراهن على الوصول إلى قصر قرطاج وتطفو على المشهد السّياسي التونسي، فإنّه بإمكاننا ووفق مقاربة تستهدف الشخصيّات التي ما فتئت تقدّم نفسها للمراهنة على رئاسة البلاد أو ترغب الجهات الداعمة لها من أحزاب ومراكز قوى ماليّة وإعلاميّة ونخب في تصعيدها للاضطلاع بمهمّة المنصب السياسي الأول في تونس، يمكننا ووفق ما ظهر على السّاحة أن نحصر الرهان الجدّي حول رئاسة البلاد في بعض الشخصيّات السّياسيّة الذين منهم من شرع في حملته المبكرة ومنهم من استفتح بحذر وهناك من اختار التريث وعدم التسرّع.
ست شخصيّات سياسيّة تبدو قادرة على توفير الشروط الدنيا التي تمكّنها من دخول الرهان بغضّ النظر على النتيجة، فساسة مثل رئيس الجمهوريّة الحالي المنصف المرزوقي والوزير الأول الحالي علي العريض والوزير الأول السابق حمادي الجبالي والوزير الأول الأسبق الباجي قائد السبسي وقيادي الحزب الجمهوري نجيب الشابي إضافة إلى زعيم حزب العمّال والمنسق العامّ للجبهة الشعبية حمّة الهمامي، تبدو من خلال تصريحاتها الخاصّة أو تصريحات المحيطين بها في جاهزيّة لدخول الحلبة إذا لم يجنح بعضها إلى التخلي بحكم التحالفات أو الانسحاب تحت ضغط القوانين وربما نتيجة إعادة انتشار تقوم بها الأحزاب والحركات ومراكز النفوذ.

محمد المنصف المرزوقي
في حدود سنته الثامنة بعد عقده السادس وبتجربة رئاسيّة قد تتجاوز السنتين يتطلّع المنصف المرزوقي إلى دورة ثانية يقدّم من خلالها بعض الانجازات التي قد يكون حرم منها نتيجة صلاحيّاته المحدودة خلال الدورة الأولى خاصّة وأنّ جميع المؤشرات تدلّ على أنّ تونس تتجه إلى إقرار النظام المختلط “شبه رئاسي أو شبه برلماني” ما يعني التوسّع في صلاحيّات الرئيس المرتقب وبالتالي فرصة ثمينة للانجاز ومساحة أكبر أمام المرزوقي ليترك بصماته إذا ما حالفه النجاح.
الأمر الثابت أنّ حزب المؤتمر من أجل الجمهورية لن يكون الجواد الذي سيراهن عليه المرزوقي لقلّة تجربة هذا الحزب ومحدوديّة قواعده وافتقاره لخاصرة تنظيميّة قويّة، وإن كان المؤتمر لا شكّ سيكون أحد الدعائم المهمّة لرئيسه نظرا لتوازنه من جهة وعدم تورّط أعضائه مع الدكتاتوريّات السابقة من جهة أخرى، فإنّه ومن المؤكّد أنّ رهان المرزوقي الأول سيكون على ظاهرة شعبيّة عامّة تتجاوز تونس والعالم الثالث وتبرز حتى لدى الديمقراطيّات العريقة تلك هي ظاهرة الارتباط التقليدي لشريحة هامّة من الشعوب بالقيادات الرسميّة المباشرة لمهامها وإحجامها عن المبادرة والتجديد تحت وقع الخوف من المجهول والرهبة من المغامرة، إلى جانب ذلك سيترقّب المرزوقي مآل الحراك في داخل الأحزاب وبين بعضها البعض وسيرنو إلى بوصلة التكتلات ومآلاتها، ولن يكون المرزوقي مثل بعض المتراهنين المطالبين بمجهودات جبّارة لتبييض ماضيهم والتجاوز عن أخطائهم وربما جرائمهم التي ما فتئت تتناولها السّاحة بشكل واسع وسيبذل هؤلاء من أوقاتهم وأموالهم الكثير من أجل دفع المجموعة الوطنيّة إلى التغاضي عن ماضيهم، وعلى عكس ذلك يتكئ المرزوقي على ماضي يزخر بالطهر الثوري ولا يتهرّب الرجل بل يرغب بقوة في تناول ماضيه لأنّ لديه ما يقدّمه إبّان نشاطه خلال حقبة الديكتاتوريّة الأولى والثانية.
رغم علاقته الجيّدة بقيادات النهضة وعلاقة المؤتمر المستقرّة بالحزب الأول في البلاد فإنّ دعم حركة النهضة للمرزوقي تبدو من الصعوبة بمكان، أولا لأنّ الرئيس وإن تواجد في العديد من المسائل المتعلّقة بالثورة ومصيرها إلى جانب النهضة وفي خندق مشترك فإنّ الرجل أثبت انحيازه إلى تكوينه الحقوقي بتفاصيله المتعارضة مع الثوابت على حساب الهويّة، ويميل المرزوقي على خلاف النهضة إلى استقبال حزمة المنظومة الكونيّة بتفاصيلها المثيرة للجدل، وكان قدّم في بعض الأحيان تطمينات نظريّة سرعان ما فنّدتها الوقائع، وتبدو مغازلة المرزوقي للهويّة والثوابت مغازلة ميكانيكيّة غير ممسكة بالقناعات ولا تستجيب إلى مخزون عميق بقدر استجابتها إلى متطلّبات السّاحة، ولا يمكن لجسارة المنصف ومخزونه الوطني المحصّن ضدّ الاختراقات الداخليّة والخارجيّة أن تبدّد وجل الإسلاميّين والمحافظين بصفة عامّة من الاضطرابات الحادّة التي تعانيها بوصلة المرزوقي الحضاريّة وخاصّة في محاور الهويّة والثوابت.
النهضة أيضا قد لا تنسى للمرزوقي استماتته في إفشال فكرة النظام البرلماني وسعيه بقوة لانتزاع صلاحيّات للرئيس على حساب الوزير الأول واستماتته من أجل إقرار نظام شبه رئاسي، ويعتبر إصرار المؤتمر والمرزوقي على تبني النظام المختلط أحد العوامل التي نسفت طموح حركة النهضة ودفعتها إلى الاستسلام والتخلي عن مشروع النظام البرلماني.
غير أنّه لا يستبعد أن تضع النهضة بيضها في سلّة المرزوقي المأمون في المسائل السياديّة ووضوح عدائه لمنظومة الاستبداد والدولة العميقة، هذا إذا استسلمت النهضة في مسألة الهويّة والثوابت ورحلتهما إلى أجل غير مسمى ونزلت بثقلها في مسألة التنمية والارتفاع بمستوى المعيشة للمواطن التونسي واقتطاع وقت وجهد كبير لصدّ وامتصاص هجمات الثورة المضادّة.

علي العريض
سوف لن يكون من الصعب تزكية هذا القياديّ النهضاوي وتأهيله إلى الرّئاسة لو كنّا نتحدث عن تسيير تقليديّ لدولة متماسكة واضحة المعالم، مؤسّساتها غير مستعصية ومراكز قواها غير منخرطة في الردّة السّياسيّة ولا تجذب باتجاه الثورة المضادّة، ولو كان التداول سلس على السلطة ومؤسّسات الدولة في منأى عن التطاحن السّياسي والإدارة غير منشغلة بحمى التجاذبات وماضية في ترتيباتها المألوفة والمطلوبة، لو كان كل ذلك متوفر لأصبح المطلوب بدرجة أولى من هرم الدولة أن يكون نابها، نظيفا ونزيها ليتمكّن من النجاح في مهامه، هذه الأوصاف تعتبرها شريحة واسعة من الشعب ضمن مميزات علي العريض وقد تساعد سنوات السجن الطويلة وصبر العريض وثباته أمام الدكتاتوريّة في طمأنة المجتمع وإنعاش الدولة خاصة إذا كانت مؤسّساتها تخشى عودة الدكتاتوريّة وتتحفّز للتخلص من مخلّفاتها، أمّا ونحن نتحدّث عن إدارة مستعصية إضافة إلى نقابات تشكّل إدارة موازية وتتخذ قرارات موازية وفي ذروة حشدها تبدو وكأنّها تطمح إلى تكوين دولة موازية، أمام هذه التحديات وغيرها من العوائق قد ينجح خصوم العريض في تقديمه بصورة السّياسي المغيّب أو الغائب عن متطلبات تسيير الدولة والغير مستوعب لآليّة عمل هذه الماكينة الضخمة، وقد يتمكّن هؤلاء الخصوم من إقناع شريحة واسعة من الناخبين بخطورة اختيار شخص لم يتدرّج في مؤسّسات الدولة ولا يعرف مداخلها ومخارجها أمام كل هذه التجاذبات والعلاقات المتوترة بين مختلف الأحزاب ومكوّنات المجتمع المدني، وربما تمكّن هؤلاء مستعينين بترسانة إعلاميّة متمرّسة في ارتشاف الوعاء الانتخابي للعريض وتحويله لصالح شخصيّات سياسيّة على أساس أنّها تقلّبت في الدولة ولديها الباع الطويل في شؤون التسيير.

رغم ذلك سيبقى العريض أكثر المرشّحين إلى منصب الرئيس حظّا خلال الانتخابات المقبلة نظرا لكونه أحد أكبر ضحايا الدكتاتور الذي قامت الثورة بخلعه، ويستعين بوفائه لأفكاره وتوجهاته وعدم استسلامه أمام العروض التي تتابعت من أجل إطلاق سراحه بشروط مجحفة عنوانها الكبير “الخلاص الفردي”، كما أنّ في جرابه حكمين بالإعدام أصدرتهم بحقّه الديكتاتوريّة ولديه خبرة في التسيير والتنظيم من خلال شغله لمختلف المناصب داخل حركته، وصبره لمدة 15 سنة في أقبية السجون ثم تحمّله لعشر سنوات سجن انفرادي، كل هذا قد يحسّن من شروط الرهان ويوفّر المزيد من الحظوظ لهذا المهندس القادم من أعماق ريف مدنين ، وقبل ذلك تبدو النهضة بمؤسساتها وقواعدها مطمئنة الى الطريقة التي يعتمدها العريض في ادارة حكومته ومن قبلها الداخلية ، وعبد الطريق أمام العريض خاصة بعد موقعة “التكنقراط”.


حمادي الجبالي

لا يُعرف إذا ما كان عامل انتساب حمادي الجبالي إلى جهة الساحل التي احتكر المتناسلون منها وعلى مدى ستة عقود بناية قرطاج وحيّزا كبيرا من بناية القصبة والعديد من وزارات السيادة وغيرها من الوزارات الأخرى سيكون أحد الروافد الداعمة له لو ارتأى دخول حلبة الرهان من أجل الظفر بالمنصب الأعلى في الدولة، أم أنّ هذا العامل سيكون بمثابة العقبة أمام الجبالي ويجعل الناخب التونسي مترددا متخوفا من تزكية الأمين العامّ لحركة النهضة تخوّفا محكوما بخلفيّة جهويّة، الاحتمال الذي يلوح ضعيفا لأنّ جميع المؤشرات تدلّ على أنّ العقليّة التونسيّة تخلّصت في أبعادها العامّة من مثل هذه الضغوط وتجاوزت المدنيّة المبكّرة للتوانسة هذه النعرات، وإن كانت ذاكرة التوانسة مصرّة على تحميل الأشخاص مسؤوليّة فساد محاضنهم الحزبيّة والتنظيميّة فإنّ النعرة الجهويّة تبدو عليلة غير قادرة على التأثير في هذه الذاكرة وفي مجريات الأحداث والمحطّات الكبرى رغم ما برز من هذه النعرات بعد الثورة، ولا تعود الجهويّات المقيتة التي أطلت بعد 14 جانفي إلى رواسب ثقافيّة وسلوكات متجذّرة وإنّما هي ورقة من ورقات الثورة المضادّة، جهويّات سرعان ما أثبتت فشلها وانكفأت على نفسها وتركها أربابها بحثا عن عوامل أخرى أقدر على التأثير السلبي وأفصح في لغة الفتنة.
رئاسة الحكومة في أعقاب ثورة هزّت المنطقة وفي مرحلة انتقاليّة أثبتت جميع التجارب أنّها الأخطر والأدق في تاريخ الشعوب وتعدّ بمثابة المخاض لولادة دولة الشعب والمؤسّسات، بعد هلاك دولة الأسرة والفرد، رئاسة حركة الاتجاه الإسلامي في أحد أصعب المراحل التي مرّت بها عقب سجن قياداتها التاريخيّة، رئاسة جريدة الفجر التي أثارت أعدادها زوبعة كبيرة انتهت بإيقافها وسجن رئيسها والعديد من المحررين، 16 سنة سجنا منها 10 في الحبس الانفرادي، دراسة داخل وخارج البلاد توجت بماجستير في هندسة الطاقة الشمسيّة، علاقة مفتوحة مع العديد من الشخصيّات السّياسيّة والفكريّة على رأسها شخصيّات تجمعيّة لا ينكر التواصل الحميمي معها، حظوة كبيرة في مؤسّسات الحركة ولدى قواعدها متأتيّة في جانبها الأكبر من الشرعيّة السجنيّة والنضاليّة ، تباين حول حقبة رئاسته للوزراء بين متحدّث عن مزايا كبيرة للرجل وناقد لمرحلته إلى حدّ التجريح… تلك جملة من المعطيات التي يمكن الاستعانة بها لوضع الجبالي على سلم التقييم والاقتراب من بوصلة حظوظه في الانتخابات الرئاسيّة القادمة.
غير أنّه من الصعب الجزم بتزكية سريعة من النهضة لحمادي الجبالي دون منافس ولا منغّص ومن المستبعد انتزاعه لصكّ على بياض من مؤسّسات الحركة كما فعل حين ترشّح لرئاسة الحكومة عقب انتخابات أكتوبر، ومهما تتابعت التفنيدات من قيادات نهضويّة بارزة مؤكدة أنّ تداعيات المبادرة المحرجة تمّ احتوائها وتأثيراتها الجانبيّة صفر، فإنّ دعوة الجبالي إلى حكومة تكنوقراط دون الرجوع إلى الحركة والمطبّ الكبير الذي سبّبه لها ما جعلها تقوم بمجهودات كبيرة لرتق الخرم الذي أحدثه، وكلمته المسكونة بهاجس الزعامة “إنّي اخترتك يا وطني”، والسعي لعلاقات بعيدة عن أجندة الحركة، ثم والأهمّ صعود أسهم علي العريض ونجاحه وفق الرأي الغالب في إدارة وزارة الداخليّة وخطواته المتزنة في رئاسة الوزراء، كل هذه المؤشرات وغيرها قد تجعل مهمّة الجبالي صعبة في انتزاع تزكية مؤسّسات الحركة لترشيحه إلى الانتخابات الرئاسيّة المقبلة ، لكن ولما عرفت به النهضة من مرونة واسعة وقدرة واضحة في عمليّة المدّ والجزر وحسن الترجيح فإنّ الجبالي إذا تمكّن من استمالة قوى من خارج الحركة وحسن من حظوظه بعيدا عن الرصيد التقليدي للنهضة فإنّ النهضة ساعتها قد تدفع به إلى الرهان، أمّا إذا كانت التزكية تنظيميّة صرفة وإذا لم تتعثر حكومة العريض خلال المرحلة المتبقية من الحكم، فإنّ الأرجح أن تقدّم مؤسّسات النهضة علي العريض إذا أمنت عمليّة انشقاق قد يقودها أمينها العامّ أو تيقّنت أنّه بإمكانها تطويق شيء من هذا القبيل
.
وإذا قرّرت النهضة تزكية الجبالي وقدّمته إلى الرئاسيّات ، هذا يعني أنّ الحركة التي فوتت عبر تاريخها في صلاحيّات كبيرة لأعضائها وقياداتها على مستوى الاختلاف والتدافع والتجاذبات وأمسكت بقوّة بمجامع القرار، هي اليوم تتهيأ للتفويت في هذا القرار للأفراد بعد أن كان حكرا على المؤسّسات ودخلت في مغامرة مفتوحة على جميع الاحتمالات، فالجبالي كثيرا ما تعامل مع الحركة كشريك وليس كأحد ابنائها وقياداتها وربما تدحرجت هذه العلاقة في بعض الأحيان لدى الجبالي إلى شراكة غير ملزمة.


الباجي القايد السبسي

التعليقات التي تتحدّث على أنّ السبسي نمر من ورق هي تعليقات لخصوم رهنوا أبصارهم وحواسهم للتمنّي وأغمضوا أعينهم على الوقائع والحقائق، فالملّم بالسّاحة يعلم جيّدا أنّ مراكز القوى الكبرى في البلاد وفي غياب حزب قوي تراهن عليه كان يتحتّم عليها صناعة رمز لتحلّ فيه وتواجه من خلاله النهضة التي أوضحت انتخابات 23 أكتوبر أنّه من المستحيل في المرحلة الراهنة مواجهتها بالأساليب الديمقراطيّة التقليديّة، اختيار السبسي كان يهدف إلى إيجاد شخصيّة تملك سابقة في التسيير للاستفادة من عامل الخبرة خلال عمليّة التسويق، لكن قبل ذلك كان يجب على ماكينة الإعلام بالتعاون مع العديد من النخب والمال المسيس السعي في تبييض مرحلة بورقيبة وترميم كل الجرائم وإخراج حقبة الدساترة من ثوب الدكتاتوريّة إلى صورة تلك التجربة الحافلة الثريّة والرائدة، التي كادت أن تحقق الكمال لولا مسألة التداول على السلطة التي شهدت بعض التعثّر على حدّ قولهم.
إذا ما نجح الباجي في الإفلات من مطرقة قانون تحصين الثورة وسندان السنّ القانوني فإنّه لن يكون بالمتراهن الهين خلال الاستحقاق الرئاسيّ القادم، خاصّة إذا تمكّن بقوة المال وتحت ضغط الإعلام وإلحاح النخب من تحيّيد بعض الوجوه العلمانيّة المؤثرة في المشهد السّياسي تحيّيدا ليّنا يضمن عدم التجائها إلى أسلوب “عَلَيّ وعلى أعدائي” ومن ثم استرضائها ببعض المناصب، ومع اقتراب الانتخابات القادمة ستلجأ ماكينة الباجي إلى خدمات الدولة العميقة لفرملة أيّة انطلاقة جديّة وبارزة في أداء مؤسّسات الدولة خاصّة على مستوى التنمية والأسعار والأمن، وسيراهن جهاز الباجي بقوّة على تغييب المقياس الحقيقي لطبيعة المرحلة الانتقاليّة التي تعقب أيّة ثورة في العالم، وسعى وسيسعى انطلاقا من نفوذه الواسع في الإعلام إلى إقناع قطاع واسع من الشارع التونسي بأنّ النقلة النوعيّة من دولة القمع والفساد والاختلال الجهوي المدمّر إلى الدولة النموذجيّة تنمية وأمنا ورخاءا يمكن أن يحدث في سنة أو سنتين، وأنّ التأخّر في إنجاز الدولة الحلم لا يعود إلى طبيعة المراحل الانتقاليّة وإنّما يعود إلى الضعف الفادح لحكومة تسير من قبل عديمي الخبرة وخريجي السجون والمهجّرين.
الذي ليس لديه دراية بالسّاحة السّياسيّة التونسيّة ثم يشرف فجأة على الأحداث سيستغرب بل سيذهل من وجود الباجي قائد السبسي في الصورة ولن يقتنع بأنّ هناك عوامل دفعت به إلى واجهة الأحداث إلا إذا عاينها معاينة تفصيليّة ، فشخصيّة كانت فاعلة بقوّة في نسخة الدكتاتوريّة الأولى ثم مشاركة بنجاعة في نسختها الثانية تقفز فجأة إلى صدارة المشهد السّياسي ما بعد الثورة أمر ليس من السهل استيعابه، لهذا لا يمكن تقديم السبسي بالشكل الذي تقدّم به الشخصيّات السّياسيّة الأخرى، فقوّة زعيم النداء تكمن في كاسحتين، يستعمل المال ككاسحة لإنجاز التظاهرات الأنيقة من خلال ضخّ الإمكانيّات ومؤازرتها بالدعاية ويستعمله لإعادة الامتيازات لأذرع التجمّع حتى تعود إلى سالف نشاطها، كما يستعمل الكاسحة الإعلاميّة لتهشيم خصومه ومن ثمّ تنمية جسمه التنظيمي من حطام الأجسام الحزبيّة التي استهدفها في غياب توعية حقيقيّة بطبيعة المراحل الانتقاليّة للثورات وفي غياب فكّ الارتباط بين رجال أعمال تحوم حولهم الشبهات ويخشون من المرحلة القادمة وبين أجهزة الإعلام، فإنّ السبسي قد يذهب بعيدا وقد يصل رحم بورقيبة ويعيد سلالة بن علي إلى قصر قرطاج.


محمد نجيب الشابي

يملك نجيب الشابي جرأة سياسيّة متضخّمة جعلت مساحة الحذر لديه ضعيفة بشكل كبير، ومكّنته من رفع الحواجز وشطب العديد من الخطوط الحمراء ومن ثمّ الاقتراب والاحتكاك “بالأجرام” السّياسيّة الملوّثة، وتعامل الشابي مع وجوه تجمعيّة متورّطة إلى النخاع أنقذها من السجون والمتابعات سماحة شعب اختار الثورة الناعمة، ويعتمد الشابي في تنقّلاته السلسة والغير حذرة بين التجمّعيّين والدساترة واليسار على مخزونه النضالي وعدم قدرة الآخرين على ابتزازه بالإدانات التاريخيّة، فالرجل عرف محاكم أمن الدولة منذ سنة 1966 وحوكم في سنة 1970 ووضع تحت الإقامة الجبريّة وخاصم بورقيبة مثلما خاصم بن علي، وتاريخه المشرّف ضدّ الدكتاتوريّة الأولى والثانية جعله يبالغ في توسيع مساحة المناورة السّياسيّة ولا يستنكف من المجاهرة بالتعامل والتساهل مع فلول التجمّع.
الغالب أنّ شخصيّة مثل الشابي وبالتركيبة التي يملكها كان يمكن أن يكون قاسيا في التعامل مع ماكينة بن علي الحزبيّة والإعلاميّة والماليّة، هذا لو تسنى لزعيم الحزب التقدّميّ أن يقود المشهد السّياسي التونسي بعد ثورة 14 جانفي، والذي حدث وامتص غضب الرجل وجفّف حقده التاريخي على التجمّع هو رفضه بجميع حواسه أن يكون هو وحزبه من حواشي الحياة السّياسيّة التونسيّة، وصعب عليه وهو الذي قضى ما يناهز النصف قرن من العمل السّياسي المحفوف بالمخاطر والمتاعب وهو الذي انطلق قبل جميع القيادات المتواجدة اليوم على السّاحة كما أنّه من القلائل الذين أنهوا مشوارهم بدون عثرات ولا تنازلات تذكر، وأشرقت عليه شمس الرابع عشر من جانفي دون أن يلقى مصير نضرائه أمثال الشرفي ومواعدة والرويسي وغيرهم، كل هذه المعطيات جعلت الشابي لا يعترف بل يرفض رفضا قطعيّا التسليم بأنّ الغنوشي ومن ورائه النهضة بصدد تصدر الخارطة الحزبيّة وهندسة الحياة السّياسيّة وقيادة المرحلة الانتقاليّة.
فَشَلُ الشابي في إنعاش الحزب الديمقراطي التقدّميّ والارتقاء به لمواجهة الخصم الإسلامي الذي جمع أجزاءه بسرعة قياسيّة وبات ينمو بنسق سريع، جعله يقرّر القطع مع ثقافة الثورة واعتناق مذهب البراغماتيّة ودخول حلبة الصراع من أجل الفوز بتركة التجمّع الدستوري الديمقراطي المنحل، استعمل الشابي سنة 2011 خطّة مضادّة لخطة السبسي التي دشّنها سنة 2012 ، فقد اعتمد الشابي على الحزب الديمقراطي التقدّميّ كنواة وجلب إليه أجزاء من التجمّع ليدثر بها حزبه، أمّا السبسي فقد استعمل التجمّع كنواة ثم شرع في توريته بقوى وعناصر من مشارب مختلفة.
التنقلات العشوائيّة والاستعجال وعدم الصبر على النمو الطبيعي لكيانه السّياسي كل هذه العوامل أفقدت الشابي خيار الطريق الثالث وجعلته مجبرا على انتزاع تزكية النهضة أو “متعهدو” نداء تونس من أجل الدخول في مراهنة جدّية على منصب الرئيس، هذه التزكية تلوح صعبة المنال من كلا الطرفين، فالنهضة وبعد استحواذ الرئيس على صلاحيّات كبيرة في الدستورالجديد أصبحت تميل وبقوة إلى تصعيد أحد قياداتها للمراهنة على هذا المنصب، وأمّا نداء تونس فمراكز القوى التي تملكه وتديره كل يتأبط مرشحه ويتحسّب لانسحاب السبسي من أجل الدفع به إلى الحلبة، وقد يفعلها السبسي ويسحب البساط من الكل ثم يقدم ابنه حافظ .
لهذا من المرجح أن نشاهد نهاية دراميّة للمسيرة السّياسيّة لمحمد نجيب الشابي، لأنّ طبيعته العنيدة تجعل من الصعب عليه القبول بالأمر الواقع والاكتفاء بوزارة أو كتابة دولة أو ببعض الأدوار الهامشيّة خاصّة بعد وصول المرزوقي إلى قصر قرطاج وهو الذي يعتبره مبتدئا في العمل الحزبي ثم وبعد وصول الجبالي والعريض إلى القصبة رغم فارق السنّ وفارق التجربة وهو أصلا لا يقارن نفسه بهما وإنّما بزعيمهما راشد الغنوشي.
سوف تكون أعين المعنيّين برهان الرئاسة متوجهة إلى الشابي ويقظة في متابعته، لأنّ الرجل لن يرضى بما دون الضاحية الجنوبيّة وليس لديه ما يخسره ومن المتوقع أن يتهوّر في طرق مختلف الأبواب واستعمال جميع ما لديه من أسلحة غير تقليديّة، بعد أن ينفض يده من النهضة ومن مراكز نفوذ النداء وربما بعض المحاولات الجانبيّة الأخرى، لن يكون قتال الشابي من أجل الرئاسة قتالا تقليديّا، ومن المرجّح أن يهرع نجيب في لحظة يأس إلى “الكاميكاز السّياسي”.


حمّة الهمامي

بتاريخ نضالي طويل وتجربة سياسيّة ممتدّة لحقبتي بورقيبة وبن علي وبطبيعة معاندة وشخصيّة صعبة الترويض، وغيرها من المواصفات الأخرى تمكن حمّة الهمامي من الاستحواذ على زعامة المشهد اليساري ومن ثمّ بروزه كمرشح للعديد من الحساسيّات القوميّة واليساريّة وبعض النخب النقابيّة والإعلاميّة، وما فتئ النسيج الذي اتخذ الجبهة الشعبية منصّة لفعله يحاول التسويق لأحد أكثر الزعامات الشيوعيّة شهرة في تونس وتقديمه بالصورة التي تليق بمن يطلقون على أنفسهم القوى التقدميّة والحداثيّة، ما عدا موقفه المتأرجح من الإسلام فإنّ الهمامي يملك تاريخا يمكن أن يحدث به اختراقات في السّاحة السّياسيّة إذا تمّ استثماره على الوجه الحسن.
ثلاثة عوامل رئيسيّة جعلت حظوظ الهمامي في المراهنة الجدّيّة على الرئاسيّات شبه منعدمة، العامل الأول يكمن في صعوبة إيجاد حلّ ولو ترميمي مع دين الدولة والشعب، فإذا استحضرنا علاقة الشيوعيّة بالدين وعلاقة الهمامي الوثيقة بالشيوعيّة واعتباره أحد قياداتها الراديكاليّة في تونس ثم أضفنا لها الارتباك الحادّ للرجل كل ما سئل عن دينه وعقيدته لا بل وصل به الأمر في بعض الأحيان إلى الغضب والتشنّج من جرّاء هذه الأسئلة التي يعتبرها ضمن الخصوصيّات التي لا يجب التطرّق إليها في الوقت الذي يعتبرها غيره عاملا من العوامل الداعمة ولعلّ جلّ أو كلّ الشخصيّات السّياسيّة لا تعلن عن دينها والاعتزاز به فحسب وإنّما تتبنى الدفاع عنه أكان ذلك بدافع الصدق أو بدوافع الانتهازيّة ومغازلة الشعب في أهمّ مقوّماته، إذا استحذرنا كل ذلك تبين أن ملفّ الزعيم اليساري يعاني من فجوة قاتلة فشل في معالجتها أو الحدّ من تداعياتها.
يتمثل العامل الثاني في استنساخ بدائي لآليّات وأدوات النضال ضدّ دولة القهر الشموليّة، وحزم جميع الأمتعة التي كانت تستعمل في الخصومات والصراعات الأديولوجيّة طوال مرحلة السبعينات والثمانينات ثم محاولة اقتحام الحياة الديمقراطيّة والتطلّع لإدارة الشأن العامّ بهذه الوسائل العتيقة التي ولدت في مناخ الصدام والتجاذبات والتي هي أبعد ما يكون على مرحلة تبحث على ثقافة التوافق، وبدل أن يحدث الهمامي توسعة هائلة في المشترك ويحترم مساحة الآخر الشريك والآخر المختلف عمد إلى هذه المساحة فضيّقها وبالغ في تضييقها، بل وذهب الأمر بالجبهة الشعبيّة التي يقودها إلى اعتبار أن تحقيق أهداف الثورة وبناء الدولة الحديثة وأحداث التنمية كلها تفاصيل ثانويّة أمام الهدف الأسمى والمنشود ذلك هو الإجهاز على خصم أديولوجي وإنهاء تواجده في مؤسّسات الدولة كمرحلة أولى ثم تغييبه عن الحياة السّياسيّة والحزبيّة في مرحلة ثانية في انتظار تأديبه بالوسائل التي يسمح بها المحيط الداخلي والخارجي.
أمّا العامل الثالث فهي تلك التصريحات المرتبكة والغير متجانسة بل والمتضاربة، فالهمامي نسج على منوال بعض قيادات الجبهة الشعبيّة وأصبح يأتي بمعطيات مخالفة للواقع وأطلق سلسلة من التصريحات الغريبة وقد صرّح بما يفيد أنّه يمكن التحالف مع بقايا التجمّع من أجل تحقيق أهداف الثورة ووصلت به الرغبة في النيل من نظرائه السّياسيّين إلى أن اتهم بعضهم بالكفر وعارض الثورة السوريّة وطعن في أحد أنجح تجارب التنمية عبر العالم خلال العقود الأخيرة واعتبر أنّ النجاح التركي وهميّ وذكر أنّ تركيا مرهونة لصندوق النقد الدولي في حين صرّح مسؤولو الصندوق أنّهم اقترضوا من اسطنبول 5 مليار دولار، ردود أفعال غريبة لا تحيلنا على شخصيّة بسيطة تتلمّس أطراف المعلومة بل تحيلنا على شخصيّة لديها دراية ومعرفة لكن الضغط الأديولوجي العالي دفع بها إلى العبث بالمعلومة والتلاعب بالمعطى.
الجدران الأديولوجيّة السميكة القاتمة ونفق الراديكاليّة الغائر حالت دون النمو الطبيعي لشخصيّة سياسيّة قادمة من عمق نضالي لا ينكر وقزّمت زعيم حزب العمّال الشيوعيّ وحوّلت الجبهة من حزب يفترض أن يتطلّع إلى السلطة عن طريق طرح برامج سمحة نافعة متينة يتقرّب بها إلى شعبه إلى حزب يسعى إلى قيادة الدولة عن طريق استهداف الدولة، لقد قدّم الهمامي نفسه بطريقة تجعل المجتمع لا يسعى من خلالها لخطب ودّه وإنّما يسعى لاتقاء شرّه، هكذا يكون زعيم حزب العمّال قد حرم نفسه كما حرم الخارطة السّياسيّة من شخصيّة وطنيّة كان يمكن ان تصنع التوازن وتقدّم الإضافة وتنتمي إلى فصيلة الكتل الكبيرة الفاعلة والبنّاءة ، واكتفى بالانتساب إلى فصائل الكتل المعطّلة.

بن جعفر

لا يمكن تناول زعيم التكتل مصطفى بن جعفر والحديث عن حظوظه بإطناب لأنه قوة سياسية خاملة ، ليس لديها عضلات المواجهة المباشرة وانما اقوى رصيدها وراس مالها في لعبة التوازنات ، فهذا الرجل يحسن الترقب وقد يتسلل الى القصر حين تكون القوى منهمكة في التناحر.




بقلم نصرالدين السويلمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.