بقلم : ناصر الرقيق شرف المثقف و الفنان الحقيقي أن ينطق و يكتب عن آلام أمّته و جراحها و أن يكون في قلب قضاياها و إلاّ عُدَّ حمارا يحمل أسفارا أو مجرّدمؤدّي يمثّل على الناس بما ليس فيه. فماذا تنفع الثقافة و الفنّ إن لم يكونا لنصرة المظلومين فما بالك إن كانوا إخوة دمٍ و دين ؟ و كيف ترضى لنفسك أن تؤدّي أدوار البطولة في الأفلام و المسلسلات ثمّ تكون مجرّد كومبارس في الحياة الواقعية ؟ فإن كان المقاوم يدفع الأذى بالسلاح، فالمثقف و الفنان يدفعانه بالقلم و بالفنّ. و عموم الأمّة ترفع أكفّها بالدعاء للإثنين، بالثبات في الميدان للمقاوم و بالثبات على الموقف للمثقف. المثقف الذي يتخلّى عن إلتزامه الأخلاقي تجاه قضايا أمّته هو مثقف خائن كما عرّفه ادوارد سعيد و هو الذي استهوته مُغريات السلطةوالجماهير فقادته إلى الانحياز لمصالحه الشخصية و النفعية على حساب دوره ومسؤولياته الأخلاقية. و مع الأسف الشديد السواد الأعظم من المثقفين و الفنانين في تونس هم من هذا النوع خاصة تجاه القضية الفلسطينية، قضيّة الأمّة المركزيةبل أكثر من ذلك فالكثير منهم حاشى أخيارهم إمّا مطبّعون أو مثبّطون لا يرون فائدة في أيّ نوع من المقاومة. و لعلّ ما يحدث مع الفنّان و الممثل المتميّز مهذّب الرميلي دليل على خيانة هؤلاء لأمّتهم و خذلانها في وقت هي في أمسّ الحاجة للنصرةبجميع أشكالها. فالممثل مهذّب الرميلي كتب تدوينة عبّر فيها بكلّ حريّة عن رأي يراه مناسبا للضغط على الكيان الصهيوني للتراجع عن حصاره و محاولاته المتكررة للسيطرة على المسجد الأقصى لكن أصواتا عديدة تركت كلّ جرائم الكيان الصهيوني و برزت تشيطن و تسبّ و تدعو لسحل مهذّب،لماذا ؟ لأنّه فاجأهم بهذا الإلتزام الأخلاقي تجاه القضية الفلسطينية و رمزها المسجد الأقصى. فما أتاه مهذّب الرميلي ذكّر هؤلاء في خيانتهم جميعا للقضية الفلسطينية و خذلانها فلم يكن أمامهم من حلّ سوى الهجوم عليه دفعه واحدة لمحاولة إخراسه و إعادته للحظيرة الفنيّة، فقد ودّت البغيّ لو كانت كلّ النساء بغايا حتّى لا تذكّرها واحدة بالشرف. و الملاحظ أنّ مهاجمي مهذّب الرميلي صنفان، صنف مطبّع فعلي كأمثال أولئك الذي يترددون على الكيان الصهيوني علنا و هؤلاء طبيعي أن يهاجموا من يهاجم وليّ نعمتهم. و صنف ثاني و هم أولائك الممثلين الفاشلين الذين آلمهم نجاح مهذّب الرميلي في جميع الأعمال الفنية التيقدمها خلال شهر رمضان و بالتالي فقد وجدوا فرصتهم فيه. من شاهد لقطة مهذّب الرميلي في مسلسل حرقة حين صاح viva la Tunisia و الدزاير و المغرب و ليبيا و مورتانيا و السينغال و افريقيا الكلّ، يدرك جيّدا أنّه لم يكن يمثّل بل كان صادقا في موقفه و كلامه و هاهو يجسّده في الواقع كمواطن تونسي عربي مسلم يرى بأمّ عينيهمقدّسا من مقدّساته يُنتهك و اخوة له يقتّلوا، فدعوا مهذّب يكتب و يعبّر كما يريد فهو أشرف من أشرفكم.