ضعف الإمكانيات المادية ووسائل العمل، غياب التواصل بين العاملين في المؤسسات وفقدان إرادة حقيقة للإصلاح وللنهوض بمؤسسات الإعلام السمعي البصري، هي أبرز الإشكاليات التي تعرض لها العاملون في هذه المؤسسات منذ أكثر من 11 سنة، خلال ورشة عمل تفاعلية حول "إصلاح الإعلام السمعي البصري العمومي والخاص" اليوم الثلاثاء بالعاصمة. وأكد العاملون في مؤسسات الاعلام السمعي البصري المشاركون في هذه الورشة أن الحديث عن الإصلاح منذ الثورة لم يفض إلى نتائج ملموسة، رغم تعاقب الحكومات وتعدد مشاريع الإصلاح بالشراكة مع مؤسسات ومنظمات دولية، معتبرين أن غياب الإرادة السياسية للقيام بنقلة حقيقية في المشهد الإعلامي في اتجاه خلق إعلام وطني في خدمة القضايا الحقيقية، هو السبب الرئيسي في ما وصل إليه القطاع اليوم. ... وشددوا على ضرورة التأكيد على محاسبة المسؤولين عن وصول المؤسسات الإعلامية إلى الوضع الحالي، وتقييم مدى تطبيق المسؤولين لما يرد في عقد الأهداف الذي ينتدب على أساسه،والحفاظ على هوية المؤسسات الإعلامية العمومية كإعلام عمومي لا حكومي يكون بوقا للدعاية لأي طرف كان، وتحمل الدولة لمسؤوليتها للحفاظ على ديمومة هذه المؤسسات لأن الإعلام العمومي ليس له هدف ربحي بل هدفه الرئيسي خدمة الصالح العام. ويعتبر ضعف الجانب التشريعي وغياب هيكلة واضحة وقوانين أساسية في مؤسسات الإعلام العمومي السمعي البصري، من الحواجز التي تحول دون تطور هذه المؤسسات وفق ما أشار إليه الصحفيون والمسؤولون المشاركون في هذه الورشة ، لافتين إلى وجود مشكلة تواصل بين مختلف الهياكل النقابية التي تمثلهم والتي تسعى كل من جهته إلى جمع أكبر عدد ممكن من الامتيازات لمنظوريهم دون التفكير في المصلحة العامة للجميع وللمؤسسة كوحدة متكاملة. ومن بين الحلول المقترحة ضمن وريقات عمل تم توزيعها خلال هذه الورشة اصدار قانون اساسي خاص بقطاع الاعلام السمعي البصري العمومي ينص في جانب منه على مصادر وطرق التمويل العمومي واعطاء صلاحية لمجلس ادارة المؤسسة وإعادة النظر في الية جمع الرسوم عن طريق فواتير استهلاك الكهرباء والتفكير اما في الدعم بموارد اخرى او فرض رسوم على الاشتراكات في الانترنات التي تسمح بمتابعة البرامج الاذاعية والتلفزية. ومن بين أهم التوصيات ضمن هذه الورشة تنقيح القانون الأساسي للعاملين في مؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسية وضبط هيكلة واضحة والتحكم في الموارد البشرية وإفساح المجال لكل العاملين في هذه المؤسسات لتقديم الإضافة وتطوير أقسام التسويق لجلب أكبر عدد ممكن من المستشهرين لدعم الموارد المالية. وذكر رئيس النقاية الوطنية للصحفيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي في تصريح إعلامي بالمناسبة ، أن النقاش حول السياسات العمومية لإصلاح الإعلام العمومي انطلق منذ فترة طويلة مشددا على أنه لا توجد حلول سحرية لهذه الوضعيات في مؤسسات الاعلام العمومي ولا يمكن إيجاد حلول فوقية تفرض على العاملين في القطاع ، بل لا بد من اعتماد سياسة تشاركية للوصول الى الحلول الممكنة والخروج بورقات تضم الاصلاحات اللازمة، إصلاحات تشريعية وتعديل النظم الاساسية والإصلاحات الهيكلية في بعض المؤسسات. واضاف قوله " يعتبر الكثيرون أن الاعلام العمومي لم يعد قادرا على المنافسة وعلى كسب رهان السرعة والنجاعة بل أن هناك من يعتبر وسائل الإعلام العمومية "متخلفة" تفتقر إلى أبسط وسائل العمل في ظل غياب أي رؤية مستقبلية". وأكد غياب أي إرادة سياسية للاصلاح باعتبار أن الدولة والحكومة ليس لها أي اهتمام بقطاع الاعلام ومن أكبر الأدلة على ذلك غياب مكلف بملف الإعلام في كل من رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية والذي يعتبر سابقة حسب تقديره، مشددا على أن غياب الإرادة الحقيقية من السلطة لإصلاح الاعلام ليس مبررا للتسليم بالأمر الواقع بل مواصلة العمل والنضال في انتظار توفر الظرف السياسي المناسب لتنفيذ هذه الاصلاحات. وبخصوص هذه الورشة فقد أوضحت نائبة رئيس النقابة أميرة محمد أنها تندرج في إطار مشروع دعم حرية التعبير والاعلام في تونس بالشراكة مع منظمة ايفوس ، وهو مشروع انطلق بورشسات تحضيرية بحضور كل الاختصاصات الصحفية ، وأن هذه الورشة ستتبعها ورشات أخرى حول الصحافة المكتوبة والانتقال الرقمي ومشكل الرقمنة والتحديات المطروحة وذكرت أنه سيتم التوجه لاحقا للجهات لتنظيم ورشات أخرى ستتوج بندوة كبرى يجتمع فيها كل المتدخلين ويتم تجميع كل التوصيات لعرضها على المؤتمر الوطني للسياسات العمومية. ويتضمن برنامج الورشة تنظيم حصة مسائية مخصصة للنقاش حول وضعية الاعلام السمعي البصري الخاص والجمعياتي بعد ان تركز النقاش في الحصة الصباحية حول وضعية الاعلام السمعي البصري العمومي. تابعونا على ڤوڤل للأخبار