في ليلة رمضانية شيقة وفي حضور جماهيري غفير دارت بملعب 7 نوفمبر برادس مباراة الترجي الرياضي التونسي وفريق مازمبي الكونغولي في إطار الجولة الرابعة من دوري المجموعات من كأس رابطة الأبطال الإفريقية. وتكتسي هذه المباراة أهمية كبرى لأن الرهان فيها كبير وهو البقاء بالمرتبة الأولى بالنسبة لفريق مازمبي في حال انتصاره أو تعادله وهو العودة إلى المرتبة الأولى والانفراد بها بالنسبة إلى الترجي، ولتحقيق هذه الغاية ليس أمامه من خيار إلا الفوز. والسؤال هل سيتمكن الترجي من تحقيق الفوز وتدارك عثرة الجولة الماضية ضد نفس الفريق؟؟!! وإلى جانب هذا السؤال يطرح من يتابع المباراة أسئلة أخرى تتصل بلاعبين ثلاثة موجودين بالتشكيلة الأساسية للترجي التي واجهت مازمبي وهم روجي توندوبا ووليد الهيشري ومايكل إينيرامو: فهل سيحسن روجي استغلال الفرصة التي أتيحت له وهي العودة إلى التشكيلة الأساسية بسبب جمع مجدي التراوي لإنذارين وبعد المشاكل التي حصلت لهذا اللاعب الكاميروني مع مدرب الفريق فوزي البنزرتي؟؟!! وهل سيكون المدافع وليد الهيشري عند حسن ظن الجميع ويقدم الإضافة المرجوة إلى الدفاع وهو الذي يلعب لأول مرة قاريا بزي الترجي؟؟! وكيف سيكون مردود الدبابة البشرية مايكل إينيرامو في هذه المباراة بعد المشكلة التي أثيرت حول شارة القيادة في مباراة البطولة ضد الترجي الرياضي الجرجيسي وكادت تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه؟؟!! بالنسبة إلى روجي قدم مباراة عادية جدا ولم يبرز بشكل كبير في وسط الترجي ولكنه لم يقدم مباراة سيئة بأي حال من الأحوال، ومردوده قابل للتحسن إذا ما أتيحت له فرص أخرى للمشاركة في المباريات القادمة. أما المدافع وليد الهيشري فقد كان صراحة مفاجأة المباراة إذ قدم مردودا متميز جدا وأضفى على الدفاع توازنا وصلابة نكاد نقول عنها إنها كانت مفقودة في الفريق وكان بالفعل صمام أمان الدفاع، هذا المدافع طويل القامة كان موجودا في كل الكرات وقطع الكثير منها بكل ثقة في النفس وأبعد الخطر في أكثر من مناسبة وخاصة في الدقيقة 56 من المباراة وحينما كان الترجي متفوقا بنتيجة هدفين لصفر تمكن في مناسبتين متتاليتين وبفضل حسن تمركزه أمام المرمى من إنقاذ الفريق من هدفين كادا يكونان محققين. ولم يكتف وليد الهيشري بدوره الدفاعي وإنما سعى إلى الاضطلاع بدور هجومي واضح توّجهُ بتسجيل الهدف الثالث للترجي برأسية جميلة بعد إمداد من خالد القربي في الدقيقة 87 من المباراة التي قتلها بهذا الهدف الجميل. أما مايكل إينيرامو فأثبت أنه فعلا دبابة بشرية، وأنه لما يريد أن يقدم مردودا متميزا ولما يكون هناك تحدّ في انتظاره فإنه لن يتوانى عن الإبداع وتسجيل الأهداف الحاسمة. فمايكل وبعد الخطأ الذي قام به في مباراة البطولة كان مطالبا بالاعتذار وبتثبيت نفسه في الفريق وبالعودة إلى قلوب الترجيين. ولذلك لعب إينيرامو من المباراة سبعين دقيقة قدم خلالها مجهودات جبارة وكان خطرا داهما ومستمرا على دفاع فريق مازمبي على الرغم من أن مايكل لم يشارك في كل التحضيرات الخاصة بالمباراة. إينيرامو لم يبخل بحبة عرق واحدة ولقد كان حريصا فعلا على أن يكفّر عن ذنبه في حق الفريق بطريقته الخاصة، فسجل هدفا أولا ممتازا بعد إمداد رأسي صادر عن خالد القربي من دائرة وسط الميدان وذلك في الدقيقة 20 من المباراة، ثم أردفه بهدف ثان في الدقيقة 47 بعد مجهود بدني وفني كبير جدا أبرز به أنه مصمم بكل قواه على العودة إلى قلوب الترجيين معززا مكرما عبر دفعهم إلى نسيان ما حصل سابقا. ولم يكن الحظ إلى جانب إينيرامو إذ أضاع فرصة تثليث النتيجة في الدقيقة 49 بعد عملية فنية رائعة في منطقة جزاء الفريق الكونغولي ولكن الكرة ناصبت إينيرامو العداء فاصطدمت بالقائم الأيسر لحارس فريق مازمبي وحرمته من أن يعتذر للترجيين بالثلاثة. وبعد المجهود الكبير جدا الذي بذله إينيرامو و خاصة في ظل نقص المشاركة في التحضيرات بالنسبة إليه قرر فوزي البنزرتي أن يعوضه في الدقيقة 70 باللاعب العائد إلى فريقه صابر خليفة . وهكذا أتاح البنزرتي لإينيرامو أن يغادر الميدان تحت وابل من تصفيق الجماهير الحاضرة وتشجيعاتها لتكون الصورة مغايرة تماما لما وقع لإينيرامو يوم غادر الميدان في مباراة الجولة الثالثة من الرابطة المحترفة الأولى ضد ترجي جرجيس. وهكذا فإن الترجي كسب الرهان بكل استحقاق ففاز في هذه المباراة الهامة بنتيجة ثلاثة أهداف لصفر، وهي نتيجة طيبة جدا لأنها تحققت أمام فريق عتيد فائز بآخر نسخة من كأس رابطة الأبطال الإفريقية ولأنها أعادت الترجي إلى تصدر ترتيب مجموعته بمفرده مما يعني أنه وضع قدما في الدور نصف النهائي ولأن نتيجة ثلاثة أهداف لصفر تجعل الترجي متفوقا على مازمبي إذا ما وقع الالتجاء إلى احتساب المواجهات المباشرة بينهما بما أن نتيجة الذهاب كانت هدفين لواحد لصالح مازمبي. ويكفي الترجي نقطة واحدة في المباراة القادمة حتى يضمن ترشحه بصفة رسمية إلى الدور نصف النهائي من كاس رابطة الأبطال الإفريقية. أما إذا أراد الترجي أن يضمن الترشح إلى نصف النهائي متصدرا لترتيب مجموعته وهذا هو المطلوب والمنتظر فعلا فعندها يكون مطالبا بالحصول على الأقل على أربع نقاط أخرى من جملة ست نقاط ممكنة في مباراتين متبقيتين ضد كل من وفاق سطيف بعد أسبوعين من الآن بملعب رادس وضد ديناموس خارج تونس ليصبح رصيده آنذاك 13 نقطة مما يؤهله للانفراد بالطليعة. الترجي في هذه المباراة حقق المهم وهو الانتصار والظفر بثلاث نقاط وقد قدم مستوى مقبولا في الجملة ضد فريق عتيد وصعب المراس، ولكن على الرغم من ذلك فإن الفريق مازال ينتظره عمل كبير حتى يصبح أكثر تكاملا وأكثر تنظيما في كل خطوطه وأكثر إقناعا في طريقة لعبه وأكثر طمأنة لأحبائه مما يؤهله لضمان الفوز بكأس رابطة الأبطال الإفريقية بكل استحقاق وفي أفضل الظروف وهذا ليس بعزيز وعسير عليه في ظل الإمكانيات الجبارة الموضوعة تحت ذمة الفريق وتصرفه. ولا شك أن تحسن المردود سيتحقق مع مزيد خوض المباريات وعودة بعض اللاعبين المصابين أو المعاقبين مثل وجدي بوعزي و مجدي التراوي ...