ظاهرة خطيرة جدا تفشت في كرتنا في السنوات الأخيرة وهي حصول إشكالات مالية لعدد من رؤساء الجمعيات الذين يتخلون تلقائيا وبرغبتهم أو يجبرون على ذلك عبر ممارسة الضغوط عليهم عن مسؤولية التسيير في نواديهم، فلقد صار من العادي جدا ومن المتداول في أوساط الرأي العام الرياضي أن نسمع أن رئيسا سابقا بجمعية رياضية مهدد بدخول السجن إن لم يسوّ وضعيته المالية ولم يسدد الديون المتخلدة بذمته أو لم يبادر إلى خلاص صكوك بدون رصيد كان قد سلمها إلى الآخرين، أو أن رئيسا سابقا يطلق صيحة فزع عبر وسائل الإعلام لأنه واقع في ورطة مالية خانقة ويطلب المساعدة على الخروج من تلك الورطة ... لنتصور الأمر على هذه الشاكلة: رئيس جمعية رياضية له حظوته ومكانته الاجتماعية، كان يطلع علينا عبر وسائل الإعلام بصفته المسؤول الأول عن جمعيته، فيحدثنا عن طموحات فريقه ويبين لنا الصعوبات التي تواجهه ويؤكد عزمه الكبير على تجاوزها، ولكن بعد مدة وجيزة يصبح مهددا بدخول السجن مهددا بالإفلاس والحياة في صعوبات مالية جمة ؟؟!! أليس الأمر خطيرا جدا وغير منطقي وغير مبرر وغير مقنع؟؟!! وهل من المقبول أن نجد رئيس جمعية متطوعا يقدم خدمات جليلة لناديه على حساب صحته وعائلته وماله وعمله ثم بين عشية وضحاها يغدو مهددا بالسجن والإفلاس؟؟!! أليس من المؤسف بل من المفزع والمؤلم أن تكون نهاية رئيس جمعية نهاية مأساوية؟؟!! ومن المؤهل لأن يحمي رؤساء الجمعيات من تلك الورطات المالية ومن ذلك المصير الغامض والمجهول الذي ينتظرهم بعد انتهاء مهامهم؟؟!! ومن المسؤول عن تلك الوضعيات التي يجدون فيها أنفسهم في الأخير؟؟!! هل هي الصعوبات المالية التي تعيشها الجمعيات الرياضية أو بالأحرى عدد كبير منها؟؟!! أم هم أنفسهم مسؤولون عما تؤول إليه أحوالهم؟؟!! بطبيعة الحال فإن كثيرا من الجمعيات في بلادنا تعترضها صعوبات مالية جمة في بداية الموسم وفي وسطه وفي نهايته والسبب الأهم في ذلك هو قلة الموارد المالية، وبما أن تلك الجمعيات لا تعتمد سياسة مالية واضحة المعالم بل يتم تسييرها بطرق رعوانية بدائية تزيد في تأزيم الوضع وتعقيده أكثر مما تبحث له عن حلول فإن كل رئيس جمعية يجد نفسه "يهز ساقا لتغرق أخرى" ويبذل قصارى جهده للقضاء على الأزمة المالية التي تعيشها جمعيته ولا تعنيه الوسيلة ولكن ما يعنيه هو أن ييسر سير العمل داخل النادي وأن يتواصل العمل صلبه، وعندها يتداخل الخاص والعام وتصبح الجمعية وكأنها من الممتلكات الخاصة لرئيسها، ويتداخل الحسابان البنكيان: حساب الرئيس وحساب الجمعية حتى أن بعض الرؤساء يحولون أموال صفقات بيع اللاعبين إلى حساباتهم البنكية الخاصة بهم دون أي حرج، وتخرج صكوك بنكية من الحساب الشخصي لرئيس النادي وتتكاثر تلك الصكوك وتتناسل ويصبح أكثرها بدون رصيد، وفي النهائية يكون رئيس الجمعية عرضة للتتبعات العدلية لأنه في رأيه أراد بكل بساطة أن ينقذ ناديه من الورطات و الغصرات ... ولكن الرغبة الصادقة والنية الطيبة لا تكفيان في مثل هذه الوضعيات وإنما ينبغي أن تخضع السياسة المالية في كل الجمعيات إلى ضوابط وإلى شفافية، و نبغي الفصل التام بين ما هو عام (أي ما يتبع الجمعية) وما هو خاص (أي ما يتبع رئيس النادي)، ومن الضروري أن يكون لأمين المال في أي جمعية دور هام ومؤثر في التسيير المالي، فنحن لم نسمع أبدا عن أي مشكلة وقع فيها أمين مال في أي جمعية، وهذا يعني أن أمين المال "يده فوقانية" لا يبل ولا يعل، وكل المسائل المالية هي بيد رئيس الجمعية دون غيره وهو من يتحمل المسؤولية في الأخير، و في هذه الحال من الأفضل أن تكون خطة أمين المال خطة قارة في كل جمعية لا تتأثر بمجيء هذا الرئيس أو خروج ذاك وأن تكون هناك محاسبة مالية لكل جمعية في إبانها ولا ننتظر نهاية الموسم و الجلسة العامة حتى تتم المحاسبة " بعد أن يكون الماء قد ساب على البطيخ "...!! مشاكس صكوك أحمد القروي في بالمكشوف