سمير الخالدي عاد أكثر من مليوني تلميذ إلى المدارس في تونس مع بداية السنة الدراسية 2025-2026، لكن خلف فرحة العودة إلى الدراسة تختبئ تحديات كبيرة تهدد مستقبل التعليم. تكاليف الكتب واللوازم المدرسية ارتفعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، لتشكل عبئًا حقيقيًا على الأسر، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار، مما يضطر الكثير من العائلات للاعتماد على الدعم الحكومي أو الجمعيات الخيرية. العنف المدرسي يواصل التفاقم، فيما الفصول الدراسية مكتظة، والمناهج التعليمية لا تزال تقليدية ولا تلبي تطلعات التلاميذ. الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن نسبة غير الراضين عن جودة التعليم تصل إلى 70% من المواطنين، مقابل 29% فقط يشعرون بالرضا، وهو ما يعكس فجوة صادمة بين الواقع التعليمي وتطلعات المجتمع. حالات العنف والتسرب المدرسي تزداد في المدارس الإعدادية والثانوية، حيث تؤثر العوامل الاجتماعية والنفسية على تحصيل التلاميذ واستمرارهم في التعليم. البنية التحتية للمدارس لا تزال ضعيفة في العديد من المؤسسات، مع نقص واضح في المكتبات وقاعات الدراسة والمرافق الأساسية، ما يزيد من صعوبة توفير بيئة تعليمية محفزة وآمنة للتلاميذ. كما يبرز نقص الكفاءات التعليمية والاكتظاظ في الفصول كمشكلة رئيسية تقلل من فعالية التدريس، وتؤكد الحاجة الماسة إلى إصلاحات جذرية في النظام التعليمي. لكن الحلول ممكنة إذا توافرت الإرادة السياسية والرؤية الواضحة. تحديث المناهج لتعزيز التفكير النقدي والإبداعي، تكوين مستمر للمدرسين لتطوير مهاراتهم التربوية والتكنولوجية، تحسين البنية التحتية للمدارس، وإشراك القطاع الخاص لدعم الموارد المالية والتقنية، كلها خطوات يمكن أن تصنع فرقًا حقيقيًا. كما أن تعزيز الشراكة بين الأسرة والمدرسة وتوفير برامج الدعم النفسي والاجتماعي للتلاميذ يعد جزءًا أساسيًا من الحل لمكافحة التسرب المدرسي وتحسين بيئة التعلم. التحديات كبيرة، لكن الفرصة موجودة لإحداث تغيير حقيقي. الأجيال القادمة تستحق تعليمًا أفضل، ونجاح الإصلاحات التعليمية هو مفتاح مستقبل تونس. السؤال الآن: هل سنستمر في الانتظار والمراقبة، أم سنبدأ التغيير الفعلي الذي ينتظره ملايين التلاميذ؟