نوتينغهام فورست يزيد معاناة ليفربول ويفوز عليه 3-صفر بملعب أنفيلد    كاس رابطة ابطال افريقيا: الترجي الرياضي يكتفي بالتعادل صفر-صفر مع الملعب المالي    بطولة افريقيا للرماية بالقوس والسهم: ميداليتان برونزيتان لتونس    نحو ابرام اتفاقية شراكة في القطاع الفلاحي مع الباكستان    خبير يُحذّر من تخفيض أسعار زيت الزيتون في تونس    بطولة الرابطة الاولى (الجولة15-الدفعة1): النتائج والترتيب    العاب التضامن الاسلامي: تونس تنهي مشاركتها في المركز 15    شكوني خنساء مجاهد اللي قتلوها بالزاوية في ليبيا بالرصاص؟    أبرد بلاصة في تونس اليوم السبت... الرصد الجوي يكشف    "أطباء بلا حدود" تحذر من انهيار الوضع الإنساني في غزة    في بالك في كوجينتك عندك : سر طبيعي يرفع المزاج ويقوّي الصحة    عاجل/ اطلاق سراح هذا النائب السابق بالبرلمان..    ردا على الاتهامات.. راغب علامة يوضح موقفه من أزمة فضل شاكر    جنوب إفريقيا: المشاركون في قمة "العشرين" سيصدرون بيانا مشتركا رغم معارضة واشنطن    جندوبة: تساقط الثلوج في عين دراهم (صور)    نهاية ديسمبر: تونس تطلق موجة جديدة من التضامن الإنساني مع فلسطين    عاجل : صراع علني لشيرين عبد الوهاب يكشف لأول مرة    خلال زيارته لمؤسسات تكوين بالجزائر وزير التشغيل يستعرض تجربة تونس في مجال التكوين المهني    لأول مرة في تونس: إجراء 3 عمليات دقيقة بالليزر الثوليوم..    الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة تنظم سلسلة من الجلسات التوعوية عبر الانترنات لدعم جهود مكافحة المضادات الحيوية    مدينة تغرق في الظلام...لأكثر من شهرين    عاجل: هذه تفاصيل اصابة فرجاني ساسي    مهرجان القاهرة السينمائي : عفاف بن محمود تفوز بجائزة أفضل ممثلة في مسابقة &1649;فاق السينما عن دورها في "الجولة 13"    ميزانية الدولة 2026: الكشف عن ميزانية هذه الوزارة..#خبر_عاجل    الدورة الثالثة للصالون الدولي للانتقال الطاقي تحت شعار "الانتقال الطاقي ... نحو تنمية مستدامة" من 26 الى 28 نوفمبر الجاري    افتتاح معرض والإعلان عن نتائج مشروع ضمن مبادرة جديدة لإحياء المدينة العتيقة بسوسة عبر دعم الحرف التقليدية وتطوير الاقتصاد المحلي    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    العاصمة: الاحتفاظ بصاحب دراجة"'تاكسي" بعد طعنه عون أمن داخل مركز    عاجل: تالة تحت الصفر... -2 درجة وبرودة شديدة اليوم    مرصد سلامة المرور يدعو مستعملي الطريق إلى التقيّد بجملة من الاجراءات في ظل التقلبات الجوية    عاجل: الترجي اليوم ضد الملعب المالي: التشكيلة المتوقعة وهذه هي الغيابات    منها إسرائيل وروسيا.. ما قصة شحنة الأسلحة "التائهة" بين 5 دول؟!..    الشتاء يطرق الأبواب: كميات أمطار قياسية وثلوج بالمرتفعات...شوف قداش    عاجل: إيقاف الدروس بعين دراهم بسبب الثلوج    ترامب ينهي الحماية القانونية للمهاجرين الصوماليين في مينيسوتا    وزيرة المالية تشرف على تدشين المقرات الجديدة للمصالح الديوانية بالمنستير وسوسة    ولاية تونس : جلسة عمل تنسيقية حول الاستعدادات لتنظيم الدورة 38 لماراطون كومار تونس قرطاج يوم الأحد القادم    وزير الاقتصاد: تعدد مؤشرات التعافي التدريجي للاقتصاد يقتضي تسريع نسق تنفيذ المشاريع في الجهات    أوّل لقاء بين ترامب وممداني في البيت الأبيض    قريصيعة يؤكد ضرورة اكتمال تركيبتي مجلسي القضاء العدلي والمالي حتى يقوم مجلس الأعلى المؤقت للقضاء بدوره    وزير الاقتصاد: الوضع الاقتصادي في تونس يعد جيدا    عاجل/ فاجعة تهز هذه المنطقة..وفاة الأب ونجاة الرضيع..    أيام قرطاج المسرحية: افتتاح بطعم العمالقة    حوار الأسبوع: الفنانة فادية خلف الله ل «الشروق» ...إتبعت الطريق الأصعب    انعقاد الدورة 29 للجنة الإفريقية للإحصائيات الزراعية المنضوية تحت منظمة "فاو" من 24 إلى 28 نوفمبر 2025 بالحمّامات    وزيرة الصناعة: صادرات تونس من منتجات النسيج ستتجاوز 7.5 مليون دينار    مرّة في الأسبوع: انشر ''المخادد' للشمس...    اتفاقية تمويل بقيمة 1333 مليون دينار لفائدة الستاغ..#خبر_عاجل    عاجل/ تراجع الثروة السمكية بنسبة 60% في هذه الولاية..    عاجل/ العثور على جثة امرأة بهذه الجهة..    اليوم وغدا: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق    رغم فوائده الصحية.. 6 مخاطر محتملة للشاي الأخضر..    عاجل/ حادثة حرق 5 سيارات بجبل الجلود..تفاصيل ومعطيات جديدة..    وزيرة الشؤون الثقافية تكشف ملامح الإصلاح الشامل للقطاع    الضريبة في الإسلام رافد هام من روافد التنمية    خطبة الجمعة: الإحسان إلى ذوي القربى    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    السبت مفتتح شهر جمادي الثانية 1447 هجري..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا نحتاج إلى "طباخ الريس"... ومؤامرة خطرة تحاك ضد تونس الياسمين
نشر في باب نات يوم 17 - 01 - 2011

تحية من القلب إلى ثورة الياسمين التي أزالت الخوف عنا جميعا وأتاحت كتابة مثل هذا المقال، ونحن ندين لها بالجميل... فرحم الله شهداء ثورة الياسمين.....
شاهدت عدة مرات الشريط المصري "طباخ الريس" الذي قام ببطولته الممثلان المصريان خالد زكي في دور الريس أو الرئيس وطلعت زكريا في دور طباخ الريس. وورد في هذا الشريط أن الرئيس كان محاطا بمجموعة من المسؤولين الذين يتحكمون في كل شيء ويتدخلون في أنشطة الحاكم الأول وتحركاته بشكل غريب حتى بدا في بعض الأحيان كالدمية التي يتلاعب بها الأطفال. ولقد كان للرئيس إحساس بأنه محاصر من هؤلاء الكذابين الذين يغالطونه وينقلون له صورة مغلوطة عن الوضع بالبلاد واكتشف في وضعيات ووقائع عديدة مشطرة من كذبهم، إلا أنه كان يتعامل معهم ومع مغالطاتهم بسلبية كبرى إذ لم يتخذ معهم أي إجراء وكان يقبل بكل ما يفعلونه مما شجعهم في كل مرة على التمادي فيه. وقرر سيادته ذات مرة أن ينزل وحيدا إلى الشارع ليكتشف الوضع بنفسه عن كثب فإذا بالجماعة إياها يفرغون الشوارع من الناس عبر إخافتهم من حدوث كسوف للشمس يضر بأعينهم، وتعجب سيادته من الأمر وطرح هاتفيا على أحدهم: أين ذهبتم بالشعب؟ وحتى لا نطيل تعرف سيادته على طباخ لم يبال بالتحذيرات ونزل إلى الشارع حتى يقف على عربته ويبيع بعض المأكولات وتعرف أيضا على شيخ ضرير. وقرر سيادته أن ينتدب ذلك الطباخ ليعمل بالقصر ويصبح طباخه الخصوصي. إلا أن ذلك الطباخ صار في ما بعد عين سيادته وأذنه اللتين تنقلان إليه الصورة على حقيقتها وتعرّف على كثير من المعطيات التي كان يجهلها تماما، مما حدا بالمجموعة إياها في مرحلة أولى إلى تحذير الطباخ من مغبة الاستمرار في إمداد سيادته بالمعلومات وفي مرحلة ثانية إلى إقصائه عن دوره حتى يتم تجفيف مصدر المعلومات الذي اعتمده الرئيس في غياب الفراغ الذي يحيط به على الرغم من وجود تلك الزمرة المغالطة حوله...
وفي كل مرة أشاهد هذا الشريط السينمائي أتساءل: هل هذا الشريط مدح للرئيس الساعي إلى معرفة الحقيقة؟؟ أم هو انتقاد له بسبب عدم اطلاعه على أوضاع البلاد وإحاطة نفسه بأولئك الرهط من المنافقين الكذابين أنصار إبقاء الوضع على ما عليه وعدم إزعاج سيادته بأشياء "تافهة"؟؟ وكنت أتساءل أيضا: هل حقا هناك رؤساء في زمننا اليوم بهذا الشكل تغيب عنهم أكثر المعطيات عن أوضاع بلدانهم وأبسطها وأن هناك من يزين لهم الوضع ويضع في أذهانهم أن الأمور "لاباس زيت على الماء" مهما تكن سيئة ومتدهورة؟؟
وفي الحقيقة لم أكن أصدق مثل هذا الأمر وكنت أعتبره نوعا من التضخيم والمبالغة وضربا من التصوير الكاريكاتوري وشكلا من أشكال من الكوميديا ليس إلا، لأن في اعتقادي البسيط لا يعقل أن رئيس دولة بحكم موقعه ودوره تنطلي عليه الأكاذيب والمغالطات ونحن في زمن الانترنيت بتفرعاته وزمن الفضائيات، والمعلومات البسيطة والهامة لم تعد تخفى على المواطن البسيط فما بالك برئيس دولة....
إلا أنني هذه الأيام تذكرت من جديد أحداث شريط "طباخ الريس" بعد أن استمعت إلى الرئيس التونسي السابق يقول "غلطوني" وإنه سيحاسب من قام بمغالطته وتساءلت: هل فعلا هناك من غالطه؟؟ هل الرئيس في الفيلم هو الرئيس السابق في تونس؟؟ هل الرؤساء في حاجة إلى طباخين حتى ينقلوا لهم الصورة عن البلاد كما هي دون تزييف؟؟ هل الدولة بكل أجهزتها وإعلامها تعطل دورها واختزلت كلها في طباخ صار القناة الوحيدة التي تمد الرئيس بالمعلومات؟؟ أليس خطأ كبيرا يقوم به الرئيس أي رئيس حين يترك نفسه لعبة في أيدي مجموعة من الكذابين يعلم أنهم يغالطونه ويعزلونه عن أوضاع البلاد ويقبل بوجودهم حوله هذا على افتراض أننا نصدق حقا أنه لا يعلم وأنه لم ينتبه إلى كذبهم؟؟ أليس عيبا أن يقر رئيس دولة أنه تمت مغالطته وأنه لا يعلم أن البلاد تسير إلى الهاوية؟؟ أليس خطأ جسيما أن تتعطل كل أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة وأن يُغيّب الإعلام تغييبا كليا فيحصل الفراغ الرهيب الذي يدخل منه أعداء الشعب وأصحاب المصالح الضيقة واللصوص المحترفون فينهبون قوت الشعب ويكممون أفواهه؟؟
إن ما وقع في تونس درس بليغ جدا جدا، ولكنه درس مكلف للغاية دفع فيه الشعب التونسي سنوات من تحمل القهر والظلم والاستبداد والاعتداء على كل شيء يخصه، ودفع فيه من أرواحه ودمائه إبان الانتفاضة،إبان ثورة الياسمين وما أحلى هذه العبارة، دفع فيه من مكاسبه حتى يحقق الحرية، والحرية لا تهدى بل تكتسب وتفتك من براثن الوحوش... هذا درس بليغ للمستقبل حتى لا تتكرر أخطاء الماضي وحتى لا تذهب دماء من سقطوا فداء للحرية المنشودة هباء منثورا وحتى لا يقع العبث بتضحيات الشعب ماضيا وحاضرا...
وإن هناك إلى الآن أيادي من تونس وخارجها تريد العبث بما أنجزه الشعب التونسي العظيم وتحيك مؤامرة كبرى ضده للإضرار به عبر إشاعة الخوف في الناس وبث الفزع في قلوبهم بما ينجز من أعمال قتل وتخريب لمكاسب البلاد حقدا وغلا وانتقاما وكأن تلك المكاسب تحققت من جيوب هؤلاء المخربين السفلة وبما يبث من إشاعات هنا وهناك ترمي إلى مزيد بث ثقافة الخوف من الحاضر والآتي وتكريس فكرة البكاء على الماضي والتحسر عليه و"الترحم على العهد البائد"...
ولكن الشعب العظيم مازال يلقن هؤلاء المراهنين على الفوضى الساعين إلى الانتقام دروسا وعبرا فاجأتهم جميعا لأنه هو الذي بادر إلى حماية نفسه وممتلكاته ودعم قوات الجيش والأمن لضمان الاستقرار والأمن... والآن من يزور بعض المدن والقرى والأحياء يشاهد شبابا يسهرون الليل تلقائيا ليحرسوا مكاسبهم وليتصدوا لعصابات المخربين الذين ساءهم أن يفوز الشعب التونسي بحريته، الذين أرادوا أن يقضوا على رائحة الياسمين في ثورته ويعوضوها برائحة الحرائق التي يشعلونها هنا وهناك في مؤامرتهم الحقيرة القذرة.... الأمر غريب جدا، بل الأمر جدير بالإعجاب: بعض من الشباب الذي كان مهمشا الموصوف بصفات سيئة جدا كالقول إنه ضائع ومقبل على تعاطي الخمر وأشياء أخرى يهب تلقائيا إلى حماية الممتلكات العامة والخاصة، يتصدى لتلك العصابات المسلحة ويطارد عناصرها ويوقف بعضا منهم ويسلمهم لقوات الجيش والأمن في شجاعة نادرة ... لقد كنت شاهد عيان على ما يقوم به هؤلاء الشباب، إنهم حريصون على الأمن ويظلون مستيقظين حتى الصباح في ظروف مناخية قاسية أحيانا يحرسون كل شيء وسط تشجيع من المواطنين الذين يوفرون لهم كل ما يحتاجونه في مشهد لا مثيل له في التلاحم والتكاتف والتضامن الحقيقي بين الجميع من مواطنين وقوات الجيش والأمن وعدد من المسؤولين الشرفاء، ويسعون إلى تأمين عمليات إمداد مدنهم وقراهم وأحيائهم بالحاجيات عبر توفير مسالك آمنة لشاحنات التزويد... إنهم يقومون في ظل تعطل بعض مؤسسات الدولة بعمل جبار جدا في كنف الإحساس بالمسؤولية وحب الوطن... إن هؤلاء المهمشين مع بقية المواطنين وقوات الجيش والأمن وعدد من المسؤولين الحقيقيين ضربوا أروع الأمثلة في الوعي وحب المحافظة على مدنهم وقراهم وأحيائهم في مسؤولية نادرة وفي رد قاس على الذين راهنوا على أن ينفجر هؤلاء المهمشون المظلومون ليردوا الفعل ويخلقوا الفوضى لتسير البلاد إلى المجهول... لقد وقعت أمامي حادثة تثير الإعجاب بشكل كبير وتغني عن كل تعليق: شاب عاطل عن العمل هو في الأيام العادية في حاجة إلى مبلغ مالي بسيط بادر من الأوائل إلى الاضطلاع بمهمة حراسة مدينته بمنشئاتها المختلفة، كانت عيناه حمراوين بفعل أنه لم ينم لليلتين، فقرر أحدهم أن يعطيه مبلغا ماليا (عشرة دنانير) تشجيعا له على ما قام به وعلى الاستمرار فيه، فما كان من الشاب العاطل عن العمل إلا أن دمعت عيناه وقال له: أنت لا تحب مدينتنا ووطننا أكثر مني وإن كان لديك المال فأنا لدي العزيمة وقد بادرت إلى هذا العمل ليس من أجل المال و"ماهوش مزية" وإنما لأني أحب وطننا وأحب مدينتنا وأحب أهاليها وأخاف عليها...
إنه لشيء رائع كما لم تكن الروعة أبدا أن نسمع مثل هذا الكلام من شاب مهمش عاطل عن العمل محتاج يوصف بأنه ضائع تائه لا يشعر بالمسؤولية، أن نسمع شابا آخر يقول اليوم أفخر بأني تونسي، بأني أنتمي إلى هذا الشعب العظيم الذي كال له الجميع شرقا وغربا الشكر والمديح وأصبح رمزا عظيما للانتفاضة على الظلم والقهر وعلى المتسببين في نهب مقدرات الوطن ورمزا لافتكاك الحرية بعزم وإصرار وتحدّ، هذا الشعب العظيم صار مضربا للأمثال للشعوب العربية خاصة ومبعث خوف وهلع لحكامها... ذلك الفخر الكبير نشاهده اليوم في أعين هؤلاء الشباب الذين لم يتوانوا عن تسجيل حضورهم بقوة عجيبة على الساحة عند ثورة الياسمين وما بعد ثورة الياسمين حتى تغيب كل الروائح الكريهة التي تعكر مزاج المواطن التونسي وتبقى فقط رائحة الياسمين في تونس الخضراء تونس الياسمين تونس كل المناطق والجهات وكل شبر منها، نعم ينبغي لهذا الشعب العظيم منشئ ثورة الياسمين أن يرفع رأسه عاليا شموخا وفخرا لأنه صاحبها وينبغي له أن يحميها ويحافظ عليها ويبعد عنها كل المؤامرات الممكنة وبجميع أصنافها....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.