كثير هم الذين استغربوا تصريحات السيد سليم عمامو كاتب الدولة المكلف بالشباب لدى وزير الشباب والطفولة الذي رفض في شريط فيديو بث على مواقع التواصل الاجتماعي قانونا يجرم استهلاك المخدرات كان قد صدر في عهد الرئيس المخلوع حيث اعتبر عمامو انه ضد تجريم استهلاك المخدرات الخفيفة من نبات القنب مثل الحشيش والماريقوانا وغيرها وانه ضد قانون السجن في ما يخض الاستهلاك دون الترويج. كلام دغدغ مشاعر بعض الشباب المراهق لكنه أزعج دون شك الكثير من أبناء الشعب ومكونات المجتمع المدني خاصة الأولياء والمنظمات المعنية بمكافحة المخدرات الذين استغربوا تصريحات سليم عمامو واعتبروها كارثية إن طبقت على ارض الواقع لأنها ستؤثر سلبا على صحة شبابنا الذين يعانون أزمات نفسية سببها البطالة وستتحول هذه الفئة إلى فئة مدمنة مما سينجر عنها انتشار مظاهر الانحراف داخل المجتمع وستتحول تونس من منطقة عبور لتجار المخدرات إلى منطقة استهلاك. ولكن عند التدقيق في تصريحات السيد عمامو نستطيع ان نحلل ما قاله من جانب إنساني من جهة ومن جانب واقعي قانوني من جهة أخرى. فمن الجانب الواقعي القانوني فان تصريحات السيد عمامو لا تخرج عما لاحظه من تسامح القوانين في الدول الأوروبية وحتى العربية مع مستهلكي المخدرات من ذلك الصنف مقابل تشديدها على المروجين والمتاجرين بها ويزيد هذا الاستنتاج صلابة انه رغم سن قوانين تجرم الاستهلاك في تونس فان ذلك لم يمنع التعاطي بل وتبين أن ابرز تجار هذه المواد في تونس هم من أصهار الرئيس المخلوع ومن دار في فلكهم وان مادعوه بأنهم سيتشددون في قوانين مكافحة المخدرات إنما كان غطاء لمواصلة جرائمهم في نشر الإدمان من اجل المال لذلك كان مبدأ عمامو هو محاسبة المروج لا المستهلك. كما نتفهم تصريحات عمامو في بعده الإنساني فهي يعتبر انه من التجني أن يتم سجن شخص من اجل سيجارة محشوة خاصة إذا كان المستهلك مراهقا لا يتحمل مسؤولية تصرفاته وان إدخاله للسجن ليس حلا بل جزءا من مشكلة وربما يكون مشروع إنسان فاشل ضليع في الإجرام وستكون تلك السيجارة سببا في تحطيم مستقبله والسجون الممتلئة بالشباب المراهق المحطم دليل على ذلك . هذا البعد القانوني والإنساني وان كان موضوعيا إلا انه يبقى غير مقبول حسب البعض في مجتمع محافظ لم يتوعد مثل هذه الأمور فكثيرون يؤكدون انه لا مشروعية لمن يشرع استهلاك هذه الآفات لكن رغم ذلك فان السيد عمامو لا يقصد من تصريحاته الترويج لهذه المادة إعلاميا لكنه مقتنع مثل الكثيرين بان استعمال الأطر الزجرية ضد الشباب ليست ذا نفع وإنما الطريق الصحيح هو توعية الشاب ومنحه زمام المبادرة في ترك هذه المواد. ويمكن هنا ان نطرح حلولا واقعية فعوض ان نقوم بسجن المستهلك يمكن معاقبته بتغريمه ماليا وهو امر يجعلهم يفكرون طويلا قبل استهلاك المخدرات ويحفظ في نفس الوقت كرامتهم وفي حالة العودة نلتجئ للسجن حلول نستطيع التفكير فيها ويبقى الشباب إلى حين تطبيقها بين المطرقة والسندان ...