بدا مسلسل الأحداث في التدرج.. العثور على أسلحة ومبالغ مالية ثم إلقاء القبض على بعض المشتبه بهم من المغاربة معهم حزام ناسف ثم مواجهة مسلحة بين عناصر من الجيش الوطني وعناصر من "القاعدة" الناشطة في المغرب العربي ذهب ضحيتها عنصران من الجيش –تغمدهما الله برحمته- و"إرهابيين".. قبل الإعلان رسميّا عن الأطراف المسؤولة عن هذه العملية ذهب البعض إلى القول أن القاعدة في بلاد المغرب العربي هي من يقف وراء ذلك والبعض تكهّن بأن الجزائر وليبيا هم من يريدون إجهاض الثورة التونسية والبعض الآخر خمّن أن ما حدث هو إحدى مسرحيات الحكومة لإحياء فزاعة الإرهاب بعد فشلها في إحياء فزاعة النهضة.. فهل أصبح الإرهاب في تونس حقيقة مفزعة خاصة بعد تتالي الأخبار عن وجود عناصر خارجية مدعومة من داخل تسعى للقيام ببعض العمليات أم انه مجرّد فزاعة قديمة حديثة استغلها النظام منذ عقود لتبرير قمعه للإسلاميين وإقصائهم من جهة وكسب أبناء الشعب في صفّه على اعتباره الوحيد القادر على إعادة الأمن لهم الذي هو أهم كثيرا من الحرية لدى الغالبية من الذين ينتمون إلى حزب "الخبزة".. وهاهو يقوم بجلسات لاستحضارها لنفس الغاية.. فان كانت عظمى الدول بجبروتها وعتادها تفعل ذلك فكيف لا نستمّد هذه الحكمة منها..؟؟ القاعدة موجودة لا شك في ذلك.. الإسلاميون كل ما زاد تشددهم وفهمهم آيات الجهاد خطئا على أنها تحريض على قتل كل من خالفهم دينهم أو سلوكهم كلما زاد خطرهم وجنوحهم نحو الإرهاب لا شك في ذلك.. الانفلات الأمني والسياسي والاجتماعي الذي تعانيه تونس بعد الثورة هو أفضل مناخ لتعشيشها لا شك في ذلك.. وجود شباب اهتم أوليائهم بأكلهم وملبسهم وتعليمهم وأهملوا الجوانب النفسية خاصة التربية الدينية التي لا تقل أهمية عن التعليم والصحة هؤلاء قابلون للدمغجة والتجنيد ليس من القاعدة فقط بل من جهات كثيرة مستغلة غياب الجانب الديني أيضا لا شك فيه.. كل المؤشرات تدل على وجود بؤر للقاعدة نشيطة منذ سنوات في الجارة الجزائر وخلايا تنشط في الفترة الأخيرة في ليبيا من السهل اختراقها للحدود في ظل الفوضى أيضا لا شك فيه.. فالقاعدة حقيقة مفزعة في تونس.. ولكن الأكثر بعثا على الفزع هو محاولات التهويل والتضخيم التي تقوم بها كل من الحكومة ووسائل الإعلام التونسية التي تصل سذاجتها أحيانا حدّ الإضحاك.. الأكثر بعثا للفزع هو تواصل محاولات الاستبلاه للشعب والضحك على الذقون عبر إحياء فزاعة الإرهاب الذي لا دين له فالتخريب مهما كان مصدره إرهاب والقتل مهما كان فاعله إرهاب والقمع حتى لو كان من طرف الحكومة إرهاب..