يعتبر القطاع السياحي في تونس من اهم القطاعات المحفزة للاقتصاد التونسي من حيث العائدات ومن حيث استقطاب اليد العاملة فهو يشغل حوالي 23 بالمئة من اليد العاملة النشيطة ويوفر حوالي 20 بالمئة من العائدات المادية للبلاد التونسية التي تعتبر من افضل الوجهات السياحية في العالم لما يتوفر في بلادنا من تجهيزات ضخمة ومن يد عاملة عالية الجودة مما بوئنا لنحتل المرتبة الثالثة عربيا من حيث عدد السياح الاجانب الوافدين الى بلادنا. فمن بين الخصائص السياحية التي يتمتع هذا القطاع الحيوي توفر منظومة امنية مستقرة ومناخ اجتماعي منفتح الى جانب المعالم الاثرية القيمة التي تبرز ماضيا ضاربا في التاريخ.. جاءت الثورة المجيدة لتعمق ثقة العالم بارادة الشعب التونسي الذي انتفض ضد الدكتاتورية املا في تقديم وتحقيق الافضل لبلد مازالت جل طاقاته الفكرية والاقتصادية والسياسية وحتى السياحية خامة. صحيح ان القطاع السياحي تضرر كثيرا بعد انبلاج الثورة, ففي حقيقة الامر هذا متوقع وليس بالغريب فلكل ثورة فاتورة يدفعها الثوار وشاءت الاقدار ان يتحمل القطاع السياحي الجزء الاكبر منها ولكن المهم الان هو محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه من الوسم السياحي الذي يعتبر اهم شريان من شرايين الاقتصاد الوطني . مطالب احتجاجية مشروعة تلك التي قام بها اعوان القطاع السياحي بولاية سوسة احتجاجات سلمية رفعت شعار مزيد تدخل الحكومة لدعم هذا القطاع قليس من سبيل المدح المجاني ان نقول ما أحوجنا في تونس الثورة الى مثل هذه الاحتجاجات السلمية التي لا تتنافي مع الاهداف النبيلة المتمثلة في المطالبة بمزيد بذل الجهود دون الاخلال بالنظام العام او الارتماء في احضان الفوضى والعنف. وليس من سبيل المديح ان تقوم الحكومة المؤقتة وعلى راسها السيد محمد حواص بمجهودات جبارة من اجل انعاش القطاع السياحي بالقيام بحملات ترويجية ضخمة للسياحة التونسية توجت مؤخرا بالقيام بحملات اشهارية على القنوات الفضائية والارضية الفرنسية قصد طمانة السائح الفرنسي والاوروبي وحثه لاستغلال الفرصة التاريخية التي ستمكنه من زيارة بلد يخوض معركة انتقالية ديمقراطية بعد نجاح ثورة شغلت الراي العام العالمي واصبحت جاذبا للسياحة لا نافرة لها. فرغم هذه الخطوات العملاقة والجبارة الى انها لم تحقق المستوى المامول من حيث عدد الوافدين او الحجوزات على الاقل التي تراجعت بنسبة 52 بالمئة عما هي عليه في السنة الفارطة. فامام هذه النسبة المرتفعة من تراجع نسب الوافدين الأوروبيين للبلاد التونسية التي تعود عامة الى المشهد الامني المتذبذب احيانا وخاصة الى مخلفات الازمة المالية العالمية التي دفعت الحكومات الى اعلان سياسات التقشف التي كان لها اثر على ميزانيات المواطنين الأوروبيين تعتبر السياحة الداخلية والمغاربية احد العوامل الهامة والناجعة على الاقل في هذه المرحلة في دعم القطاع السياحي وانقاذه ونحن نقول في هذه الفترة على تضامن التونسيين جميعا واشقائنا المغاربة من اجل دعم الثورة التونسية ومستلزمات التغيير والانتقال الديمقراطي فمثل هذه الحملات الترويجية للسياحة الداخلية والمغاربية يمكن لها ان تساعد النسيج السياحي التونسي على التعافي وتخطي محنته الظرفية قريبا. فتخفيض الاسعار وتقديم الخدمات الجيدة والنوعية وإيجاد تسهيلات استخلاص بالاقساط بالنسبة للسائح التونسي قد تجلب عائدات مادية هامة وستحول على الاقل دون غلق بعض المرافق السياحية ودون تازم ظاهرة البطالة المستفحلة ايضا.