توزر: مرور المترشحين حمزة بضيافي وسفيان شرف الدين إلى الدور الثاني من الانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة دقاش حامة الجريد تمغزة    الميزان التجاري الغذائي يسجل فائضا خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025    اتحاد بن قردان يعزز صفوفه بمتوسط الميدان عبد الله العامري    بداية من هذا التاريخ: كلغ العلوش ب 38.900 دينار    حادثة وفاة عون الستاغ بسوسة: الشركة تُوضّح    بطولة كرة اليد: البرنامج الكامل لمنافسات الجولة الافتتاحية    من اجل الاستيلاء على أموال الحرفاء: هذا ما تقرّر ضد موظفتين ببنك عمومي..#خبر_عاجل    مأساة في المتلوي: وفاة عامل بناء إثر انهيار جدار    عاجل/ تعرّفوا على أسعار "الزقوقو" لهذا الموسم    وزارة الدفاع الوطني: هذا موعد انطلاق الحصّة الثالثة للتجنيد    يهم أحباء هذا الفريق: انسحاب المدرب…    مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية يفتح باب الترشحات يوم 20 أوت للمشاركة في دورته الخامسة عشرة المهداة إلى روح المخرج يوسف شاهين    نواب يقترحوا ''الحصة الواحدة'': 5 ساعات قراية باش يخففوا الضغط على التلاميذ ويحسنوا الحياة المدرسية    هام/ وزارة التشغيل تمدد في آجال التسجيل في هذا البرنامج..    رئيسة الحكومة في زيارة عمل رسمية إلى اليابان..وهذه التفاصيل..    اعادة انتخاب رياض بالحاج رئيسا للجامعة التونسية للووشو كونغ فو    الأفروباسكيت "أنغولا 2025": المنتخب الوطني يخوض غدا ملحق الصعود الى ربع النهائي    الإتحاد المنستيري: الإدارة تعلن مغادرة نجمي الفريق في المركاتو الحالي    أسعار البيض تتراجع: 4 بيضات لا تتجاوز 1200 مليم    زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    نابل: وفاة شخص وتسجيل إصابات عديدة متفاوتة الخطورة في حادث انقلاب حافلة تقل عمال مصنع بقربة    موجة حرارة قوية في عدة مناطق تونسية    تبلغ قيمتها 360 ألف دينار: قاصر يسرق مجوهرات وهواتف جوالة من مركز تدليك..    عاجل/ إسرائيل تهدد حماس: العودة للتفاوض أو احتلال غزة قريبا..    في ريدار منزل تميم: في كواليس أفلام علاء الدين سليم    عرض "رقوج " ... تجربة فنية إبداعية من صنف الكوميديا الموسيقية تبهر جمهور مهرجان صفاقس الدولي    نحو علاج نهائي للسكري من النوع الأول عبر زرع خلايا معدلة وراثياً    زلزال شمال الجزائر لم يُشعر به التونسيون    تونس: تحذير من تركيب الأظافر    رئيس المجلس الرئاسي الليبي يؤدي زيارة عمل إلى تونس    لاريجاني: إيران رممت قدراتها بعد الحرب الأخيرة    زيلينسكي يصل إلى الولايات المتحدة تمهيداً للقاء ترامب    خبير اقتصادي: النمو الاقتصادي في تونس.. أرقام على الورق ومعاناة في الواقع    فظيع/ أب لطفلين وزوجته حامل: وفاة عون "ستاغ" أثناء عمله والشركة تتعهد..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الف مبروك: علاء عباسي (باكالوريا تقنية) اهدى نجاحي الى روح والدي    الزهروني: الاحتفاظ بشاب من أجل الإيهام بجريمة    عاجل/ تعنيف طبيب أثناء عمله..ومنظمة الأطباء الشبان تكشف وتدين..    قليبية... معرض المنتوجات المحلية بسيدي عبد السلام يحقّق الامتياز..    مهنة وتاريخ..رُعاة الأغنام .. حُماة ثروتنا الحيوانية    صيف وضيف...الفنّانة التشكيليّة الشابة غادة عسكري (حمام الأنف).. .. رؤى الحداثية لإبراز التّراث العربي الإسلامي    توم كروز يحرج ترامب!    استشهاد 3 فلسطينيين واصابة آخرين من منتظري المساعدات..#خبر_عاجل    ترامب: استعادة القرم وعضوية الناتو أمران غير واردين لأوكرانيا    5 مخاطر غير متوقعة لتناول البروتين بكثرة    مهرجان قرطاج يكرّم فاضل الجزيري بعرض فيلم "ثلاثون"    المنتخب الأسترالي يفوز بكأس آسيا لكرة السلة للمرة الثالثة تواليا    تاريخ الخيانات السياسية (49)...توزون يفقأ عيني الخليفة المتّقي    حكايات وحِكم.. يجود علينا الخيّرون بمالهم.. ونحن بمال الخيّرين نجود    استراحة صيفية    'فيلم رعب' بأحد أسواق مصر.. اشتباكات مسلحة ورصاص كالمطر    وصول الفنانة الإماراتية أحلام إلى تونس    أنغام لا تزال تعاني.. تطورات جديدة في حالتها الصحية    تيمور تيمور غرق وهو ينقذ ولدو... وفاة صادمة للفنان المصري    حركة انتقالات نشطة للترجي: لاعب برازيلي يرحل ولاعب جزائري ينضم    قبل ما ترقد، تستعمل التليفون.. أما تعرف شنوّة تأثير الضوء الأزرق عليك؟    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا سيدي ولا ربي لنادية الفاني: عبودية الهوى
نشر في باب نات يوم 11 - 07 - 2011

في بحبوحة الربيع العربي الجميل، يفاجئنا بعض أعوان الحرس القديم، بممارسات استفزازية لا تخطر حتى في بال إبليس، ومن ذلك ما قامت به نادية الفاني من عرض لفيلم في إحدى دور السينما في تونس تحت عنوان 'لاسيدي ولا ربي'. وقد أسفر ذلك عن رد فعل غاضب من قبل أطياف واسعة من الشعب التونسي، تمثل في مظاهرات ميدانية وتنديدات قولية.
وياللعجب، قف انبرى أعلام الليبرالية المتطرفون ينددون بهذا الرد السلمي، وكأن حرية التعبير حلال عليهم وحرام على غيرهم. ونظرا لما لموضوع حرية التعبير من أهمية كبرى حاليا ومستقبلا، فإنه لا بد من تأصيل علمي لها من كافة القوى الفاعلة في العالم العربي، وإني هنا أساهم في ذلك بذكر بعض مما يجب أن تلتزم به حرية التعبير من ضوابط، وذلك كما يلي:
1- الضوابط الأخلاقية:
أ- التخلي عن الهوى: لا أعرف شيئا يضاهي الجهل قبحا إلا الهوى، وإن الهوى باب للضلال مبين. والهوى يكون قبيحا إذا كان في اتباعه مخالفة للعقل الصريح، سواء كان هذا الهوى كبرا أو إلفا أو عصبية أو اتباعا للشهوات والمصالح أو حقدا او حبا للظهور أو غير ذلك. وقد تأتى للعلم التجريبي أن يتحلى أصحابه بالموضوعية في الجزئيات دون النظريات، لأن شيئا من الأمراض السابقة لا يرتبط في الغالب بهذا التحلي. أما في ميدان العقائد، فإن هذا الارتباط يكون شديدا، ولا يتغلب عليه صاحبه إلا إذا كان قلق الحقيقة لديه حيا، أو تغمده الله تعالى بهدايته.
وكم يسهل على الفطناء في كثير من الأحيان معرفة موقف فلان أو علان من القضايا السياسية المختلفة بمعرفة مصالحهم الشخصية أو خلفياتهم الإيديولوجية، وهذه الحدس المعرفي يكشف عن غياب كبير للحس النقدي حتى عند من يزعمون أنهم عقلانيون وتنويريون. وهذا يبين أن من اشتغل يداوي عيوب النفس أقرب إلى الحق ممن تمكن من بحار المعرفة وهو مكبل بتلك العيوب تكبيلا عظيما.
ب- التحلي بالعلم: من العار تماما أن يتجرأ أي شخص على خطير القضايا انطلاقا من خواطر عابرة، وإن ثقافة الخوض في مثل هذه القضايا صارت مرضا عضالا في هذه الأزمان. وللأسف الشديد، فإن كثيرا من رجال الفكر والسياسة الغربيين يحكمون على دين الإسلام ونبي الإسلام، ولم يكلف أحد منهم في يوم من الأيام نفسه الاطلاع على القرآن الكريم أو السيرة النبوية، ولذلك نجد في أحكامهم الكثير من المغالطات والأغلاط المنكرة.
إن ملحدا يبني إلحاده على نظر عميق واطلاع شامل لأفضل ألف مرة من ملحد اختار الإلحاد من منطلق التشهي أو بدافع التبرير، مع أننا نقول معبرين عن رأينا أن من تخلى عن الهوى وتحلى بذلك العلم العميق الشامل لا يمكن ألا أن يكون مؤمنا عظيم الإيمان. ورغم أني لا أحبذ شخصنة الأمور، فإني أعتقد أن إلحاد السيدة نادية الفاني اجتمعت فيه السوءتان: عظم الجهل وعبودية الهوى، مع أن المسكينة بحكم زيارتها لبعض مواقع الإلحاد اللادينية وتبنيها لحرية القول الظاهرة تعتقد أنها من أهل العلم والحرية.
2- الضوبط الموضوعية:
أ- السلام أولا: إذا كان الجهر بالقناعات العقدية الكبرى يؤدي إلى عنف رمزي يمكن أن يتحول إلى عنف مادي، فإن منطق التعايش المشترك يفرض وجوب التنازل الجزئي عن حق حرية التعبير، والتنازل هنا يقدر بقدره، ففي المجتمعات الغربية هناك مجال واسع للتعبير الحر عن كل المذاهب الدينية والمدارس الفلسفية، لكن تعبيرا كهذا في مجتمع كالمجتمع السعودي سيؤدي حتما إلى سيلان وديان من الدماء الجارية لعقود من الزمن.
إن ما قامت به نادية الفاني في مرحلة الانتقال الديموقراطي، يدخل في حرب طائفية لا تبقي ولا تذر، وبالتالي العودة البائسة إلى زمن الفساد والاستبداد. ولا نريد بهذا أن نصادر حق التعبير المفتوح عن المعتقد بلغة العقل لا بلغة العاطفة، ما دام ذلك لا يؤدي إلى تهديد السلام الأهلي، بتعبير آخر، لتظهر هذه نادية الفاني في مناظرة تلفزية علينة عادلة وجادة جدا بقدر جدية موضوع النقاش، ولمن شاء حينها أن يؤمن فليؤمن، ومن شاء أن يكفر فليكفر. وهنا أشجع أهل الفكر كافة أن ينشروا ثقافة المناظرة الجادة كما كانت في فجر الإسلام بين النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من مخالفيه.
ب- الفكر محاور، والفن معبر: القناعات العقدية التي تؤسس على تأثر الوجدان بالفن قناعات ضعيفة، أما القناعات التي تتأسس على المنطق العقلاني الصارم فهي بلا شك قناعات قوية. ولأجل هذا يجب أن نعد من يراود المخالف في عقيدته على أساس التأثير العاطفي محتالا يقوم بفعل لا بد من تجريمه، ويكون هذا الاحتيال فظيعا إذا كان هذا المخالف قاصرا أو محتاجا احتياجا ماديا أو نفسيا. ونحن من هذا المنطلق نندد مثلا بعمل الكنائس التبشيرية في إفريقيا وغيرها من البلدان، حيث تستغل جهل الصغار وفقر الكبار لتغير من عقائدهم باساليب دعائية تتركز أساسا على التأثير الفني الموجه.
وقد يتساءل البعض في هذا الإطار عن دور الفن عقائيا وسلوكيا، ونجيب هنا بأن هذا الدور تعبيري وليس حجاجيا، أي يعبر عن القناعات العقدية بأساليب فنية جميلة. وشرط التعبير أن يكون خاصا بين مرسل ومتلق يشتركان في رؤية عقدية واحدة، والتعبير هنا هو تعبيرعن الذات وليس تهجما على الغير، وأنا أرفض هنا بشدة كل الأعمال الكاريكاتورية التي تهاجم أشخاصا بأعيانهم، فلا أحد يرضى أن تنتهك كرامته وإن أبدى قبوله الظاهر بذلك. وليس حريتك تنتهي فقط حين تبدأ حرية الآخر، بل حريتك تنتهي حين تبدأ كرامة الآخر. وحتى تكون لهذا الحصر فاعلية وقيمة، فعلى الدولة الحاكمة أن تصدر قوانين إجرائية تحقق ذلك.
رضا انور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.