لا يمكننا ونحن إعلاميون ندعو إلى حرية جميع أنواع الاحتجاج السلمي والقانوني باعتباره حقا من الحقوق المكفولة للشعوب والتي شرعتها جميع الدساتير والقوانين الدولية إلا ان نحترم أي احتجاج أو تحرك رافض للأوضاع الحالية إذا كان مشمولا بالقانونية وذو صبغة سلمية لا يعكر الأمن العام . مضمون الاحتجاجات الأخيرة التي انطلقت بالعاصمة مؤخرا والتي شاركت فيها عدد من الأحزاب والجمعيات وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل تحمل في طياتها مطالب لا يمكن لأحد ان يرفضها كإصلاح السلك القضائي ومحاسبة من قتل شهداء الثورة والتسريع بالمحاسبة ومكافحة الفساد رغم ان بعض المتهورين طالبوا بما سموه إسقاط الحكومة الموقتة امتثالا لنداء بعض الأحزاب لكن أصواتهم كانت نشاز. وكما أسلفنا فإننا مع أي احتجاج سلمي مطلبي ونحن كنا قد حذرنا المسؤلين في الحكومة المؤقتة من انعكاسات الأخطاء المرتكبة مؤخرا خاصة فرار السيدة العقربي خارج البلاد بعد الإفراج عنها مباشرة لكن هذا لا يمنع من ان نتساءل هل أن هذه الاحتجاجات تصب في المصلحة العامة الوطنية في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة ونحن على مفترق طرق سياسي وعلى بعد شهرين من انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي ستحدد مصير البلاد التونسية. أقول لمن طالب في هذه المسيرات بإسقاط حكومة السبسي مستغلا المطلبية المشروعة والتي ذكرناها قبل قليل ان ما يطالب به لا يصب في مصلحة البلاد ولا في مصلحة حزبه حتى بل هي تصب فقط في مصلحة من يريد تعطيل المسار الديمقراطي وإفشال الانتخابات بدعوى ان هذه الحكومة حكومة التفاف على الثورة وهو لا يعلم ان ما يقوم به وما يدعو إليه هو الالتفاف الحقيقي على الثورة التي كانت من أهم مطالبها إجراء انتخابات حرة ونزيهة. الا يستطيع من حمل شعارات "ثورجية" سئمنا منها ان ينتظر شهرين يحدد فيهما الشعب التونسي المصير السياسي للبلاد التونسية دون وصاية من احد ام ان الحسابات الحزبية قد أغرت البعض بتأجيل الاستحقاق الانتخابي او إلغائه. طبعا أصبح أي احتجاج تونسي مرتبط بقمعي بوليسي "مصطنع" في أذهان البعض وأصبح إطلاق الغاز المسيل للدموع ضد المجموعات التخريبية التي تستغل هذه الظروف للنهب والسلب كما تستغل عصابات التخريب السياسي الاحتجاجات المطلبية المشروعة لتجرها الى مطالبات متطرفة لا تمت للواقع بصلة أصبح هذا التصرف همجيا ناسين ما قامت به الأجهزة الأمنية البريطانية الديمقراطية من عنف ضد عصابات النهب التي استباحت لندن. وبطبيعة كل احتجاج تظهر الإشاعات الكاذبة لتازيم الموقف وهو ما حصل مع احد المنتحرين الذي تحول سريعا الى شهيد رصاص البوليس لتأجيج الأوضاع وإدخال البلاد في دوامة العنف.