إحداث قنصلية عامة للجمهورية التونسية بمدينة بنغازي شرق ليبيا    اتحاد الشغل يردّ على شائعات "هروب الطبوبي": ملا تفاهات وأخبار زائفة!؟    تراجع نسبة التضخم عند الاستهلاك العائلي لشهر جويلية الى 3ر5 بالمائة    حريق هائل في جنوب فرنسا..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    شنوّة بش يقرا ولدك في التاسعة أساسي؟ دليل الكتب لسنة 2025-2026    الرابطة المحترفة الاولى : شبيبة العمران تعلن عن تعاقدها مع 12 لاعبا    لبنان يغيّر اسم شارع حافظ الأسد إلى زياد الرحباني    ماء الليمون مش ديما صحي! شكون يلزم يبعد عليه؟    عاجل/ بعد اتهام سائحة بريطانية لمرافقها على المظلة الهوائية بالتحرش بها جنسيا: نقابة القواعد البحرية للتّنشيط السّياحي تفجرها وتكشف..    عاجل - يهم التونسيين : فرصة عمل في الكويت    مصر.. الداخلية تنفي صحة فيديو إباحي "لضابطي شرطة"    عاجل: أمريكا تضرب البرازيل بداية من اليوم برسوم جمركية جديدة    80 سنة تعدّت على جريمة هيروشيما: أول قنبلة نووية في التاريخ... أما تعرف شنية الحكاية؟    عاجل: خبير يصرح....براكين نائمة في تونس والمنطقة العربية وقد تتحوّل إلى تهديد حقيقي    وسط تنديد فلسطيني.. مايك جونسون يزور الحرم الإبراهيمي    اتهام بالتحرش بسائحة بريطانية في سوسة: كاتب عام نقابة التنشيط السياحي يوضح ويدعو إلى مقاضاة الادعاء بالباطل    أوساكا تتأهل إلى قبل نهائي بطولة كندا المفتوحة للتنس وشيلتون يُسقط دي مينو    عاجل : وفاة بطل كأس العالم مع منتخب ألمانيا    آيك أثينا يتعاقد مع الصربي لوكا يوفيتش    حرارة معتدلة ورياح شرقية: شنوّة يستنا فينا نهار 6 أوت؟    جريمة مروعة تهز هذه الولاية..والسبب صادم..#خبر_عاجل    مكاتب التشغيل تبدّل النظام: ما عادش لازم تمشي، الكل ولى أونلاين    بلطي، يروي هموم الشباب وقضايا المجتمع ويصنع الفرجة على ركح المسرح الصيفي سيدي منصور بصفاقس    المنظمة الدولية للهجرة تدعُو إلى معالجة مخاطر الهجرة غير الشرعية..    طقس الاربعاء: الحرارة في ارتفاع طفيف    الهياكل العظمية الحية" تشعل الخلاف بين إسرائيل وفلسطين في مجلس الأمن    نصف قرن من الفنون... والكرّاكة ما زالت تنبض من 15 إلى 31 أوت الجاري    ولاية اريانة: جلسة عمل لمتابعة تقدم إنجاز مشروع إعادة تهيئة المسلخ البلدي برواد    مهرجان قرطاج الدولي 2025: الفنان "سانت ليفانت" يعتلي ركح قرطاج أمام شبابيك مغلقة    مستقبل القصرين.. انهاء التعاقد مع ماهر القيزاني بالتراضي    عاجل/ جريمة مروعة: شابين يقتلان صديقهما حرقا..وهذه التفاصيل..    تاريخ الخيانات السياسية (37) تمرّد زعيم الطالبيين أبو الحسين    استراحة صيفية    غدا انطلاق موسم التخفيضات .. صولد غير جاذب للتاجر والمستهلك!    أضرار فلاحية في القصرين    تراجع نسبة التضخم في تونس خلال جويلية 2025 إلى 5.3 بالمائة    الرابطة المحترفة الاولى - طارق جراية ينسحب من تدريب مستقبل قابس    اللجنة الأولمبية التونسية تحتفي بالبطل العالمي أحمد الجوادي بعد إنجازه التاريخي في مونديال سنغافورة    طقس الليلة    قابس: وفاة شخصين وإصابة 7 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة في حادث مرور بالطريق الوطنية رقم 1 بمارث    وزارة الشؤون الدينية تكرم مكتب حجيج تونس    الترجي الجرجيسي ينتدب المدافع مكرم الصغير    مهرجان سيدي بومخلوف الدولي : "الكاف تغني صليحة" عرض رائع امتع الحضور    زغوان: رفع 163 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية المنقضي    دبور يرشد العلماء ل"سرّ" إبطاء الشيخوخة..ما القصة..؟!    شنوّا يلزمك باش تاخذ قرض من بنك في تونس؟    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    عاجل: وفاة فنان مصري مشهور داخل دار المسنين بعد صراع مع المرض    مسؤول يوضح: ''لا اختراق شامل لمنظومة التوجيه... والتحقيق متواصل''    تأكلها يوميًا دون أن تعلم: أطعمة تقلل خطر السرطان ب60%    تُعطّس برشا ومكش مريض؟ هاو علاش!    التراث والوعي التاريخيّ    جامع الزيتونة ضمن سجلّ الألكسو للتراث المعماري والعمراني العربي    فنان الراب العالمي بلطي يروي قصص الجيل الجديد على ركح مهرجان الحمامات    حملات لوحدات الشرطة البلدية تسفر عن القيام ب 54 عملية حجز    بنزرت/ حجز 5,45 طن من مادة الدلاع وإعادة ضخها في المسالك القانونية..    اكتشاف علاج واعد لأحد أخطر أنواع سرطان الدم    تاريخ الخيانات السياسية (36) ..المعتزّ يقتل المستعين بعد الأمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قائد السبسي وعقلنة الثورة
نشر في الصباح يوم 10 - 06 - 2011

بعد جدل حادّ استمرّ لأسابيع، تولّى الوزير الأوّل السيّد الباجي قايد السبسي الإعلان عن موعد الانتخابات و حدّد الثالث و العشرين من أكتوبر تاريخا لخروج التونسيّين إلى صناديق الاقتراع و اختيار أعضاء المجلس التأسيسيّ الذين سيكتبون الدستور الجديد للبلاد و يمهّدون لانتقال ديمقراطيّ منشود.
واللاّفت في الندوة الصحفيّة التي عقدها رئيس الحكومة ما بدا من تناغم نسبيّ بين الحاضرين من الوزراء و ممثّلي الأحزاب السياسيّة و الصحفيّين و غيرهم من المراقبين, تناغم عكسته التصريحات اللاّحقة التي رحّبت بالتاريخ المعلن و التزم أصحابها بالعمل على إنجاح ذلك الموعد خدمة للوطن و انطلاقا من المسؤوليّة الملقاة على الجميع للخروج بالبلاد من حالة الجمود السياسيّ و الاقتصاديّ، و كلّ هذا جديد لم نعهده في الأشهر السابقة, لم ينس التونسيّون الأصوات التي كانت تحذّر من تأجيل الانتخابات و تنبّه إلى خطورة الأشخاص و المتآمرين الذين يقفون خلف ذلك القرار لإفشال الثورة و الالتفاف عليها من خلال الاستفادة من الوضع الأمنيّ المضطرب و الوضع الاقتصاديّ المتردّي.
هذا التحوّل المفاجئ و التغيّر الواضح في لهجة الأحزاب يقودنا إلى محاولة تفسيرها من خلال جملة من الملاحظات أوّلها أنّ البلاد مرّت منذ نجاح الشعب التونسيّ في الإطاحة بالدكتاتور بحالة من الفوضى عكستها الاعتصامات و الإضرابات التي شملت أكثر القطاعات باستثناء التعليم الذي عبّر رجاله عن وعي وطنيّ لا ينكر، فلم ينخرطوا في نزيف المطلبيّة التي ساهمت في شلّ الكثير من الخدمات.
الملاحظة الثانية تخصّ الوضع الأمنيّ الذي لم يعرف إلى حدّ اليوم استقرارا حقيقيّا و قد تعرّض المواطنون في شتّى الجهات و مازالوا إلى هجمات متفاوتة الخطورة من عصابات بعضها فرّ من السجون و بعضها الآخر شكّله منحرفون استغلّوا الفراغ الأمنيّ للقيام بالاعتداء على المتاجر الكبيرة و الصغيرة و بعض المصانع بهدف السرقة، و لكنّ العصابات الأخطر هي التي كانت تهاجم المستشفيات و المدارس و تقوم بإحراق معدّاتها لبثّ الذعر في النفوس، و قد وجّهت أغلب الشكوك إلى أعداء الثورة من رجال النظام السابق، و قبض على من ثبت تورّطهم في الأعمال الأخيرة التي جدّت بمدينة المتلوّي
و إذا أضفنا ما يحدث على الحدود مع ليبيا و ما يتحمّله المواطنون في الجنوب من ضغوطات و أخطار بعد أن فتحوا بيوتهم و مدارسهم و مستشفياتهم لاستقبال أشقّائهم الذين فرّوا من الحرب، يمكن القول إنّ الثورة التونسيّة ظلّت منذ 14 جانفي عرضة لأخطار عديدة خلقت وضعا غير مستقرّ و حكمت بالفشل على موسم سياحيّ كان الاقتصاد في أمسّ الحاجة إلى نجاحه.
كلّ هذه الأوضاع التي أشرنا إليها في الملاحظات السابقة أثّرت سلبا على مناخ الثقة الذي يجب أن يسود الحدّ الأدنى منه بين جميع الأطراف فخلق قي مقابل ذلك ساحة سياسيّة تصادميّة بين الحكومة و الأحزاب حينا و بين الأحزاب و الأحزاب حينا آخر، و لم تسلم الهيأة العليا لحماية الثورة و الهيأة التي أفرزتها لتنظيم الانتخابات من التهم التي وصلت إلى حدّ التخوين و التشكيك في وطنيّة الكثير من أعضائها على خلفيّة القرار الذي أعلنه رئيس الهيأة الأخيرة كمال الجندوبي مطالبا بتأجيل الموعد الانتخابيّ إلى الحين الذي تتوفّر معه شروط إنجاحه.
هذه الانقسامات التي أفرزتها دعوة التأجيل و ظهرت في تصريحات ناريّة لبعض الأحزاب و بثّت الكثير من الشكوك حول مستقبل الثورة التونسيّة اختفت تقريبا على إثر الندوة الصحفيّة للسبسي الذي نجح على ما يبدو في عقلنة الثورة فأقنع الأحزاب بالتوافق على الموعد الجديد دون مزايدات و نبّه العمّال و العاطلين إلى ضرورة الكفّ عن جميع أشكال الاحتجاجات التي أرهقت اقتصاد الدولة، كما طالب كلّ وسائل الإعلام بالقطع مع أسلوب التشكيك في عمل الحكومة لإنجاح مساعيها في الفترة المتبقّية. إنّها في مجملها دعوة إلى التعقّل و التعاون للوصول إلى هدف مشترك عنوانه الأبرز إنجاح الموعد الانتخابيّ و ضمان الانتقال الديمقراطيّ و لعلّ المحاكمة الغيابيّة لبن علي و زوجته تشكّل حركة رمزيّة لجني بعض المكاسب المعنويّة التي تحتاج إليها الحكومة في بحثها عن تدعيم ثقة الشعب بها، و ما إعلانها قبل أيّام من هذه الندوة الصحفيّة إلاّ دليل على ذلك الجهد. فهل تصمد هذه العقلنة، و هل يقود صدقها إن صدقت إلى أن تنخرط فيها كلّ الأطراف بجدّيّة دائمة لحماية الثورة من بعض التداعيات المجنونة التي قد تطفو على السطح كلّما وجدت مجالها في غياب العقل و العقلاء. ؟
* أستاذ مساعد بكلية الحقوق بصفاقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.