نزل ابراهيم القصاص رئيس قائمة العريضة الشعبية للحرية و العدالة و التنمية بدائرة قبلى ضيفا على برنامج " لاباس " الذي تبثه قناة التونسيية و يعتبر القصاص مفاجأة انتخابات 23 أكتوبر على اعتبار أن صناديق الإقتراع أنصفته و فاز بمقعد في المجلس التأسيسي رغم أنه ليس سياسيا و لا حقوقيا و لا دكتورا و لا أستاذا... بل هو مواطن من الطبقة الكادحة يعمل سائق سيارة نقل ريفي. اعتبر البعض أن وصول شخصية مثل القصاص إلى التأسيسي يمثل علامة من علامات نجاح الإنتخابات و اشارة على بداية تمتع المواطن بحقه في المشاركة في العمل السياسي لكن في المقابل هناك من يعتبر ذلك مجالا للسخرية فسائق النقل الريفي في نظرهم ابن بادية , فقير , جاهل و حاقد على الأغنياء ليس جديرا بأن يكون من بين الذين يكتبون دستور البلاد الذي قد يتواصل العمل به على مدي مئات السنين القادمة . بعض هؤلاء للأسف يعتبرون أنفسهم أفضل من ابراهيم القصاص و أرقى منزلة منه و من الطبقة الكادحة التى يمثلها و يخدعون أنفسهم فيتوهمون أنهم أفضل منه و منهم علما و ثقافة في اطار نظرة فوقية متعالية تقوم على النرجسية و الإحتقار و الحكم على المظاهر لا المواقف و الأفكار. بعيدا عن ذلك أظهر ابراهيم القصاص في أول ظهور متلفز له قوة شخصية و حماسة واضحة و قدرة على الإقناع و تصميما على الدفاع عن آرائه و قناعاته التى قد نختلف معه فيها لكن البعض متمسكون بمواقفهم السطحية و كلماتهم التى تفوح منها رائحة الجهوية و يظنون عن جهالة أن الثقافة تقاس بعدد الكلمات الفرنسية التى تُسقط على الجمل العربية أو بالبدلات اللماعة و السيارات الفخمة ... فحسب تفكيرهم المحدود المركز الإجتماعي محدد للمستوى الثقافي و السؤال الذي يحيرهم هو كيف لسائق نقل ريفي أن يساهم في كتابة الدستور ؟ من الغريب أنه عندما تتاح الفرصة لأحد الممثلين الحقيقيين للشعب الكادح و المفقر ليعبر عن رأيه و رأي من يمثلهم في النصوص القانونية التى ستنظم العلاقة بين الدولة و المجتمع تصبح الديمقراطية مصيبة المصائب و مهزلة المهازل. لسنا هنا نطبل و نزمر لا للقصاص و لا لغيره لكن يجب أن نؤكد على ضرورة احترام الأشخاص مهما كانت مهنهم و جذورهم و مراكزهم الإجتماعية فجميعنا لنا الحق في المشاركة في الحياة السياسية الفقير و الغني , العاطل و العامل و المدير و الأستاذ و الفلاح ووو...فبناء دعائم الجمهورية الثانية واجب و مسؤولية الجميع .