تفاجأ ممثلو حركة النهضة من تصويت أعضاء المؤتمر من أجل الجمهورية و التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات في لجنة التنظيم المؤقت للسلط العمومية بالمجلس التأسيسي ضد الفصلين 5 و 8 من مشروع قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية المتعلقان بطريقة التصويت على الدستور الجديد و بصلاحيات الوزير الأول. ذلك أيضا أثار إستغراب عديد المتابعين و المحللين السياسيين خاصة و أن تحالف أحزاب حركة النهضة و المؤتمر و التكتل فيما بينها جاء مباشرة بعد الإعلان عن النتائج الأولية للإنتخابات و تواصلت المشاورات بينها حوالي شهر توّجت بتوقيع اتفاق حول توزيع الرئاسات الثلاث و حول البرامج المشتركة , منها المتعلقة بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية. فمشروع القانون المنظم للسلط العمومية أمضت عليه الأطراف الثلاثة المتحالفة قبل انعقاد أول جلسة للمجلس التأسيسي و جميعهم يدركون جيدا ما يتضمنه , فهذا المشروع كان محل تشاور و اتفاق بينهم خارج المجلس لكنه اليوم أصبح محل إختلاف و ربما خلاف فمثلا الناطق الرسمي باسم المؤتمر من أجل الجمهورية قال إن حزبه لا يوافق على رئاسة جمهورية بدون صلاحيات و ذلك تعليقا على مشروع القانون الذي سبق لحزبه أن وافق عليه . خميس قسيلة أيضا عن حزب التكتل الديمقراطي الذي سبق له أن وافق على مشروع القانون يقول إن المشروع المقترح يعكس عقلية هيمنة و تسلط نابعة من فهم خاطئ للديمقراطية يعتبر أن هذه الأخيرة حكم الأغلبية دون تشريك الأقلية . و في ظل ذلك بدأ البعض يتحدثون عن إنهيار مرتقب للإئتلاف الثلاثي و وصوله إلى طريق مسدودة و تواترت الإشاعات حول وجود أطراف داخل كل من حزب التكتل و حزب المؤتمر تنادى بفك الإرتباط مع حركة النهضة و إنهاء التحالف معها و لكن ذلك ليس له أي أساس من الصحة فقد نفى زعيم حزب التكتل مصطفى بن جعفر علمه بذلك و لم يتحدث أي من زعماء حزب المؤتمر عن وجود نية لذلك و هذا إن دل على شيئ فهو يدل من جهة على تماسك هذا التحالف و من جهة أخرى على تشبع الأطراف المكونة له بثقافة احترام إختلاف الآراء و تباين الأفكار . في الحقيقة ليس لنا سوى أن نشفق على هؤلاء الذين كانوا يعتبرون الإتفاق و التفاهم بين النهضة و المؤتمر و التكتل في بعض النقاط إعلان ولادة ديكتاتورية الأغلبية و هم اليوم يعتبرون أن إختلاف الآراء و المواقف بينهم دليل فشل و بداية فتنة و انشقاق وانهيار لتحالفهم و لعلهم الآن يطوفون حول صنم هبل و يرددون ويل لهم إن اتفقوا و ويل لهم إن إختلفوا . للأسف لا يزال هؤلاء يضعون نظارات سوداء و لايرون نور الديمقراطية الذي لاحت بشائره من خلال إختلاف المواقف و الآراء داخل المجلس التأسيسي و لايسعون سوى للتشويش على أعماله و الأحزاب الموجودة داخله و لا تستوعب عقولهم وجود أطراف في المجلس قادرة على تقويم أي إعوجاج صادر عن أي طرف كان كما لا يدركون أن ذلك مظهر صحي يبشر بأننا نسير في طريق الديمقراطية و الأكيد أن قلوبهم تحنّ للديكتاتورية و لا أنصح هؤلاء سوى بالسفر إلى السعودية .