عند متابعتنا لبعض الإعتصامات على غرار تلك التى تمنع العمال من الإلتحاق بأماكن عملهم و الأخرى المتعلقة بالزيادة في الأجور و الترفيع في نسبة الإمتيازات نتمنى في الحقيقة لو وقع خلال هذه الفترة الحرجة التى تعيشها البلاد سن قانون يجرّم كل من يقود مثل هذه الإعتصامات ويحرض عليها ويعرقل سهوا أو بإرادته المسار الإقتصادي للبلاد تحت ستار الدفاع عن حقوق العاملين و تحسين وضعياتهم والزيادة في أجورهم . بالتأكيد سيقول البعض إن إعلام العار يتمنى جهرا عودة الديكتاتورية, عودة القمع والإضطهاد والتضييق على الحقوق و الحريات خاصة منها المتعلقة بالعمل النقابي الذي يهدف إلى النهوض بأوضاع العمال الإقتصادية والإجتماعية والدفاع عن مصالحهم المادية و المعنوية لكن ذلك مغاير للواقع تماما فهذه هي الأسباب التى قامت على أساسها الثورة , تردي الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية و التوزيع الغير عادل للثروة ليس فقط بين الجهات بل حتى بين المعتمديات و الأحياء في كل ولاية فالنهوض بتونس شعار من المفروض أنه يجمع جميع التونسيين . أقول من المفروض لأنه عندما دعا رئيس الجمهورية منذ أيام لهدنة إجتماعية يبدو أنه لم يكن هناك آذانا صاغية فنسبة النمو تقارب الصفر وعدد العاطلين قد يصل إلى المليون عاطل مع بداية سنة 2012 ولا يزال البعض مصرا على وضع العصى في عجلة الإقتصاد رغم معرفتهم بأن ما يترتب عن الإعتصامات المتكررة والمتتالية هو بكل وضوح ليس في صالح البلاد ولا في صالح العمال إلا إذا كان هؤلاء يعتبرون مغادرة أكثر من 120 مؤسسة أجنبية لبلادنا مؤشرا على بداية تحسن الأوضاع. إن انتهازية البعض و أنانيتهم وتفضيلهم لمصالحهم الشخصية على مصلحة المجتمع والوطن مظاهر ترتقي إلى منزلة الجريمة, جريمة في حق العباد واقتصاد البلاد ويعود ذلك في الحقيقة إلى غياب الروح الوطنية و انخرام المنظومة الأخلاقية والقيمية والسلوكية في المجتمع فهؤلاء يتحركون تحت شعار اعتصموا اعتصموا حتى يزيد عدد العاطلين بينما كان عمر بن عبد العزيز يقول انثروا القمح على رؤوس الجبال حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين . إضافة إلى ضرورة إصلاح منظومة القيم والأخلاق من الواضح أن مسار العمل النقابي أيضا يستوجب مراجعة جذرية على المستوى القطاعي و الجهوي و الوطني حتى يلتزم بصفة مستقلة وموضوعية ونزيهة بقضايا ومطاب و طموحات العمال خاصة وأن عديد المراقبين يؤكدون على أن انحراف العمل النقابي عن أهدافه الرئيسية ناتج بالأساس عن طغيان السياسي على النقابي أو بالأحرى تسييس العمل النقابي و يبدو في ظل كل ذلك أنه ينتظرنا عمل كبير و كما قال المرزوقي في كلمته في دوز إلى العمل .. إلى العمل . حسان لوكيل ------------------ فيديو - درس من عاملات مصنع للملابس بالعاصمة يتبرعن ب 30 ألف دينار لصاحب مصنع أحرق أيام الثورة و ذلك لإعادة تشغيله. المصنع الآن يعمل و العاملات استرجعن وظائفهن. درس لكل من يعتصمون و يعطلون الدورة الإقتصادية للبلاد عن حسن نية أو عن سوء نية.