المطربة المصرية منى عبد الغني تنهار باكية أثناء أداء مناسك الحج على جبل عرفات (فيديو)    حالة الطقس أوّل أيّام العيد: الحرارة تصل الى 43 درجة مع ظهور الشهيلي محليا    الأمم المتحدة تؤكد التزامها بالعمل مع جميع الأطراف لإنهاء الأزمة الليبية    أطباء يحذرون من حقن خسارة الوزن    المهدية: الإحتفاظ بمتحيليدلس وثائق للراغبين في الحصول على عقود عمل بالخارج    غار الدماء: حريق يأتي على 5 هكتارات من الغابة الشعراء    حاجّة باكستانية تضع مولودها على جبل عرفات..    مركز الإجهاد الحراري وضربات الشمس بمشعر عرفة يستقبل 225 حالة    الطقس هذه الليلة..    فظيع..انتحار ثلاثيني شنقا في جرجيس..    أنس جابر تغادر بطولة نوتينغهام العشبية من الدور ربع النهائي..#خبر_عاجل    رئيس الجمهورية ونظيره العراقي يتبادلان التهاني بمناسبة عيد الأضحى..    الرابطة 1 – الترجي الرياضي بطلا للمرة الثالثة والثلاثين في تاريخه    وزير الدّاخليّة يؤكد سعي الوزارة إلى تدعيم سلك الحماية المدنية بالمعدّات والتجهيزات    بعد وقفة عرفة.. الحجاج يتجهون إلى مزدلفة    المهدية: يتحيل على الراغبين في الحصول على عقود عمل بالخارج    المرصد التونسي لحُقوق الإنسان: وفاة 5 حجيج في البقاع المقدسة    جندوبة: السيطرة على حريق نشب بغابة سيدي حمادة    يورو 2024.. اسبانيا تسحق كرواتيا بثلاثية    النادي الصفاقسي يعود بانتصار ثمين من جوهرة الساحل    الليلة: الحرارة تتراوح بين 20 و32 درجة    جريمة بشعة تهز ألمانيا بالتزامن مع المباراة الافتتاحية ل'يورو 2024'    خطيب عرفات: الحج ليس مكانا للشعارات السياسية    أول إطلالة للأميرة كايت منذ بدء علاجها من السرطان    وفاة المندوبة الجهوية للشباب والرياضة بولاية باجة بالبقاع المقدّسة    وزارة التربية تكشف عن استراتيجية وطنية للقضاء على التشغيل الهش    مختصون يوصون بتجنيب الأطفال مشاهدة ذبح الأضحية    أعلى من جميع التمويلات الحالية.. تركيا ستحصل على قرض قياسي من صندوق النقد    قفصة: الإطاحة بوفاق لترويج المخدرات يقوده موظف    إقبال ضعيف على الأضاحي رغم تراجع الاسعار الطفيف بهذه الجهة    صدور قرارين بالرائد الرسمي يضبطان الشروط الخاصة لإجراء أعمال الطب عن بعد    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي الصفاقسي في مواجهة النجم الساحلي    المهدية: مؤشرات إيجابية للقطاع السياحي    وصول أول رحلة للجالية التونسية في هذه الصائفة    بنزرت : حجز 1380 لترا من الزيت النباتي المدعم    ذبح الأضاحي : توصيات هامة من المصالح البيطرية    خطيب عرفة: "الحج ليس مكانا للشعارات السياسية ولا للتحزبات"    الرابطة الثانية: مرجان طبرقة يلتحق بركب الفرق النازلة إلى الرابطة الثالثة    بداية من اليوم: تونس تلغي التأشيرة عن الايرانيين والعراقيين    اليوم: فتح شبابيك البنوك والبريد للعموم    أكثر من مليوني حاج يقفون بعرفة لأداء ركن الحج    بشرى لمرضى السكري: علماء يبتكرون بديلا للحقن    رواق الفنون ببن عروس : «تونس الذاكرة»... في معرض الفنان الفوتوغرافي عمر عبادة حرزالله    المبدعة العربية والمواطنة في ملتقى المبدعات العربيات بسوسة    محقق أمريكي يكشف آخر التحقيقات مع صدام حسين: كانت نظراته مخيفة ... وكان رجلا صادقا !    مجموعة السّبع تؤيد مقترح بايدن بوقف إطلاق النار في غزة    «لارتيستو»: الفنان محمد السياري ل«الشروق»: الممثل في تونس يعاني ماديا... !    يحذر منها الأطباء: عادات غذائية سيئة في العيد!    رئيس الحكومة يلقي كلمة في الجلسة المخصّصة لموضوع ''افريقيا والمتوسط''    حصيلة منتدى تونس للاستثمار TIF 2024 ...أكثر من 500 مليون أورو لمشاريع البنية التحتية والتربية والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة    الصحة السعودية تدعو الحجاج لاستخدام المظلات للوقاية من ضربات الشمس    الرابطة 1 : نجم المتلوي ينتزع التعادل من مستقبل سليمان ويضمن بقاءه    الدورة الخامسة من مهرجان عمان السينمائي الدولي : مشاركة أربعة أفلام تونسية منها ثلاثة في المسابقة الرسمية    "عالم العجائب" للفنان التشكيلي حمدة السعيدي : غوص في عالم يمزج بين الواقع والخيال    قفصة : تواصل أشغال تهيئة وتجديد قاعة السينما والعروض بالمركب الثقافي ابن منظور    جامعة تونس المنار ضمن المراتب من 101 الى 200 لأفضل الجامعات في العالم    أنس جابر تتأهّل إلى ربع نهائي بطولة برمينغهام    تعيين ربيعة بالفقيرة مكلّفة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بأيّ لغة ستتكلّم الحكومة في تونس؟
نشر في باب نات يوم 28 - 12 - 2011

بين لغة الاعتصامات و الاحتجاجات التي تنتشر في أوساط واسعة من القطاع الاقتصادي و لغة الحكومة التي تدعو إلى هدنة اجتماعيّة و سياسيّة لمدّة 6 أشهر على الأقلّ، نراقب جدلا هو أشبه بحوار الصمّ و البكم تتخلّله معارك كلاميّة تعقب تصريحا لمسؤول أو صحفيّ. فيغضب أعوان الأمن لأنّ الرئيس شكر الجيش و تجاهلهم أو نسيهم، و يغضب أهالي تلك المنطقة لأنّ تصريحا لم يعجبهم أو سخر منهم و يحتجّ صحفيّ على آخر لأنّه اعتبر الشعب غبيّا، ثمّ تتطوّر تلك الخلافات إلى حملات كلاميّة لا تخلو من بذاءة في مختلف المواقع الاجتماعيّة، ينقسم فيها التونسيّون إلى فريقين مهاجم مسعور و مدافع مقهور.
و كلّ هذه الأمثلة تدلّ على أزمة ثقة بين الأفراد و النخب و المؤسّسات، و تؤكّد أنّ لغة التخاطب فيما بيننا تحتاج إلى وقفة تأمّل و تحتاج إلى خبراء ينصحون الجميع بقواعد التواصل و فنونه.
بدأ الجدل و التراشق بالتهم قبل تشكيل حكومة الجبالي حول أسماء من سيتولّى الحقائب، و كيفيّة توزيع المناصب بين الأحزاب الثلاثة المتحالفة و نصيب المستقلّين و أعضاء الحكومة السابقة منها، و مع ظهور بعض التسريبات حول الأسماء المرشّحة لتلك الحقائب، اشتدّت وتيرة النقاشات التي تطوّرت بعد مدّة قصيرة إلى تحفّظات و احتجاجات. ثمّ نالت الحكومة ثقة أعضاء المجلس التأسيسيّ، فتطوّر الجدل ليشمل الخوض في البرنامج المعلن و ما ظهر فيه من قصور و يتساءل عن كفاءات بعض الوزراء و يشكك في قدرتهم على تولّي تلك الخطط.
و قد تعرّض وزير الخارجيّة رفيق عبد السلام في الأيام الأخيرة إلى النصيب الأوفر من الانتقاد و يمكن إجمال الموانع التي أثيرت عنه في ثلاث نقاط و هي علاقة المصاهرة التي تجمعه برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، و علاقة العمل من خلال المهامّ التي شغلها في قطر أو في مؤسّسات بحثيّة تتصل بقناة الجزيرة، و علاقة أخرى مع اللغة الفرنسيّة أسالت الكثير من الحبر حول ما قيل إنّه جهل الرجل بلغة موليار، الأمر الذي اعتبره البعض عائقا لا يستقيم مع طبيعة المنصب الذي كلّف به. و قد تضخّم الأمر إلى تنظيم وقفة احتجاجيّة أمام وزارة الخارجيّة احتجّ فيها عدد قليل من المواطنين على ذلك التعيين، و قد أوضح الوزير أنّ دراسته التي حملته إلى الجامعات البريطانيّة جعلته أقرب إلى لغة شكسبير منه إلى لغة موليار. و أضاف في تصريحه لنشرة أخبار الثامنة أنّ " لغة التخاطب في الداخل و الخارج هي اللغة العربيّة، و هي الأهمّ باعتبار انتمائنا إلى بلد عربيّ."
و اللافت أنّ هذا الرأي يعطي مؤشّرا واضحا عن الخلفيّة الفكريّة التي تريد الحكومة الجديدة أن تعيد لها الاعتبار من خلال الاعتزاز بلغة هذا الوطن و التمسّك بهويّته العربيّة الإسلامية. و ما يؤكّد قناعتنا بهذا الاستنتاج أنّ الرئيس المنصف المرزوقي نفسه عبّر عن إيمانه العميق بقدسيّة اللغة العربيّة واعتبارها عمودا فقريّا للوطن و الأمّة :" العربية هي العمود الفقري للأمة، ولا وجود لها إلا بوجوده، فأمتنا خلافا لكل الأمم، لا تسكن أرضا وإنما تسكن لغتها." و قد عبّر عن ذلك الموقف في
مقالة تحليليّة نشرها على موقع الجزيرة نت قبل توليّه الرئاسة ما يؤكّد أنّ المرزوقي مفكّرا كان ينظّر للمرزوقي سياسيّا إذ يضيف بلغة يقينيّة و كأنّه يكشف عن برنامجه السياسيّ و موقفه المبدئيّ من المسألة فيدعو إلى: " إقرار اللغة العربية لغة رسمية للدولة يعني أن مهمة الدولة حماية وتطوير هذه اللغة. و إدراج حصرية استعمال اللغة العربية الفصحى والدارجة المهذبة على رأس قائمة النظم والقوانين التي تخضع لها الإذاعات ومحطات التلفزيون." و يختم رؤيته تلك بالتعبير عن أمله في تنظيم "المؤتمر العام للغة العربية، يدعى له السياسيون وأهل الذكر من كامل الوطن العربي، كي نتدارس الإستراتيجيات لتنمية لغتنا والدفاع عنها، والشعار لا إفراط ولا تفريط حتى نكون أخيرا جديرين بلغة شرفتنا كثيرا ولم نشرفها إلا نادرا".
فهل هي نهاية القدسيّة للغة الفرنسيّة في تونس ما بعد الثورة ؟ و هل سنشهد قريبا حراكا إصلاحيّا يعيد الاعتبار للعربيّة لغة و ثقافة و مشروعا حضاريّا يمسّ المجالات التعليميّة و الثقافيّة ؟
تلك هي أسئلة المرحلة و أجوبتها ستتشكّل قريبا و لكنّ بعض المؤشّرات عن الرؤى المستقبليّة باتت واضحة من خلال المواقف التي أبرزناها في هذه المقالة و التي يمكن تلخيصها في ذلك القول الحكيم الذي عبّر عنه المفكّر المصريّ مصطفى صادق الرافعي في كتابه وحي القلم:" ما ذلّت لغة شعب إلا ذلّ ، ولا انحطّت إلا كان أمرها في ذهاب وإدبار ، ومن هنا يفرض الأجنبي المستعمر لغته فرضاً على الأمة التي يستعمرها ، ويركبهم بها ، ويشعرهم عظمته فيها".
و لأنّ ثورة الشعب التونسيّ قامت من أجل العزّة و الكرامة فإنّه لن يسمح بإذلال لغته بل سيعمل على تنزيلها المقام الذي يعيد لها كلّ الاعتبار، فيعود الاحترام و التبجيل للغة الضاد بعد عقود من تقديس لغة المستعمر و إعلاء شأنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.