اتخذت الاحتجاجات و الاعتصامات منحى تصاعدي أصبح يهدد السلم و الاستقرار الاجتماعي و خرجت مطالب المعتصمين عن المطالب الاجتماعية و المعيشية الى مطالب سياسية مما قد يزيد الأمور تعقيدا و يفتح الباب على مصراعيه نحو الفوضى و التمرد على مؤسسات الدولة وهيبتها. متساكني معتمدية مكثر يطالبون بولاية ونقابي في مؤسسة فسفاط قفصة يعلن العصيان المدني و يدعو الى ايقاف وحدات الانتاج بالشركة, الحديث عن امارة اسلامية في سجنان و مقاطعة شيوعية في سليانة , كلها أحداث قد تقيم الحجة على خروج المطالب عن طابعها الاجتماعي و دخولها منعرج سياسي خطير قد يؤدي بالبلاد الى موجة عنف و تصادم بين المحتجين و الحكومة التي مازالت الى الأن تلتزم الصمت تجاه ما يحدث في ربوع البلاد و تقتصر على خطاب التهدئة و الصبر الذي لم يعد يأتي أكله مع التواتر السريع لسقف المطالب. الناطق الرسمي باسم الحكومة سمير ديلو يدعو الشعب الى الصبر واعطاء الحكومة فرصة عمل و كأنه يتوسل هيبة الدولة وشرعية ولايتها واستعمال كل الطرق الأمنية الشرعية من أجل الحفاظ على الاستقرار الأمني و الاجتماعي و ممثلي الحكومة يعدون المحتجين بإنجازات و احصائيات و أرقام لم تعد تستهوي المحتجين أو حتى تستوقفهم قليلا من أجل مراجعة تحركاتهم. مؤسسات المجتمع المدني بدورها تصمت عن التعليق عن هذه الاحتجاجات التي تحولت الى تجاوزات و تعدي على الممتلكات العمومية والخاصة و الاتحاد العام التونسي للشغل يدعو الى اضراب منتظر في 25 جانفي الجاري وكل في فلك يسبحون. منظمات المجتمع المدني نائمة و كأن ما يحدث في تونس هذه الأيام لا يعنيها و لا يهمها و نحن نتساءل عن دورها الاجتماعي و التعديلي الذي يسجل حضور اعلامي كبير و تتشدق به هذه الأخيرة ليلا نهارا في وسائل الاعلام كلما قضت الضرورة ذلك وعندما يتعلق الأمر بمشاركتها ومساعدتها الحكومة في تنقية الأجواء و توفير الظروف الملائمة لإيجاد مخارج سلمية للمعضلة الاحتجاجات التي خرجت عن الطابع السلمي فهي تتنصل و تعتبر ذلك خارجا عن نطاق مهامها؟. فان تقاعست منظمات المجتمع المدني عن القيام بدورها التعديلي و مشاركة الحكومة في وضع استراتيجيات و طرق تعامل مع وضعية الفوضى الاجتماعية التي تعيشها البلاد فانتظروا استفاقتها و صحوتها عندما تهدأ الأمور لتصدر الأحكام و القراءات و التنديدات حول تعامل الحكومة مع المحتجين والمطالب التي ستعتبرها منظمات المجتمع المدني أن ذاك " اجتماعية و مشروعة".