بدأ الهدوء يعود تدريجيا الى ربوع البلاد بعد موجة الاحتجاجات المطلبية والسياسية التي كانت تعم أرجاء البلاد بعد أن دخلت الحكومة في مفاوضات ماكوكية مع الأطراف المحتجة انتهت مؤخرا بشبه هدنة اجتماعية حتى بداية تحقيق المطالب. تعامل الحكومة مع هذه الموجة من الاحتجاجات أثار عديد الانتقادات في صفوف المراقبين , فبين مؤيد للتوجهات الحكومية و انتهاجها لسياسة الحوار والتفاعل مع المحتجين و بين منادي باستعمال وسائل العنف القانونية والشرعية ضد هؤلاء لحماية الاقتصاد الوطني اختلفت الآراء و تعددت. فرغم أن الحكومة لوحت باستعمال وسائل العنف الشرعي تجاه هذه الاحتجاجات الى أن تحركاتها على الميدان كانت توحي بعكس ذلك وانخرطت في موجة تفاعل مع الجماهير المحتجة مما استدعى بعض الأطراف الى اتهامها بالتقصير في أداء واجبها في حماية الاقتصاد و الأمن الوطنيين. ردود الأفعال تجاوزت الاتهامات الى التلويح بمقاضاة شخص رئيس الحكومة بتهمة التقصير في أداء واجباته تجاه حماية الاقتصاد والأمن الوطني , فقد قام محاميان تونسيان و هما السيدان أحمد بن حسانة ومنعم التركي بارسال تنبيه عن طريق عدل منفذ الى شخص رئيس الحكومة يمهلانه فيه فترة أسبوع لفك موجة الاعتصامات و الا سيقاضيانه بتهمة التقصير في اتخاذ اجراءات لفك الاعتصامات الغير قانونية. فرغم أن التلويح بالشكوى يعد قانوني الى أنها أثارت استغراب الكثيرين نظرا لمضمونها, ففي الوقت الذي يحتاج فيه التونسيين الى تكريس ثقافة حوار وتفاعل لحل المشاكل و المعضلات كخطوة أولى للقطع مع الأساليب القمعية القديمة التي تنتهج العنف و الدكتاتورية في التعامل مع المشاكل العالقة تدعو فيه بعض الأطراف الى استعمال العنف حتى وان كان شرعي ضد محتجين وهو فاعتقادي تمشي خاطئ لومضت الحكومة فيه لأدى الى عواقب كارثية لا تحمد عقباها. صحيح ان على الحكومة تطبيق القوانين في اطار التشريعات و الضوابط الوطنية و في اطار صلاحياتها و لكن في المقابل المعطيات الميدانية و حساسية المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد بعد أن علقت أمال كبيرة على الساسة التونسيين بعد سقوط بن علي تجعل من استعمال وسائل العنف و لوكانت قانونية أخر الحلول, فان استعملت الحكومة وسائل العنف كما يطالب البعض هل كان لها أن تتجاوز هذه المعضلات بثمن اقتصادي واجتماعي أقل مما حققته المفاوضات و الحوارات؟.