قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تردّد الحكومة.. إنتهازيّة بعض النقابات والمجموعات أفرزا الوضع الحالي
«الصباح» تفتح ملف الإنفلاتات الأمنيّة:
نشر في الصباح يوم 07 - 06 - 2012

يبدو أنّ التّحرّكات الإحتجاجيّة التي تشهدها بعض المدن التونسيّة أخذت منعرجا خطيرا ينبئ بانخرام الوضع حيث أصبح عدد هام منها يتجاوز حيّز الإحتجاجات السّلميّة ليتحوّل إلى انفلاتات أمنيّة و أعمال عنف و حرق و تخريب و قد شهدت عدّة مناطق حالات من الإنفلات الخطير آخرها إقتحام عدد من أهالي معتمديّة سيدي علي بن عون من ولاية سيدي بوزيد مقرّ محكمة النّاحية و طرد قاض قبل بداية الجلسة
كما عاشت مدينة الكاف حالة من الإحتقان على خلفية الوقفة الاحتجاجية التي قام بها أهالي الجهة للمطالبة بحقهم في التنمية ليتطور المشهد إلى مواجهات بين قوات الأمن والمحتجين استعمل فيها الغاز المسيل للدموع لتفريقهم في حين عمد المحتجون إلى رشق قوات الأمن بالحجارة كما اقتحم المحتجون مقر الولاية وهشموا سيارة الوالي قبل أن تتطور الأمور إلى عمليات نهب وحرق لمنشآت عمومية وخاصة بمعتمدية ساقية سيدي يوسف، إضافة إلى حرق مركز الشرطة العدلية بجندوبة ومركز الشرطة بغار الدماء والهجوم على حانات بجندوبة وسيدي بوزيد.
في حقيقة الأمر فإن الإنفلاتات تكاد تكون شيئا مألوفا منذ ثورة 14 جانفي حتى اليوم رغم اختلاف أسبابها وأساليبها فمنها ما ارتبط بنزاعات عروشية خاصة في الجنوب التونسي ومنها ما تعلق بتظاهرات وتمظهرات التيار السلفي على غرار أحداث بئر على بن خليفة التي عدت عملا إرهابيا هذا إلى جانب أحداث متفرقة على غرار التعدي على الفنانين أمام المسرح البلدي واقتحام النزل والمطاعم والحانات.
انخفاض محسوس
وتفيد آخر الإحصائيات أن إضرام النار في مقرات الأمن والمساكن الإدارية سنة 2011 بلغ 488 عملية في حين بلغ خلال الأربعة أشهر الأولى للسنة الحالية (بين جانفي وأفريل) 8 بينما بلغ عدد عمليات اقتحام المقرات الأمنية بكامل تراب الجمهورية السنة الماضية 246 عملية لتنخفض خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2012 إلى 19 عملية فقط.
وكشفت الإحصائيات الأخيرة أيضا أن عمليات سرقة السيارات الإدارية والإضرار بها بلغت 87 عملية خلال سنة 2011 فيما لم تسجل سوى 11 عملية خلال الأشهر الأربعة من السنة الجارية وأما بالنسبة للإعتداءات على أعوان الأمن والحرس فقد بلغ خلال السنة الفارطة 509 حالات بينما سجلت خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الحالية 295 عملية اعتداء.
وتشير هذه الإحصائيات إلى إنخفاض نسبة الجريمة وبالتالي الإنفلاتات الأمنية مقارنة مع السنة الماضية أي إبان ثورة 14 جانفي ورغم ذلك فإن ما يحصل اليوم خلف حالة من القلق والتذمر في الأوساط الشعبية والمؤسسة الأمنية.
أضرار جسيمة بالاقتصاد التونسي
حول موضوع الإنفلات الأمني وما خلفه من خسائر اتصلت «الصباح» بالمحامي والناشط الحقوقي الأستاذ أحمد بن حسانة فأوضح لنا أن بلادنا «تمر كما هو معلوم بفترة انتقالية تاريخية تلت ثورة شعبها على الديكتاتورية والفساد والبطالة وقد انجر عن الأحداث التي رافقتها تدهور كبير في الاقتصاد الوطني وتراجع رهيب لنسب النمو لذلك لا بد أن يتكاتف كل أبناء المجتمع التونسي من أجل انتشال الوطن من هذه المخاطر الاقتصادية التي تتهدده بغية تأمين الانتقال الديمقراطي في أفضل الظروف.»
نهش لحم تونس
ولاحظ الأستاذ بن حسانة أنه من المؤسف ان نرى من حين لآخر مجموعات من الأشخاص والعمال والنقابات سواء في القطاع العمومي أو القطاع الخاص تلقي بمصلحة البلاد العليا عرض الحائط وتشن إضرابات عن العمل وتعطل النشاط الاقتصادي من أجل تحقيق غايات فئوية أنانية مستغلة ضعف الدولة في هذه المرحلة الدقيقة.
وأضاف أنه ولئن كانت بعض مطالب المضربين شرعية ، فإن المطالبة بها بواسطة استخدام الإضراب في هذه المرحلة بالذات تفقدها الشرعية وتجعل منها وسيلة لنهش لحم تونس في وقت محنتها، كما أنه يمكن تصنيف بعض هذه الإضرابات في خانة الإضرابات السياسية المجرمة ضرورة أنها تستغل الظرف السياسي العام للبلاد لتحقيق مصالح فئوية أو شخصية ضيقة وعلى الرغم من أن الحق النقابي مضمون ولا أحد يجادل في قدسيته من الناحية المبدئية ، إلا أن استعمال حق الإضراب على وجه الخصوص بشكل عشوائي وفوضوي وفي قطاعات حساسة من شأنه أن يخرج الإضراب من حيز الحق المضمون إلى حيز الجريمة الكبرى و خيانة الوطن والإضرار بأمن الدولة و مصالحها العظمى، هذا الى جانب تتالي أعمال قطع الطرق والسكك الحديدية ومهاجمة الممتلكات العامة والخاصة وتعمد إحراقها أو نهبها واحتجاز العملة والموظفين والمديرين والصد عن العمل ، والخوف كل الخوف أن تتحول هذه الأعمال الى درجة الظاهرة بمعناها السوسيولوجي لأن ذلك يجعل من إمكانية القضاء عليها أمرا في غاية الصعوبة.
و قد كان من نتائج هذا الانفلات الأمني و النقابي أن تدهور الاقتصاد الوطني بشكل غير مسبوق وفقد أكثر من 200 ألف موطن شغل وقدرت قيمة الخسائر بما يربو عن 2500 مليون دينار وهو ما أجبر الحكومة على إثقال كاهل الوظيفة العمومية بانتدابات فوق الحاجة واقتراض مبالغ مالية هامة ستكون عبئا على الأجيال القادمة في محاولة منها لامتصاص نزيف البطالة والتقليص من العجز المالي المتفاقم.
أداء الحكومة في التصدي لهذه الأعمال
وأضاف الناشط الحقوقي أحمد بن حسانة أن الحكومة تقف منذ أشهر إزاء كل هذه الجرائم التخريبية وقفة سلبية غريبة، ممتنعة عن الاضطلاع كما يجب بمسؤوليتها القانونية والسياسية والتاريخية، وتتصرف كما لو كانت حكومة غير شرعية، وكما لو كانت غير متمثلة لمفهوم الدولة، رغم أنها الحكومة التي اصطفاها الشعب لتحمل أعباء الحكم واستأمنها على البلاد وعلى اقتصادها وأمنها ومصالحها العليا، فنراها تماطل في تطبيق القانون بدعوى احترام الحريات وخشية أن يتهمها البعض بالقمع في ظل صمت رهيب من أغلب الأحزاب ومكونات المجتمع المدني التي تحجم عن القيام بدورها التأطيري والتوعوي، والحال أن هناك بونا شاسعا بين القمع وبين تطبيق القانون والحفاظ على النظام العام، و قد انجر عن هذا الوضع تدمير لهيبة الدولة واستفحال لعدوى الاعتصامات والتجاوزات، حتى أصبحنا نخشى جديا أن نستفيق يوما على اعتصامات تعم كل المدن والولايات من بنزرت الى تطاوين(مع تسجيلنا لتحسن أداء الحكومة منذ فترة في هذا المجال).
واعتبر الأستاذ بن حسانة أن من أهم واجبات الحكومة تطبيق القانون وفرض احترام علويته وعدم التردد في التصدي لكل مظاهر الانفلات والاعتصامات العشوائية التي تنخر اقتصادنا وتعمق جراحنا، وإيقاف مرتكبيها (بالطرق القانونية وفق القانون عدد 4 لسنة 69 ودون انتهاك لآدمية المخالفين ودون خرق لحقوق الإنسان) وإحالتهم على المحاكمة العادلة وفق القانون.
وللإشارة فإن الفصل 42 ينص على أن: «لا عقاب على من ارتكب فعلا بمقتضى نص قانوني أو إذن من الحكومة التي لها النظر».
فلم يعد مسموحا البتة مثلا قبول توقيف انتاج الفسفاط في الحوض المنجمي مع ما يسببه ذلك من إضرار بالشعب التونسي حاضرا ومستقبلا، وعلى الحكومة التصدي بكل قوة وبكل الوسائل القانونية لمثل هذه التجاوزات ولو بإعلان مراكز الانتاج مناطق عسكرية مغلقة.
خصم أجرة المضرب عن العمل
وأضاف الأستاذ بن حسانة أنه أمام انتهازية بعض النقابات واستغلالها لمحنة تونس وضعفها بعد الثورة وتواتر الاعتصامات والاضرابات وإدخال البلاد في نفق قد لا تخرج منه، يتوجب التذكير بالأحكام التي تنظم حماية المال العام في ظل الإضراب والتي تعد الحكومة ملزمة بتطبيقها والا أصبح ذلك هدرا للمال العمومي وفسادا إداريا وماليا. فبغض النظر عن الاضراب غير الشرعي الذي تترتب عنه المساءلة التأديبية والجزائية يتوجب حجز جزء من المرتب لعدم القيام بالعمل يتوافق مع مدة الانقطاع عنه وذلك تطبيقا لقاعدة استحقاق الأجر بعد الإنجاز الفعلي للعمل، وميزانية الدولة ليست صندوق صدقة، و على اتّحاد الشغل أو غيره من النقابات تحمّل أجرة المضربين مثلما هو الشأن في بلدان أخرى.
وقد اتجه فقه القضاء الفرنسي الى عدم احتساب مدة الإضراب ضمن الأقدمية للترقية والتقاعد ويعتبر هذا الإجراء ضروريا حتى لا يكون لأي طرف مصلحة في تمديد الإضراب ذلك أن تعطيل العمل من جهة وحجز المرتب من جهة أخرى يدفع كافة الأطراف إلى البحث عن الطرق الكفيلة بوضع حد للأزمة القائمة، وكل تقصير من طرف رؤساء الإدارات في اعتماد هذه الإجراءات يعد خطأ فادحا يمكن أن يعرضهم الى المساءلة الجزائية من أجل تبذير المال العام.
الإنفلاتات الأمنية من منظور علم الإجتماع
حول هذا الموضوع أفادنا محمد الجويلي أستاذ علم الإجتماع أننا نعيش مرحلة انتقالية وجهاز الدولة ليس ماسكا بالعنف الشرعي الذي يجب أن يمارسه كما أن الدولة كانت تحتكر وسائل العنف المادي لتقوم بتنظيم شؤون الحياة وتخضع الأفراد لإرادتها وذلك من خلال التحكم في طريقة تصرفاتهم وفي انتماءاتهم المختلفة حيث لا يستطيع الفرد أن يتصرف في انتماءاته العروشية مثلا إلا برضى الدولة.
وأضاف الأستاذ الجويلي أن المواطن على دراية بذلك وأن كل واحد يريد إعادة ترتيب موقعه ملاحظا أن المجتمع التونسي بعد 14 جانفي أصبح في وضعية إعادة ترتيب للمواقع فكل يبحث له عن موقع سواء من الأفراد أو الجمعيات أو الأحزاب مضيفا أنه في فترة من الفترات ساهم الإنتماء العروشي في إعادة التموقع.
وأرجع الأستاذ محمد الجويلي ما يحدث في بلادنا من عنف إلى حصول فراغ كانت تملؤه الدولة بجهازيها الأمني والحزبي اللذين كانا مسؤولين عن ضبط التوازن بما فيه من انتماءات عائلية وعروشية وقبلية وجهوية.
وأضاف أن الدولة قبل 14 جانفي هي التي كانت تسيطر على المواقع وعلى ترتيبها وعلى ما تراه صالحا لخدمة اللعبة السياسية بصفة عامة ملاحظا أن كل القوى السياسية اليوم غير متفقة على تعريف العنف عدا العنف الإرهابي مضيفا أنه عدا ذلك فإن كل أشكال العنف التي تمارس اليوم مقبولة موضحا أنه يجب أن يكون هناك توافق على درجة العنف المسموح به والذي يناسب هذه المرحلة.
ورأى أن الديمقراطيات في كل أنحاء العالم تحتاج إلى توافق على العنف المسموح به والعنف غير المسموح به مشيرا إلى أننا وإلى اليوم نبحث عن تعريف توافقي للعنف ، ملاحظا أن العنف هو جزء من التركيبة الإجتماعية و فسر عودة الناس إلى انتماءاتهم العائلية والعروشية والقبلية والجهوية إلى إحساسهم بالخطر لأنهم يشعرون بغياب الدولة بجهازيها الأمني والقضائي مع عجز الأحزاب السياسية والمجتمع المدني على أن يكونا بديلا لهذه الانتماءات.
بعض مظاهر الإنفلاتات الأمنية
إن من أبرز حالات الانفلات الأمني التي لازال يتذكرها الشارع التونسي استهداف مراكز الأمن بمدينتي قلعة سنان وتاجروين من ولاية الكاف خلال شهر مارس 2011 وعدد آخر من المؤسسات العمومية مثل القباضة المالية وأسفرت تلك العملية عن ايقاف 23 مشتبها به.
ولم تكن الكاف وحدها التي شهدت انفلاتات أمنية فقد شهدت منطقة بئر علي بن خليفة معركة استمرت لساعات بين العناصر الأمنية والعناصر الإرهابية المسلحة وتم إثرها حجز كميات كبيرة من الأسلحة التابعة للعناصر الإرهابية..وصولا إلى الإشتباكات العنيفة التي شهدتها نقطة التفتيش 14 الواقعة على الطريق الوطنية الرابطة بين بن قردان ورأس جدير والتي دارت بين مجموعة كبيرة من الأشخاص وأعوان الديوانة والجيش الوطني، استعملت فيها بنادق الصيد والحجارة والرصاص الحي مما خلف إصابة خمسة أعوان ديوانة .
ومن حالات الإنفلات الأمني أيضا التي حدثت في وقت سابق مهاجمة مجموعة من المنحرفين حافلة والإعتداء على ركابها بمنطقة بني عون ببرج طالب ببنزرت الجنوبية ، وكذلك مهاجمة مجموعة يناهز عددها المائتي شخص من مهربي المحروقات والحديد ومختلف البضائع الأخرى القادمة إلى بلادنا عبر الحدود الجزائرية لمركز شرطة بتلابت ومحاولة حرقه.
ومن حالات الإنفلات الأخرى إحراق مركز الشرطة بالقطار احتجاجا على نتائج مناظرة شركة فسفاط قفصة حيث أقدم مجموعة من المحتجين على إضرام النار في مركز شرطة المدينة.
هذا بالإضافة إلى عمليات احتجاز لمعتمدين وولاة على غرار إحتجاز معتمد النفيضة بمكتبه وكذلك إجبار معتمد القصور من ولاية الكاف على مغادرة مقر المعتمدية عديد المرات.
وأما نصيب الأسد من الإعتداءات فكان لأعوان الأمن والمقرات الأمنية حيث تمت مداهمة مركز الحرس بفريانة ووقع الإعتداء على رئيسه وذلك إثر ايقاف شخص على ذمة قضية مخدرات فر من سجن ايقافه في ثورة 14 جانفي حيث كان يقضي عقوبة ب10 سنوات سجنا.
وفي بوحجلة وقع خلال شهر فيفري الماضي إطلاق النار من قبل مجهولين على دورية أمنية ومن ألطاف الله أن الحادث لم يخلف أضرارا بشرية.
مفيدة القيزاني
-------------
القانون يجرّم الإعتصامات العشوائيّة و أعمال الحرق عقوبات تصل إلى الإعدام شنقا
يجرّم القانون التونسي الاعتصامات العشوائية والإضرابات غير القانونية وأعمال الحرق والنهب وقطع الطرق الصد عن العمل عبر الفصول 74 و 75 و77 و 78 و 79 و116 و 117 و 119 و 136و 137و 257 و 307 و 308 من المجلة الجنائية و الفصل 388 من مجلة الشغل.
وحيث رتب على ارتكابها عقوبات أدناها 3 أشهر سجنا عند القيام بإضراب غير شرعي (الفصل 388 وما يليه من مجلة الشغل) وأقصاها يصل إلى الإعدام شنقا لكل من يجمع أو يرأس ويمد بالأسلحة جموعا بقصد نهب أموال الدولة أو أموال الأفراد أو الاستيلاء على عقارات أو منقولات أو إفسادها وكذلك محاربة أو مجرد ممانعة القوة العامة حال مقاومتها لمرتكبي هذه الاعتداءات(الفصل 74 مجلة جنائية).
أما بالنسبة لأعمال الحرق فقد نص الفصلان 307 و 308 على عقوبة مرتكبيها فرتب الفصل 307 عقوبة السجن المؤبد على مرتكب إضرام النار بمحل معد للسكنى، ويكون العقاب المستوجب هو السجن مدة عشرين عاما إذا كانت الأماكن التي أحرقت غير مسكونة أو غير معدة للسكنى(الفصل 308)، وقد قضت المحكمة الابتدائية بمنوبة في الفترة الماضية بسجن ثلاثة أشخاص حاولوا إحراق منطقة الأمن الوطني بمنوبة مدة ثلاثين عاما من أجل إضرام النار بمقر أمني.
و ينص الفصل 116من المجلة الجنائية على أنه:» يعاقب بالسجن مدة ستة أشهر وبخطية قدرها مائتا دينار كل من يعتدي بالعنف أو يهدد به للتطاول على موظف مباشر لوظيفته بالوجه القانوني أو على كل إنسان استنجد بوجه قانوني لإعانة ذلك الموظف ويعاقب بمثل ذلك الشخص الذي يعتدي بالعنف أو يهدد به موظفا لجبره على فعل أو عدم فعل أمر من علائق وظيفته وإذا كان المجرم مسلحا فالعقاب المستوجب هو السجن مدة ثلاثة أعوام والخطية خمسمائة دينار.
أما الفصل 119 فيقتضي أن «كل إنسان شارك في عصيان وقع بالسلاح أو بدونه وفي أثنائه اعتدى بالضرب على موظف حال مباشرته لوظيفته يعاقب لمجرد مشاركته بالسجن مدة خمسة أعوام إذا كان العصيان صادرا من أقل من عشرة أفراد وبالسجن مدة عشرة أعوام إذا كان ذلك صادرا من أكثر من عشرة أفراد بدون أن يمنع ذلك من العقوبات المقررة بهذا القانون لمرتكبي الضرب والجرح، ويكون العقاب المستوجب لمرتكبي العصيان مدة 12 عاما إذا تسبب عن الضرب موت».
أما بالنسبة لتعطيل الخدمة و الصد عن العمل اللذين تكاثرا بعد الثورة فإن الفصل 136 من المجلة الجنائية ينص على أنه:»يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام كل من يرتكب بالعنف أو الضرب أوالتهديد أو الخزعبلات منع فرد أو جمع من الخدمة أو يحاول إبطالها أو استمرار إبطالها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.