بقلم الأستاذ: أبولبابة سالم هناك حكمة مأثورة تقول "عاش من عرف قدره و حجمه" , لما شاهد أحد أصدقائي الأجانب قناة " بونا الحنين " و استمع إلى جوهر بن مبارك يطالب باستقالة السيد علي العريض وزير الداخلية هاتفني متسائلا : هل قررت المعارضة التي فازت بالمركز الثاني في الإنتخابات و التي تملك حكومة ظل كما في الديمقراطيات العريقة سحب الثقة من الحكومة؟ أخبرت صديقي بأن صاحب الطلب قد تحصل على 0.0016 بالمائة يوم الإمتحان الإنتخابي في 23 أكتوبر . فأجابني مندهشا : وماذا ترك لمن كان في المركز الثاني وكيف لمن تحصل على هذه النسبة أن يتحدث باسم الشعب التونسي فعندنا في ألمانيا من يتحصل على أقل من 5 بالمائة لا يمكنه دخول البرلمان أصلا أما وسائل الإعلام فتتجاهله تماما . قلت له : منابركم الإعلامية تحترم شعبها أما عندنا فالإعلام يفتح أبوابه و نوافذه لكل الفاشلين لتسويق خطابات الهزيمة و للتنفيس عن مكنوناتهم تجاه من اختارهم الشعب و الأسوأ أنهم لا يستخلصون الدروس و لا يأخذون العبر و يتجاهلون نبض الشارع الذي حرّرهم بل البعض منهم أهان الشعب على اختياره ووصفه بالجهل و الغباء و لم يجد حرجا في ذلك . قبل الثورة لم نكن نسمع أصلا بالسيد جوهر بن مبارك بل شاهدنا و سمعنا بمناضلين حقيقيين ضد الإستبداد من كل الإتجاهات السياسية و قد تعرضوا للقمع و التنكيل في دهاليز الداخلية الموحشة لسنوات طويلة و منهم من استشهد تحت التعذيب, حينها كنت تنعم بطيب العيش و الرخاء أدامه الله عليك و لا نظنك لم تسمع بما فعله بن علي بالدستور الذي حوّله كالخرقة يمسحها و يكتب فيها ما يشاء و أنت أستاذ مساعد القانون الدستوري فأين الشجاعة الحقيقية يومئذ , أما من تنادي باستقالته اليوم فقد كان في قلب العاصفة و مورست في حقه أبشع أنواع التعذيب ولم يساوم و لذلك اختاره الشعب لأنه يحترم أصحاب المبادئ و القناعات و لو اختلف معها و لكنه يفرض عليك الإحترام و التقدير , و ما تعرض له المتظاهرون يوم 9 أفريل يعتبر نزهة و نقاهة مع ما تعرض له من واجهوا ماكينة الإستبداد. وما أعرفه أن رجل القانون يلجأ إلى المؤسسات للطعن في أي قرار أما إظهار البطولات الوهمية أمام عدسات الكاميرا فلا تنفع اليوم لأن المعارضة متاحة للجميع لأنها دون ثمن أما عندما كان ثمنها السجن و النفي و التشريد و التعذيب فنعرف المعارضين الحقيقيين . و لمن نفخت فيهم وسائل الإعلام التي كانت وصمة عار في الثورة التونسية نقول لهم : قليلا من التواضع و احترموا ذكاء التونسيين و عالجوا أخطاءكم قبل أن تنتقدوا الآخرين , فمن بيته من زجاج لا يضرب الناس بالحجر , ولو توفرت لغيركم فرص الظهور الإعلامي و أحسنوا استغلالها لكسبوا قلوب و عقول الناس أما من لم يحسن استغلالها فيجبر المشاهد على تغيير المحطة حفاظا على أعصابه.و كان الله في عون السادة المشاهدين. أما صديقي فدعا لنا أن نكون من الصابرين في زمن انقلبت فيه الموازين , و ضحكنا طويلا على إعلام صار من الثوريين بعد أن كان من المطبّلين في عهد حامي الحمى و الدين .