بقلم الأستاذ أبولبابة سالم* يشكّل موضوع الصلح الجزائي الذي اقترحه الخبير و أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد إحدى الملفات الشائكة التي تواجه حكومة الترويكا , فوجود أكثر من 460 رجل أعمال ممنوعين من السفر { وهو إجراء إحتياطي كما قال الوزير المكلف بالملفات الإقتصادية السيد رضا السعيدي و لا تتعلق بهم أحكام جزائية في انتظار استكمال التحقيق} يعني وجود طاقات و مشاريع معطلة لم تستفد منها البلاد و قادرة على تنشيط الحركة الإقتصادية و توفير مواطن الشغل خاصة في هذا الظرف الذي تواجه فيه بلادنا تسونامي من المطالب الحارقة التي لا تستطيع إمكانيات الدولة الإستجابة لها بحكم التركة الثقيلة التي ورثتها عن الحكومات السابقة . لقد كان ملف محاسبة رجال الأعمال الفاسدين من مطالب الثورة خاصة أنّ بعضهم قد أجرموا في حق هذا الشعب و امتصوا عرقه و دمه و تحالف بعضهم مع رموز الفساد في النظام السابق الذين طغوا في البلاد و عاثوا فيها فسادا فظهرت طبقة من الأثرياء الجدد في وقت قياسي و كوّنوا ثروات طائلة في صفقات مشبوهة و مافيوزية بعد أن كان بعضهم حفاة و عراة قبل زمن قصير. المبادرة التي قدمها السيد قيس سعيد لرئيس الحكومة حمادي الجبالي منذ مدّة و المتمثلة في الصلح الجزائي وهي أن يتولّى رجال الأعمال الممنوعين من السفر القيام بمشاريع تنموية و استثمارية في المعتمديات الأكثر حاجة و فقرا { في تونس لدينا 260 معتمدية}تحت طائلة القضاء أي بأحكام جزائية لتكون ملزمة حتّى لا يكون الأمر إفلاتا من العقاب كما يصوّره البعض و ذلك حتّى يكفّروا عن ذنوبهم في حقّ هذا الشعب و يساهموا في تحقيق بعض أهداف ثورته.و في دردشة خاطفة مع الأستاذ قيس سعيد ذكر لي" أنّ بعض المعتمديات لا تحتاج لذلك كمعتمديات تونسالمدينة أو سوسةالمدينة أو صفاقسالمدينة أيضا و غيرهم, و تصوّر أن يقوم كل رجلي أعمال بمشروعين في كل معتمدية و كل مشروع سيوفّر العديد من مواطن الشغل و يخفف من البطالة في المناطق الأكثر فقرا". و عند سؤالي له عن رفض بعض قوى المعارضة للمشروع و تصويرهم للأمر كصفقة للإفلات من العقاب بين الحكومة و رجال الأعمال , أجاب" بأنّه قد تحدّث مع بعضهم و أقرّوا له بجدوى المبادرة و محاسنها لكنّهم يتخوّفون من استثمار الحكومة الحالية للنتائج الإيجابية للمشروع في الإنتخابات القادمة" . وهو ما يؤكّد أن الأمر أصبح محلّ مزايدات سياسية و أنّ ما يقوله المعارضون للصلح الجزائي في وسائل الإعلام مجرّد مناورات سياسية للضغط و إرباك الحكومة , و بالتالي ندرك أنّ السياسة قد تتحوّل إلى لعبة قذرة لمن يطالب صباحا مساء بالتنمية و محاربة الفقر و تشغيل العاطلين و يتاجر بمآسي المستضعفين متّهمين السلطة بالعجز و التقصير و يسعى لعرقلة كل محاولات الإنعاش الإقتصادي و الإجتماعي في الزوايا المظلمة لغايات سياسوية.