د.خالد الطراولي 110 حارق تونسي انقلب بهم القارب في عرض البحر قرب جزيرة لامبادوزة الإيطالية، وأكثر من 50 مفقودا !!! فاجعة جديدة ومآسي أسر وأرامل وأطفال...قوارب الموت تتوالى، وشباب تونس يصبح بعضه مأدبة للحيتان والبعض الآخر يموت بشهادته مستندا إلى الجدران... هذه الفواجع كانت ركائز محاربة النظام السابق حيث الهروب من الجنان الخظراء والمعجزة التونسية، واليوم ليس كالبارحة، الثورة مرت من هنا ورفع مطالبها عاليا أهلها من شباب تونس الأحرار. خوفي أن المطالب نسيت، وتبعها جيل من الشباب الهارب المقهور والمحبط، أعود إلى هذه المأساة مجددا حتى لا نعتاد على هذه الفواجع فيبقي العداد وحيدا يطرح ويزيد موتى ومفقودين، لم تعد في الحقيقة هذه المأساة مجلبة للعيون والآذان وأصبحت العادية مشغل الإعلام ذكرا أو نسيانا. أعود إليهاحتى لا ينطفأ نورها الحزين وحتى لاننسى أن هؤلاء جزء منا جزء من مشاكلنا وجزء من حلها. مسؤوليات كل الحكومات المتعاقبة كبيرة والحكومة الحالية أكبر لأنها تحمل شرعية الصناديق وشرعية الثورة، تحمل تاريخا نضاليا لأفرادها بما تحمله من التصاق بهموم الناس والعمل الجاد على نزعه. المسؤولية كبيرة تجاه شباب تونس، بعيدا عن كل حسابات سياسية، ومصداقية الجميع في الميزان وخاصة أصحاب الكراسي والحقائب، ونداء الأعماق لا يترك أحدا يغط في نومه أو يرتاح. تواصل رحلات الموت هو نداء للتململ، هو تذكير بغياب الفعل، هو تذكير بفشل أو زيغ أو نسيان...تواصل الفواجع والمآسي هي مسؤولية تامة تامة أمام الله أولا ثم أمام الشعوب والتاريخ...ليست السلطة متاع، ليس الحكم متعة ولكنه تفرغ وخدمة وهمّ آناء الليل وأطراف النهار. إن عمر بن الخطاب وهو يستشعر موقف الحاكم ومسؤوليته الكاملة تجاه شعبه يقول قولته المشهورة : "لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها لماذا لم أعبد لها الطريق" فما بالك بقوارب تصحب الموت رفيقا معها كل أسبوع، وقد عثرت آمال وأحلام ركابها لأن طريق النجاة والبناء لم يُعبَّد لهم ولم يُصَن. *رئيس حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي