ورشة عمل دولية بتونس تبحث "مساهمة الجاليات في دفع الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة" بحضور 350 مشاركا من خبراء دوليين ومسؤولين حكوميين وغير حكوميين    المهدية: تقديرات بإنتاج حوالي 115 ألف قنطار من الحبوب خلال الموسم الحالي    اختتام الدورة العاشرة لمهرجان "سيكا جاز"    قيمتها تجاوزت ال450 ألف دينار: حجز صناديق موز مهرّب في نابل..    الأمطار تنعش الزراعات الكبرى... لكن الخطر قادم بعد منتصف ماي    عاجل/ بريطانيا تقرر تقييد منح التأشيرات لهذه الجنسيات..    وزارة الحج: خفّفوا الأمتعة وتفرّغوا للعبادة في المشاعر المقدسة    وزير إسرائيلي يطالب بتجويع سكان غزة لإجبارهم على الرحيل    قابس: وفاة شخصين وإصابة 8 آخرين في حادث مرور    منزل بوزلفة: القبض على قاصر وإحالته على التحقيق بتهمة إضرام النار في معهد ثانوي    QNB يُساهم في دعم مستشفيات عزيزة عثمانة وبشير حمزة    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    الإعلان الرسمي المرتقب عن موعد عيد الأضحى    الرابطة الثانية: قطيعة بالتراضي بين كوكب عقارب والمدرب كريم بن عمر (رئيس كوكب عقارب)    مؤسسة "فداء" تدعو "جرحى الثورة" ممن لم يتسن عرضهم على اللجنة الطبية إلى الاتصال بها في أجل لا يتجاوز 10أيام    انطلاق محاكمة المتهمين في قضية "التآمر على أمن الدولة 2"    حملات أمنية تسفر عن حجز كميات من المخدرات والقبض على 26 مفتشا عنهم..    هام/ تطوّرات الوضع الجوي خلال الأيام القادمة..    بعد نقصها وارتفاع أسعارها: بشرى سارة بخصوص مادة البطاطا..    استشهاد 11 فلسطينيا في قصف للاحتلال الصهيوني على مناطق متفرقة بقطاع غزة..#خبر_عاجل    وزارة الرياضة تعلن عن مشروع إصلاحي في علاقة بخطة المديرين الفنيين الوطنيين للجامعات الرياضية    بريطانيا تستعد "سرا" لهجوم عسكري مباشر من روسيا    العائلة التُونسيّة تحتاج إلى أكثر من "5 ملاين" شهريًا..!!    عرض خاص من الخطوط التونسية لأعضاء fidelys    الدورة الثامنة لتظاهرة 'الايام الرومانية بالجم - تيتدروس' يومي 10 و11 ماي بمدينة الجم    مخزون السدود في تونس يُسجّل أعلى مستوى منذ 2019    "بلومبرغ": الصادرات الصينية تتحدى الرسوم الأمريكية وتسجّل نمواً    تونس الكبرى دون "تاكسيات"..ما القصة..؟    الدورة الخامسة للصالون الدولي للانشطة والتكنولوجيات المائية يومي 7 و8 ماي بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية    المنتخب التونسي في ثلاث مواجهات ودية استعداداً لتصفيات مونديال 2026    عاجل/ بشبهة حيازة مخدرات..الاحتفاظ بلاعب دولي معروف..    اليوم: تواصل مؤشّرات الأمطار    وفاة المدافع الأرجنتيني لويس غالفان بطل مونديال 1978    نصف نهائي دوري الأبطال: موقعة إنتر وبرشلونة الليلة    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    بطولة انقلترا : فورست الساعي للعب في رابطة أبطال أوروبا يتعادل مع كريستال بالاس    عاجل | تشديد شروط التجنيس في فرنسا يُقلق التونسيين المقيمين بالخارج    خبراء يحذّرون و يدقون ناقوس الخطر: ''فلاتر التجميل'' أدوات قاتلة    ترامب: نعرف من المسؤول عن تفجير "نورد ستريم"    قليبية: ايقاف المعتدي على النساء بشفرة حلاقة    بطولة مصر : هدف سيف الدين الجزيري غير كاف للزمالك لتخطي البنك الاهلي    أورنج تونس تدشّن مركز البيانات الجديد بولاية سوسة لمواكبة التحديات الرقميّة المستقبلية    رئيس الجمهورية يوصي بفتح باب الانتدابات وإعداد مشروع قانون المالية للسنة القادمة    سعيد: تونس تحملت الكثير من الأعباء ولا مجال ان تكون معبرا أو مقرّا للمهاجرين غير النّظاميّين    طقس الثلاثاء: أمطار غزيرة بهذه المناطق    بطولة روما للتنس :انس جابر تستهل مشوارها بملاقاة التشيكية كفيتوفا والرومانية بيغو    صفاقس : عودة متميزة لمهرجان سيدي عباس للحرف والصناعات التقليدية في دورته31    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    لأول مرة في السينما المصرية/ فيلم يجمع هند صبري بأحمد حلمي    إلزام الناشرين الأجانب بإرجاع كتبهم غير المباعة إجراء قانوني    هبة يابانية    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور سامي براهم : أمّة ''إقرأ'' لا تقرأ و بعض التخوّفات مشروعة
نشر في باب نات يوم 14 - 01 - 2013


بقلم الأستاذ بولبابة سالم
في لحظات أعادتنا للأجواء الأكاديمية ووسط حضور نوعيّ استضافت الجمعية التونسية للعلوم الشرعية ''فرع أريانة'' الدكتور و الباحث في الحضارة الإسلامية سامي براهم لتنشيط محاضرة تحت عنوان " الإسلام المواطني " بفضاء المكتبة المعلوماتية بأريانة أكّد فيها أنّ مسألة الإسلام و المدنية , و الإسلام و المواطنة قد شغلت مفكري النهضة منذ نهاية القرن التاسع عشر و اعتبر أن اللطف الإلهي و العناية الإلهية ترافق الأحداث و منها هذه الثورة وعلى المؤمنين أن يلتقطوا اللطف الإلهي بالأسباب و من أبرز هذه الأسباب التحصيل العلمي, و من فضائل هذه الثورة هو حرية الفكر فلم يعد هناك مبرر لمن يريد الإستثمار في المعرفة.
يرى البعض أن الثورة تقود إلى صحوة إسلامية وهو كلام عاطفي لا قيمة له إذا بقي أصحابه دون فعل حضاري لأن الشعارات الإسلامية المرفوعة بقوّة ليس لها مضمون فكري متين و هناك تخوّفات مشروعة من المشروع الإسلامي باعتبار أن الإسلاميين ينادون بمرجعية الإسلام في الحكم و المجتمع , و من المعيب تسفيه المتخوّفين الذين لديهم تحفظات حقيقية و لا تجابه إلا بتطوير نظرتنا للإسلام حتى يكون دين المدنية و الحضارة.
و اعتبر سامي براهم أن المصادرة الإيمانية التي ننطلق منها هي أن كل القيم البشرية هي من جوهر الإسلام و منها مفهوم المواطنة. فالمواطنة مفهوم حديث رغم أن للمواطنة مفاهيم محلية لمن أنتجوها إلا أن ذلك لا ينفي بعدها الكوني , و حذّر من التعامل الإنتقائي مع النصوص و تأصيل الأفكار دون مرتكزات منهجية . و اعتبر أن الهوية العربية الإسلامية هي من " المشترك المعطّل " وسط تياران رئيسيان :
- تيار يقول أن هناك تأويلات تلغي الحريات و تهدد الحقوق .
- تيار يقول أن هذا المشترك لا يجب أن يكون معطلا .
فكيف يمكن أن يفعّل هذا المشترك بشكل يكون ضامنا للحقوق و المساواة و الكرامة ؟
اعتبر سامي براهم أن المسلم الذي لا يؤمن بمرجعية الشريعة إسلامه مختل, و بيّن أن القصور هو في فهم الشريعة ولابد من إزالة التخوفات . إنّ الإسلام المواطني هي الشريعة المواطنية وهو مفهوم حديث ظهر مع فلاسفة عصر التنوير : أي الوضع الذي يكون فيه المجتمع قائما على عدم التمييز في الحقوق و الواجبات بين أبنائه و قائم على تكافؤ الفرص.
و لاحظ أن مفهوم المدنية في أوروبا يتناقض مع الدين لأن المجتمع الكنسي معزول عن المدينة أما في الإسلام فإن الدين في قلب المدينة لأن المسجد يتوسط المدينة , فهل الإسلام دين مواطني ؟
إن المنظومة الدولية لحقوق الإنسان لا تتناقض في عمومها مع روح الإسلام لكن هناك بعض التحفظات في بعض الجزئيات و من صاغ هذه المنظومة أوجد معنى التحفظ مراعاة لخصوصيات الشعوب . و قد طرحت مثلا مسألة المثلية الجنسية كقضية طارئة في مجتمع ما و ليست كظاهرة تخص كل المجتمعات كما يحاول البعض تسويقها.
إنّ الإسلام دين مواطني لأنّه ضمن الحقوق الأساسية التالية :
1/ الكرامة : أفضل آية تؤسس لمعنى الكرامة هي قوله تعالى :" و لقد كرّمنا بني آدم " فالتكريم قائم على أساس النوع البشري دون اعتبار لمضافه الديني أو الإجتماعي أو الثقافي. و نفهم تكريم الإنسان في إطار المشيئة الإلهية فمن اعتدى على كرامة الإنسان فقد اعتدى على المشيئة الإلهية.
2/ الإختلاف : قال تعالى :" و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة " فالإختلاف مشيئة إلهية و لطف إلهي اقتضى أن يكون الناس مختلفين .
3/ التعارف : يعتبر الإسلام أن اختلاف الناس قائم على التعارف , قال تعالى :" يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا" فالإختلاف من سنن الكون و ليس مدعاة للتنافر بل للتعاون في إطار الإحترام المتبادل , في حين نجد أن الماركسية مثلا ترى أن الإختلاف قائم على الصراع و التنافي.
4/ الحرية : قال تعالى : " لا إكراه في الدين " , لا معنى للإختلاف و الكرامة دون حرية للتعبير عن أشواق الناس و طموحاتهم , و الأصل هو حرية المعتقد و الحرية المذهبية و الحرية السياسية .
5/ المعاملة : إن التفاضل عند الله تعالى هو مدى خدمة الناس لبعضهم و تقديم النفع لهم { الدين المعاملة } بينما نرى الفرق الإسلامية تتجادل حول صحة المعتقد و تسيل الدماء لهذا الغرض متناسين قول النبي صلى الله عليه و سلم :" خير الناس أنفعهم للناس ".
و لاحظ الدكتور سامي براهم أنه عندما نتصفّح كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية " في نقض المنهج الأرسطي " الذي ترجم في عصر النهضة الاوروبية و استفاد منه علماء الغرب نلاحظ أنه نقض المنهج الأرسطي الصوري الذي لا يؤسس لحضارة و لا يساير حركة الواقع و انتصر للمنهج الإستقرائي { إستقراء الوقائع } وهو منهج إسلامي و قرآني أصيل و فيه فقه المصالح و فقه المآلات , ثم واصل بعده تلميذة ابن القيم الجوزية في كتابه " اعلام الموقعين عن رب العالمين " فيعرف السياسة الشرعية قائلا : " السياسة الشرعية مدارها العقل و لو لم ينص عليه وحي , وهو العدل الذي قامت عليه السماوات و الأرض , فأي طريق استخرج بها العدل فهو من الدين , و الشريعة مبناها و أساسها على الحكم و مصالح العباد في المعاش و المعاد وهي حكمة كلها و عدل كلها " و السياسة الشرعية عنده هي ما يكون عليه الناس أقرب إلى الصلاح و لو لم يقله الرسول صلى الله عليه و سلم .
و هذا الفهم المقاصدي للشريعة الإسلامية يجعلنا ندرك مدى النضج الفكري و الديني الذي كان عليه أسلافنا مقارنة ببعض المتنطّعين اليوم ممن يقفون عند ظاهر النصوص و يكفّرون الناس.
و في الختام بيّن الدكتور سامي براهم أن المسلمين تناسوا مضمون كلمة " إقرأ " و يجادلون في الدين عن جهل و بصورة سطحية دون فهم عميق, و الكثير من ممارساتهم مسيئة للدين الإسلامي كالتي يقوم بها المنادون بتطبيق الشريعة و كأن الأمر يتعلق بقوالب جاهزة ننتظر تطبيقها بينما يستوجب الأمر فهما لمقاصد الإسلام و استيعابا لمنطوق الوحي و تحقيق مصالح الناس أوّلا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.