بقلم الأستاذ بولبابة سالم شكّل الموقف المبدئي الأصيل الذي صدع به السيد أحمد نجيب الشابي في المجلس الوطني التأسيسي تعقيبا على الأحداث التي تشهدها مصر الشقيقة صفحة أخرى من مواقف هذا المناضل الديمقراطي الأصيل , لقد أدان بوضوح الإنقلاب العسكري و ندّد بشدّة بالمجزرة التي ارتكبها الجيش المصري ضدّ المتظاهرين . لا يظن أحد أن السيد نجيب الشابي يتماهى مع فكر الإخوان المسلمين بل انتقد بشدّة طريقة حكمهم و الأخطاء الفادحة التي ارتكبوها . إن الديمقراطية ليست شعارا يرفعه البعض لتضليل الرأي العام و لا مطيّة لكسب ودّ القوى الغربية بل هي مواقف و سلوك عندما ينسى فيها القائد و حزبه الحسابات الضيّقة و ينحاز إلى المبادئ التي طالما ناضل من أجلها في سنوات الجمر و من ينسى كيف كان الحزب الديمقراطي التقدمي و نجيب الشابي شوكة في حلق بن علي و نظامه الدكتاتوري , و من ينسى كيف كانت جريدة " الموقف " صوت المعارضة التونسية بمختلف أطيافها . لا ديمقراطية إلا لما أفرزه الصندوق الإنتخابي و لا شرعية إلا لمن اختاره الشعب وفق إرادته الحرّة مع ضرورة الوعي بأن تلك الشرعية ليست صكا على بياض . لقد تابعنا نجيب الشابي الديمقراطي الأصيل الذي يرفض استغلال الظروف الإقليمية لضرب خصم سياسي بأدوات غير ديمقراطية , لقد كان السيد نجيب الشابي و الحزب الجمهوري ينظر إلى حركة النهضة كمنافس سياسي و ليست عدوّا يجيّش لها بعض الموتورين كل أدوات القذارة بل بعضهم طالب بتدخّل خارجي بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 . كثير من الديمقراطيين المزيفين و الحداثيين المزعومين أزعجهم تدخل الشابي و استهجنوه بشدّة لأنّه أفسد عليهم مخططاتهم الجهنّمية لاستنساخ الحالة المصرية دون أدنى تفكير في عواقب ذلك السلوك الأرعن . لقد طالبت بعض القوى سابقا بدعوة الجيش الى انقلاب عسكري رفضه رشيد عمار , إنّهم لا يعيشون في كنف شعوبهم بل لا يرتضون الحياة إلا تحت حماية الأمن و العسكر وسياط الدكتاتورية لأنّهم يدركون جيّدا ألاّ أمل لهم في صندوق الإنتخابات . لقد دعوا إلى مجلس وطني تأسيسي بعد الثورة مباشرة و كان ذلك خيارهم { النهضة و حزب العمال الشيوعي } و كان وقتها السيد نجيب الشابي رافضا لهذا الخيار الذي فرضه اعتصام القصبة 2 . لما انبثقت الشرعية الوحيدة بعد الانتخابات و اكتشفوا هزالة عمقهم الشعبي و أنّهم مجرّد ظاهرة صوتية نفخ فيها الإعلام , و عوض مراجعة خطابهم و أساليبهم التي تقوم على الهجوم المستمر على النهضة و حلفائها بل بعضهم يرى انه يخوض حرب وجود مع حركة النهضة تماما كما كان يفعل بن علي . لقد بدأ الحزب الجمهوري بتطهير صفوفه من العناصر التي لم تفهم بعد أنه يوجد في تونس فرقاء سياسيين و هم ليسوا أعداء , و من المنسحبين في الفترة الأخيرة من صرّح في موقف مخزي بأن البرجوازية هي التي قامت بالثورة أما غيرهم من الذين يرفضون مواقف الشابي و قيادة الحزب فمكانهم الطبيعي هو نداء تونس و لو أنشئ هذا الحزب لانضمّوا إليه لكن الوقت خذلهم و اغلب هؤلاء كانوا وراء البحار يجمعون المال و لم يسمعوا كلمة النضال إلا بعد الثورة . شكرا للسيد نجيب الشابي على مواقفه المبدئية , شكرا لأنّه فضح الديمقراطيين المزيّفين , شكرا لأنّه كان فارسا ديمقراطيا و عاد الى صولات سنوات الجمر عندما دافع عن المضطهدين بينما كان بعض منتقديه اليوم يقتاتون من فتات موائد بن علي , لقد استعدت اليوم شعبية افتقدها بعض الموجودين في السلطة و بيّنت للكثيرين بأنّه يمكن خدمة تونس من خلال المعارضة المسؤولة لا المعارضة الفوضوية .