تطورات جريمة التلاعب بمنظومة التوجيه الجامعي بالكاف... إصدار 8 بطاقات إيداع بالسجن    هزة أرضية جديدة تضرب باليك أسير التركية    الأمم المتحدة توجّه نداءً عاجلًا: استشهاد أكثر من 100 طفل جوعًا في غزة    مصر لا تمانع نشر قوات دولية في غزة    الصومال.. محكمة عسكرية تنفذ حكم الإعدام بجنديين تعاونا مع "الخوارج"    مستقبل قابس يدعم صفوفه بسبعة لاعبين جدد    بطولة أمم إفريقيا للمحليين - أوغندا تهزم النيجر وتتصدر الترتيب    طقس اليوم: الحرارة تصل إلى 40 درجة    اتحاد الشغل: الهيئة الادارية الوطنية تدين الاعتداء على مقر الاتحاد وتتمسك بمقاضاة المعتدين    تعطل وقتي لجولان عربات المترو بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية    لأول مرة في إيران .. خلاف علني بين "الحرس الثوري" والرئيس بزشكيان    مهرجان قرطاج الدولي 2025: فرق فنية شعبية من ثقافات مختلفة تجتمع في سهرة فلكلورية    "نوردو" يشعل ركح مهرجان صفاقس الدولي في عرض شبابي حماسي    بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية...توقف وقتي لجولان عربات المترو    ابراهيم بودربالة يحضرعرض بوشناق في مهرجان سوسة الدولي    الف مبروك .. الطالبتان وجدان العباسي ومريم مباركي تتألّقان    وزيرة الشؤون الثقافية تستقبل القائم بالأعمال بسفارة جمهورية الفلبين لبحث سبل التعاون المشترك    تاريخ الخيانات السياسية (43) القرامطة يغزون دمشق    في سياق التنافس الإقليمي والدولي...تطوير موانئنا ... الورقة الرابحة    عاجل/ الهيئة الإدارية الوطنية لاتّحاد الشغل تقرّر تنظيم تجمع عُمّالي ومسيرة..    فاضل الجزيري في ذِمَّة اللَّه...المسرحي الذي غيّر مسار الفرجة في تونس    تنصيب مدير وكالة التحكم في الطاقة    وأخيرا.. كريستيانو يعرض الزواج رسميا على جورجينا    إحذروا.. هكذا يتحوّل المكيّف إلى خطر يهدّد صحتكم    وزارة التربية ترصد 239 مليون دينار لتهيئة وإحداث مؤسسات تربوية    الليلة: الحرارة تتراوح بين 24 و35 درجة    وزيرة المرأة: المرأة التونسية الأولى عربيا وافريقيا في مجال البحث العلمي    ملف انستالينغو: إحالة يحي الكحيلي على أنظار الدائرة الجنائية    قروض موسمية بقيمة 4.5 ملايين دينار لفائدة الفلاحين بهذه الولاية    توننداكس ينهي أولى جلساته الأسبوعية على تراجع طفيف    عاجل/ إنهاء مهام هذه المسؤولة..    في مثل هذا اليوم: سجّلت تونس الرقم القياسي المطلق للحرارة    النادي الإفريقي: بسام الصرارفي يلتحق بالمجموعة    عاجل/ حادث مرور قاتل ببنزرت وهذه التفاصيل..    الألعاب العالمية "شينغدو 2025": المنتخب الوطني لكرة اليد الشاطئية ينهزم أمام نظيره الكرواتي    عاجل/ محذّرا من حرب لا نهاية لها: ماكرون يدعو لتشكيل تحالف دولي لاستقرار غزّة    تحذير هام من "مياه الشاحنات".. #خبر_عاجل    الطبوبي: الاتحاد مازال حامي حقوق الشغّالين ومستعد للحوار بلا تنازلات!    سامي الطاهري: ما نستبعدوش حتى خيار الإضراب    نقابة الصحفيين تدين اغتيال الصحفي أنس الشريف وتدعو إلى حماية دولية فعّالة للصحفيين الفلسطينيين..#خبر_عاجل    اليوم: انطلاق دورة إعادة التوجيه الجامعي..    عاجل/ وزارة الصحة تحسم الجدل وتوضح بخصوص ما تم تداوله حول فيروس " Chikungunya "    الموز أو التمر.. أيهما أفضل للقلب والهضم وضبط سكر الدم؟    5 غلطات في شرب ''التاي'' تخليك تضر صحتك بلا ما تحس!    المخرج التونسي الفاضل الجزيري في ذمة الله    أفرو باسكيت "أنغولا 2025": برنامج مباريات المنتخب الوطني التونسي    ماهر السرولي يخلف نفسه على رأس الجامعة التونسية للرياضات الالكترونية    تجربة سريرية تثبت فعالية دواء جديد في مكافحة سرطان الرئة    خزندار: الإطاحة بمنحرف خطير محل 6 مناشير تفتيش    عاجل: وفاة صاحب''الحضرة'' الفاضل الجزيري بعد صراع مع المرض    فوربس الشرق الأوسط تكشف عن قائمة أبرز 100 شخصية في قطاع السفر والسياحة لعام 2025    عاجل/ دولة جديدة تقرر الاعتراف بدولة فلسطين خلال هذا الموعد..    برشلونة يفوز على كومو بخماسية ويحرز كأس خوان غامبر    نابل: انطلاق فعاليات الدورة 63 من مهرجان العنب بقرمبالية    تاريخ الخيانات السياسية (42) .. ظهور القرامطة    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل سننقذ تونس سرا أم جهرا؟
نشر في باب نات يوم 10 - 08 - 2013


محمد الحمّار
أن يواصل فرد أو مجموعة نشاطه سرا في ما هو مرخص له أن يقوم به علانية هو بمثابة أن يفطر المسلم خلسة في يوم عيد الفطر (وفي أي يوم من أيام الفطر). وهذه الوضعية تنطبق على حزب حركة النهضة الذي لم ينقطع عن العمل في السرية بينما هو حزب مرخص له أن يعمل علانية وذلك منذ شهر مارس/آذار من سنة 2011.
لم نُورد هذا التشبيه لنحث هذا الحزب على العمل جهرا بقدر ما أردنا أن نبيّن كم أضاعت تونس من الوقت والجهد والمال جرّاء منح الترخيص الرسمي لهذا الحزب (الديني) بأن ينشط كأي حزب آخر(مدني) بينما هو مجبول على الإيقاع السري دون سواه، ومنه أن نستقرأ سبيلا للنجاة .
بالفعل، منذ إقحام حزب حركة النهضة في المشهد السياسي التونسي قد ثبت في أكثر من جزئيةٍ واحدة وفي أكثر من حدثٍ واحد وفي أكثر من سلوكٍ واحد أنّ الذي تعوّد على السكوت لا يجوز حملُه على النهيق (إن صحّ قلب الاستعارة). وإذا حدث النهيق فسيفرز نوعا من الخلط يطال الفكر والممارسة يمكن تصنيفه بين التقية والنفاق ، بين الفعل الواعي والفعل اللاواعي، بين المقول واللامقول.
فبِوَحْيٍ من هذا الخلط الفُصامي (الشيزوفريني) تسربت "مجموعات مجهولة" إلى داخل المساجد وفعلت ما يحلو لها من فتنة وتعنيف لفظي؛ و تم تحويل وجهة هِبات مالية هامة من طرف بلدان صديقة من طريقها إلى صندوق وزارة المالية إلى حساب وزارة أخرى غير معنية بالتحويل؛ وتم توريد الحليب إلى بلد الحليب حتى آل أمره إلى مقاطعة المستهلكين له؛ و حدث إبرام صفقة عربات "التكتك" من دون استشارة الذوق العام قبل العدول عن تنفيذ الصفقة نهائيا عدا بعض المقربين؛ وحصل استقدام خرفان رومانيا بخْسَة الثمن وعرضها للبيع بأسعار ربحيّة، ولو لم تطَل هذه الدوابَ ريبةُ المستهلكين على التوّ لَضحك على التونسيين مُوَردون هواة تحجب عنهم عيونُهم المُغَشاة بضباب لندن الرؤيةَ الواضحة للواقع المحلي. وبسبب الخلط المرَضي ها أنّ التونسيين اليوم يتأرجحون بين الرغبة في معرفة من يعطي الأوامر لتنفيذ اغتيالات سياسية جبانة وبين من يغض البصر عن استيراد الأسلحة ومن يفجر الألغام في جبل الشعانبي.
وحتى "الشريعة" لم تشذ عن قاعدة التداخل المفلس بين السر والجهر. فبينما في حقيقة الأمر كل مسلم يؤمن بالشريعة، ويفعل ذلك من منظور التوازن بين النظر والممارسة أي يؤمن أيضا وبنفس القوة أنّ ممارسة الفعل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي تحظى بنفس المشروعية التي يحظى بها لديه مفهوم الشريعة، فإنّ الإسلام السياسي أدخل عنصر التسطيح على هذه المسألة وبموجبه أصبحت النظرية (الشريعة) مرادفة للممارسة (الواقع كنتاج سياسي) في أذهان الإسلاميين. والحال أنّ كل مؤمن بدين، بكل دين، يميل إلى "قول" وفِعل ما يستطيع فعله بحُكم عقيدته وإلى "كتمان" (اللامقول) ما لا يستطيع فعله بحُكم نفس العقيدة، شأنه في ذلك شأن متكلم اللغة، الذي يوظف ما يستطيع توظيفه من كلام ومن قواعد النحو والصرف مع كتمان الكلام الذي لا يستطيع إليه سبيلا (المعجم السالب) وحتى القوانين اللغوية التي له التباس بشأن استعمالها الصحيح.
كما أنّ التسطيح لم يطَل فقط الموضوع المفعول به (شريعة/واقع) وإنما تسرب إلى الفاعل أي أنّ الإسلام السياسي نزع أيضا، سرا وجهرا، إلى فرض المعادلة بين الشريعة والحياة على أذهان المسلمين كافة.
قد تكون هذه الشطحات المضحكة المبكية تُنذرُ برقصة الديك المذبوح، عذرا برقصة الدين المذبوح، وتوذن بقرب انتهاء صلوحية الرخصة الحزبية الملتبسة التي انتفع بها لمدة عامين ونصف حزب الإسلام السياسي الحاكم في تونس (منذ ما يناهز العامين).
لكن الذي يهم التونسيين أكثر الآن هو كيف يتم تعديل الكفة لصالح المجتمع ككل في إطار برنامج الإنقاذ الوطني. ما من شك في أنّ تحوّل النهضة إلى حزب مدني أو تبدله إلى جمعية أضحى أمرا استعجاليا، إلا أنّ الأهم هو الاهتداء إلى ما سيمكث في الأرض بعد أن يذهب الزبد جفاءً. ويبدو لنا أنّ ذلك رهنٌ بنظام الحكم الذي سيفرزه الحراك السياسي الحالي لكن شريطة أن يكون هذا الحراك مدعوما بحراك فكري متسق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.