رئيس منظمة إرشاد المستهلك ل«الشروق» «لوبي» وراء الترفيع في أسعار لحم الضأن واختفاؤه من «الجزارة» مدبّر    مرحلة التتويج ...الترجي لحسم اللقب أمام المنستير... النجم و«السي .آس .آس» لاستعادة الكبرياء    يحذر منها الأطباء: عادات غذائية سيئة في العيد!    في زيارة وزيرة التجهيز إلى سيدي بوزيد.. تسليم 178 مسكنا اجتماعياً    قرارات بالسراح الشرطي إثر العفو الرئاسي الخاص    الحشّاني يلتقي تبون خلال أشغال قمّة مجموعة السبع    حصيلة منتدى تونس للاستثمار TIF 2024 ...أكثر من 500 مليون أورو لمشاريع البنية التحتية والتربية والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة    هذه أسباب عدم تسجيل صابة قياسية من الحبوب    رئيس الحكومة يجري محادثات جانبية مع عدد من الزعماء والقادة    مع تواصل المجازر الصهيونية .. وتعثر المفاوضات ... غزّة تذبح... في العيد    المواجهة تتوسّع شمالا ومخاوف الصهاينة تتزايد...صواريخ حزب الله قد تحسم الحرب    يوميات المقاومة...قصف صاروخي وتصدي ميداني ...المقاومة الفلسطينية تدكّ مستوطنات غلاف غزّة    رئيس الحكومة يلقي كلمة في الجلسة المخصّصة لموضوع ''افريقيا والمتوسط''    مستودعات للتهريب و تلاعب في الموانئ ...أباطرة «الفريب» يعربدون    مع تأجيل التنفيذ... 6 أشهر سجنا لوزير أملاك الدولة الأسبق حاتم العشي    بنزرت: وفاة طفلين غرقا بشاطئ مامي    مذكّرات سياسي في «الشروق» (54) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... سفارة تونس بواشنطن واجهة للاتفاقيات المتعدّدة والمتنوّعة    الصحة السعودية تدعو الحجاج لاستخدام المظلات للوقاية من ضربات الشمس    بمناسبة عطلة عيد الأضحى .. وزارة الدّاخلية ومرصد سلامة المرور يقدّمان توصيات لمستعملي الطّريق    الرابطة 1 : التعادل يحسم الدربي الصغير بين الملعب التونسي والنادي الافريقي    سوق الانتقالات: النصر السعودي لم يحسم بعد في مستقبل النجم السنغالي ساديو ماني    الاتحاد الآسيوي يعلن انطلاق النسخة الأولى لبطولة رابطة أبطال آسيا لكرة القدم النسائية في أوت المقبل    سوسة: شركة النقل بالساحل تطلق برنامجا استثنائيا لضمان نقل المواطنين خلال فترة عيد الاضحى    فتح 76 مكتب بريد بصفة استثنائية يوم السبت 15 جوان 2024    منوبة: اقبال على نقطة بيع الأضاحي بالميزان    الدورة الخامسة من مهرجان عمان السينمائي الدولي : مشاركة أربعة أفلام تونسية منها ثلاثة في المسابقة الرسمية    "عالم العجائب" للفنان التشكيلي حمدة السعيدي : غوص في عالم يمزج بين الواقع والخيال    قفصة : تواصل أشغال تهيئة وتجديد قاعة السينما والعروض بالمركب الثقافي ابن منظور    جامعة تونس المنار ضمن المراتب من 101 الى 200 لأفضل الجامعات في العالم    يوم عرفة .. فضائله وأعماله    الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه في أريانة    وزارة الخارجية تعلن الغاء تأشيرة الدخول الي تونس لحاملي جوزارات السفر العراقية والايرانية    جلسة عمل على هامش منتدى الاستثمار تبحث سبل تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في مجال الأدوية    الليلة.. الحرارة تصل إلى 29 درجة    تونس : عقود عمل وهمية للسفر نحو دول أجنبية    الرابطة الأولى.. نتائج مباريات الجولة الاخيرة "بلاي آوت" والترتيب    قرارات المكتب الجامعي البنزرتي مدرّبا للمنتخب الوطني وبن يونس مساعدا له    المصادقة على الدراسات الأولية لمشروع إعادة تهيئة المسبح الأولمبي بالمنزه    انس جابر تتأهل الى ربع نهائي بطولة نوتنغهام للتنس    أشغال قمة مجموعة السبع : تبون يلتقي رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني    خطير/ مكملات غذائية وأقراص منشّطة مجهولة المصدر تُباع داخل قاعات الرياضة!!    تسليم مفاتيح 178 مسكنا اجتماعيا بهذه الجهة    قضية '' مفقودي جرجيس'' : أحكاما بالسجن تتراوح بين 4 و10 سنوات مع النفاذ العاجل    ميلوني في قمة السّبع: "إفريقيا قارة أسيء فهمها وتم استغلالها طويلا"    الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    وزيرة التربية…هذا ما ينتظر المتلبسين بالغش في امتحان الباكلوريا    عيد الاضحى : هؤلاء ممنوعون من أكل اللحوم    وكالة النهوض بالصناعة : تطور ب31،8 بالمئة في الإستثمارات الأجنبية المباشرة    قطاع الصناعة يوفر 530 ألف موطن شغل ..التفاصيل    يوم التروية.. حجاج بيت الله يتوافدون على مشعر منى    الجزائر: مُسنّة تسعينية تجتاز البكالوريا    تصل إلى 72 درجة.. الصحة السعودية تحذر الحجاج من خطر ارتفاع حرارة الأسطح بالمشاعر المقدسة    تكليف ربيعة بالفقيرة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    كرة اليد.. لؤي مخلوف يطلق النار على مسؤولي النجم ويوجه لهم اتهامات خطيرة    165 حرفيا ومهندسا داوموا على مدى 10 أشهر لحياكة وتطريز كسوة الكعبة المشرفة    مفتي الجمهورية: "هكذا تنقسم الاضحية في العيد"    «غفلة ألوان» إصدار قصصي لمنجية حيزي    شيرين تصدم متابعيها بقصة حبّ جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور سالم لبيض في حوار صريح و شامل : بعض النّخب تدفع نحو عيش رقصة الدم
نشر في باب نات يوم 10 - 11 - 2013

عرفت الدكتور سالم لبيض منذ سنوات النضال الطلابي عندما كان أحد رموز التيار القومي التقدمي ضمن الطلبة العرب التقدميين الوحدويين , لقد كان وجوده في الاجتماعات العامة في الساحات الجامعية يجلب الكثير من الطلبة لفصاحته و قدراته الخطابية , يدافع بشراسة عن عروبة تونس و إسلامها و الهويّة بالنسبة له خطّ أحمر .آمن بعد الثورة بضرورة البناء و المساهمة في تسيير الدولة و اعتبر ذلك كسرا للحصار الذي تعرّض له التيار القومي و استجابة للحظة التاريخية . استقبلنا في مكتبه بحفاوة و خصّنا مشكورا بهذا الحوار الشامل:
حاوره بولبابة سالم
1/ بعد سبعة أسابيع من انطلاق السنة الدراسية , هل يمكن الحديث عن اكتمال العودة المدرسية خاصة على مستوى تغطية النقص الموجود في بعض المؤسسات التربوية ؟
العودة انطلقت و أخذت طريقها في كل المؤسسات التربويّة التي تعمل بانتظام , و رغم وجود نقص محدود على مستوى إطار التدريس إلا أنّنا بصدد معالجته , و هذا ناتج عن سببين :
أ-عدم التحاق بعض المنتدبين الجدد بمراكزهم و نحن نعدّ آخر قائمة لسد بعض الشغورات .
ب-الشغورات الظرفية التي تحصل بسبب التقاعد أو الوفاة أو المرض أو عطل الأمومة .
2/ مسألة الأساتذة النوّاب الذين انتدبتهم الوزارة لهذا العام وفق مقاييس معلومة كشفت عن خلل كبير في قاعدة البيانات لدى الإدارات الجهوية للتعليم خاصة حول تحيين المعطيات . هل فكّرتم في مزيد تحديث العمل الإداري ليكون أكثر نجاعة و فاعليّة ؟
هذا ما ورثناه في وزارة التربية حيث أن قاعدة البيانات مُحيّنة إلى سنة 2010 على المستوى المركزي , و قد أحدثنا تطبيقات إعلامية بواسطة رابط يتم فتحه بمختلف الإدارات الجهويّة ليتم تحيين المعطيات غير المُحيّنة بداية من 2008 وهذا الأمر قد يكون أثّر على أحقية بعض الأساتذة النوّاب لكننا نعالج هذا الأمر بجدّية لذلك نظرنا في كافّة الإعتراضات التي قدّمها من عمل 18 شهرا فما فوق لكن الإنتدابات تكون وفق عدد المراكز المالية المتوفّرة لدى الوزارة .
3/ الكثير من الأساتذة يُحالون على التقاعد في مفتتح السنة الدراسية { بين أكتوبر و ديسمبر } لماذا لا تقوم الوزارة بانتدابات مباشرة { إيجاد صيغ }عوض تعيين معوّضين ؟
يتمّ تعيين المعوّضين في مستوى الشغورات الوقتية أما في مستوى الشغورات الدائمة فيقع انتداب أساتذة لكن الفرق { لم يكن متوفّرا في السنوات السابقة } أنّ لدينا الأمر الإستثنائي الذي يسمح بهذا الإنتداب المباشر وقد صادقت الحكومة على هذا الأمر في الأيام الماضية .
4/ بعض المؤسسات تعاني من نقص الإطار { القيّمين خاصّة } و بعيدا عن التكلفة المالية اقترح البعض كاميرات مراقبة تحت اشراف القيم العام . ما تعليقك ؟
أوّلا يجب أن نوضّح أن قانون الإطار يحدد منذ مناقشة الميزانية بما يُسمح به بالنسبة لوزارة التربية . بصفة عامة فإن هذه الميزانية لم تكن تسمح بالقدر الكافي و نحن لا ننتدب إلا في إطار ما تسمح به وزارة المالية .
مثلا : في سنة 2014 طالبنا ب 11 ألف مركز مالي جديد للإنتدابات في مختلف القطاعات بما فيها القيّمين لكم وزارة المالية لم توافق إلا على 4000 مركز مالي منهم 3200 مركز هي شغورات دائمة في الوزارة نتيجة التقاعد و غيره و بالتالي فلم توافق وزارة المالية إلا على 800 مركز جديد و هي مسألة خارج نطاق الوزارة و تدخل في إطار مشمولات الدولة و قد طالبت في السابق بأن تكون هذه المسألة إحدى قضايا الرأي العام لذلك أطلب من المجلس الوطني التأسيسي عند مناقشة الميزانية أن يرفُع لنا في قانون الإطار حتى نجابه المشاكل المختلفة المتعلّقة بالنقص في الأساتذة و المعلمين و القيمين .
بالنسبة لموضوع الكاميرات فقد قمنا بتجربة في مراقبة مراكز إيداع الباكالوريا وهي مكلفة جدا و نحن لدينا 1500 مؤسسة إعدادية و ثانوية فالأمر يحتاج ميزانية ضخمة . لقد عملنا على رفع المظالم على أبناء القطاع التربوي تلاميذا كانوا أو أساتذة أو معلمين أو إداريين أو متفقدين أو مرشدي التوجية المدرسي و الجامعي , و رغم الإرث الثقيل فقد حاولنا القطع مع جميع أنواع الفساد و التسيب و الإعتداء على القطاع بأي شكل . يحصل ذلك رغم محدودية الإمكانيات و عملية الإصلاح لم تشمل المؤسسات الجهوية و المحلية لكن الفترة القصيرة مكنتنا من إجراء تغييرات هامة على المستوى المركزي , و مع ذلك يجب أن نقرّ بأنّ الميزانية المرصودة لا تمكننا من القيام بإصلاحات فأغلب الميزانية مخصص للأجور { 3036.9 مليار } في حين أن نفقات التنمية و الإحداثات و الإصلاحات في حدود 245.4 مليار , فإن أردنا أن نصلح وزارة التربية فيجب أن نخصص لها 7000 مليار للقيام بانتدابات جديدة و اصلاحات جذرية حيث لدينا أكثر من 6000 مؤسسة ناهيك أنّ فكرة تلميذ بدون محفظة في مستوى الإبتدائي { لوحة إلكترونية } Tablette لكل تلميذ التي ننشد توفيرها تتطلب ميزانية ضخمة .
5/ هل هناك مقاييس جديدة لمناظرة المديرين و النظّار للسنة الدراسية القادمة ؟ .
الثابت أن الإتفاقية المُوقعة بين نقابة التعليم الثانوي ووزارة التربية في فترة الطيب البكوش حول طريقة تعيين المديرين قد اتّفق الجميع أنّها قد ألحقت ضررا كبيرا بالمؤسسات التربوية . وهذا الكلام ليس موقف الوزارة فقط بل حتى النقابات . الوزارة تضررت ماليا بإقصاء مئات المديرين و النظّار و هؤلاء لم يلتحقوا بالتدريس بعد سنوات من الإدارة و كُلفوا بعمل إداري تنفق عليه الدولة دون استفادة حقيقية و منهم كفاءات جيّدة لهم قدرة على التصرف و إدارة المرفق التربوي و الكثير منهم رفع قضية لدى المحكمة الإدارية و قد تصدر أحكام لصالحهم . في العام القادم و بالتنسيق مع الأطراف الإجتماعية سيتمّ وضع مقاييس جديدة لانتداب المديرين و النظّار من خلال اعتبار مصلحة المؤسسة التربوية و سيرها و التسيير المالي و الإداري بالتوازي مع المعرفة البيداغوجية مع الخضوع لتكوين طويل المدى .
6/ أصدرت نقابة التعليم الثانوي بلاغا دعت فيه وزارة التربية إلى توضيح موقفها من الشراكة مع منظمة" إيريس " البريطانية التي تعمل تحت عنوان الشباب و المواطنة ؟ ما موقفكم من الأمر ؟
الشراكة بين الوزارة و المنظمة محكومة باتفاقية مُوقّعة بين الطرفين منذ سنتين و كما هو معلوم فإن بريطانيا طرف في الإتّفاقية باعتبار أنّ المنظمة راجعة إليها بالنظر و الواقع أن بعض الإتفاقيات التي وقعتها الوزارة من سنة 2011 إلى اليوم سارية المفعول لكن لما اقترح موضوع مسابقة " الشباب و الإنتخابات " و نظرا لحساسية الموضوع و نحن نريد أن ننأى بتلاميذنا عن التجاذبات السياسية فقد طالبنا بتغيير الموضوع إلى " الشباب و المواطنة " و هذا من المواضيع التي تدرس في برامج التربية المدنية و لا نرى إشكالا في التثقيف حوله . لكن عندما تلاحظ النقابة مضامين فيها تأثيرات سياسية أو حشر مواضيع لها علاقة بالقضية الفلسطينية أو تدعم الصهيونية و تقدم الدليل على ذلك فسنراجع الأمر أما أن ننجرّ إلى أزمة سياسية بين بلدين على خلفية الشك فحسب فهذا لا نقوم به من منطلق مسؤولية الدولة .
7/ بعد اتفاق ماي الماضي مع نقابة التعليم الثانوي و الذي وُصف بالتاريخي وقتها انتظرنا انفراجا في علاقة الوزارة بالنقابة خاصة بعد تتويجة باتفاق 1 أكتوبر حول الأساتذة النواب , لكنّها اليوم تشهد تصدّعا . ماهي الأسباب برأيكم ؟
تعتبر الوزارة نفسها مفتوحة على ساحة محمد علي انفتاحا مباشرا و دون وساطات , و في ديوان الوزير فإنّ الخط العام المعتمد هو اعتبار مطالب النقابات حقوق , و من هذا المنطلق تبنينا مطالب النقابات و استجبنا للحدّ الأقصى ضمن إمكانيات الوزارة . و نحن نتابع تنفيذ الإتفاقيات أكثر من النقابات و لنا جلسة أسبوعية في الوزارة للنظر في مختلف الإتفاقيات . لكن الذي وقع هو معركة مفتعلة بين الوزارة و النقابة على خلفية حديث لم أقله وهو ما اعتبره البعض مهاجمة للأساتذة في حين أني أعتبر رجال التعليم هم صفوة المجتمع و قدوته و عقله المدبّر سواء في المستويات الوطنية أو المحلية لكن هذا الإيمان بأننا جميعا عبيد التعليم و رجاله لا ينفي علينا القول بضرورة إصلاح المنظومة التربوية و من ذلك إثارة قضية الغيابات , وهي ظاهرة متفشية في الدولة و رجل التعليم مُعرّض في حياته للمرض و لكل الصعوبات و هذا طبيعي و ما قلته هو الحديث عن ظاهرة محدودة حتى لا تتفاقم لأنها تبدو للعيان في التعليم أكثر من غيره { غياب أستاذ يعني وجود 30 تلميذ في الشارع } و في بقية القطاعات يصعب ملاحظة الأمر.
8/ سيادة الوزير , هل وضعتم الخطوط العريضة ضمن اللجان المختصّة لمسألة إصلاح التعليم , و هل تعتقدون إمكانية أن تكون اللغة العربية وعاء للعلم كما في التجربة العراقية و السورية و الجزائرية ؟
إصلاح التعليم شعار مرفوع منذ سنوات و عندما نقيّم إصلاح الشرفي أو إصلاح مدرسة الغد سنة 2002 نلاحظ أنها أنتجت عكس ماهو منتظر منها : نخبة متميّزة تلتحق بالمدارس الكبرى في تونس و الخارج / أغلبية تعج بها سوق العمل و لا تتوفّر بها شروط الفاعلية . الإصلاح التربوي هو مشروع كبير و يجب أن يكوم مشروعا وطنيا و نحن نقوم بالقدر الذي نستطيع ضمن الفترة المحدودة المكلفين بها .
9/ قدّمتم استقالتكم منذ اغتيال رفيق دربكم الحاج محمد البراهمي و تقومون بتصرف أعمال الوزارة . ألا ترى أنّكم مطالبون بمواصلة برنامجكم الإصلاحي داخل الوزارة ؟
بعد اغتيال الأخ الشهيد محمد براهمي تسارعت الاحداث السياسية بما في ذلك تقديم الإستقالة من منطلق مبدئي و على الرّغم من غيابي عن المشهد الحكومي كليا فقد بقيت أؤمّن المرفق العام التربوي و في الوقت نفسه أطالب بوزير جديد , و من موقع المُحلّف عليّ ألآ أغادر مكتبي الا بتسليم مفاتيح الوزارة لوزير آخر . لكن الحقيقة أن دور الحكومة قد انتهى عمليا يوم الإغتيال و هذا ما أشرت إليه مرارا لأن الحدث مهيب و انعكاساته تتجاوز الجانب النفسي و السياسيي و الامني و أقوالي لم تؤخذ بالإعتبار وقتها لكنها تحوّلت إلى حقيقة و هاهو الحوار الوطني يبحث عن حل للأزمة السياسية . بالنسبة للاصلاحات التي قمنا بها فقد تميّزت بالنجاعة و الدقة بسبب المعرفة الدقيقة بالواقع التربوي فقد عملت على إصلاح أهم منظومة في تونس و هي ليست مسالة شعارات و تخمينات و لا مسألة ذاتية فأنا أنعم براحة أكبر حيث أدرّس كأستاذ جامعي لكن المصلحة الوطنية تعلو و لا يعلى عليها ,وقد قمنا بإصلاحات طالت أصحاب النفوذ و القوّة و هذا ما يشهد به المنصفين .
الذين هاجموني هم الذين خرّبوا المنظومة التربوية لعقود
10/ يرى كثير من المتابعين أنكم قد نأيتم بالوزارة عن التجاذبات السياسية رغم ما رافق تعيينكم من حملة شرسة من اليسار الفرنكفوني و رموز النظام القديم بسبب مرجعيّتكم القومية . ألا تخشون أن يكون إصلاح التعليم محل صراعات إيديولوجية ؟
الذين شنّوا الحملة ضدّي هم الذين تولّوا الشأن التربوي لعقود و انتهوا به إلى هذا الوضع الصعب الذي يصل إلى درجة الخراب و لا يحق لمن أفشل المنظومة التربوية و أنهاها أن يضع نفسه وصيّا على من تولاّها . لقد قلت بأني لم آت الى الوزارة راغبا فهي تضاهي 7 وزارات أخرى من حيث عدد الموظفين و تضاهي عديد الوزارات من حيث المشاكل و لا يمكن أن مجد 9 نقابات قوية إلا في وزارة التربية و لا يوجد استثمار لا مالي و لا سياسي فالأمر يتعلق بحب المشاكل أو تأبيدها و لا توجد منطقة وسطى . و مع ذلك توليت هذه الوزارة و أخال أن لي 3 مهمّات :
-تأمين نهاية السنة الدراسية الفارطة / إجراء الإمتحانات الوطنية / تأمين العودة المدرسية الحالية . مع القيام بإصلاحات في البنية البشرية و الإجرائية , و أعتبر أن ذلك قد تحقق . و كانت قناعتي أن التربية في تونس في حاجة إلى كثير من التربية على القيم و المبادئ العليا و بناء المنظومة ذات الكفاءة العالية الطامحة إلى المخرجات الجيدة و هذا لا يتحقق إلا برؤية وطنية صرفة . هذه الرؤية هي التي جعلت أبناء تونس {2 مليون } عندما تنهار مدرستهم فماذا سيكون مصيرهم . قلة قليلة تعد بالمئات و الآلاف ستذهب إلى التعليم الخاص أو الدول الاوروبية أما الغالبية الساحقة فلا مصير لها إلا الشارع , من هذا المنطلق عملت على حماية المؤسسة التربوية بوصفها مؤسسة عمومية و لا ملاذ للتربية إلا بالحفاظ عليها أولا و النأي بها عن التجاذبات السياسية . و انتمائي القومي الذي افتخر به هو الصيغة التطبيقية و العملية لانتمائي الوطني ليكون في حدود تونس و عندما يتوسع يتحول الى انتماء مغاربي و عندما يتوسع أكثر يتحول إلى وطنية عربية فلا تناقض بين انتمائي القومي و غيرتي الوطنية الجارفة التي لا حدود لها . و الذين شنوا الحملة ضدي بينت التجربة أن ما قالوه مبني على مغالطات و تشويهات و قد أثبتنا أن وطنيتنا يلمسها المرء و يشاهدها على الارض أما وطنية البعض فهي في حدود الإمتيازات الشخصية و تحسين مستوى الحياة الفردي ناهيك أن البعض لا يعتبر التيار القومي صاحب حق في هذا البلد وهو أكثر التيارات التي سالت دماؤها في هذه الأرض , و أنا اعتبر أبناء التيار القومي في تونس هم ملح هذه الارض الذي لا يمكن أن يذوب و يتلاشى مهما بلغت التحريفات و الدعايات المضادة فأن تكون قومي فأنت وطني أولا وهي رسالة حقيقية للقوميين و غيرهم .
للتاريخ : النهضة لم تتدخل مطلقا في عملي
11/ سيادة الوزير, نريد شهادة للتاريخ , كثيرون يتّهمون حركة النهضة بالتغوّل و التأثير على القرارت . هل لاحظت مثل هذه الممارسات ؟
لا يوجد تدخل للنهضة في الوزارة و أنا لا أسمح بأي شكل التدخل في مجال عملي , و لا يوجد تعامل إلا في إطار التنسيق في العمل الحكومي .
12/ قال الكاتب الصحفي الصافي سعيد تعقيبا على ما ذكره الأستاذ الجامعي ناجي جلول :" من العيب أن ينزلق أستاذ جامعي إلى الحديث بمنطق قبلي ". ألا ترى وجود تردّ و حسابات ضيّقة في خطاب النخبة السياسية ؟
لفهم النخب علينا العودة إلى ما كتبه الشاعر جمال الصليعي , النّخب متخلفة عن الثورة التونسية إلا ما ندر منها , و نلاحظ أن الكثير منها دخل في الرهانات الفئوية الضيّقة .
13/ باعتباركم من رموز التيار القومي , كيف ترى واقع القوميين في تونس اليوم و لماذا هم بعيدون عن التأثير في الساحة السياسية ؟
حجم التيار القومي التاريخي في تونس و الوطن العربي لا ينسجم مع حجمه السياسي الحالي , الكثير من القوميين يبررون بأن هذا التيار مستهدف و قد يكون ذلك صحيحا لكن لابد من الإقرار بأن الأحزاب القومية التي نشأت لم تقنع عموم القوميين و العروبيين و الوطنيين الذين يؤمنون بالهوية العربية الإسلامية لتونس و أعتقد أن الدارس السوسيولوجي يرى الأزمة في الخطاب السياسي لأنه يسحب مقولاته الإيديولوجية على أدائه السياسي . و الأهم أن التيار القومي بمختلف فصائله البعثية و الناصرية و اليوسفية و العروبية لم تتخلّص من رحم الفعل الإحتجاجي الذي وُلدت منه . لابد من الإقرار بأن هناك واقع قد تغيّر و أن مقولاته السياسية زمن بورقيبة و بن علي لم تعد صالحة اليوم فنحن نعيش زمن الحريات السياسية و تداول سريع على السلطة منذ 14 جانفي إلى اليوم وهو ما لم يكن متاحا في السابق . هناك عدم استعداد لتحويل السياسة من مقولة الاحتجاج إلى أداة لتسيير الدولة . التيار القومي بقي في هذا المربع الضيق و لم يغير من السياسة بما هي أداة تقود إلى السلطة و ليست مجرد أداة تقود إلى الإحتجاج و هذا يفترض أن الأحزاب القومية يجب أن تتحول إلى أحزاب جماهيرية مفتوحة , و يفترض أيضا خطة للاختراق السياسي القائم على حسن التعامل مع الإعلام , أصحاب المال , أصحاب الفكر و الاكاديميين و على بناء الكادر السياسي المتعدد و على خلق الكاريزما السياسية القادرة على النفاذ إلى عموم الناس بشرائحهم الواسعة . للأسف , الأحزاب القومية لم تحقق شيئا من هذا , وهذه العوائق التي تحول دون تولي التيار القومي بوصفه قوة ثالثة و تحول دون كسر الطوق التاريخي الذي فرضته سلطة مستبدة على هذا التيار و حرمته من حقه في المشاركة السياسية و تولي السلطة , و أعتبر أن التجربة التي خضتها يمكن تأطيرها ضمن سياق كسر هذا الحصار و لربما لفتح الباب أمام مقتضيات المصلحة السياسية التي يجب أن ترتقي و تأخذ مكانا متقدما بدل المقولات الإيديولوجية الوثوقية و التبشيرية التي تصل إلى درجة التحنيط أحيانا . و على هذه الأرضية يمكن للتيار القومي إذا استوعب هذه الرؤيا فقد يتمكن من حل إشكالية الزعامة داخله و أن يؤسس فعله السياسي على الفعل بقطع النظر عن الأشخاص فهم ذاهبون و لن يبقى إلا المشروع الوطني التاريخي و أثر الفعل السياسي , و للتاريخ فقد قدّم التيار القومي تضحيات كبرى .
14/ بصراحة , هل يوجد داخل النخبة التونسية من لا يؤمن بالديمقراطية ؟
نخب العالم الثالث تعيش تناقض بين فكرة الوطنية و الديمقراطية , الديمقراطية هي مدخل لبناء الفكرة الوطنية , و الفكرة الوطنية هي صمام نجاح للديمقراطية { التداول السلمي على السلطة } . المجتمعات التي بقيت غير مستقلة بشكل أو بآخر لعقود من الصعب أن تكون نخبها مستقلة و قادرة على بناء ديمقراطية حقيقية , و لعل أكثر ما يلفت في موقف بعض النخب في تونس من مسألة الديمقراطية هو جموحها نحو عيش تجربة رقصة الدم التي عاشتها بلدان أخرى { لبنان *جنوب افريقيا *بعض البلدان الاروبية و أمريكا اللاتينية} و كأن بلسان حالهم يقول أن أدواتنا النظرية و السياسية لم تسمح لنا بممارسة العيش المشترك و احترام الصندوق الذهبي و الحال أن الشرائح الواسعة من الشعب تعطي الدروس لهذه النخب داخل العائلة الواحدة و الفضاء العمومي في التعايش . على النخب أن تعدّل أوتارها و أن تقرأ تاريخ الشعوب الأخرى فلسنا في حاجة لتقديم الضحايا و لسنا في حاجه بأن تسيل أنهار من الدماء في بلادنا لنصل الى نتيجة مفادها أننا ننتمي إلى مجتمع واحد و يجب أن نتداول على السلطة كما يتداول البشر على الحياة . و إذا كان الله هو المحدد في التداول على الحياة فإن الشعوب هي المحددة في تداول السياسيين و النخب على السلطة .
15/ كدكتور مختص في علم الإجتماع , ماهي أهم نتيجة خرجتم بها من عملكم على رأس وزارة التربية في الفترة الماضية ؟
استخلصت أمرين هامين :
-رجال التعليم الجامعي و النخب الأكاديمية تعيش في فضاء مغلق و لا يتكشف على حقيقة ما يدور حولها , و اذا ما قارناهم بعامة الناس فإننا سنجد أن هذه الجزر المغلقة التي يعيشون فيها تعسر إمكانية قيامهم بدور سياسي و اجتماعي لذلك يغيبون عن الفضاء العام .
-ما ندرّسه للطلبة فيه الكثير من اليوتوبيا مقارنة بحقيقة الواقع و تشعّباته .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.