إذا لم يتدارك التيار القومي أمره فخسارته في الانتخابات ستكون نكسة مزمنة لست قريبا من «النهضة» وتوجهاتي القومية معروفة صحيح لدينا 4000 تلميذ مصاب ب«الجرب» لكن الرقم في عام 2000 كان 20 ألفا التونسية (تونس) سالم الابيض هو وزير التربية في حكومة علي العريض. دخل الجامعة التونسية سنة 1984 ودرس علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس وأحرز على الأستاذية عام 1992 ثم ناقش رسالة الكفاءة في البحث وكان موضوعها «القبيلة ومقاومة الاستعمار دراسة سوسيولوجية في قبائل أقصى الجنوب التونسي». وفي عام 1999 ناقش أطروحة الدكتوراه في علم الاجتماع تحت عنوان «المجتمع القبلي وتأثير التحولات الاقتصادية والاجتماعية في أقصى الجنوب التونسي شبه جزيرة جرجيس نموذجا». اثارت استقالته التي قدمها بعد حادثة اغتيال الشهيد محمد البراهمي الكثير من الحبر حيث رأى فيها البعض مجرد استقالة شكلية جاءت استجابة للحدث لاغير وقال عنها اخرون انها استقالة مبطنة مملوءة بالحسابات وأنه استقال ظاهريا لكنه يمسك بزمام ادارة الوزارة واقعيا يعين من يشاء ويعزل من يشاء. اتهمه البعض بولائه لحركة «النهضة» رغم انتماءاته القومية . فماذا عن استقالته؟ وما مدى صحة الاخبار القائلة بقربه من قيادات الحزب الحاكم؟ وكيف يرى سالم الأبيض مستقبل التيار القومي في تونس؟ وماهو موقفه من الحوار الوطني؟ وكيف فسر كثرة الاعتداءات على الاطار التربوي؟ وماذا قال عن ملف النواب المتعاقدين وعن تدهور وضعية بعض المدارس الابتدائية؟ . أجوبة الرجل عن كل هذه القضايا وغيرها نجدها في الحوار التالي : أسالت استقالتك الكثير من الحبر ومثلت لغزا لبعض التونسيين اذ يرى اغلبهم انك مستقل ظاهريا وماسك بزمام الوزارة اداريا تعين وتعزل وتمضي المناشير. لو تفسر لنا هذه الوضعية الغريبة ؟ تعتبر استقالتي ذات طابع سياسي باعتبار أنني قررت عدم تامين أي دور سياسي في الوزارة من حيث علاقتي بالمجالس الوزارية أو بتمثيل الوزير للدولة او بالتعامل مع الاطراف الأجنبية. ويفسر استمراري في تأمين المرفق بايماني ان ترك الوزارة قبل تعيين وزير أو وزير بالنيابة يعد من باب «خيانة المؤتمن» ذلك ان مصالح الوزارة كبيرة وضخمة وذات ارتباط مباشر بمصالح الناس وتخلي عن تأمين الدور الاداري سيحدث فوضى عارمة واكثر من ذلك انا تعهدت بان اؤمن العودة المدرسية باعتبار أن تعيين وزير جديد في الصائفة يتطلب منه معرفة الكثير من الملفات وفهمها ,كما اني بعد ان قضيت اسبوعا بعد انطلاق العودة المدرسية وعادت المدارس والمعاهد الى سالف نشاطها طلبت بصفة مباشرة من السيد رئيس الحكومة تعيين وزير جديد واعدت الطلب عبر الحوارات الصحفية ولكن يبدو لي أنه لمّا كانت البلاد مقبلة على حوار وطني كانت ملامحه تبرز منذ بداية العودة المدرسية ارتأت الحكومة عدم تعيين وزير جديد في تلك الفترة ربما في انتظار ما ستفضي اليه جلسات الحوار. وللتاريخ يجب ان اقول ان القيام بمهمة هذه الوزارة التي تعتبر احدى اكبر الوزارات في تونس واكثرها تاثيرا في حياة الناس واشدها تاثرا بالواقع السياسي وتجاذباته وفق الرؤية الاصلاحية الصارمة ليس بالامر الهين وهي رؤية قائمة على مكافحة الفساد والتسيب واعادة الاعتبار والهيبة للمؤسسة التربوية ومصالحتها مع محيطها الوطني والتاريخي وتأمين دورها التعليمي بمواصفات الجودة العالية .هذا الامر فيه صعوبة كبيرة نتيجة الواقع السياسي المترهل والمضطرب والذي لا صوت فيه يعلو على صوت الغنيمة باشكالها السياسية والمالية والاقتصادية والسلطوية على الرغم من المكاسب الكبيرة التي تحققت في ظرف ستة اشهر لصالح أهل التربية والمدرسة التونسية عموما والتي قد لا ترى بسبب الإرث الثقيل الذي ورثته المدرسة التونسية عن العهدين السابقين على ما فيهما من ايجابيات . لنبق دائما في موضوع الاستقالة فبالرغم من قربك الشديد من الشهيد محمد البراهمي فإن الاستقالة اتت متأخرة بعض الشيء ولم تكن تلقائية ورأى البعض ان فيها كثيرا من الحسابات فماهو تعليقك على هذا القول ؟ الاخ محمد البراهي اغتيل يوم 25 جويلية وقد كان يومها عيد الجمهورية وقد كنت التقيه دائما في مثل تلك المناسبات وقد افتقدته يومها وبمجرد خروجي من المجلس على الساعة 12 و10 دقائق سمعت الخبر على أمواج احدى الاذاعات وقد كنت متجها الى المستشفى في اريانة لكن هاتفا اخبرني باجتماع مجلس وزراء طارئ بسبب حادث الاغتيال التي القت بظلالها على الواقع السياسي في تونس برمته وقد اتخذت قراري بالاستقالة ولكني لم اعلنها الا يوم 27 جويلية في وسائل الاعلام وارسلت النص مكتوبا الى رئيس الحكومة يوم 29 جويلية ولم أحضر أي مجلس وزاري منذ ذلك اليوم. واستقالتي لم تكن محل مجادلة او مزايدة فقد كانت المسالة مبدئية فانا اعرف الشهيد البراهمي منذ 30 سنة على الاقل وجمعتنا الافكار والمبادئ والمحطات التاريخية والنضالية لكن فرقتنا السياسية .فقد ارتأيت ان دخولي الى الحكومة سيشكل اضافة في العمل الوطني والدفاع عن المنظومة التربوية التي كنت اراها تتهاوى منذ سنوات وقريبا تصل الى التلاشي .لقد كنت ارى ان هناك «صومالا» تربويا حقيقيا في تونس بفعل التآمر على المدرسة العمومية وحالة الاهمال التاريخي الذي وقعت فيها. لذلك لما عرض علي منصب وزارة التربية رأيت ان دورا وطنيا يجب أن أؤديه كما أني رأيت هذه الفرصة مناسبة مكنت التيار القومي العربي في تونس من الدخول الى السلطة ومعرفتها من الداخل وتحمل مسؤولية تسيير شؤون الناس وهي اول مرة في تاريخ تونس يتقلد وزير له انتماء قومي وعروبي احدى الوزارات فذلك لم يحدث لا قبل الاستقلال ولا بعده بينما منحت تيارت يسارية وليبيرالية هذه الفرصة. وقد كانت مناسبة لاثبات ان القوميين في تونس قادرون على تسيير شؤون الدولة وقد نجحنا على الرغم من اختلاف التقييمات وقد كانت هذه نقطة الاختلاف بيني وبين الشهيد البراهمي الذي لم يكن يرى امكانية العمل مع حكومة «الترويكا» وخاصة النهضة والاختلاف لم يفسد للود قضية . أقررتم بنجاح التيار القومي في تونس في التعامل مع حكومة «الترويكا» فكيف يتجلى هذا النجاح؟ وماهي ابرز وجوهه ؟ هناك وجه قومي استطاع تسيير احدى اكبر الوزارات في تونس. والاهم من هذا هو التنكر للرؤية الايديولوجية والسياسية الضيقة على حساب رؤية وطنية شاملة جسدناها في بعض الاصلاحات في المجال التربوي في مستوى البنية البشرية وضرورة اصلاحها ومقاومة الفساد وتسيير المرفق على قاعدة الانصاف والنزاهة والمسؤولية الاخلاقية. وأتصور ان نتائج هذه الاصلاحات في المجال الاساسي اي المجال البشري وان كانت شملت الادرات المركزية بدرجة اولى ولم تلامس بعد الادرات الجهوية هي تامين الامتحانات الوطنية بعد ان كادت تفلت من السيطرة واصلاح الخلل التاريخي مع الاتحاد العام التونسي للشغل حيث اصبحت نقاباته شريكا لا غريما وتامين العودة المدرسية على علاتها الهيكلية والتصدي بقوة لمظاهر الانفلات وبؤر التوتر والفساد وكذلك فهم دواليب الوزارة اولا والدولة ثانيا وتامين استمراريتها بنوع من الحرفية التي جعلت هذا المرفق يحافظ على كينونته على خلفية حفظ الدولة والحفاظ على مؤسساتها التي باتت مستهدفة. وهنا يوجد نوع من المصالحة التاريخية بين الفكرة التقليدية لدى منظري الحركات القومية من ان الدولة الوطنية هي عب ء على الدولة العربية الواحدة الى ان الدولة الوطنية هي مكسب مهم يجب ان نحافظ عليه في ظل التشظي والتشتت والتدمير الممنهج للدول العربية في اطار تحويلها الى فسيفساء قبلية وطائفية ودينية لتحل محل الدولة. ذلك ان الانتقال الى كيان آخر أكبر اثرا واكثر فعلا يجب ان ينطلق من الدولة نفسها وليس على حسابها في اطار المصالحة مع رؤية سياسية عصرية تستفيد من تجارب الاتحادات الكبرى والتكتلات العملاقة مثلما هو شأن الاتحاد الاوروبي وجنوب شرق آسيا وامريكا اللاتينية التي بدات بفكرة اقتصادية بسيطة وتحولت الى مراتب العظماء في العالم .فان يكون المرء قوميا في تونس لا يعني انه يتشبث بالشعارات فقط ويدين من يريد ادانته ويمجد من يرى تمجيده وانما الفلسفة التي حكمتني هو ان تكون وطنيا في تونس هو ان تكون وطنيا اولا كما فعل عبد العزيز الثعالبي وغيره من رواد الحركة الوطنية وكما جسده «بن بلة» و«بن بركة »وعبد الناصر وغيرهم ثم ان تكون عربيا تدافع عن القضايا الوطنية دون ان ننسى اهمية الحلقة المغاربية فهي حلقة الربط بين الوطني والعربي وان تكون قوميا هو ان تدير شؤون الناس اليومية وتحل مشاكلهم انطلاقا من الخبز اليومي وصولا الى تامين الامن الوطني والقومي الشامل وهذا لا يتعلمه المرء الا من داخل مؤسسات الدولة وليس من خارجها . كيف ترى مستقبل التيار القومي في تونس في ظل التحالفات التي تشهدها الساحة السياسية وماهي حظوظه في الانتخابات القادمة ؟ للاسف الشديد ان التيار القومي والعائلة القومية الموسعة وبالرغم من رصيدها التاريخي في تونس الذي يعود الى بدايات القرن العشرين وبالرغم من النضالات التي قامت بها والتضحيات التي قدمتها باعتبار أنها قدمت اكبر عدد من الشهداء في تونس سواء ابان الاستعمار مع اليوسفية او مع التجارب القومية الاخرى مثل الحركة القومية التقدمية والحركة البعثية وبالرغم من الدور الكبير الذي لعبه شباب التيار القومي التقدمي في ظل حكم بورقيبة وفي الانتفاضات الشعبية مثل انتفاضة جانفي 84 19وفي ظل حكم بن علي والدور الذي قام به القوميون في انتفاضة الحوض المنجمي وخاصة الدور الكبير الذي قام به شباب هذا التيار في احداث الثورة والتي قادها في سيدي بوزيد شباب هذا التيار على غرار خالد عواينية وغيره من الشباب، فان الحركة القومية الواسعة في تونس كانت الاقل استفادة من تلك النضالات التاريخية عبر عشرات السنين حيث ان الحصيلة السياسية في انتخابات ديمقراطية في تونس كانت هزيلة جدا واليوم تدمى قلوب الشباب القومي والبعثي واليوسفي وهم يشاهدون المشهد السياسي يعاد تشكيله في هذا الحوار الوطني دون ان يكون لهم حضور يذكر اذا استثنينا ممثل التيار الشعبي الذي أسسه الشهيد البراهمي قبل وفاته. فماذا سيكون تأثير هذا الحضور في ظل التجاذبات السياسية وإعادة اقتسام السلطة اين يغيب ممثلوالتيار القومي ورواده التاريخيون وخيرة مناضليه بل ان الامر يتعلق بتغييب هذه الحركة لنفسها وعجزها على التاثير في المشهد الذي يتطلب حرفية ومرونة سياسية وكبيرة لا يمكن مجابهتها بالشعارات الجافة التي لا يزال يمسك بها بعض القوميين وبالزعاماتية المفرغة من اي محتوى. فقد تحول بسبب ذلك ابناء التيار الواحد والحركة الواحدة الى ملل ونحل سياسية تسمي نفسها احزابا قومية وهي في واقع الامر مجرد احزاب افراد قد لا يشعر بها حتى انصار الحزب الواحد ..بصورة اخرى فان التيار القومي الواسع والعريض اذا لم يتدارك امره ويلملم جراحاته ويوحد نفسه في كيان سياسي يليق بنضالاته ليدخل الانتخابات القادمة موحدا وليقيم تحالفات معقولة مع من يقتربون منه في الراي من العروبيين والوطنيين فان الخسارة في الانتخابات القادمة ستكون نكسة مزمنة وقد تنتهي به الى ظاهرة اقرب منها الى الذاكرة من الواقع يحن اليها الاشخاص ولكن مفعولها السياسي سينتهي .وللقوميين فرصة تاريخية يمكن ان يثبتوا من خلالها فعلهم ووجودهم اذا هم تنزهوا عن تضخم الذات ذلك المرض الذي اصاب بعضهم فحولهم الى اشلاء بدت من الصعب اعادة تجميعها . يتهم التيار الشعبي «حركة الشعب» بانها رفعت الغطاء السياسي على الشهيد البراهمي مما سهل عملية اغتياله .الى اي حد يمكن القبول بهذا الراي ؟ بالرغم من انني لا اريد ان ادخل في هذه المناكفات فإنني اعتقد ان الاختلاف الذي ساد «حركة الشعب» هو اختلاف حول افكار سياسية وعلى حد علمي ومتابعتي لما ينشر في الصحف وما تدلي به قيادات «حركة الشعب» في فترة الخلاف كان الامر يتعلق بالانخراط في «الجبهة الشعبية» .ويبدو أن المازق في «حركة الشعب» آنذاك انها لم تستطع ان تحكم مؤسساتها او ربما ان هذه المؤسسات لم تولد بعد لحسم هذه القضية. وقد كان الشهيد يرى ان الانضمام الى «الجبهة الشعبية» مسألة مصيرية وذات أولوية بينما ترى بعض الشرائح الاخرى من نفس الحركة ان هذا الخيار لا يناسبها ولكني لا ارى مثل تلك الاختلافات بالرغم من انسحاب الشهيد وتاسيسه للتيار الشعبي. كان بامكانها ان تصل الى درجة ان تكون المحدد في استشهاد المرحوم او عدمه ويبدو لي ان اللعبة اكبر بكثير من «حركة الشعب» ومن اختار الشهيد كان يراقب خطاباته وتصريحاته وانشطته في المجلس التاسيسي وتاثيره في مهد الثورة في سيدي بوزيد بوصفه ابنها كل ذلك في علاقة بالتيار القومي الذي ينتمي اليه ويمكن تاويل ذلك الاختيار باعتماد خلفيتين سياسيتين تلتقيان في بعض النقاط فإمّا ان تكون فكرة ادارة التوحش الذي تتبناها بعض التيارات السلفية المتشددة باعتبار ان هذه النظرية تقوم على ضرب الدولة ومؤسساتها وتفكيكها وخلق مناطق نفوذ معزولة ومستقلة تسير كوحدات قائمة بذاتها أو أن الغاية من الاغتيال ايقاف المسار السياسي الذي شارف آنذاك على الانتهاء الى الدستور والهيئة الانتخابية والقانون الانتخابي وكلا الرؤيتين على اختلاف الفاعلين فيهما تلتقيان في ارباك المشهد السياسي واضعاف مؤسسات الدولة او حتى ضربها بصفة نهائية وعلى هذه الارضية اعتقد ان هذه الصراعات موجودة داخل «حركة الشعب» قبل ان يؤسس الشهيد التيار الشعبي وهي بذلك لا يمكن ان تكون ذات اثر في عملية الاغتيال بطريقة مباشرة او غير مباشرة . هل يمكن للحوار الوطني ان يخرج البلاد من الازمة التي تعيشها ؟ الحوار الوطني قد يخرج البلاد من الازمة التي تعيشها اذا صدقت نوايا التعايش السياسي ولكن يجب الاعتراف بان الحوار الوطني لا يشمل كافة الاطراف السياسية وهذا ناتج عن القاعدة المعتمدة وهي التمثيلية في المجلس التاسيسي فهي قاعدة تنبني على الخلل منذ البداية. فكثير من الاحزاب ولدت في المجلس ويمكن ان نسميها احزابا مجلسية بينما احزاب اخرى لها وجود تاريخي ومنها من ناضل ضد وجود بن علي ومحروم من المشاركة في الحوار الوطني على هذه الارضية .المشكل الثاني في الحوار الوطني انه سيفضي الى حكومة كفاءات وطنية ولسائل ان يسأل كيف تكون حكومة كفاءات وتشكل مشكلا في ذات الوقت ؟ هذه الحكومة لن تمتلك القوة الكافية لانه ليس لها سند من الاحزاب فان هي نجحت فان الاحزاب ستقول هذا مقترحنا وان هي فشلت فان الاحزاب ستعلن براءتها منها وستحمل مسؤولية الفشل للتكنوقراط وحدهم . الفخ الثاني هو ان الاحزاب لا تريد المشاركة في الحكومة لانها لا تريد تحمل وزر الفشل وهي المقدمة على انتخابات تبتغي من خلالها ان تظهر ناصعة البياض في تجربتها دون اي اخطاء او مسؤولية ولا يمكن لاي حزب سياسي ألاّ يكتوي بنيرانها والدليل انه في فترة سنتين تكونت اربع حكومات والخامسة ستتشكل قريبا وبالتالي فان الاحزاب لا تريد ان تتحمل المسؤولية التاريخية في ادارة البلاد وتلقي بتلك المسؤولية على التكنوقراط لانها تعرف جيدا انه شتان بين القول والشعارات والحديث في البلاتوهات وبين ادارة شؤون الناس بكفاءة ومسؤولية وبعدل وانصاف وحل مشاكلهم المستعصية في جميع القضايا . بالرغم من انتمائك القومي فإنّ قربك من قيادات حركة «النهضة» جعل الكثيرين يشككون في انتماءاتك ويحسبونك على الحركة المذكورة فكيف ترد ؟ ليس لي اي قرب من حركة «النهضة» فتوجهاتي قومية معروفة وقدومي الى وزارة التربية كان على ارضية الضرورة الوطنية لا اكثر وقد سيرتها في هذه الفترة بكل استقلالية عن حركة «النهضة » وعن غيرها ولن أسمح التسيير باسمي أو بالنيابة عني كان لدي فريق رغم صغر حجمه متميز ومحترف ويعرف قضايا التربية جيدا ويجب ان نعترف لهذا الفريق بما حققه لوزارة التربية في هذه الفترة الوجيزة بالرغم من أنني أؤمن بالتعايش السياسي بين جميع الفرقاء وأؤمن بأن تونس تتسع للجميع وان التيارات السياسية الكبرى القومية والليبيرالية واليسارية محكوم عليها بالتعايش وبالتداول على السلطة .وهذا من بين الاسباب التي قادتني الى الانتماء الى حكومة فيها الاسلاميون وفيها حزب «المؤتمر» بانتمائه العروبي الغالب وفيها «التكتل» بانتمائه الليبيرالي حيث ان بعض وزرائه اقرب الى اليسار. تحدثت عن انجازات تربوية في الفترة الاخيرة لكن ما لاحظناه هو مزيد تدهور وضعية المدارس حتى ان «الجرب» قد اصاب بعضها والوزارة لم تحرك ساكنا ؟ هذا السؤوال يجب ان يوجه الى وزير الصحة لكن أقول ان هذا المرض لم ينقطع في تونس وقد بلغ سنة 2000 20 الف حالة وفي هذه السنة هو في حدود 4000 حالة وقابل الى ان يتطور الى 5500 حالة مع نهاية السنة. واعتقد ان وزارة الصحة تبذل جهدا كبيرا لتطويق هذا الداء.ومهما بلغت الصراعات على السلطة والتوظيف الاعلامي فلا اعتقد ان احدا من هذه الاطراف يرضى بان تستشري في هذا البلد مثل هذه الامراض التي هي من الآفات التي يجب ان نقاومها جميعا. صحيح ان المؤسسة التربوية هي عرضة للعدوى اكثر من غيرها لكن مسؤوليتنا كوزارة التربية ليست مسؤولية مباشرة ونحن نطلب دائما من وزارة الصحة ان تتدخل وهي تقوم بدورها . وكيف تفسرون كثرة الاعتداءات على الاطار التربوي؟ يعتبر ذلك من انعكاسات الثورة وضعف الدولة أو اضعافها .والمؤسسات التربوية تتعرض الى العديد من ممارسات العنف ومحاولات الاختراق من اطراف مختلفة منها عصابات انحراف ومنها مجموعات متشددة كما ان كثيرا من الأولياء لا يتصرّفون بشكل مدني يليق بتلك المؤسسة وبذلك يتم الاعتداء لابسط الاشياء ونحن لدينا 6 الاف مؤسسة تربوية لا نستطيع ان نحدث امامها كلها مراكز أمن أو مراقبة ونحن لا نسمح بالدخول الى المؤسسات التربوية ونطلب من المديرين والاساتذة والمعلمين ألاّ يلتقوا الاولياء في المستقبل الا بحضور شهود واذا التزم الاطار التربوي بهذه التوصية فان الاعتداءا ت ستتقلص . وماذا عن ملف النواب المتعاقدين ؟ ملف النواب المتعاقدين هو من الملفات الشائكة وقد وجدته مطروحا منذ قدومي الى وزارة التربية وقد اعتبره البعض من المواضيع «التابو» التي لا يوجد حل لها لكني تعهدت للنواب بان احل هذا المشكل وقد وفقت في ايجاد حل قد لا يكون مرضيا بالنسبة للبعض ولكنه ياخذ بعين الاعتبار الالتزام بتكافؤ الفرص امام خريجي التعليم العالي الراغبين في الالتحاق بالتدريس وهذه الشريحة تولت القيام بهذه النيابات التي هي حل لمشكل الشغورات في المعاهد والمدارس الاعدادية قبل ان تكون توفير وظيفة لهؤلاء. وبناء على امر يسمح بالانتداب الاستثنائي تنتدب الوزارة هذه السنة النواب الذين قاموا بنيابات تتجاوز الثمانية عشر شهرا في ترتيب تنازلي لكل النواب وفق احتياجات الوزارة. وبالنسبة لبقية النواب تاخذ الوزارة سنويا نسبة 10 بالمائة من المراكز المفتوحة وتتبقى نسبة 90 بالمائة للتناظر بين الخريجين بما فيهم النواب المتعاقدون . تصوير نبيل شرف الدين