أبو ياسين عاد أبناؤنا أدراجهم بعد أن أوصدت أبواب المدارس وانصرف اهل العلم والمعرفة الى تعطيل الدروس. عادوا وفيهم الفرحان بيوم عطلة آخر وفيهم من أسرع للدروس الخصوصية التي لم ولن ينالها الاضراب أبدا. لقد اقترب الامتحان و بات الاستعداد له طلبا ملحّا من الاولياء فهم يدفعون بسخاء لتعويض هذا النقص و لتجنب تقهقر نتائج ابنائهم. قد تكون للمضربين من ساداتنا المربين قرائن و حجج تمنحهم هذا الحق ولكن الحقوق تمارس بعقل و روية وهذه بلاد مهددة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا في كينونتها وأمنها سيادتها. هذه بلاد تعطلت عجلة اقتصادها بفعل السياسة و انصراف اتحاد الشغل عن دوره في الدفاع عن الطبقة الشغيلة الى فرض الاجندات الحزبية تحت عديد المسميات. هذه بلاد لم تفرح بثورة قامت منذ ثلاث سنين رفعت فيها شعارات التطور والعلم والعمل والمثابرة، ولكن اجندات الاضراب دمرت النسيج الاقتصادي وبددت ثروات الفسفاط و باقي القطاعات ثم امتدت الى التعليم لتعبث بمستقبل الناشئة. عدت لما سمعنا منذ ايام عن نية ترشيح اتحاد الشغل لنيل جائزة نوبل للسلام فضحكت بالدموع ثم بكيت دون دموع عن حال تردت اليه تونس الحبيبة. تذكرت ما توصل اليه نوبل العالم الكيميائي من علم و معرفة و نظريات وكيف فكّر في رصد جائزته للعلوم ندما على ما صنع من متفجرات. جالت اسماء من تحصلوا عن تلك الجائزة القيمة التي رصدت للسلام توكل كرمان ، الام تيريزا، داي لاما، كارتر، الاممالمتحدة، ... فحاولت رصد مكان لاتحادنا ولكنني لم أفلح فالمقاييس بعيدة جدا و السقوط في هذا الاختبار العالمي نتيجة حتمية لو يطلع المانحون الى سلسلة الاضرابات التي اقتيدت في عهد الترويكا و تجددها هذه الايام و ربما ارتفاع نسقها عند اقتراب الامتحانات. لا يستقيم الظل والعود اعوج حكمة تعلمناها من معلمين ناضلوا ضد الامية والجهل دون اضرابات رغم الملاليم القليلة التي تدفع اليهم ايام الدولة الفتية الغنية، معلمون واساتذة لم يدخروا جهدا في صناعة جيل متعلم أتقن اللغات والعلوم و عاصر التقدم التكنولوجي. كانوا و لازالوا كبارا وعظماء يستحقون جائزة نوبل وغيرها من الجوائز لما بذلوه ولكن التاريخ لم ينصفهم. أمد الله انفاس من كان حيا منهم و رحم الله من ارتفع الى الرفيق الاعلى فقد كانوا مثالا يحتذى وهم الذين لم يمتهنوا الدروس الخصوصية اولم يعرفوا طعم الاضراب المسيّس الذي يرشح في مثل هذا الوقت لنيل جائزة نوبل للسلام.