هذه الأيام الشاقة... أشعر أن الذي ينبض في صدري قلب لبناني ... وكل قنبلة تسقط على لبنان .... تسقط على قلبي أيضا وتخلف دمارا فظيعا... لا يزيله هدوء المكان حولي ولا الحياة المرتبة التي أعيشها.... لبنان الذي طالما أهدانا الفرح والفن الجميل والجمال الباهر والحياة الملونة المبهجة... وكل ما يبقي الأمل حيا فينا... صار ف5ي لحظة غدر وظلم وعدوان منبع أحزاننا وموطن جراحنا ... وعنوان أوجاعنا...!! بيروت التي كانت تعلمنا الفرح... وتدربنا على البهجة والأمل وتحببنا في الحياة .... وتقنعنا أن الحياة جديرة بالحياة ... صارت اليوم رمزا للموت ... كل أنواع الموت ... ومن لم يمت فيها بقنبلة يموت قهرا أو جوعا أو احتراقا أو حسرة أو يائسا...!! صيف بيروت الذي كنا نهرع نحو نسماته ... أصبح الأكثر التهابا ولهبا... وتغير المشهد هناك فجأة .... لم يعد ملونا ومغريا وشهيا كما كنّا نراه ... صار حالكا وخرابا وجحيما .... كنا نرى لبنان يرقص ويغني في الكليبات الزاهية في أمتع السهرات .... في أحلى الأصوات في جمال صار وطنا ورمزا... اليوم صرنا نرى لبنان آخر في نشرات الأخبار الدامية... في لحظة تحول لبنان من فيلم رومانسي عاطفي جميل ... إلى فيلم رعب لم يتوقف... وأصبح الغناء العذب ... هدير طائرات وصواريخ تعذب قلوبنا .... صارت مشاهد الجثث المحترقة تعوض مشاهد الأجساد التي تنبض بالحياة والأمل... واختفى مشهد الفتاة الجميلة الساحرة التي تغني وترقص وتحث على حب الحياة ليظهر مكانه مشهد الأم اللبنانية الملتاعة على ابنها الشهيد..!! صار صراخ الأطفال هو الغناء اللبناني المهيمن وأصبحت دموع الأمهات هي الكليب الأكثر انتشارا وواقعية... وصار الموت يحتل أماكن طالما علمتنا كيف نحب هذه الحياة..!! بيروت في قلبي وفي قلمي... وكلما أمسكت هذا القلم وجدته يبكيها على الورق ... بيروت التي زرتها وأحببتها والتهمت فيها بعض لحظات حياتي بشراهة...أشاهدها اليوم تحترق... فلا أملك من القدرة سوى هذا الحبر الخجول... وهذه المقاومة الحبرية العاجزة من على ظهر ورقة..!! 26 جويلية كان موعد فيروز في بعلبك... كان مبرمجا لنسمع هناك صوت الحياة ينادينا إلى لبنان هذا الصيف ... وفجأة غاب صوت فيروز ... صوت الشموخ والتحدي ولم نسمع من بعلبك سوى أصوات الخوف والنين والعذاب والقهر... وصوت الموت... والانفجارات. العرب الذين كانت بيروت ملهاهم ووطن سعادتهم وبهجتهم... ومقبرة قلقهم وتعبهم منبع اللهو والطرب والفرح ... حيث موعدهم مع الحياة اللذيذة ... حين وقعت بيروت في قبضة الحزن والغدر ... وفريسة القهر والعذاب ... كانوا هم أول من خذلها ... وتناساها وتركها وحيدة مع حزنها ...!! حين كانت بيروت تضحك ... كانوا يضحكون معها ... وحين بكت .... هاهي تبكي لوحدها... واضحك يضحك العرب معك ... ابك تبكي وحدك ..!! سمير الوافي هاتوا ملاحظاتاكم عبر ال SMS 98538422 Du même auteur (1/2) الصواريخ على حيفا و هيفا (2/2) الصواريخ على حيفا و هيفا