بقلم الأستاذ بولبابة سالم ما يحصل هذه الأيام بين حركة النهضة و نداء تونس يحبس الأنفاس و يُطير العقول , غزل متبادل , رسائل وردية , لقد بات التماهي مفضوحا حتى أنّنا لم نعد نعرف من النهضة ؟ و من النداء ؟ إنها السياسة أيها الأصدقاء , ليست هناك عداوة دائمة و لا صداقة دائمة بل مصالح دائمة . لو عدنا إلى تصريحات المسؤولين في الحزبين قبل سنتين لاعتبرنا ما يحصل اليوم بين الحزبين الكبيرين أضغاث أحلام و هراء وتلبيس على الناس . " نداء تونس أخطر من السلفيين /هو حزب النظام القديم الذين ثار عليه الشعب " في المقابل سمعنا " سقط إخوان مصر و سنسقط فرعهم في تونس و لو بالقوّة / إنهم متورّطون في الإرهاب و سنعيدهم إلى السجون ..." سبحان مغيّر الأحوال , لقد عشنا حتى سمعنا السيد لطفي زيتون يشكر الله تعالى على وجود حزب مثل نداء تونس الذي أحدث التوازن في البلاد , كما سمعنا السيد لزهر العكرمي يتحدّث عن الدهاء السياسي للشيخ راشد الغنوشي ووصفه بالحكيم الذي جنّب البلاد الفتن ما ظهر منها و ما بطن و تكلّم عن التعايش المرتقب بين الحزبين { يقصد في السلطة } , قال الأستاذ الباجي قايد السبسي بعد لقاء باريس في اجتماع لحزبه " بعد الإنتخابات القادمة سنشارك النهضة في الحكم و من يرفض ذلك فهو ليس ديمقراطيا " ليجيبه الشيخ راشد الغنوشي بعد فترة في حوار تلفزي " الأستاذ الباجي صديقي وهو رجل دمث الأخلاق , سريع البديهة و اختلافاتنا بسيطة " . تعوّد أنصار الحزبين على خطاب الصراع و التصعيد و قد حفلت صفحات التواصل الإجتماعي التي يديرها الحزبان بتراشق للإتهامات و حملات تشويه إعلامية متبادلة , كما انتقلت المعركة إلى الصحف التي يسيطران عليهما , هذا التغيير المفاجئ دفع بجمهور النهضة و النداء إلى هدنة إعلامية , من غير المعقول أن يتعانق الكبار و يمتد حبل الود بين القيادات ليبقى الصغار و المريدون في الخصام و تبادل الشتائم . من عجائب الزمن أنّ أحد الصحف اليومية التي يكاد يكون سبّ النهضة و تشويه صورتها خبزها اليومي تغيّر افتتاحياتها هذه الأيام لتشيد " بحكمة الأستاذ راشد الغنوشي الذي غلّب المصلحة الوطنية " و اعتبرته { استمعوا جيّدا } : " رجل الوفاق الوطني و رجل الإستقرار في تونس " هذا الكلام لم تقله جريد الفجر الناطقة باسم حركة النهضة عن زعيمها . و تابعنا صحيفة اخرى قريبة من النهضة تتحدّث باستمرار عن معركة الباجي قايد السبسي و ابنه حافظ قايد السبسي ضدّ يساريي النداء الذين يرفضون التعامل مع النهضة و يعرقلون مساعي الوفاق معها . التقارب بين النهضة و نداء تونس خفّف حالة الإحتقان السياسي لكنّه ولّد مشاكل لدى الحزبين و صعوبة في إقناع أنصارهما بهذه الزواج السياسي , ربيع هذا العام مليء بالورود , و هذه الورود قد تسبّب الحساسية لدى البعض { وهو مرض موجود } . لذلك قد نحتاج إلى ابن حزم الأندلسي و كتابه " طوق الحمامة " لنفهم حقيقة ما يحصل بين النهضة و نداء تونس . الغراميات المفضوحة يعاقب عليها القانون خاصة لما تكون في الطريق العام .